الآية ٢٥
«لَا يَخْلُو زَمَانٌ مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّكْرِ يَسْأَلُهُ النَّاسُ عَمَّا لَا يَعْلَمُونَ فَيُجِيبُهُمْ بِالصَّوَابِ»
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾[١]
ملاحظات
١ . أَخْبَرَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ شَيْئًا لَا يَسَعُ النَّاسَ الْقِيَامُ بِهِ، وَقَدْ أَنْزَلَ فِيهِ: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، فَلَا يَخْلُو زَمَانٌ مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّكْرِ يَسْأَلُهُ النَّاسُ عَمَّا لَا يَعْلَمُونَ فَيُجِيبُهُمْ بِالصَّوَابِ، وَلَئِنْ قُلْتَ لِهَؤُلَاءِ الْجُهَّالِ: اعْرِفُوا هَذَا الرَّجُلَ وَاسْأَلُوهُ لَيَقُولُنَّ: «إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْتَدِعُونَ»! قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ كُلَّهُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ، فَقَالَ: أَكُلُّهُمْ يُصِيبُونَ فِي الْجَوَابِ إِذَا سُئِلُوا؟! قُلْتُ: لَا، قَالَ: لَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِسُؤَالِ قَوْمٍ قَدْ لَا يُصِيبُونَ فِي الْجَوَابِ.
٢ . أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّبْزَوَارِيُّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ[٢] فِي مَسْجِدٍ وَكَانَ مَعَنَا رِجَالٌ مِنَ السَّلَفِيَّةِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْدَثَ لَكُمْ ذِكْرًا فَاتَّبِعُوهُ، وَلَا تَتَّبِعُوا السَّلَفَ، فَإِنَّ السَّلَفَ لَمْ يَتَّبِعُوا السَّلَفَ، وَلَكِنِ اتَّبَعُوا ذِكْرَهُمْ، وَإِنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى سَلَفٍ وَلَمْ يَتَّبِعْ مَا أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُ مِنْ ذِكْرٍ فَقَدْ قَطَعَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ، ﴿أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾[٣]، قَالَ رَجُلٌ مِنَ السَّلَفِيَّةِ: أَلَيْسَ كُلُّ مُحْدَثٍ بِدْعَةً؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ وَقَالَ: الْبِدْعَةُ مَا أَحْدَثَ النَّاسُ فِي الدِّينِ، وَالذِّكْرُ مَا أَحْدَثَ اللَّهُ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾[٤]، قَالَ الرَّجُلُ: وَمَا ذِكْرٌ مُحْدَثٌ؟ قَالَ: إِمَامٌ يُحْدِثُهُ اللَّهُ فِي كُلِّ قَرْنٍ يَهْدِي بِأَمْرِهِ، لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيُحِقَّ الْقَوْلَ عَلَى الْكَافِرِينَ، قَالَ الرَّجُلُ: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ، إِنْ هَذَا إِلَّا بِدْعَةٌ! قَالَ: وَيْحَكَ، أَتَأْبَى إِلَّا أَنْ تُضَاهِئَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا؟! قَالُوا: ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ﴾[٥]، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ مُسْلِمًا يَقُولُ بِهَذَا حَتَّى سَمِعْتُكُمْ تَقُولُونَ بِهِ يَا مَعْشَرَ السَّلَفِيَّةِ!
