الأحد ٢٨ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ٢١ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
درس
 
دروس من جنابه في سؤال العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره، وطلب العلم عنده بالدّين
ما صحّ عن النّبيّ في ذلك

الحديث ٥

السؤال مفتاح العلم.

رَوَى دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْغَازِيُّ [ت٢٠٣هـ] فِي «مُسْنَدِ الرِّضَا»[١]، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:

«الْعِلْمُ خَزَائِنُ، وَمِفْتَاحُهُ السُّؤَالُ، فَاسْأَلُوا يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ يُؤْجَرُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ: السَّائِلُ، وَالْمُعَلِّمُ، وَالْمُسْتَمِعُ، وَالْمُحِبُّ لَهُمْ».

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ [ت٢٣٦هـ]: «لَوْ قُرِئَ هَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى مَجْنُونٍ لَأَفَاقَ»[٢]، يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ [ت٤٥٨هـ]: «هَذَا الْإِسْنَادُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا إِلَى آخِرِهِ كَالشَّمْسِ»[٣]، وَسَمَّاهُ الْآلُوسِيُّ [ت١٢٧٠هـ] «سِلْسِلَةَ الْجَوَاهِرِ»[٤]؛ لِأَنَّ كُلَّهُمْ أَئِمَّةٌ طَاهِرُونَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى صِدْقِهِمْ وَجَلَالَتِهِمْ، وَقَدْ شَذَّ ابْنُ حِبَّانٍ [ت٣٥٤هـ] فِي «الْمَجْرُوحِينَ»، فَتَكَلَّمَ فِي عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، قَالَ: «يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ الْعَجَائِبَ، كَأَنَّهُ كَانَ يَهِمُ وَيُخْطِئُ»[٥]، وَهَذِهِ زَلَّةٌ فَاحِشَةٌ مِنْهُ رَجَعَ عَنْهَا فِي «الثِّقَاتِ»، حَيْثُ قَالَ: «عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا مِنْ سَادَاتِ أَهْلِ الْبَيْتِ وَعُقَلَائِهِمْ وَجِلَّةِ الْهَاشِمِيِّينَ وَنُبَلَائِهِمْ، يَجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ حَدِيثُهُ إِذَا رَوَى عَنْهُ غَيْرُ أَوْلَادِهِ وَشِيعَتِهِ، فَإِنَّ الْأَخْبَارَ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ وَتَبِينُ بَوَاطِيلَ إِنَّمَا الذَّنْبُ فِيهَا لِأَوْلَادِهِ وَشِيعَتِهِ، لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ كَانَ أَجَلَّ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ، وَقَبْرُهُ بِسَنَابَاذَ خَارِجِ النَّوْقَانِ مَشْهُورٌ يُزَارُ بِجَنْبِ قَبْرِ الرَّشِيدِ، قَدْ زُرْتُهُ مِرَارًا كَثِيرَةً، وَمَا حَلَّتْ بِي شِدَّةٌ فِي وَقْتِ مَقَامِي بِطُوسَ فَزُرْتُ قَبْرَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى جَدِّهِ وَعَلَيْهِ، وَدَعَوْتُ اللَّهَ إِزَالَتَهَا عَنِّي إِلَّا اسْتُجِيبَ لِي وَزَالَتْ عَنِّي تِلْكَ الشِّدَّةُ، وَهَذَا شَيْءٌ جَرَّبْتُهُ مِرَارًا، فَوَجَدْتُهُ كَذَلِكَ، أَمَاتَنَا اللَّهُ عَلَى مَحَبَّةِ الْمُصْطَفَى وَأَهْلِ بَيْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ»[٦]، وَهَذَا شِبْهُ تَوْبَةٍ وَإِصْلَاحٍ، وَلِذَلِكَ أَغْمَضَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَنْ كَلَامِهِ فِيهِ وَضَرَبُوا عَنْهُ صَفْحًا، حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ «ابْنُ طَاهِرٍ» [ت٥٠٧هـ]، فَأَعَادَ كَلَامَهُ فِيهِ كَمُسَلِّمٍ بِذَلِكَ[٧]، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الذَّهَبِيُّ [ت٧٤٨هـ] وَقَالَ: «قَدْ كَانَ عَلِيٌّ الرِّضَا كَبِيرَ الشَّأْنِ، أَهْلًا لِلْخِلَافَةِ، وَلَكِنْ كَذَبَتْ عَلَيْهِ الرَّافِضَةُ»[٨]، وَقَالَ: «إِنَّمَا الشَّأْنُ فِي ثُبُوتِ السَّنَدِ إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَالرَّجُلُ قَدْ كُذِبَ عَلَيْهِ وَوُضِعَ عَلَيْهِ نُسْخَةٌ»[٩]، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّنْعَانِيُّ [ت١١٨٢هـ]: «أَحْسَنَ الذَّهَبِيُّ بِتَأْوِيلِ كَلَامِ ابْنِ طَاهِرٍ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ سَيُتَّبَعُ، وَهَلْ أَحَدٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فِي زَمَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى خَيْرٌ مِنْهُ؟!»