الجمعة ٢٦ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ١٩ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
قول
 

١ . أَخْبَرَنَا وَلِيدُ بْنُ مَحْمُودٍ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ الْهَاشِمِيَّ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: فَرِيقَانِ أَفْسَدَا عَلَى النَّاسِ دِينَهُمْ: أَهْلُ الرَّأْيِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ، قُلْتُ: أَمَّا أَهْلُ الرَّأْيِ فَقَدْ عَلِمْتُ، فَمَا بَالُ أَهْلِ الْحَدِيثِ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ حَدَّثُوا بِأَحَادِيثَ مَكْذُوبَةٍ، زَعَمُوا أَنَّهَا صَحِيحَةٌ، وَجَعَلُوهَا مِنَ الدِّينِ، وَمَا افْتَرَى عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَرِيقٌ مِثْلَ مَا افْتَرَى أَهْلُ الْحَدِيثِ، يَقُولُونَ: «قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ»، وَمَا قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا، وَلَئِنْ قَالَ رَجُلٌ هَذَا رَأْيٌ رَأَيْتُهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَقُولَ هَذَا قَوْلُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَهُوَ كَاذِبٌ.

٢ . أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ عُبَيْدٍ الْخُجَنْدِيُّ، قَالَ: دَخَلَ عَلَى الْمَنْصُورِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ لَهُ: إِنِّي أَدِينُ اللَّهَ بِالْحَدِيثِ وَإِنَّ أَخِي يَدِينُ بِالرَّأْيِ، قَالَ: لَا دِينَ لَكُمَا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَرْتَعِدُ، فَقَالَ: مَنْ دَانَ اللَّهَ بِرَأْيِهِ فَلَا دِينَ لَهُ، وَمَنْ دَانَهُ بِرِوَايَةٍ تُرْوَى لَهُ فَلَا دِينَ لَهُ، وَمَنْ دَانَهُ بِسَمَاعٍ مِنْ خَلِيفَتِهِ فِي الْأَرْضِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ، فَاعْرِفْهُ وَاسْتَمْسِكْ بِحُجْزَتِهِ، فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ مِنْ رَأْيِكَ وَرِوَايَتِكَ، وَإِنَّمَا تَعْرِفُهُ بِآيَةٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا عَرَفْتَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى.

٣ . أَخْبَرَنَا ذَاكِرُ بْنُ مَعْرُوفٍ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ: إِنَّ مَوَالِيَ بَنِي أُمَيَّةَ قَدْ أَفْسَدُوا عَلَيْكُمُ الْحَدِيثَ، فَدَعُوهُ وَأَقْبِلُوا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَخَلِيفَتِهِ فِيكُمْ، فَإِنَّهُمَا يَهْدِيَانِكُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، أَلَا إِنِّي لَا أَقُولُ لَكُمْ: «حَسْبُكُمْ كِتَابُ اللَّهِ»، وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: «حَسْبُكُمْ كِتَابُ اللَّهِ وَخَلِيفَتُهُ فِيكُمْ»، قَالُوا: وَمَنْ خَلِيفَتُهُ فِينَا؟ قَالَ: الْمَهْدِيُّ.

٤ . أَخْبَرَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: إِنَّكَ تَنْهَى عَنِ الْحَدِيثِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ[١]، قَالَ: أَتِمَّ الْآيَةَ، قُلْتُ: ﴿وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[٢]، قَالَ: مَنْ يُطِعْ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَقَدْ أَطَاعَ الرَّسُولَ، وَمَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، فَمَا لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا؟! قُلْتُ: وَمَنْ أُولُوا الْأَمْرِ مِنَّا؟ قَالَ: رِجَالٌ وَلَّاهُمُ اللَّهُ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ الرَّسُولِ، يُطِيعُونَ اللَّهَ وَالرَّسُولَ، قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: لَا تَسْأَلُونِي عَمَّنْ مَضَى مِنْهُمْ، وَلَكِنْ سَلُونِي عَمَّنْ بَقِيَ، فَإِنَّ بَقِيَّةَ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، قُلْتُ: وَمَنْ بَقِيَّةُ اللَّهِ؟ قَالَ: الْمَهْدِيُّ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُ فَقُولُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللَّهِ.

