الأحد ٢٨ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ٢١ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
درس
 
دروس من جنابه في سؤال العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره، وطلب العلم عنده بالدّين
ما صحّ عن النّبيّ في ذلك

الحديث ١٤

تقصير الصحابة في سؤال النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من أسباب اختلافهم بعده.

رَوَى مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ [ت٢٦١هـ] فِي «صَحِيحِهِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ:

أَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةً، مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَّا الْمَسْأَلَةُ، كَانَ أَحَدُنَا إِذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ! هَلْ كَانَتْ هِجْرَتُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَّا لِيَسْأَلُوهُ عَنِ الدِّينِ وَيَتَفَقَّهُوا فِيهِ؟! فَكَيْفَ ظَنُّوا أَنَّهَا تَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ؟!

الشاهد ١

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الرُّويَانِيُّ [ت٣٠٧هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[٢]، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: إِنْ كَانَتْ لَتَأْتِي عَلَيَّ السَّنَةُ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشَّيْءِ فَأَتَهَيَّبُهُ، قَالَ: وَإِنْ كُنَّا لَنَتَمَنَّى الْأَعْرَابَ!

الشاهد ٢

وَرَوَى الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ [ت٤٦٣هـ] فِي «الْفَقِيهِ وَالْمُتَفَقِّهِ»[٣]، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّجَّارُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُعَدِّلِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخُو زُبَيْرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: لَقَدْ كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْأَمْرِ، فَأُوَخِّرُهُ سَنَتَيْنِ مِنْ هَيْبَتِهِ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَلْقَاهُ كُلَّ يَوْمٍ!

الشاهد ٣

وَرَوَى الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ [ت٢٨٢هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[٤]، قَالَ: حَدَّثَنَا هَوْذَةُ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: كَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَكُونَ فِينَا الْأَعْرَابِيُّ إِذَا شَهِدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُمْ يَجْتَرِئُونَ أَنْ يَسْأَلُوهُ، وَلَا نَجْتَرِئُ!

الشاهد ٤

وَرَوَى أَسْلَمُ بْنُ سَهْلٍ الْوَاسِطِيُّ [ت٢٩٢هـ] فِي «تَارِيخِ وَاسِطَ»[٥]، قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ حُسَامِ بْنِ مِصَكٍّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا نَهَابُ أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَاتِ أَنْفُسِنَا، فَإِذَا جَاءَ الْأَعْرَابِيُّ فَسَأَلَهُ أَعْجَبَنَا!

الشاهد ٥

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ [ت٢٩٤هـ] فِي «تَعْظِيمِ قَدْرِ الصَّلَاةِ»[٦]، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ، عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَوَصَفَهُ لَهُ: ازْدَحَمْنَا عَلَيْهِ حِينَ أَنْشَأَ يَصِفُ الْإِسْلَامَ نَنْظُرُ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَنْتَهِي صِفَتُهُ، وَكُنَّا نَهَابُهُ أَنْ نَسْأَلَهُ!

الشاهد ٦

وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [ت٢٤١هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[٧]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا مُعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ مَوْلَى بَنِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثٍ: كُنَّا قَدْ كَرِهْنَا كَثِيرًا مِنْ مَسْأَلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَاتَّقَيْنَا ذَاكَ، فَأَتَيْنَا أَعْرَابِيًّا، فَرَشَوْنَاهُ بِرِدَاءٍ، فَاعْتَمَّ بِهِ حَتَّى رَأَيْتُ حَاشِيَةَ الْبُرْدِ خَارِجَةً مِنْ حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْنَا لَهُ: سَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ!

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ مِنْ أَعْجَبِ الْأُمُورِ أَنْ يَسْبِقَ الْأَعْرَابُ الْمُهَاجِرِينَ فِي السُّؤَالِ عَنِ الدِّينِ وَالتَّفَقُّهِ فِيهِ! لِأَنَّ الْمُهَاجِرِينَ إِنَّمَا فُضِّلُوا عَلَى الْأَعْرَابِ بِسُؤَالِهِمْ عَنِ الدِّينِ وَتَفَقُّهِهِمْ فِيهِ، فَإِذَا تَرَكُوا ذَلِكَ وَأَصْبَحُوا يَتَمَنَّوْنَ الْأَعْرَابَ، فَعَلَى الْإِسْلَامِ السَّلَامُ! مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ جَهِلُوا أَكْبَرَ شَيْءٍ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ اللَّهُ إِلَيْهِ نَبِيَّهُ -يَعْنِي أَمْرَ الْخِلَافَةِ.