[١٠]، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الصِّدِّيقِ الْغُمَارِيُّ [ت١٣٨٠هـ]: «هَلْ بِمِثْلِ عَلِيٍّ الرِّضَا يُضَعَّفُ الْحَدِيثُ؟! وَهَلْ يَخْطُرُ بِبَالِ فَاضِلٍ أَنْ يَتَّهِمَ الرِّضَا؟!»[١١]. هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكَادُ يُوجَدُ أَحَدٌ لَمْ يَتَكَلَّمِ النَّاسُ فِيهِ مَهْمَا كَانَ صَالِحًا، وَفِي ذَلِكَ تَعْزِيَةٌ لَنَا، إِذْ يَتَكَلَّمُونَ فِينَا لِدَعْوَتِنَا إِلَى أَهْلِ الْبَيْتِ وَذِكْرِنَا لِلْمَهْدِيِّ، فَيَقُولُونَ: رَافِضِيٌّ، وَيَقُولُونَ: كَذَّابٌ! كَمَا رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ لَمَّا شَكَوْا إِلَيْهِ أَقَاوِيلَ النَّاسِ: «إِنَّ رِضَا النَّاسِ لَا يُمْلَكُ، وَأَلْسِنَتَهُمْ لَا تُضْبَطُ، وَكَيْفَ تَسْلَمُونَ مِمَّا لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ وَرُسُلُهُ وَحُجَجُ اللَّهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؟! أَلَمْ يَنْسُبُوا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَنَّهُ هَمَّ بِالزِّنَا؟! أَلَمْ يَنْسُبُوا أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَنَّهُ ابْتُلِيَ بِذُنُوبِهِ؟! أَلَمْ يَنْسُبُوا دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَنَّهُ تَبِعَ الطَّيْرَ حَتَّى نَظَرَ إِلَى امْرَأَةِ أُورِيَاءَ فَهَوِيَهَا، وَأَنَّهُ قَدَّمَ زَوْجَهَا أَمَامَ التَّابُوتِ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بِهَا؟! أَلَمْ يَنْسُبُوا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَنَّهُ عِنِّينٌ، وَآذَوْهُ حَتَّى ﴿بَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا ۚ وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا[١٢]؟! أَلَمْ يَنْسُبُوا جَمِيعَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ إِلَى أَنَّهُمْ سَحَرَةٌ طَلَبَةُ الدُّنْيَا؟! أَلَمْ يَنْسُبُوا مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ عَلَيْهَا السَّلَامُ إِلَى أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعِيسَى مِنْ رَجُلٍ نَجَّارٍ اسْمُهُ يُوسُفُ؟! أَلَمْ يَنْسُبُوا نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنَّهُ شَاعِرٌ مَجْنُونٌ؟! أَلَمْ يَنْسُبُوهُ إِلَى أَنَّهُ هَوِيَ امْرَأَةَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى اسْتَخْلَصَهَا لِنَفْسِهِ؟! أَلَمْ يَنْسُبُوهُ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى أَنَّهُ أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنَ الْمَغْنَمِ قَطِيفَةً حَمْرَاءَ، حَتَّى أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْقَطِيفَةِ، وَبَرَّأَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخِيَانَةِ، وَأَنْزَلَ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ۚ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ[١٣]؟! أَلَمْ يَنْسُبُوهُ إِلَى الْكَذِبِ فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا[١٤]؟! وَلَقَدْ قَالَ يَوْمًا: عُرِجَ بِيَ الْبَارِحَةَ إِلَى السَّمَاءِ، فَقِيلَ: وَاللَّهِ مَا فَارَقَ فِرَاشَهُ طُولَ لَيْلَتِهِ! وَمَا قَالُوا فِي الْأَوْصِيَاءِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ»[١٥].