٥ . أَخْبَرَنَا أَتَابَكُ بْنُ جَمْشِيدَ السُّغْدِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي رَجُلٌ مِنَ السَّلَفِيَّةِ: مَا أَشْجَعَ صَاحِبَكُمْ يَا أَتَابَكُ، كَأَنَّ قَلْبَهُ قِطْعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ! قُلْتُ: وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ؟! قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَوْلًا لَا يَتَجَرَّأُ أَنْ يَقُولَهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَا رَأْيٌ وَلَا رِوَايَةٌ، وَلَكِنْ طَاعَةٌ لِأُولِي الْأَمْرِ، وَالْمَهْدِيُّ مِنْ أُولِي الْأَمْرِ، قُلْتُ: فَهَلَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ؟! قَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ؟! إِنَّهُ الْمَنْصُورُ!

٦ . أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدًا صَالِحًا يَقُولُ: لَا يَصْلُحُ بَالُ النَّاسِ حَتَّى يُعْرِضُوا عَنْ آرَائِهِمْ وَرِوَايَاتِهِمْ مُقْبِلِينَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَخَلِيفَتِهِ فِيهِمْ، وَإِنَّ أَقْبَحَ مَا يَكُونُ أَنْ أَقُولَ لِأَحَدِكُمُ الْحَقَّ فَيَقُولَ: هَذَا خِلَافُ رَأْيِ زَيْدٍ أَوْ خِلَافُ رِوَايَةِ عَمْرٍو، ثُمَّ قَلَّبَ كَفَّيْهِ عَلَى مَا قَالَ وَقَالَ: هَذَا سَبِيلُ الرَّشَادِ، وَلَكِنْ مَنْ يَقْبَلُ هَذَا؟!

٧ . أَخْبَرَنَا ذَاكِرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمَنْصُورِ فِي بَيْتِهِ، فَوَجَدْتُهُ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ، وَمَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: نَظَرْتُ فِي كِتَابٍ فِي رِجَالِ الْحَدِيثِ، فَأَضْحَكَنِي! فُلَانٌ قَالَ: فُلَانٌ صَدُوقٌ، وَفُلَانٌ قَالَ: فُلَانٌ كَذَّابٌ! هَلْ يَدِينُ بِهَذَا إِلَّا قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ؟! ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّحْنِ وَقَالَ: مَا بَنَى اللَّهُ دِينَهُ عَلَى ظَنِّ بَعْضِكُمْ بِبَعْضٍ، وَإِنَّمَا بَنَاهُ عَلَى الْيَقِينِ، وَهُوَ كِتَابٌ أَنْزَلَهُ مِنَ السَّمَاءِ وَخَلِيفَةٌ جَعَلَهُ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهَذَيْنِ الثَّقَلَيْنِ فَإِنَّمَا تَمَسَّكَ بِحَبْلٍ مَتِينٍ، وَمَنْ تَرَكَهُمَا وَتَمَسَّكَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَإِنَّمَا تَمَسَّكَ بِحَبْلٍ كَحَبْلِ الْعَنْكَبُوتِ، قُلْتُ: إِنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ إِذَا صَحَّ إِسْنَادُهُ عِنْدَهُمْ فَهُوَ يَقِينٌ، قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ لَا يَعْقِلُونَ!

٨ . أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّالَقَانِيُّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ الْعَالِمِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ بِوَجْهِهِ وَقَالَ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، مَنْ تَمَسَّكَ بِرِوَايَةٍ فَكَأَنَّمَا سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ، عَاشَ أَوْ هَلَكَ، فَتَغَيَّرَ لَوْنِي، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنِّي قَالَ: لَعَلَّكَ تَظُنُّ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعَطِّلَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟! لَا وَاللَّهِ، وَلَكِنَّ النَّاسَ مُتِّعُوا بِهَا -يَعْنِي الرِّوَايَةَ- حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ، فَزَادُوا فِيهَا وَنَقَصُوا، وَخَلَطُوهَا بِالْكِذْبِ، وَبَدَّلُوهَا تَبْدِيلًا، حَتَّى اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهَا، وَانْقَلَبَتْ مَعَانِيهَا، وَاشْتَبَهَ حَقُّهَا وَبَاطِلُهَا وَنَاسِخُهَا وَمَنْسُوخُهَا وَمُحْكَمُهَا وَمُتَشَابِهُهَا، وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَتَعَذَّرُ بَيْنَ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ الْمَغْشُوشِ، فَتَرَى الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَتَشَبَّثُ بِرِوَايَةٍ يَحْسَبُهَا صَحِيحَةً لِيَكْفُرَ بِاللَّهِ وَيَصِفَهُ بِمَا لَا يَلِيقُ بِذَاتِهِ، وَتَرَى الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَتَشَبَّثُ بِرِوَايَةٍ يَحْسَبُهَا صَحِيحَةً لِيَتَحَاكَمَ إِلَى الطَّاغُوتِ وَيَتَّبِعَ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَتَرَى الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَتَشَبَّثُ بِرِوَايَةٍ يَحْسَبُهَا صَحِيحَةً لِيُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَيَسْفِكَ الدِّمَاءَ، وَتَرَى الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَتَشَبَّثُ بِرِوَايَةٍ يَحْسَبُهَا صَحِيحَةً لِيَرْفَعَ رِجَالًا وَيَضَعَ آخَرِينَ، وَتَرَى الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَتَشَبَّثُ بِرِوَايَةٍ يَحْسَبُهَا صَحِيحَةً لِيُحِلَّ حَرَامَ اللَّهِ وَيُحَرِّمَ حَلَالَهُ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ وَالَّذِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ، فَيُصْبِحُونَ مِنَ الْأَخْسَرِينَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَصْرِفَهُمْ عَمَّا ضَرُّهُ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ إِلَى مَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ، وَأُخْلِصَ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي أَكْمَلَ اللَّهُ لَهُمْ، وَإِنَّهُمْ إِنْ يَتَّبِعُونِي أَسْلُكْ بِهِمْ مَنَاهِجَ الرَّسُولِ وَأَهْدِهِمْ سُنَنَهُ بِالْحَقِّ، ثُمَّ لَا يَجِدُونِي كَاذِبًا وَلَا كَتُومًا.

