كما أنّ مصدر السّلطة والثروة في العالم هو اللّه، ومن اتّصل باللّه فقد اتّصل بمصدر السّلطة والثروة في العالم، ومن فارقه فقد فارق مصدر السّلطة والثروة في العالم، وهذا خلاف ما يُتصوّر غالبًا؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾[١]، وقال: ﴿أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾[٢]، وقال: ﴿وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ﴾[٣]، وقال: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾[٤]، وقال: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ ۖ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾[٥]، وقال: ﴿وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾[٦].

الحاصل أنّه لن يفوز بمعرفة الحقّ والإلتزام به إلّا الذين يرون أنفسهم محتاجين إليه، ويكفّون عن التكبّر أمامه بسبب ما لديهم من الدّنيا؛ لأنّه، على عكس ما قد يبدو، كلّما ازداد ما لديهم من الدّنيا ازدادت حاجتهم إلى معرفة الحقّ والإلتزام به، وبالطبع كلّما كانوا أحوج إليه كان عليهم أن يكونوا أشدّ خضوعًا وطلبًا له.

٧ . النّزعة الخرافيّة

مانع آخر للمعرفة هو «النّزعة الخرافيّة». المراد بالخرافة معتقد مخالف للعادة ليس له أصل في العقل والشّرع، ومن الواضح أنّ التفكير المبنيّ عليها يمنع المرء من معرفة الحقّ؛ لأنّ الخرافة، مع أنّها أوهن المعتقدات، قد تكون أكثر رواجًا ورسوخًا من المعتقدات العقليّة والشّرعيّة، وتُلوّث المعتقدات العقليّة والشّرعيّة وتُضعِفها. هذا في حين أنّ أكثر المسلمين، الذين ليست لديهم معلومات كافية، هم مبتلون بمثل هذه المعتقدات؛ لأنّ جميع المذاهب الإسلاميّة، قد تلوّثت بشكل أو بآخر بالخرافات، وابتعدت عن العقلانيّة والواقعيّة الإسلاميّة بالتحوّل إلى الأوهام والأمانيّ في المعتقدات الدّينيّة.

[النّزعة الخرافيّة في المسلمين الصّوفيّين]

كما أنّ أكثر أهل التصوّف من المسلمين مثلًا لا أساس لهم في العديد من معتقداتهم الدّينيّة غير الذوق، ولهذا السّبب بالذات، لا يرون للعقل دورًا كبيرًا في المعرفة، ولا يعتبرونه حجّة كالسّلفيّين، ويقولون في مذمّته شعرًا كثيرًا؛