الأربعاء ١٧ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ١٠ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
قول
 

أخبرنا أحمد بن عبد الرّحمن وعليّ بن داوود جميعًا، قالا: كنّا جماعة عند المنصور الهاشميّ الخراسانيّ، فالتفت إلينا وقال:

لَعَلَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنِّي قُمْتُ بِهَذَا الْأَمْرِ عَلَى رَأْيٍ رَأَيْتُهُ أَوْ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ[١]! لَا وَاللَّهِ، لَوْ قُمْتُ بِهِ عَلَيْهِمَا لَضَلَلْتُ كَمَا ضَلَّ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي، وَلَكِنِّي قُمْتُ بِهِ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي، فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ، وَسَيُظْهِرُهَا لَكُمْ، فَتَظِلُّ أَعْنَاقُكُمْ لَهَا خَاضِعِينَ!

فتصفّح الوجوه وكأنّ على رؤوسنا الطّير، فقال:

أَوْ لَعَلَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنِّي دَعَوْتُكُمْ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ رَغْبَةً فِيكُمْ أَوْ حَاجَةً إِلَيْكُمْ! كَلَّا، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّ وَالنَّوَى، لَوْ لَا عَهْدُ اللَّهِ إِلَيْنَا وَفَضْلُهُ عَلَيْكُمْ، لَاعْتَزَلْنَاكُمْ، وَاتَّخَذْنَا مِنْ دُونِكُمْ حِجَابًا، وَكُنَّا عَنْ مُصَاحَبَتِكُمْ فِي شُغُلٍ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ بُعْدُ الْمَشْرِقَيْنِ، ثُمَّ أَيْقَنْتُمْ أَنَّهُ مَا لَنَا فِيكُمْ مِنْ رَغْبَةٍ وَلَا حَاجَةٍ!

ثم أخذه البكاء حتّى جرت دموعه على خدّيه، ثمّ قال:

إِلَى اللَّهِ أَشْكُو غُرْبَتِي وَضَعْفَ قُوَّتِي وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ! أَيْنَ إِخْوَانِي؟ أَيْنَ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ؟ أَيْنَ الَّذِينَ سَلَوْا عَنِ الْأَهْلِ وَالْأَوْلَادِ، وَتَجَافُوا الْوَطَنَ؟ أَيْنَ الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ؟ أَيْنَ الَّذِينَ رَفَضُوا تِجَارَاتِهِمْ، وَأَضَرُّوا بِمَعَايِشِهِمْ، وَفُقِدُوا فِي أَنْدِيَتِهِمْ بِغَيْرِ غَيْبَةٍ عَنْ مِصْرِهِمْ، وَحَالَفُوا الْبَعِيدَ مِمَّنْ عَاضَدَهُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ، وَخَالَفُوا الْقَرِيبَ مِمَّنْ صَدَّ عَنْ وِجْهَتِهِمْ، وَائْتَلَفُوا بَعْدَ التَّدَابُرِ وَالتَّقَاطُعِ فِي دَهْرِهِمْ، وَقَطَعُوا الْأَسْبَابَ الْمُتَّصِلَةَ بِعَاجِلِ حُطَامٍ مِنَ الدُّنْيَا؟ أَيْنَ عِبَادُ الرَّحْمَنِ؟ أَيْنَ رُهْبَانُ اللَّيْلِ وَلُيُوثُ النَّهَارِ؟ أَيْنَ الرِّبِّيُّونَ الَّذِينَ مَا وَهَنُوا وَمَا اسْتَكَانُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُ اللَّهِ؟ أَيْنَ الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ وَيُحِبُّونَهُ، يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ؟ مَا لِي لَا أَرَاهُمْ حَوْلِي؟! هَا هُمْ سَارَعُوا إِلَى رَبِّهِمْ، وَتَرَكُونِي وَحِيدًا فِي مَعْشَرٍ مِنَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ وَلَا يَتَعَلَّمُونَ، وَلَا يَعْقِلُونَ وَلَا يَسْمَعُونَ، يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَيَشْرُونَ الْآخِرَةَ بِالدُّنْيَا، لَا يَعْرِفُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا اسْمَهُ وَلَا مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمَهُ!

فَكَأَنَّ الْحَقَّ قَدْ مَاتَ وَنُسِيَ، وَالْجَوْرَ قَدْ شَمِلَ الْبِلَادَ كُلَّهَا، وَأَهْلَ الْبَاطِلِ ظَاهِرُونَ، وَأَهْلَ الْحَقِّ مُخْتَفُونَ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ، وَيُحْكَمُ فِي النَّاسِ بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ فَلَا يُنْكِرُونَ، وَيَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ عَلَانِيَةً فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ، وَيُفْسَقُ عَلَى رُؤُوسِ الْأَشْهَادِ فَلَا يُنْهَى عَنْهُ، وَيَفْتَخِرُونَ بِالْعَصَبِيَّةِ وَالتَّقْلِيدِ، وَيَلْعَبُونَ بِدِينِ اللَّهِ وَيَسْتَخِفُّونَ بِآيَاتِهِ، وَيَخُوضُونَ فِي الْآرَاءِ، وَيَخُونُ الْمُسْلِمُونَ الْمُسْلِمِينَ قُرْبَةً إِلَى الْكُفَّارِ، وَلَا يَنْصَحُونَ، وَلَا يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، بَلْ يَرَوْنَ الْمُنْكَرَ مَعْرُوفًا وَيَأْمُرُونَ بِهِ، وَيَرَوْنَ الْمَعْرُوفَ مُنْكَرًا وَيَنْهَوْنَ عَنْهُ، وَيُحَلِّلُونَ الْحَرَامَ، وَيُحَرِّمُونَ الْحَلَالَ، وَيُبَدِّلُونَ الْأَحْكَامَ، وَيُعَطِّلُونَ الْحُدُودَ، وَيَعْمَلُونَ فِيهَا بِالْأَهْوَاءِ، وَيَأْخُذُونَ الرُّشَى، وَيَأْكُلُونَ الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً، وَيَرْتَعُونَ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَفْعَلُونَ الْكَبَائِرَ وَلَا يَسْتَحْيُونَ، وَيُضِيعُونَ الصَّلَوَاتِ، وَيَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ، وَيَجْعَلُونَ الْمَالَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْهُمْ، وَيَجْعَلُونَ بُيُوتَهُمْ كَالْقُصُورِ، وَيَصْنَعُونَ الْبُرُوجَ بِالْعُرُوجِ، وَيَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً يَعْبَثُونَ، وَيَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّهُمْ يَخْلُدُونَ!

أَلَا يَرَوْنَ كَثْرَةَ الْقَحْطِ وَالزَّلَازِلِ؟! أَلَا يَرَوْنَ غَلَاءَ الْأَسْعَارِ، وَنَقْصَ الْأَمْوَالِ بِكَسَادِ التِّجَارَاتِ وَقِلَّةِ الْفَضْلِ فِيهَا، وَنَقْصَ الْأَنْفُسِ بِالْمَوْتِ الذَّرِيعِ، وَنَقْصَ الثَّمَرَاتِ بِقِلَّةِ رَيْعِ الزَّرْعِ وَقِلَّةِ بَرَكَةِ الثِّمَارِ؟! أَلَا يَرَوْنَ الْحُرُوبَ كَيْفَ نَزَلَتْ بِهِمْ، وَأَزَالَتِ الْأَمْنَ عَنْ بِلَادِهِمْ؟! أَلَا يَرَوْنَ الذِّلَّةَ وَالْمَسْكَنَةَ كَيْفَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ أَيْنَمَا ثُقِفُوا؟! أَلَا يَرَوْنَ الْكُفَّارَ كَيْفَ يَتَقَلَّبُونَ فِي أَرْضِهِمْ، وَيَسْكُنُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ، وَيَقْتُلُونَ أَبْنَائَهُمْ، وَيَغْتَصِبُونَ نِسَائَهُمْ؟! وَإِنِّي أُنْبِئْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْخَنَازِيرِ قَدْ دَخَلَ بَيْتَ مُسْلِمٍ فِي الْعِرَاقِ، فَقَتَلَهُ بِمَشْهَدِ أَهْلِهِ، ثُمَّ تَعَرَّضَ لِامْرَأَتِهِ، فَاغْتَصَبَهَا بِمَشْهَدِ طِفْلِهَا، ثُمَّ قَتَلَهُمَا -قَتَلَهُ اللَّهُ- مِنْ دُونِ رَدْعٍ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ أَخْذٍ بَعْدَهُ، وَهُوَ فِي بَلَدِ الْمُسْلِمِينَ![٢] وَإِنِّي لَا أَرَى مِثْلَ هَذِهِ الذِّلَّةِ إِلَّا طَلْعَ الْحُكُومَةِ الَّتِي غَرَسَتْهَا أَيْدِي النَّاسِ، وَ﴿إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ۝ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ[٣]، وَأَرَاهُمْ يَرْضَوْنَ بِهَا، ﴿فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ[٤]، يَزْعُمُونَ أَنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا أَمْنًا وَيَكُونُ مَرْجِعُهُمْ إِلَى الْفَرَجِ، ﴿ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ ۝ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ![٥] لَا وَاللَّهِ، لَا أَمْنَ لَهُمْ وَلَا فَرَجَ حَتَّى يُؤَدُّوا الْحُكُومَةَ إِلَى الْمَهْدِيِّ، وَفِيهِ أَمْنُهُمْ وَفَرَجُهُمْ، وَهُوَ كَهْفُ هَذِهِ الْأُمَّةِ!

ثمّ غلب عليه البكاء، فبكينا معه، وصار البيت ضجّة واحدة!

↑[١] . أراد بالحديث خبر الواحد؛ فإنّه لا يراه حجّة، كما لا يأخذ بالرأي، وهو الإستحسان والقياس الظنيّ. لمزيد المعرفة عن هذا، راجع: كتاب «العودة إلى الإسلام»، ص١٥٢.
↑[٢] . الظاهر أنّه حفظه اللّه تعالى ألقى هذه الخطبة إبّان احتلال الكفّار للعراق.
↑[٣] . الصّافّات/ ٦٤-٦٥
↑[٤] . الصّافّات/ ٦٦
↑[٥] . الصّافّات/ ٦٧-٦٨
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
يمكنك أيضًا قراءة هذا باللغات التالية:
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الكتاب: مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الأولى
تاريخ النشر: ١٢ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ
مكان النشر: الطالقان - أفغانستان