ثُمَّ قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يَشُكَّ فِي صِحَّةِ رِوَايَاتِ أَهْلِ الْبَيْتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَتْ غَرِيبَةً؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَقْرَبَ إِلَيْهِ، وَالْأَقْرَبُ يَسْمَعُ مَا لَا يَسْمَعُهُ الْأَبْعَدُ. فَمَا بَالُ أَقْوَامٍ يُنْكِرُونَ رِوَايَاتِهِمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِعَدَمِ وُرُودِهَا مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِمْ، ثُمَّ يُجَادِلُونَ فِيمَنْ وَضَعَهَا؟! هَلْ ذَلِكَ إِلَّا لِمَا زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ؟! وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَهْلَ بُيُوتِهِمْ قَدْ سَمِعُوا مِنْهُمْ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ، وَلَكِنَّهُمْ يَحْسُدُونَ آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، فَقَدْ آتَى آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا[١٦]. أَمَّا قَوْلُهُمْ فِي كِذْبِ شِيعَتِهِمْ عَلَيْهِمْ فَصَحِيحٌ، وَلَكِنَّهُ لَا يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا يَرْوُونَهُ عَنْهُمْ كَذِبٌ، فَقَدْ كَانَ فِيهِمْ ثِقَاتٌ، وَإِنَّمَا اتَّهَمَهُمُ النَّاسُ لِرِوَايَتِهِمْ عَنْهُمْ مَا لَمْ يَرِدْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى كِذْبِهِمْ إِلَّا إِذَا كَانَ مَا يَرْوُونَهُ عَنْهُمْ مُخَالِفًا لِكِتَابِ اللَّهِ أَوِ الْمُتَوَاتِرِ مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَوِ الْمَعْلُومِ مِنَ الْعَقْلِ. ثُمَّ إِنْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ شِيعَتُهُمْ فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ أَعْدَاؤُهُمْ أَيْضًا، إِذْ رَوَوْا عَنْهُمْ مَا يُنَقِّصُ قَدْرَهُمْ، وَيُرِيهِمْ كَسَائِرِ النَّاسِ فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ، بَلْ أَدْنَى مِنْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ. فَمَا لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ يُكَذِّبُونَ مَا يَرْوِي عَنْهُمْ شِيعَتُهُمْ، وَلَا يُكَذِّبُونَ مَا يَرْوِي عَنْهُمْ أَعْدَاؤُهُمْ، بَلْ يَأْخُذُونَ بِهِ لِيُعْرِضُوا عَنْهُمْ وَيَتَّخِذُوا مِنْ دُونِهِمْ أَئِمَّةً وَحُكَّامًا؟! ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ[١٧].