الشاهد ٧

رَوَى مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ [ت١٥٣هـ] فِي «الْجَامِعِ»[٨]، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَادَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَنْ يُوَسْوَسَ، فَكَانَ عُثْمَانُ مِمَّنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَمَرَّ بِهِ عُمَرُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَأَتَى عُمَرُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: أَلَا تَرَى عُثْمَانَ؟! مَرَرْتُ بِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ! قَالَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ، فَمَرَّا بِهِ، فَسَلَّمَا عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: مَا شَأْنُكَ؟! مَرَّ بِكَ أَخُوكَ آنِفًا، فَسَلَّمَ عَلَيْكَ، فَلَمْ تَرُدَّ عَلَيْهِ! فَقَالَ: مَا فَعَلْتُ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلَى، فَعَلْتَ، وَلَكِنَّهَا نَخْوَتُكُمْ يَا بَنِي أُمَيَّةَ! قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجَلْ، قَدْ فَعَلْتَ، وَلَكِنْ أَمْرٌ مَا شَغَلَكَ عَنْهُ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَأَذْكُرُ أَنَّ اللَّهَ قَبَضَهُ قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ نَجَاةِ هَذَا الْأَمْرِ! وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ أَسْأَلْهُ عَنْ نَجَاةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَا هُوَ، وَكُنْتُ أُحَدِّثُ بِذَلِكَ نَفْسِي، وَأَعْجَبُ مِنْ تَفْرِيطِي فِي ذَلِكَ! فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَنِي بِهِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: مَا هُوَ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَأَلْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَجَاةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ فَقَالَ: «مَنْ قَبِلَ مِنِّي الْكَلِمَةَ الَّتِي عَرَضْتُهَا عَلَى عَمِّي فَرَدَّهَا عَلَيَّ فَهِيَ لَهُ نَجَاةٌ»[٩]، وَالْكَلِمَةُ الَّتِي عَرَضَهَا عَلَى عَمِّهِ كَلِمَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: كَانَ عُثْمَانُ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَمِمَّنْ بُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ، وَهُوَ يُقِرُّ بِالتَّفْرِيطِ فِي سُؤَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يُنْجِي هَذِهِ الْأُمَّةَ، فَمَا ظَنُّكَ بِسَائِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلُ مَنْزِلَتِهِ؟! إِنَّ هَذَا لَمُؤْسِفٌ حَقًّا، وَلَكِنَّ الْأَكْثَرَ مِنْهُ مُؤْسِفًا مَا جَاءَ فِي ذَيْلِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ زَعَمَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَمَّا لَمْ يَسْأَلْهُ عُثْمَانُ، فَقَالَ هُوَ أَنْ يَقْبَلَ الرَّجُلُ كَلِمَةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ! لَكِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنْ صَحَّ فَقَدْ كَانَ سَهْوًا مِنْهُ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ مَا كَانَ يَجْهَلُ كَلِمَةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِنَّمَا جَهِلَ مَا يُنْجِي هَذِهِ الْأُمَّةَ، وَهُمُ الَّذِينَ قَبِلُوا هَذِهِ الْكَلِمَةَ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا، فَأَرَادَ مَا يُنْجِيهِمْ مِنَ الضَّلَالَةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ الَّذِي خَفِيَ عَلَى أَكْثَرِهِمْ، وَقَدْ بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي: كِتَابَ اللَّهِ، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي»، وَأَمَّا كَلِمَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَهِيَ نَجَاةٌ لِمَنْ قَبِلَهَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَذَلِكَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَحْفَظْهُ أَبُو بَكْرٍ إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عُثْمَانَ[١٠]، وَرَوَاهُ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ غَيْرِ مُتَّهَمٍ، عَنْ عُثْمَانَ[١١]، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ[١٢]، وَمِنْ حَدِيثِ كَوْثَرِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ[١٣]، وَمِنْ حَدِيثِ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ[١٤].

الشاهد ٨

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «الْخِصَالِ»[١٥]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، وَعُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثٍ: «قَدْ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْكَلَامُ لَهُ وَجْهَانِ، فَيَشْتَبِهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ وَلَمْ يَدْرِ مَا عَنَى اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنِ الشَّيْءِ فَيَفْهَمُ، كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْأَلُهُ وَلَا يَسْتَفْهِمُ، حَتَّى أَنْ كَانُوا لَيُحِبُّونَ أَنْ يَجِيءَ الْأَعْرَابِيُّ وَالطَّارِئُ، فَيَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَسْمَعُوا، وَكُنْتُ أَدْخُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كُلَّ يَوْمٍ دَخْلَةً وَكُلَّ لَيْلَةٍ دَخْلَةً، فَيُخَلِّينِي فِيهَا، أَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ، وَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ ذَلِكَ بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ غَيْرِي»، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «وَكَانَ لَا يَمُرُّ بِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ وَحَفِظْتُهُ»[١٦].

↑[١] . صحيح مسلم، ج٨، ص٧
↑[٢] . مسند الروياني، ج١، ص٢٢٤
↑[٣] . الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي، ج٢، ص١٩٦
↑[٤] . مسند الحارث، ج٢، ص٩٩٣
↑[٥] . تاريخ واسط لبحشل، ص٢٢٧
↑[٦] . تعظيم قدر الصلاة للمروزي، ج١، ص٤١٢
↑[٧] . مسند أحمد، ج٣٦، ص٦٢٢
↑[٨] . الجامع لمعمر بن راشد، ج١١، ص٢٨٥
↑[٩] . الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٢، ص٣١٢؛ أنساب الأشراف للبلاذري، ج١٠، ص٨٧
↑[١٠] . انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٢، ص٣١٢؛ تهذيب الآثار للطبري (الجزء المفقود)، ص٣٦٦؛ معجم ابن الأعرابي، ج٢، ص٤٨٥؛ الجزء الثالث من فوائد أبي علي الصواف، ص٢٩؛ المعجم الأوسط للطبراني، ج٣، ص١٧٤.
↑[١١] . انظر: مسند أحمد، ج١، ص٢٠١؛ التاريخ الكبير للبخاري، ج١، ص٤٨٣؛ مسند أبي بكر لأحمد بن علي المروزي، ص٥٣؛ مسند أبي يعلى، ج١، ص٢١.
↑[١٢] . انظر: مسند أحمد، ج١، ص٢١١؛ مسند أبي يعلى، ج١، ص١٢١.
↑[١٣] . انظر: مسند أبي يعلى، ج١، ص٢٨؛ التدوين في أخبار قزوين للرافعي، ج٣، ص١٠٩.
↑[١٤] . انظر: معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني، ج٤، ص١٩٣٨.
↑[١٥] . الخصال لابن بابويه، ص٢٥٥
↑[١٦] . نهج البلاغة للشريف الرضي، ص٣٢٨
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة دروس السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ
الكتاب: تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الثالثة
تاريخ النشر: غرة رجب ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان