الجمعة ٢٦ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ١٩ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
قول
 

ذات يوم، دخل السيّد المنصور الهاشميّ الخراسانيّ قرية مع عدد من تلاميذه ليصلّي فيها ويستريح. فاجتمع حوله الناس لينظروا إليه ويسمعوا قوله. فلمّا رآهم قد اجتمعوا حوله وينظرون إليه قام إليهم، فلاطفهم ووعظهم وحذّرهم من العقائد الخاطئة والأعمال السيّئة ودعاهم إلى معرفة الحقّ ونصرته وألقى إليهم من الحكمة شيئًا كثيرًا، لكن لم يمض وقت طويل حتّى تفرّقوا من حوله وعادوا إلى منازلهم لممارسة شؤونهم اليوميّة. فبقي جنابه وحيدًا في أصحابه. فتولّى إلى شجرة كانت تحت جبل ليصلّي في ظلّها؛ لأنّه كان يحبّ الصلاة كثيرًا، وكان إذا يجد فراغًا يصلّي، وكان يقول: «رَاحَتِي فِي الصَّلَاةِ». فلمّا فرغ من صلاته قال له تلاميذه: «أيّها الأستاذ! قد سمعنا كلامك مع هؤلاء الناس. فواللّه كانت كلماتك مثل كلمات الأنبياء وكانت تمنح الطهارة والطراوة مثل المطر؛ لأنّك كنت تكلّم بقوّة روح القدس وتقول ما يجعل اللّه في فمك، لكنّه لم يصلحهم ولم يجعل أحدًا منهم يشايعك! ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ[١]

فقال جنابه:

أَعَجِبْتُمْ مِنْ ذَلِكُمْ؟! ﴿سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا[٢]، إِنْ فَتَحْتُمْ آذَانَكُمْ لِتَسْمَعُوا، وَاسْتَعْمَلْتُمْ ذَكَاءَكُمْ لِتَفْقَهُوا؛ لِأَنَّ فَمِي مُتَكَلِّمٌ بِالصِّدْقِ، وَيَدِي مُشِيرَةٌ بِالصَّوَابِ. الْعَاقِلُ يَكْسِبُ الْحِكْمَةَ، وَيَدَّخِرُهَا لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ الْمَاءَ لِيَوْمِ عَطَشِهِ، وَالطَّعَامَ لِيَوْمِ جُوعِهِ، لَكِنَّ الْجَاهِلَ يَنْفِرُ مِنَ الْحِكْمَةِ، وَيُطْلِقُ نَفْسَهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ أَهْوَاءَ جَسَدِهِ مُشْتَعِلَةٌ، وَقُوَى رُوحِهِ مُحْتَرِقَةٌ؛ يَقُولُ فِي نَفْسِهِ: «لِمَاذَا أَكْسِبُ الْحِكْمَةَ، وَلِمَاذَا أُتْعِبُ نَفْسِي؟! وَهِيَ تَمْنَعُنِي مِنَ اللَّذَّةِ، وَتَصْرِفُنِي عَنِ الْبِطَالَةِ، لِأَتْرُكَ مَا أُحِبُّهُ، وَأَفْعَلَ مَا أَكْرَهُهُ، مِثْلَ الْمُتَقَشِّفِينَ الَّذِينَ انْقَطَعُوا عَنِ اللَّذَّةِ، وَالرُّهْبَانِ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنِ الدُّنْيَا، فِي حِينٍ أَنَّ الدُّنْيَا حَبِيبَةٌ إِلَيَّ، وَحَيَاتَهَا جَمِيلَةٌ فِي عَيْنِي، وَلَا طَاقَةَ لِي عَلَى اجْتِنَابِهَا؛ لِأَنِّي مَا زِلْتُ شَابًّا، وَلَدَيَّ آمَالٌ كَثِيرَةٌ، وَالْمَوْتُ عَنِّي بَعِيدٌ!» فَهَكَذَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الْحِكْمَةِ، وَيُحْرَمُ مِنَ الْمَعْرِفَةِ، حَتَّى تَمُوتَ رُوحُهُ، وَجَسَدُهُ حَيٌّ. أَلَيْسَتِ الْحِكْمَةُ مُمْتِعَةً لَهُ، وَالْمَعْرِفَةُ تُوصِلُ نَفْسَهُ إِلَى الرَّاحَةِ؟! فِي حِينٍ أَنَّ آلَامَ الْبَشَرِ مِنَ الْجَهْلِ، وَمِنَ الْغَفْلَةِ يَنْبَعِثُ الْبَلَاءُ؛ قَدْ أَوْقَدَ نَارَ الْحَرْبِ، وَمَدَّ ظِلَّ الْفَقْرِ، عِنْدَمَا سَلَّمَ الثَّرْوَةَ إِلَى السُّفَهَاءِ، وَفَوَّضَ السُّلْطَةَ إِلَى الْجُهَلَاءِ، لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بِثَرْوَتِهِمْ، وَيَسْتَعْلُوا عَلَى النَّاسِ بِسُلْطَتِهِمْ، حَتَّى يَضْغُطُوا الْفُقَرَاءَ، وَيُؤْذُوا الضُّعَفَاءَ.