ثُمَّ قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: أَمَّا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْغَازِيُّ الْقَزْوِينِيُّ فَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ [ت٦٢٣هـ] فِي «أَخْبَارِ قَزْوِينَ»، فَقَالَ: «شَيْخٌ اشْتُهِرَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، وَيُقَالُ: إِنَّ عَلِيًّا كَانَ مُسْتَخْفِيًا فِي دَارِهِ مُدَّةَ مُكْثِهِ بِقَزْوِينَ، وَلَهُ نُسْخَةٌ عَنْهُ يَرْوِيهَا أَهْلُ قَزْوِينَ عَنْ دَاوُدَ»[١٨]، وَقَالَ: «قَدِ اشْتُهِرَ اجْتِيَازُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا بِقَزْوِينَ، وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ مُسْتَخْفِيًا فِي دَارِ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْغَازِيِّ، رَوَى عَنْهُ النُّسْخَةَ الْمَعْرُوفَةَ»[١٩]، وَقَدِ اعْتَبَرَ الْمُفِيدُ [ت٤١٣هـ] «دَاوُدَ بْنَ سُلَيْمَانَ» مِنْ خَاصَّةِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى وَثِقَاتِهِ، وَأَهْلِ الْوَرَعِ وَالْعِلْمِ وَالْفِقْهِ مِنْ شِيعَتِهِ[٢٠]، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ هَذَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ مِنْ نُزُولِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عَلَيْهِ فِي اجْتِيَازِهِ بِقَزْوِينَ إِنْ صَحَّ ذَلِكَ، وَقَدْ بَالَغَ الذَّهَبِيُّ فِي تَكْذِيبِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، حَتَّى رَمَاهُ بِوَضْعِ النُّسْخَةِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى[٢١]، وَلِمِثْلِ هَذَا قَالَ فِيهِ السُّبْكِيُّ [ت٧٧١هـ] أَنَّ كِتَابَهُ مَشْحُونٌ بِالتَّعَصُّبِ الْمُفْرَطِ، فَلَقَدْ أَكْثَرَ الْوَقِيعَةَ فِي أَهْلِ الدِّينِ[٢٢]، وَمَا كَانَ حُجَّتَهُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا وُجُودُ بَعْضِ الْمَنَاكِيرِ فِيهَا[٢٣]؛ كَحَدِيثِ الْأَيَّامِ[٢٤]، وَحَدِيثِ الْحِنَّاءِ[٢٥]، وَحَدِيثِ الْوَرْدِ[٢٦]، وَحَدِيثِ الْبَنَفْسَجِ[٢٧]، وَحَدِيثِ الرُّمَّانَةِ[٢٨]، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ حَدِيثَ الْأَيَّامِ لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ، بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ[٢٩]، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ دَاوُدَ وَعَلِيِّ بْنِ مُوسَى[٣٠]، وَحَدِيثُ الْحِنَّاءِ مَوْقُوفٌ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ[٣١]، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ [ت٩٥هـ]، قَالَ: «كَانُوا يَمَسُّونَ الْحِنَّاءَ بَعْدَ النُّورَةِ»[٣٢]، وَحَدِيثُ الْوَرْدِ لَا يُوجَدُ فِي نُسْخَةِ دَاوُدَ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ وَطَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى[٣٣]، وَحَدِيثُ الْبَنَفْسَجِ وَحَدِيثُ الرُّمَّانَةِ قَدْ وَرَدَا مَوْقُوفَيْنِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِمَا[٣٤]، فَلَعَلَّ دَاوُدَ غَلَطَ فِي رَفْعِهِمَا، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ النُّسْخَةِ مَوْضُوعَةً، وَلَا أَسْتَبْعِدُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا تَحْرِيفٌ أَوْ تَخْلِيطٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ؛ كَمَا كَانَ أَحَدَهُمْ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْرَوَيْهِ الْقَزْوِينِيُّ [ت٣٣٥هـ]، وَقَالَ فِيهِ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَمَذَانِيُّ: «سَمِعْتُ مِنْهُ مَعَ أَبِي، وَكَانَ يَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ عَلَى نُسْخَةِ الرِّضَا، وَتَكَلَّمُوا فِيهِ»[٣٥]، وَكَيْفَمَا كَانَ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَا أَوْرَدْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْعِلْمِ لَيْسَ مِنْ وَضْعِ دَاوُدَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، بَلْ تَابَعَهُ أَحْمَدُ بْنُ عَامِرٍ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ الشَّيْبَانِيُّ، وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَلِذَلِكَ حَسَّنَهُ الْجَنَابِذِيُّ [ت٥١٠هـ] فِي «الْعَوَالِي الصِّحَاحِ وَالْغَرَائِبِ الْحِسَانِ»، فَقَالَ: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ آبَائِهِ، وَاشْتُهِرَ بِأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ»[٣٦].

