الأحد ٢٨ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ٢١ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
درس
 
دروس من جنابه في سؤال العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره، وطلب العلم عنده بالدّين
ما صحّ عن النّبيّ في ذلك

الحديث ٢٦

وجوب ردّ ما تشابه من القرآن إلى أولي الأمر من بعد النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم

رَوَى الْحَاكِمُ النَّيْسَابُورِيُّ [ت٤٠٥هـ] فِي «الْمُسْتَدْرَكِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ»[١]، قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:

«اعْمَلُوا بِالْقُرْآنِ، وَأَحِلُّوا حَلَالَهُ، وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ، وَاقْتَدُوا بِهِ، وَلَا تَكْفُرُوا بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَمَا تَشَابَهَ عَلَيْكُمْ مِنْهُ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِي كَيْمَا يُخْبِرُوكُمْ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: أُولُو الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ هُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، كَمَا بَيَّنْتُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى أُولِي الْعِلْمِ مِنْ بَعْدِي كَيْمَا يُخْبِرُوكُمْ»[٢]، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ أُولِي الْعِلْمِ مِنْ بَعْدِهِ هُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، الَّذِينَ تَلَقَّوْا مِنْهُ الْعِلْمَ سَمَاعًا، ثُمَّ تَوَارَثُوهُ، دُونَ الَّذِينَ يَتَكَلَّفُونَهُ بِالْقِيَاسِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَالِمُونَ؛ كَمَا رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: «يَظُنُّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ عُلَمَاءُ أَنَّهُمْ قَدْ أَثْبَتُوا جَمِيعَ الْفِقْهِ وَالدِّينِ مِمَّا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْأُمَّةُ، وَلَيْسَ كُلُّ عِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلِمُوهُ، وَلَا صَارَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَرَفُوهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْءَ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْأَحْكَامِ يَرِدُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْأَلُونَ عَنْهُ، وَلَا يَكُونُ عِنْدَهُمْ فِيهِ أَثَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَيَسْتَحْيُونَ أَنْ يَنْسِبَهُمُ النَّاسُ إِلَى الْجَهْلِ، وَيَكْرَهُونَ أَنْ يُسْأَلُوا فَلَا يُجِيبُوا، فَيَطْلُبَ النَّاسُ الْعِلْمَ مِنْ مَعْدِنِهِ، فَلِذَلِكَ اسْتَعْمَلُوا الرَّأْيَ وَالْقِيَاسَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَتَرَكُوا الْآثَارَ، وَدَانُوا بِالْبِدَعِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، فَلَوْ أَنَّهُمْ إِذَا سُئِلُوا عَنْ شَيْءٍ مِنْ دِينِ اللَّهِ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ فِيهِ أَثَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، رَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ، لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»[٣]، وَهَذَا قَوْلُ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا تَوَاتَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَأَهْلَ بَيْتِي، إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي، وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ».

ثُمَّ رَجَعَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْحَدِيثِ، فَقَالَ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ مَتْرُوكٌ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ قَدْ جَاءَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ:

