في حين أنّ المسلمين الشّيعة يراجعون الكتب المعتبرة للمسلمين السّنّة، ويقومون بدارسة آرائهم وأدلّتهم، وإن لم يكن بقدر الآراء والأدلّة الخاصّة بأنفسهم.
الواقع أنّ الكثير من آراء المسلمين وأدلّتهم لم تصل إلى آذان الكثير منهم، ومن الواضح أنّه في هذه الحالة لا يمكن أن تكون لديهم معرفة بها، مع أنّ عدم معرفة المسلمين بآراء بعضهم البعض وأدلّتهم، يؤدّي إلى سوء الظنّ وسوء القول وسوء الفعل تجاه بعضهم البعض وسيطرة أعداء الإسلام عليهم. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ اكتفاء المرء بمعرفة آرائه وأدلّته وامتناعه عن معرفة آراء الآخرين وأدلّتهم، يحرمه من إمكانيّة إدراك نقاط ضعفه وقوّة الآخرين، ويمنعه من معرفة «القول الأحسن» واتّباعه، في حين أنّ اللّه تعالى قال: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.
[الجهل بأعداء الإسلام]
من جهة أخرى، هم لا يعرفون أعداء الإسلام وليسوا على علم بعداواتهم معه؛ فقد ظهرت تيّارات إلحاديّة جديدة في العالم، وانتظمت جهود شيطانيّة سرّيّة ضدّ اللّه. قد خرج عبدة الشيطان من غرفاتهم المظلمة، وطلع السّحرة من سراديبهم، ليسلّطوا بدعم من الأقوياء المفسدين والأثرياء الملحدين حكومة الكفر على العالم، والمسلمون في هذه الأثناء، دون إدراك لما يحدث، منشغلون بقضايا ثانويّة وغير مهمّة ومتنازعون عليها؛ كما أنّهم يختصمون في وضع الكفّين تحت السّرّة أو فوقها في الصّلاة، وجلّ همّهم منع زوّار القبور من الإقتراب منها؛ كما أنّ طلّابهم للعلم أيضًا لا يهتمّون بشيء غير معرفة مذاهبهم، ولا يهمّهم التعرّف على عالم الكفر وما يجري فيه؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ۚ﴾. هكذا قد اتّحد الكافرون من ملل شتّى لمحاربة الإسلام، في حين أنّ المسلمين من ملّة واحدة قد تفرّقوا، ولم تكن نتيجة هذا إلا هيمنة الكفّار على المسلمين.
في هذه الأثناء، كثير من المسلمين يسارعون فيهم ويتّخذونهم أولياء، آملين في خيرهم أو خائفين من شرّهم؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ﴾،