الشاهد ١

رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِيُّ [ت٣٢٤هـ] فِي «مُسْنَدِ الرِّضَا»[٣٧]، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الْعِلْمُ خَزَائِنُ، وَمِفْتَاحُهُ السُّؤَالُ، فَاسْأَلُوا يَرْحَمْكُمُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ يُؤْجَرُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ: السَّائِلُ، وَالْمُعَلِّمُ، وَالْمُسْتَمِعُ، وَالْمُحِبُّ لَهُمْ».

الشاهد ٢

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «عُيُونِ أَخْبَارِ الرِّضَا»[٣٨]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَكْرٍ الْخُورِيُّ بِنَيْسَابُورَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْفَقِيهُ الْخُورِيُّ بِنَيْسَابُورَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ الشَّيْبَانِيُّ، عَنِ الرِّضَا عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -فَذَكَرَ مِثْلَهُ.

الشاهد ٣

وَرَوَى أَبُو هِلَالٍ الْعَسْكَرِيُّ [ت‌نحو٣٩٥هـ] فِي «دِيوَانِ الْمَعَانِي»[٣٩]، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ -يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ-، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -فَذَكَرَ مِثْلَهُ.

الشاهد ٤

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ [ت٣٨١هـ] فِي «الْخِصَالِ»[٤٠]، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ السَّكُونِيِّ -يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي زِيَادٍ-، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ -فَذَكَرَ مِثْلَهُ.

ملاحظة

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَكَذَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مَوْقُوفًا، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُرْسَلًا أَنَّهُ قَالَ: «الْعِلْمُ قُفْلٌ، وَمِفْتَاحُهُ السُّؤَالُ»[٤١]، وَقَدْ صَحَّ عَنِ الزُّهْرِيِّ [ت١٢٤هـ] أَنَّهُ قَالَ: «الْعِلْمُ خَزَائِنُ، وَمَفَاتِيحُهَا السُّؤَالُ»[٤٢]، فَلَعَلَّهُ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ؛ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [ت٢٤١هـ]: «يُقَالُ إِنَّ الْعِلْمَ خَزَائِنُ، وَالْمَسْأَلَةُ تَفْتَحُهُ»[٤٣]، وَكَانَ هَذَا يَقُولُ: «الْعِلْمُ خَزَائِنُ، يَقْسِمُ اللَّهُ لِمَنْ أَحَبَّ، لَوْ كَانَ يَخُصُّ بِالْعِلْمِ أَحَدًا كَانَ أَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى»[٤٤]؛ قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ خَصَّهُمْ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ!

الشاهد ٥

وَرَوَى الطَّبَرِيُّ [ت٣١٠هـ] فِي «تَارِيخِهِ»[٤٥]، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ الشَّامِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ الشَّامِيِّ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، وَهُوَ مَدَرَّةُ قَوْمِهِ وَسَيِّدُهُمْ، مِنْ شَيْخٍ كَبِيرٍ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا، فَمَثَلَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا، فَقَالَ -فَذَكَرَ قَوْلَهُ حَتَّى قَالَ:- قَالَ الْعَامِرِيُّ: أَخْبِرْنِي -يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- مَا يَزِيدُ فِي الْعِلْمِ؟ قَالَ: «التَّعَلُّمُ»، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي مَا يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «السُّؤَالُ».

الشاهد ٦

وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا [ت٢٨١هـ] فِي «إِصْلَاحِ الْمَالِ»[٤٦]، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ مَنْصُورُ بْنُ صَغِيرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «السُّؤَالُ نِصْفُ الْعِلْمِ».

الشاهد ٧

وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ [ت٤٣٠هـ] فِي «الْمُنْتَخَبِ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ»[٤٧]، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ ضُرَيْسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ صُبْحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «السُّؤَالُ نِصْفُ الْعِلْمِ».

الشاهد ٨

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ [ت٣٦٠هـ] فِي «الْمُعْجَمِ الْأَوْسَطِ»[٤٨]، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا مُخَيِّسُ بْنُ تَمِيمٍ، حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ».

الشاهد ٩

وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ [ت٥٧١هـ] فِي «تَارِيخِ دِمَشْقَ»[٤٩]، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى الْمَعْرُوفِ بِابْنِ ثَرْثَارٍ، أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ الْقُدُّوسِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَبْدِ الْقُدُّوسِ بْنِ حَبِيبٍ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ».