شاهد

رَوَى الطَّبَرَانِيُّ [ت٣٦٠هـ] فِي «الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ»[٤]، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «اعْمَلُوا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَا تُكَذِّبُوا بِشَيْءٍ مِنْهُ، فَمَا اشْتَبَهَ مِنْهُ عَلَيْكُمْ فَاسَأَلُوا عَنْهُ أَهْلَ الْعِلْمِ يُخْبِرُوكُمْ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَمْ يَعْرِفُوا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَصْحِيفٌ، وَالصَّحِيحُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلٍ؛ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكَعْبِيِّ [ت٣١٩هـ] عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، دَخَلَ عَلَيْهِ «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلٍ أَوْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلٍ»، فَقَالَ: «انْتَهِ عَمَّا تَصْنَعُ»[٥]، وَقَدْ أَصَابَ اسْمَ هَذَا الرَّجُلِ خَلْطٌ وَاضْطِرَابٌ كَثِيرٌ، وَالظَّاهِرُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمُسَمَّى بِهِ رَجُلَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِظَاهِرٍ عِنْدِي، بَلِ الظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ فَغَلَطٌ، كَمَا لَمْ يُتَرْجِمُوا لَهُ، وَلَوْلَا أَنَّ النَّسَّابِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ الْمَعْقِلَيْنِ لَقُلْتُ مَا هُوَ بِغَلَطٍ؛ لِأَنِّي أَتَوَسَّمُ فِي الرِّوَايَاتِ أَنَّهُمَا رَجُلٌ وَاحِدٌ أَيْضًا، فَلَعَلَّهُ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارِ بْنِ مُقَرِّنٍ، فَغَلَبَتْ نِسْبَتُهُ إِلَى جَدِّهِ، مِثْلَ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ النُّعْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُقَرِّنٍ، فَغَلَبَتْ نِسْبَتُهُ إِلَى جَدِّهِ[٦]؛ كَمَا قَالُوا أَنَّ الْبَكَّائِينَ بَنُو مُقَرِّنٍ[٧]، وَذُكِرَ فِي عِدَادِهِمْ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ[٨]، وَقَدْ صُحِّفَ «مَعْقِلٌ» إِلَى «مُغَفَّلٍ»، فَزَادَ النَّاسَ شُبْهَةً، حَتَّى ظَنُّوا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ رَجُلٌ ثَالِثٌ، وَلَا أَظُنُّ إِلَّا أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، فَلَوْلَا أَنَّ النَّسَّابِينَ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا لَقَطَعْتُ بِأَنَّهُ هُوَ، وَمَا هُنَاكَ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ اضْطَرَبُوا فِي اسْمِهِ، فَجَعَلُوهُ ثَلَاثًا؛ كَمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُهَنْدِسِ [ت٣٨٥هـ] بِإِسْنَادِهِ عَنْ «مُغَفَّلِ بْنِ يَسَارٍ»[٩]، وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ [ت٢٠٤هـ] بِإِسْنَادِهِ عَنْ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ أَوْ مُغَفَّلٍ»[١٠]، وَفِي رِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ [ت٢٩٤هـ] بِإِسْنَادِهِ: «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: كَتَبْتُهُ، فَنَسِيتُهُ، لَا أَدْرِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ أَوْ مُغَفَّلٍ»[١١]، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سَعْدٍ [ت٢٣٠هـ] بِإِسْنَادِهِ: «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ يُبَايِعُ النَّاسَ، وَأَبِي رَافِعٌ أَغْصَانَهَا عَنْ رَأْسِهِ»[١٢]، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَهُوَ رَافِعٌ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ بِيَدِهِ عَنْ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ[١٣]، وَفِي الصِّحَاحِ وَالْمَسَانِيدِ عَنْ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ»، قَالَ: «جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْفِدْيَةِ، فَقَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً»[١٤]، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ [ت٨٥٢هـ] وَابْنُ عَبْدِ الْهَادِي [ت٧٤٤هـ] أَنَّهُ «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ»[١٥]، وَهُوَ فِي أَحَادِيثِ عَفَّانِ بْنِ مُسْلِمٍ [ت‌بعد٢١٩هـ] وَغَيْرِهِ «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ»[١٦]، وَرُوِيَ أَنَّ «عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ» صَلَّى بِالنَّاسِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِخَمْسِ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَحُلَّةٍ، فَرَدَّهَا وَقَالَ: «إِنَّا لَا نَأْخُذُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا»، وَهُوَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدٍ [ت٢٢٤هـ] «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ»[١٧]، وَفِي رِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ»[١٨]، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ «الْمُصَنَّفِ» لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ [ت٢٣٥هـ] «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ»[١٩]، وَفِي الصِّحَاحِ وَالْمَسَانِيدِ عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ «مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ» فِي مَرَضِهِ، فَحَدَّثَهُ مَعْقِلٌ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَالِي الظَّالِمِ، وَهُوَ فِي مُسْنَدِ الرُّويَانِيِّ [ت٣٠٧هـ] عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ»[٢٠]، فَلَعَلَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ عَنْ أَبِيهِ، فَسَقَطَ مِنْهُ «عَنْ أَبِيهِ»، وَلِذَلِكَ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ [ت٢٣٣هـ]: «سَمِعَ الْحَسَنُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، وَقَدْ ذَكَرُوا مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ، وَلَيْسَ هُوَ مُسْتَفِيضًا»[٢١]، وَإِنَّمَا سَمِعَ الْحَسَنُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، حَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ، فَأَرْسَلَهُ الْحَسَنُ مَرَّةً، فَاشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ الْحَسَنُ كَثِيرَ الْإِرْسَالِ؛ كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ «ابْنُ مُغَفَّلٍ»، وَفِي بَعْضِهَا «مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ»[٢٢]، وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ «مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَوِ ابْنِ مُغَفَّلٍ» أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الدَّجَّالِ: «لَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ، وَمَشَى فِي الْأَسْوَاقِ»[٢٣]، وَكَانَ فِي بَعْضِ نُسَخِ «التَّارِيخِ الْكَبِيرِ» لِلْبُخَارِيِّ [ت٢٥٦هـ] حَدِيثُ «مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ»: «سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»، فَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتَمٍ [ت٣٢٧هـ] فِي «بَيَانِ خَطَإِ الْبُخَارِيِّ»: «إِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ كَمَا قَالَ»[٢٤]، فَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ ذَكَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَهُوَ عَلَى مَا قُلْتُ لَيْسَ بِخَطَإٍ؛ لِأَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ «التَّارِيخِ الْكَبِيرِ» لِلْبُخَارِيِّ[٢٥]، بِإِسْنَادِهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: «أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ فُرْسَانِ مُزَيْنَةَ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلِ أَوْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ»[٢٦]، عَلَى تَرَدُّدٍ بَيْنَ مُغَفَّلٍ وَمَعْقِلٍ، فَصُحِّفَ فِي سَائِرِ النُّسَخِ إِلَى «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ»، فَزَادَ النَّاسَ شُبْهَةً، وَقَالَ ابْنُ مَنْجُوَيْهِ [ت٤٢٨هـ] فِي تَرْجِمَةِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كَالْمُتَفَطِّنِ لِذَلِكَ: «أَدْرَكَ ثَلَاثِينَ مِنْ فُرْسَانِ مُزَيْنَةَ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ»[٢٧]، وَكَذَلِكَ أَبُو نُعَيْمٍ [ت٤٣٠هـ] إِذْ قَالَ: «سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَجَابِرًا، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ»[٢٨]، وَرُوِيَ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ[٢٩] نَزَلَ فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ [ت٤٧١هـ]: «نَزَلَ فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، سَابِعُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ»[٣٠]، وَقَالَ الْفِيرُوزآبَادِيُّ [ت٨١٧هـ]: «نَزَلَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلِ بْنِ يَسَارٍ الْمُزَنِيِّ وَأَصْحَابِهِ»[٣١]، وَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ أَخٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ[٣٢]، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: «حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِيهِ»[٣٣]، فَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْ مُزَيْنَةَ لَمْ يَضْبِطُوا اسْمَهُ، لَوْلَا مَا قَالَ النَّسَّابُونَ فِي اخْتِلَافِ أَنْسَابِهِمْ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «كَذَبَ النَّسَّابُونَ»[٣٤]، فَلَا يَغُرَّنَّكَ قَوْلُهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ رَجَعَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْحَدِيثِ، فَقَالَ: لَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ قَدَّمْتُ بَعْضَهَا، كَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ[٣٥]، وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ[٣٦].

↑[١] . المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج١، ص٧٥٧
↑[٢] . مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر للمروزي، ص١٦٦؛ الإبانة الكبرى لابن بطة، ج٦، ص١٤٣؛ تفسير الثعلبي، ج٣، ص٣٣٧؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج١٠، ص١٥
↑[٣] . تفسير العيّاشي، ج٢، ص٣٣١
↑[٤] . المعجم الكبير للطبراني، ج٢٠، ص٢٢٠
↑[٥] . قبول الأخبار ومعرفة الرجال للكعبي، ج١، ص٢٣٩
↑[٦] . انظر: جمهرة النسب لابن الكلبي، ص٢٨٩؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٥، ص١٤٦، ج٨، ص١٤١؛ أنساب الأشراف للبلاذري، ج١١، ص٣٣٠؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٣، ص٣٣١؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البرّ، ج٤، ص١٥٠٥.
↑[٧] . انظر: سنن سعيد بن منصور (بداية التفسير)، ج٥، ص٢٦٨؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٢، ص١٥١؛ أنساب الأشراف للبلاذري، ج١١، ص٣٣١؛ تفسير الطبري، ج١٤، ص٤٢١؛ تفسير ابن أبي حاتم، ج٦، ص١٨٦٢.
↑[٨] . انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٢، ص١٥١؛ الجهاد لابن أبي عاصم، ج٢، ص٦٢٧؛ تفسير الثعلبي، ج١٣، ص٥٢٤؛ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني، ج٤، ص١٨٣٨؛ أسباب النزول للواحدي، ص٢٥٧.
↑[٩] . حديث أبي القاسم عافية وغيره لأبي بكر بن المهندس، ص٤١
↑[١٠] . مسند الشافعي، ص٢١
↑[١١] . مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر للمروزي، ص٧١
↑[١٢] . الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٢، ص٩٥
↑[١٣] . انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٢، ص٩٥ و٩٦؛ تاريخ خليفة بن خياط، ص٨١؛ مسند أحمد، ج٣٣، ص٤١٢؛ صحيح مسلم، ج٦، ص٢٦؛ مسند الروياني، ج٢، ص٣٢٣؛ مستخرج أبي عوانة، ج١٥، ص٢٥٢.
↑[١٤] . مسند أبي داود الطيالسي، ج٢، ص٣٨٩؛ مسند ابن الجعد، ص١٠٢؛ مسند أحمد، ج٣٠، ص٣٧؛ صحيح البخاري، ج٣، ص١٠؛ صحيح مسلم، ج٤، ص٢٢؛ سنن ابن ماجه، ج٢، ص١٠٢٨؛ السنن الكبرى للنسائي، ج٤، ص١٩٩
↑[١٥] . انظر: المحرر في الحديث لابن عبد الهادي، ج١، ص٣٩٣؛ إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي لابن حجر، ج٥، ص٢١٩.
↑[١٦] . انظر: أحاديث عفان بن مسلم ضمن أحاديث الشيوخ الكبار، ص٢٩؛ شرح معاني الآثار للطحاوي، ج٣، ص١١٩؛ أحكام القرآن للجصاص، ج١، ص٣٤١.
↑[١٧] . انظر: فضائل القرآن لأبي عبيد، ص٢٠٨.
↑[١٨] . انظر: مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر للمروزي، ص٢٤٦.
↑[١٩] . انظر: مصنف ابن أبي شيبة (تحقيق الشثري)، ج٥، ص١٦٨، هامش.
↑[٢٠] . مسند الروياني، ج٢، ص٩٠
↑[٢١] . تاريخ ابن معين (رواية الدوري)، ج٣، ص٣١؛ الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، ج٣، ص٤١
↑[٢٢] . قال محقّق «مجمع البحرين» أنّ في بعض النسخ «ابن مغفل» مكان «معقل بن يسار»، ثمّ قال: «وكلاهما مزنيان نزلا البصرة روى عنهما الحسن البصريّ» (انظر: مجمع البحرين في زوائد المعجمين للهيثمي، ج٧، ص٣٠٦، هامش).
↑[٢٣] . انظر: المطالب العالية لابن حجر، ج١٠، ص٧١٩ و٧٢٠.
↑[٢٤] . بيان خطا البخاري في تاريخه لابن أبي حاتم، ج١، ص١١٨
↑[٢٥] . أراد نسخة مكتبة أحمد الثالث، ويُظنّ أنّها من رواية أبي أحمد بن فارس.
↑[٢٦] . انظر: التاريخ الكبير للبخاري، ج٢، ص٤٦٧، هامش.
↑[٢٧] . رجال صحيح مسلم لابن منجويه، ج١، ص٩٠
↑[٢٨] . حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني، ج٢، ص٢٣٠
↑[٢٩] . التّوبة/ ٩٢
↑[٣٠] . درج الدرر في تفسير الآي والسور للجرجاني، ج١، ص٧٩١
↑[٣١] . انظر: تنوير المقباس من تفسير ابن عباس للفيروزآبادي، ص١٦٤.
↑[٣٢] . انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٨، ص٢٩٥؛ التاريخ الكبير للبخاري، ج٦، ص٤٥١؛ تسمية الإخوة الذين روي عنهم الحديث لأبي داود، ص٢٢٩.
↑[٣٣] . المعجم الصغير للطبراني، ج١، ص٢٨٢
↑[٣٤] . جمهرة النسب لابن الكلبي، ص١٧؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج١، ص٣٨؛ الطبقات لخليفة بن خياط، ص٢٧؛ أنساب الأشراف للبلاذري، ج١، ص١٢؛ الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم، ج١، ص٦٠؛ الأنساب للصحاري، ص٥٢
↑[٣٥] . راجع: الدرس ٣٣ من هذا الباب.
↑[٣٦] . راجع: الدرس ٣٢ من هذا الباب.
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة دروس السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ
الكتاب: تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الثالثة
تاريخ النشر: غرة رجب ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان