الجمعة ٢٦ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ١٩ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
قول
 

١ . أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّبْزَوَارِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُرَى، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُرَى، وَمَنْ يَعْبُدُ إِلَهًا يَرَاهُ فَإِنَّمَا يَعْبُدُ وَثَنًا مِنَ الْأَوْثَانِ، وَمَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَمْلَأُ عَيْنَيْهِ مِنْ رَبِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهُوَ أَعْرَابِيٌّ!

٢ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَرَوِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا يَرَوْنَ الْقَمَرَ فِي السَّمَاءِ! قَالَ: لَا يَزْعُمُونَ إِلَّا كَمَا زَعَمَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَكْذِيبَهُمْ فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[١]، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ! قَالَ: كَذَبُوا، لَوْ أَرَادَ اللَّهُ ذَلِكَ لَقَالَهُ، أَمَا بَلَغَهُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا ۗ لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ۝ يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا[٢]؟! فَيَقُولُ: ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ، وَلَا يَقُولُ: «يَرَوْنَ رَبَّهُمْ»، وَإِنَّمَا سَأَلُوا رُؤْيَتَهُ، فَلَوْ كَانُوا يَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَقَالَ: «يَوْمَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ»، قُلْتُ: إِنَّهُمْ أَكْثَرُ شَيْءٍ جَدَلًا، يَقُولُونَ إِنَّمَا يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ! قَالَ: إِذًا يَرَوْنَهُ بِقُلُوبِهِمْ، وَلَا يَرَوْنَهُ بِأَبْصَارِهِمْ، قُلْتُ: لِمَاذَا؟! قَالَ: لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ[٣]، فَلَوْ كَانَ شَيْئًا يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ بِأَبْصَارِهِمْ لَرَآهُ الْكَافِرُونَ بِأَبْصَارِهِمْ كَمَا يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ، لِأَنَّهَا لَا تَعْمَى أَبْصَارُهُمْ، وَلَكِنْ تَعْمَى قُلُوبُهُمُ الَّتِي فِي صُدُورِهِمْ! قُلْتُ: أَلَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ[٤]؟ فَلَعَلَّهُمْ لَا يَرَوْنَهُ بِأَبْصَارِهِمْ لِأَنَّهُمْ مَحْجُوبُونَ عَنْهُ! قَالَ: اقْرَأْ مَا يَقُولُ قَبْلَ هَذَا، فَقَرَأْتُ: ﴿كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[٥]، قَالَ: فَلَا يَرَوْنَهُ بِقُلُوبِهِمْ، إِذْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ، فَحُجِبُوا عَنْهُ بِرَيْنِ الْقُلُوبِ! قُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ الْحِكْمَةُ وَفَصْلُ الْخِطَابِ!

٣ . أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُودَ الْفَيْض‌آبَادِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: هَلْ يَرَى الْمُؤْمِنُونَ رَبَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: يَرَوْنَهُ؟! وَكَيْفَ يَرَوْنَهُ؟! فَأَعْظَمَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا يَرَوْنَ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ مَا يَشَاءُ.

٤ . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ، قَالَ: قَالَ الْمَنْصُورُ: أَلَا يَخَافُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ رُؤْيَةَ اللَّهِ كَرُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ أَنْ يَأْخُذَهُمْ مَا أَخَذَ سُفَهَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟! ﴿قَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ[٦]! قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ أَنَّهُمْ أُهْلِكُوا لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهَا فِي الدُّنْيَا، قَالَ: اللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُهْلِكَ قَوْمًا سَأَلُوهُ شَيْئًا مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ، إِنَّمَا أَهْلَكَهُمْ لِأَنَّهُمْ سَأَلُوا مَا لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ، فَكَفَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ.

٥ . أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْجُوزَجَانِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا يَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَا يُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَيَقُولُونَ تَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ! فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ! هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا جَاءَنَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ! ثُمَّ يَأْتِيهِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ! فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتَّبِعُونَهُ! فَغَضِبَ الْمَنْصُورُ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ: قَاتَلَهُمُ اللَّهُ! قَدْ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، وَرَجَعُوا إِلَى الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى! ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا صُورَةَ لَهُ وَلَا تَغَيُّرَ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ! ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ[٧].

٦ . أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّالَقَانِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: قَدْ رَوَى حَدِيثَ الرُّؤْيَةِ عِشْرُونَ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ، أَفَتَرَاهُمْ قَدْ كَذَبُوا؟! قَالَ: لَا، وَلَكِنَّ السُّنَّةَ مِثْلُ الْكِتَابِ، ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ[٨]، فَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ لَتَبَيَّنَ لَهُمْ، وَلَكِنَّهُمُ اتَّبَعُوهُ، فَأَخَذُوا بِظَاهِرِهِ، فَضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ أَنَّ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ حَتَّى يَأْتِيَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، قَالَ: صَدَقُوا، وَأَيُّ دَلِيلٍ خَيْرٌ مِنَ الْعَقْلِ؟! إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ[٩]، وَيَقُولُ: ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ[١٠]، وَيَقُولُ: ﴿قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ[١١]، وَيَقُولُ: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ[١٢]، وَيَقُولُ: ﴿وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ[١٣]، فَأَيُّ دَلِيلٍ خَيْرٌ مِنَ الْعَقْلِ؟! قُلْتُ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَنَّ الْعَقْلَ لَا يَمْنَعُ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَبْصَارِ! قَالَ: تِلْكَ مُكَابَرَةٌ لَا يُنْظَرُ إِلَى أَهْلِهَا، وَلَا يُكَلَّمُونَ! فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ دَخَلَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، وَكَانَ هُوَ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّا رُوِّينَا أَنَّ اللَّهَ قَسَمَ الرُّؤْيَةَ وَالْكَلَامَ بَيْنَ نَبِيَّيْنِ، فَقَسَمَ الْكَلَامَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَةَ! فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: «فَمَنِ الْمُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ إِلَى الثَّقَلَيْنِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ، ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا[١٤]، وَ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[١٥]؟! أَلَيْسَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟!» قَالَ: بَلَى، قَالَ: «كَيْفَ يَجِيءُ رَجُلٌ إِلَى الْخَلْقِ جَمِيعًا، فَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ بِأَمْرِ اللَّهِ، فَيَقُولُ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ، ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا، وَ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا رَأَيْتُهُ بِعَيْنِي، وَأَحَطْتُ بِهِ عِلْمًا؟! أَمَا تَسْتَحُيُونَ؟! مَا قَدَرَتِ الزَّنَادِقَةُ أَنْ تَرْمِيَهُ بِهَذَا، أَنْ يَكُونَ يَأْتِي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ يَأْتِي بِخِلَافِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ!» قَالَ الرَّجُلُ: فَإِنَّهُ يَقُولُ: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى[١٦]، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: «إِنَّ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا رَأَى، حَيْثُ قَالَ: ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى[١٧]، فَآيَاتُ اللَّهِ غَيْرُ اللَّهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا، فَإِذَا رَأَتْهُ الْأَبْصَارُ فَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ الْعِلْمَ»، فَقَالَ الرَّجُلُ: فَتُكَذِّبُ بِالرِّوَايَاتِ؟! فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: «إِذَا كَانَتِ الرِّوَايَاتُ مُخَالِفَةً لِلْقُرْآنِ كَذَّبْتُهَا»[١٨].

٧ . أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ عُبَيْدٍ الْخُجَنْدِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: أَخْبَرْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِقَوْلِكَ فِي حَدِيثِ الرُّؤْيَةِ، فَقَالَ: مَنْ أَوَّلَ حَدِيثَ الرُّؤْيَةِ فَهُوَ جَهْمِيٌّ! فَقَالَ: كَذَبَ الضِّلِّيلُ! ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ تَقُلْ لَهُ أَنَّ الْجَهْمِيَّ خَيْرٌ مِنَ الْمُشْرِكِ؟! قُلْتُ: وَمَنِ الْمُشْرِكُ؟! قَالَ: مَنْ لَمْ يُؤَوِّلْ حَدِيثَ الرُّؤْيَةِ فَهُوَ مُشْرِكٌ! قُلْتُ: مُشْرِكٌ؟! جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَالَ: نَعَمْ، أَلَا يَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا يَرَاهُ بِعَيْنَيْهِ؟! قُلْتُ: إِنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ هُوَ اللَّهُ! قَالَ: كَذَلِكَ يَعْتَقِدُ شِرَارُ الْمُشْرِكِينَ فِي أَوْثَانِهِمْ، وَ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[١٩]! ثُمَّ أَخَذَ الْمَنْصُورُ يَقُصُّ قِصَّةً فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيَّ -وَهُوَ مِمَّنْ يُعَظِّمُونَهُ-[٢٠] كَانَ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَعْرِابِيٌّ، فَقَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: «لَعَلَّكَ قَدَرِيٌّ»! قَالَ: وَمَا الْقَدَرِيُّ؟! فَأَخْبَرَهُ بِمَحَاسِنِ قَوْلِهِمْ، فَقَالَ: أَنَا ذَاكَ! ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِمَا يَعِيبُ النَّاسُ مِنْ قَوْلِهِمْ، فَقَالَ: لَسْتُ بِذَاكَ! ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِمَحَاسِنِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَقَالَ: أَنَا ذَاكَ! ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِمَا يَعِيبُ النَّاسُ مِنْ قَوْلِهِمْ، فَقَالَ: لَسْتُ بِذَاكَ! فَقَالَ أَيُّوبُ: «هَكَذَا يَفْعَلُ الْعَاقِلُ، يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَحْسَنَهُ»[٢١].

↑[١] . الأنعام/ ١٠٣
↑[٢] . الفرقان/ ٢١-٢٢
↑[٣] . الحجّ/ ٤٦
↑[٤] . المطفّفين/ ١٥
↑[٥] . المطفّفين/ ١٤
↑[٦] . النّساء/ ١٥٣
↑[٧] . الشّورى/ ٥١
↑[٨] . آل عمران/ ٧
↑[٩] . الرّعد/ ٤
↑[١٠] . الرّوم/ ٢٨
↑[١١] . آل عمران/ ١١٨
↑[١٢] . الأنفال/ ٢٢
↑[١٣] . يونس/ ١٠٠
↑[١٤] . طه/ ١١٠
↑[١٥] . الشّورى/ ١١
↑[١٦] . النّجم/ ١٣
↑[١٧] . النّجم/ ١٨
↑[١٨] . حكاه ابن بابويه (ت٣٨١هـ) في كتاب «التوحيد» (ص١١١).
↑[١٩] . القصص/ ٦٨
↑[٢٠] . قال شعبة: «كَانَ أَيُّوبُ سَيِّدَ الْمُسْلِمِينَ» (التاريخ الكبير للبخاري، ج٢، ص١٦٢)، وقال ابن سعد: «كَانَ أَيُّوبُ ثِقَةً ثَبْتًا فِي الْحَدِيثِ، جَامِعًا عَدْلًا وَرِعًا، كَثِيرَ الْعِلْمِ، حُجَّةً» (الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٩، ص٢٤٦)، وقال ابن حبّان: «كَانَ مِنْ سَادَاتِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَعُبَّادِ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ وَفُقَهَائِهِمْ، مِمَّنِ اشْتُهِرَ بِالْفَضْلِ وَالْعِلْمِ وَالنُّسُكِ وَالصَّلَابَةِ فِي السُّنَّةِ وَالْقَمْعِ لِأَهْلِ الْبِدَعِ، مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً» (مشاهير علماء الأمصار لابن حبّان، ص٢٣٧).
↑[٢١] . حكاه الزبير بن بكّار (ت٢٥٦هـ) في «الأخبار الموفقيات» (ص٦٧).
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
يمكنك أيضًا قراءة هذا باللغات التالية:
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الكتاب: مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الأولى
تاريخ النشر: ١٢ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ
مكان النشر: الطالقان - أفغانستان