الشاهد ١٠

وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ [ت٤٣٠هـ] فِي «أَخْبَارِ أَصْبَهَانَ»[٥٠]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَزِيدَ؛ وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا خَالِي وَغَيْرُهُ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سَمْعَانُ بْنُ بَحْرٍ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «نِصْفُ الْعِلْمِ حُسْنُ الْمَسْأَلَةِ».

↑[١] . مسند الرضا لداود بن سليمان الغازي، ص٦١ و٦٢
↑[٢] . سنن ابن ماجه، ج١، ص٢٥؛ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني، ج٣، ص١٩٢؛ ترتيب الأمالي الخميسية للشجري، ج١، ص٣١؛ التدوين في أخبار قزوين للرافعي، ج٣، ص٤٨٢
↑[٣] . الأربعون للبكري، ص٢٩ نقلًا عن البيهقي
↑[٤] . غرائب الإغتراب للآلوسي، ص١٤١
↑[٥] . المجروحين لابن حبان، ج٢، ص١٠٦
↑[٦] . الثقات لابن حبان، ج٨، ص٤٥٦ و٤٥٧
↑[٧] . انظر: تذكرة الحفاظ لابن طاهر القيسراني، ص٢٤٣.
↑[٨] . سير أعلام النبلاء للذهبي، ج٩، ص٣٩٢
↑[٩] . ميزان الإعتدال في نقد الرجال للذهبي، ج٣، ص١٥٨
↑[١٠] . التنوير شرح الجامع الصغير للصنعاني، ج٩، ص٤٣٠
↑[١١] . المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي للغماري، ج٥، ص٤٩٧
↑[١٢] . الأحزاب/ ٦٩
↑[١٣] . آل عمران/ ١٦١
↑[١٤] . الأنعام/ ٣٤
↑[١٥] . الأمالي لابن بابويه، ص١٦٤
↑[١٦] . يشير إلى قول اللّه تعالى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (النّساء/ ٥٤).
↑[١٧] . البقرة/ ١٦
↑[١٨] . التدوين في أخبار قزوين للرافعي، ج٣، ص٣
↑[١٩] . التدوين في أخبار قزوين للرافعي، ج٣، ص٤٢٨
↑[٢٠] . انظر: الإرشاد للمفيد، ج٢، ص٢٤٨.
↑[٢١] . انظر: ميزان الإعتدال في نقد الرجال للذهبي، ج٢، ص٨.
↑[٢٢] . انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي، ج٢، ص٢٢
↑[٢٣] . انظر: تاريخ الإسلام للذهبي، ج١٤، ص٢٦٩؛ ديوان الضعفاء للذهبي، ص٢٨٦؛ سير أعلام النبلاء للذهبي، ج٩، ص٣٩٢.
↑[٢٤] . لفظه: «السَّبْتُ لَنَا، وَالْأَحَدُ لِشِيعَتِنَا، وَالْإِثْنَيْنُ لِبَنِي أُمَيَّةَ، وَالثُّلَاثَاءُ لِشِيعَتِهِمْ، وَالْأَرْبِعَاءُ لِبَنِي الْعَبَّاسِ، وَالْخَمِيسُ لِشِيعَتِهِمْ، وَالْجُمُعَةُ لِلنَّاسِ جَمِيعًا، وَلَيْسَ فِيهِ سَفَرٌ».
↑[٢٥] . لفظه: «الْحِنَّاءُ بَعْدَ النَّوْرَةِ أَمَانٌ مِنَ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ».
↑[٢٦] . لفظه: «لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ سَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ عَرَقِي، فَنَبَتَ مِنْهُ الْوَرْدُ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَشُمَّ رَائِحَتِي فَلْيَشُمَّ الْوَرْدَ».
↑[٢٧] . لفظه: «ادَّهِنُوا بِالْبَنَفْسَجِ، فَإِنَّهُ بَارِدٌ فِي الصَّيْفِ، حَارٌّ فِي الشِّتَاءِ».
↑[٢٨] . لفظه: «مَنْ أَكَلَ رُمَّانَةً بِقِشْرِهَا، أَنَارَ اللَّهُ قَلْبَهُ أَرْبَعِيْنَ لَيْلَةً».
↑[٢٩] . انظر: مسند الرضا لعبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي (مطبوع آخر مسند زيد بن علي)، ص٤٦٥؛ عيون أخبار الرضا لابن بابويه، ج٢، ص٤٦.
↑[٣٠] . انظر: المحاسن للبرقي، ج٢، ص٣٤٦؛ الخصال لابن بابويه، ص٣٩٤.
↑[٣١] . انظر: مسند الرضا لعبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي (مطبوع آخر مسند زيد بن علي)، ص٥٠١؛ عيون أخبار الرضا لابن بابويه، ج٢، ص٥٢.
↑[٣٢] . مصنف ابن أبي شيبة، ج١، ص١٣٣
↑[٣٣] . انظر: الكامل لابن عدي، ج٣، ص٢٠٢؛ الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي للمعافى بن زكريا، ص٧٠٧؛ تاريخ دمشق لابن عساكر، ج١٣، ص١٣١؛ المشيخة البغدادية لأبي طاهر السلفي (مخطوط)، ج٦، ص٣٤؛ التدوين في أخبار قزوين للرافعي، ج٢، ص٣٢٧؛ الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس لابن حجر، ج٧، ص١٣٦.
↑[٣٤] . انظر: المحاسن للبرقي، ج٢، ص٥٤٣؛ الكافي للكليني، ج٦، ص٣٥٤؛ طبّ الأئمّة لابني بسطام النيسابوري، ص٩٣؛ الكامل لابن عدي، ج٤، ص٢٢٤؛ الطب النبوي لأبي نعيم الأصبهاني، ج١، ص٤٠٦، ج٢، ص٧١٢؛ الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس لابن حجر، ج٥، ص٦٨٦.
↑[٣٥] . الأنساب للسمعاني، ج١٠، ص٤١٣؛ تاريخ الإسلام للذهبي، ج٢٥، ص١٢٦؛ لسان الميزان لابن حجر، ج٤، ص٢٥٨؛ المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي للغماري، ج٣، ص٣١٧
↑[٣٦] . العوالي الصحاح والغرائب الحسان للجنابذي [مخطوطة]، الحديث ٢٠
↑[٣٧] . مسند الرضا لعبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي (مطبوع آخر مسند زيد بن علي)، ص٤٤٥
↑[٣٨] . عيون أخبار الرضا لابن بابويه، ج٢، ص٣٢
↑[٣٩] . ديوان المعاني لأبي هلال العسكري، ج١، ص١٤٨
↑[٤٠] . الخصال لابن بابويه، ص٢٤٤ و٢٤٥
↑[٤١] . البديع في البديع لابن المعتز، ص٧٨؛ الصناعتين لأبي هلال العسكري، ص٢٧٧؛ إعجاز القرآن للباقلاني، ص٦٨
↑[٤٢] . مسند الدارمي، ج١، ص٤٥٨؛ المعرفة والتاريخ للفسوي، ج١، ص٤٣٤؛ التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (السفر الثالث)، ج٢، ص٢٥٠ و٢٥٣؛ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني، ج٣، ص٣٦٣؛ السادس من فوائد أبي عثمان البحيري، ص١١؛ المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي، ص٢٩١؛ جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، ج١، ص٣٧٩؛ الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي، ج٢، ص٦٢
↑[٤٣] . طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى، ج١، ص٤١٦
↑[٤٤] . المعرفة والتاريخ للفسوي، ج١، ص٧٠١
↑[٤٥] . تاريخ الطبري، ج٢، ص١٦٠
↑[٤٦] . إصلاح المال لابن أبي الدنيا، ص١٠٢
↑[٤٧] . منتخب من حديث يونس بن عبيد لأبي نعيم الأصبهاني، الحديث ٣١
↑[٤٨] . المعجم الأوسط للطبراني، ج٧، ص٢٥
↑[٤٩] . تاريخ دمشق لابن عساكر، ج٧١، ص٢٧١
↑[٥٠] . أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني، ج١، ص٢٥٥
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة دروس السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ
الكتاب: تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين؛ تقرير دروس العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الثالثة
تاريخ النشر: غرة رجب ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان