الحديث ١٧
«مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْنِيَ بِهِ الْإِمَامُ فَلْيَطْلُبِ الْعِلْمَ وَهُوَ خَاشِعٌ»
رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [ت٢٤١هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي رِفَاعَةَ الْعَدَوِيِّ، قَالَ:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقُلْتُ: رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ، لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ، قَالَ: فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِكُرْسِيٍّ خِلْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا، فَقَعَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ، فَأَتَمَّ آخِرَهَا.
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: انْظُرُوا إِلَى عِنَايَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِمَنْ جَاءَهُ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ وَهُوَ خَاشِعٌ، كَيْفَ يُقْبِلُ إِلَيْهِ وَيَتْرُكُ خُطْبَتَهُ! وَلَوْ شَاءَ لَأَمَرَهُ بِالصَّبْرِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، وَلَكِنْ قَدَّمَ تَعْلِيمَهُ لِيَدُلَّ إِلَى تَقَدُّمِ السَّائِلِ الْخَاشِعِ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ، وَالسَّائِلُ الْخَاشِعُ غَرِيبٌ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَسْأَلُونَ إِلَّا وَهُمْ مَائِلُونَ كَالْجَمَلِ الْأَجْنَفِ![٢]
ثُمَّ قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْنِيَ بِهِ الْإِمَامُ كَمَا عَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي رِفَاعَةَ، فَلْيَطْلُبِ الْعِلْمَ وَهُوَ خَاشِعٌ.