٩ . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلْمَنْصُورِ: مَا أَرَانِي إِلَّا نَاجِيًا وَمَا أَرَى فُلَانًا إِلَّا مِنَ الْهَالِكِينَ! قَالَ: هَذَا رَجُلٌ مَغْرُورٌ! وَمَا أَدْرَاكَ بِهِ؟! قَالَ: لِأَنِّي آخُذُ بِالرِّوَايَةِ وَأَنَّ فُلَانًا يَأْخُذُ بِالرَّأْيِ، قَالَ: دَعْ رِوَايَتَكَ كَمَا وَدَعْتَ رَأْيَكَ، فَإِنَّهُمَا ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا أَشَدُّ ظُلْمَةً، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ، فَبَكَى الرَّجُلُ لَمَّا سَمِعَ هَذَا حَتَّى ابْتَلَّتْ لِحْيَتُهُ، ثُمَّ قَالَ: مَاذَا أَفْعَلُ إِذَنْ؟ قَالَ: أَتَعْرِفُ خَلِيفَةَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ الرَّجُلُ: لَا، قَالَ: فَاعْرِفْهُ وَاسْتَمْسِكْ بِمَا سَمِعْتَهُ مِنْهُ بِهَاتَيْنِ الْأُذُنَيْنِ -وَأَخَذَ بِأُذُنِهِ- أَوْ حَدَّثَكَ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُوَ حَيٌّ، فَإِنَّ الْحَيَّ يَكَادُ أَنْ لَا يُكْذَبَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كُذِبَ عَلَيْهِ لَرَدَّهُ، وَهُوَ يُبَيِّنُ لِأَهْلِ زَمَانِهِ، الشَّاهِدِ مِنْهُمْ وَالْغَائِبِ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ يَرْجِعُ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى خَلِيفَتِهِ فِيهِمْ، فَيَسْمَعُونَ مِنْهُ وَيَرْوُونَ عَنْهُ، وَلَا يَقِفُونَ عَلَى هَالِكٍ وَلَا يَنْقَلِبُونَ إِلَيْهِ وَلَا يَقُولُونَ: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ[٣]، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لَهُمْ مِثْلَ مَا جَعَلَ لِآبَائِهِمْ، كِتَابًا مُبِينًا وَخَلِيفَةً رَاشِدًا، وَأَمَرَهُمْ بِمِثْلِ مَا كَانُوا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ أَخَذَ عَنْ خَلِيفَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَدْ أَخَذَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ أَخَذَ عَنْ هَؤُلَاءِ الرُّوَاةِ وُكِلَ إِلَيْهِمْ، وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ؟!

١٠ . أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّبْزَوَارِيُّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي مَسْجِدٍ وَكَانَ مَعَنَا رِجَالٌ مِنَ السَّلَفِيَّةِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْدَثَ لَكُمْ ذِكْرًا فَاتَّبِعُوهُ، وَلَا تَتَّبِعُوا السَّلَفَ، فَإِنَّ السَّلَفَ لَمْ يَتَّبِعُوا السَّلَفَ، وَلَكِنِ اتَّبَعُوا ذِكْرَهُمْ، وَإِنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى سَلَفٍ وَلَمْ يَتَّبِعْ مَا أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُ مِنْ ذِكْرٍ فَقَدْ قَطَعَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ، ﴿أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ[٤]، قَالَ رَجُلٌ مِنَ السَّلَفِيَّةِ: أَلَيْسَ كُلُّ مُحْدَثٍ بِدْعَةً؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ وَقَالَ: الْبِدْعَةُ مَا أَحْدَثَ النَّاسُ فِي الدِّينِ، وَالذِّكْرُ مَا أَحْدَثَ اللَّهُ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ[٥]، قَالَ الرَّجُلُ: وَمَا ذِكْرٌ مُحْدَثٌ؟ قَالَ: إِمَامٌ يُحْدِثُهُ اللَّهُ فِي كُلِّ قَرْنٍ يَهْدِي بِأَمْرِهِ، لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيُحِقَّ الْقَوْلَ عَلَى الْكَافِرِينَ، قَالَ الرَّجُلُ: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ، إِنْ هَذَا إِلَّا بِدْعَةٌ! قَالَ: وَيْحَكَ، أَتَأْبَى إِلَّا أَنْ تُضَاهِئَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا؟! قَالُوا: ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ[٦]، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ مُسْلِمًا يَقُولُ بِهَذَا حَتَّى سَمِعْتُكُمْ تَقُولُونَ بِهِ يَا مَعْشَرَ السَّلَفِيَّةِ!

١١ . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: إِنَّ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّأْيَ إِنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ، وَإِنَّ الْمُحَدِّثِينَ يَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، وَإِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ، قُلْتُ: وَمَا هُدَى اللَّهِ؟ قَالَ: إِمَامٌ يَهْدِي بِأَمْرِ اللَّهِ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ وَيَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، قُلْتُ: لَا يَقْبَلُ النَّاسُ مِنْكَ هَذَا جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَلَوْ قَبِلُوا مِنْكَ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ، وَلَكِنْ لَا يَفْعَلُونَ، قَالَ: دَعْهُمْ يَابْنَ حَبِيبٍ، فَإِنَّهُمْ سَوْفَ يَأْتِيهِمْ رَجُلٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، فَيَعْرِضُهُمْ عَلَى السَّيْفِ حَتَّى يَقْبَلُوهُ، أَلَا إِنَّهُ لَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُمْ إِلَّا السَّيْفَ، وَالْمَوْتُ تَحْتَ ظِلِّ السَّيْفِ.

١٢ . أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَتْلَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا يَمْنَعُونَ مِنْ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ، وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَعْمِدُ إِلَى أَحَادِيثَ مَكْتُوبَةٍ فَيَأْخُذُهَا وَيَقْذِفُهَا فِي التَّنُّورِ، وَلَوْ كَانَ لِي أَمْرٌ لَسِرْتُ بِسِيرَتِهِمْ، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، هَلْ أَكْتُمُ هَذَا؟ قَالَ: لَا، بَلْ نَادِ بِهِ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ.

شرح القول:

إنّما مراده بالحديث والرواية في هذه الحِكم المنيرة هو خبر الواحد عن النبيّ وخلفائه الماضين، وذلك غير حجّة عنده بالنظر إلى أنّه لا يفيد إلّا الظنّ، ﴿وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا[٧]، كما بيّنه مفصّلًا بالأدلّة القاطعة في مبحث «رواج النّزعة الحديثيّة» من كتاب «العودة إلى الإسلام»، وليس مراده الخبر المتواتر؛ لأنّه حجّة عنده بالنظر إلى إفادته العلم، إلّا أنّه قليل لا يغني عن الخليفة الحيّ، وليس مراده خبر الواحد عن الخليفة الحيّ؛ لأنّه حجّة عنده أيضًا بالنظر إلى أنّه محفوف عادةً بالقرائن المفيدة للعلم. لمزيد المعرفة عن هذا، راجع القولين ١٢ و ١٣ من أقواله الطيّبة.

↑[١] . النّساء/ ٥٩
↑[٢] . النّساء/ ٥٩
↑[٣] . الزّخرف/ ٢٣
↑[٤] . فصّلت/ ٤٤
↑[٥] . الأنبياء/ ٢
↑[٦] . ص/ ٧
↑[٧] . النّجم/ ٢٨
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
يمكنك أيضًا قراءة هذا باللغات التالية:
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الكتاب: مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الأولى
تاريخ النشر: ١٢ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ
مكان النشر: الطالقان - أفغانستان