١ . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ الْهَاشِمِيَّ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: الْعِلْمُ لَا يُبَاعُ -يَعْنِي الْعِلْمَ بِالدِّينِ- وَمَنْ بَاعَهُ فَقَدِ اشْتَرَى بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَبِيعُونَهُ، ثُمَّ يَمْنَعُونَ النَّاسَ مِنْ نَشْرِهِ حِرْصًا عَلَى الرِّبْحِ! فَقَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ ﴿اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[١].
٢ . أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الدَّامْغَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: إِنَّ مِنْ أَبْغَضِ عِبَادِ اللَّهِ إِلَيْهِ عَبْدًا آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا فَأَرَادَ بِهِ مَنْفَعَةَ الدُّنْيَا، فَمَنَعَهُ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَعَرَضَهُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، لِيَشْتَرِيَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا وَيَصُدَّ عَنْ سَبِيلِهِ، ﴿أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[٢].
٣ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَرَوِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنِ الرَّجُلِ يَبِيعُ كِتَابًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ لَا يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِهِ، فَيَشْتَرِطُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَبِيعَهُ وَلَا يَهَبَهُ أَحَدًا، لِيَرْجِعَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَيَشْتَرُوا مِنْهُ، قَالَ: لَمْ يَبِعْهُ إِذًا، قُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ جَاءَ: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ»؟ قَالَ: بَتَرْتَ الْحَدِيثَ، إِنَّمَا جَاءَ: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا»، ثُمَّ قَالَ: مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا اشْتَرَى بَيْعَهُ وَهِبَتَهُ.
٤ . أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدصَادِقٍ الْإِصْفَهَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ عِلْمٌ، فَيَكْتُبُ كِتَابًا، أَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنَ النَّاسِ، فَيَرْبَحَ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ كِتَابًا يَنْفَعُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ، قُلْتُ: أَلَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكْتُمُوهُ، فَلَا يَبِيعُوهُ وَلَا يَهَبُوهُ، لِيَزْدَادَ بِذَلِكَ رِبْحًا، إِنْ كَانَ كِتَابًا يَنْفَعُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ مَا يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قُلْتُ: فَمَنْ يَرْغَبُ بَعْدَ هَذَا فِي الْكِتَابَةِ؟! قَالَ: إِنَّمَا يَرْغَبُ فِيهَا مَنْ يَبْتَغِي فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا، وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَأَهْلُهَا، وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى، فَمَكَثَ هُنَيَّةً، ثُمَّ قَالَ: عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ يَجْعَلَ لَهُ جَائِزَةً، إِنْ كَانَ كِتَابُهُ مِمَّا يَنْفَعُ النَّاسَ، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾[٣].
٥ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشِّيرَازِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَمَّا رُوِيَ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَنَّ رِبْحَ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ رِبًا، فَقَالَ: لَا أَعْرِفُهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرْبَحَ عَلَيْهِ فِيمَا يُعْطِيهِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ شَيْءٍ فِيهِ قُرْآنٌ أَوْ سُنَّةٌ، وَلَكِنْ يَسْأَلُ مَا أَنْفَقَ، أَوْ يَحْتَسِبُ.
٦ . أَخْبَرَنَا ذَاكِرُ بْنُ مَعْرُوفٍ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: رُبَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ بِبَعْضِ قَوْلِكَ وَلَا يُسْنِدُهُ إِلَيْكَ كَأَنَّهُ شَيْءٌ رَآهُ، فَقَالَ: هُوَ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ قَالَ: بَلَغَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَنَّ رَبِيعَةَ الرَّأْيِ يَقُولُ: مِنْ رَأْيِي أَنَّ الْقُرُوءَ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَطْهَارٌ، فَقَالَ: «كَذَبَ، مَا هُوَ مِنْ رَأْيِهِ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ بَلَغَهُ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ».
شرح القول:
لشرح هذه الأقوال الهامّة المنيرة، راجع: السؤال والجواب ٩٠.