الْجُهَلَاءُ الْأَقْوِيَاءُ أَبْنَاءُ الشَّيَاطِينِ، وَالسُّفَهَاءُ الْأَثْرِيَاءُ آفَاتُ الْأَرْضِ، وَلَا يَجِدُ النَّاسُ مِنْهُمْ رَاحَةً؛ الْمَيَّالُونَ إِلَى كُلِّ سُوءٍ، الْمُعْرِضُونَ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ؛ يَسْعَوْنَ لِإِشَاعَةِ الْجَهْلِ فِي الْعَالَمِ، وَيَهْتَمُّونَ بِإِزَالَةِ الْحُكَمَاءِ، حَتَّى لَا تَبْقَى عَلَى الْأَرْضِ حِكْمَةٌ، وَلَا يُوجَدَ تَحْتَ السَّمَاءِ حَكِيمٌ، فِي حِينٍ أَنَّ الزَّوَالَ حَقِيقٌ بِهِمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُوجَدُوا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ. إِنَّ الثَّرْوَةَ لَائِقَةٌ بِالْحُكَمَاءِ، وَالسُّلْطَةَ تُنَاسِبُ قَامَتَهُمْ، لِيُجَمِّلُوا الْعَالَمَ وَيُسْعِدُوا النَّاسَ مِنْ خِلَالِهِمَا. أَلَيْسَ جَمَالُ الْعَالَمِ مُسْتَحْسَنًا، وَسَعَادَةُ النَّاسِ يُرْغَبُ فِيهَا؟!

إِنَّ الْجَهْلَ قَبَّحَ وَجْهَ الْأَرْضِ، وَالْغَفْلَةَ أَشْقَتْ سُكَّانَهَا. الْحُمْقُ وَلَدَ الظُّلْمَ، وَالسَّفَهُ رَبَّى الْفَقْرَ. اللَّعْنَةُ تَنْزِلُ عَلَى الْجَهَلَةِ، وَالنُّحُوسَةُ تَعَمُّ فَاقِدِي الْبَصِيرَةِ، عِنْدَمَا لَا يَعْرِفُونَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَلَا يَمِيزُونَ الْحَسَنَ مِنَ السَّيِّءِ، فَيُعَادُونَ صَدِيقَهُمْ، وَيُصَادِقُونَ عَدُوَّهُمْ. فَهَلْ بَنُو الْإِنْسَانِ مُسِخُوا، إِذْ يَعِيشُونَ مِثْلَ الْبَهَائِمِ، بِمَعْزَلٍ عَنِ الْعَقْلِ وَالْفَطَانَةِ، وَبِمَنْأَى عَنِ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ؟! كَأَمْثَالِ الْكِلَابِ وَالْقِطَاطِ، وَكَأَمْثَالِ الذِّئَابِ وَالنِّعَاجِ، بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ، وَبَعْضُهُمْ يَأْكُلُونَ بَعْضًا، لِيَقْضَوْا شَهَوَاتِ أَجْسَادِهِمْ، وَيَقْمَعُوا رَغَبَاتِ أَرْوَاحِهِمْ، حَتَّى يَكُونُوا أَجْسَادًا سَمِينَةً وَأَرْوَاحًا رَقِيقَةً.

قَدْ شَمِلَ النَّاسَ الْكَسَلُ، وَظَلَّلَهُمُ التَّعَبُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ أَمْرَضَهُمْ، وَفُتُورَ الْهِمَّةِ أَبْرَدَهُمْ؛ لَا يُوجَدُ فِيهِمْ نَشَاطٌ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ مِثَالٌ؛ كَقَطْعَةِ حَجَرٍ فِي الصَّحْرَاءِ، أَوْ كَقَطْعَةِ آجُرٍّ فِي الْبِنَاءِ؛ بِغَيْرِ شُعُورٍ وَاخْتِيَارٍ، وَبِغَيْرِ حَوْلٍ وَقُوَّةٍ؛ فِي حِصَارِ الْأَحْجَارِ الْأُخْرَى، وَتَحْتَ ضَغْطِ الْآجُرَّةِ الْأُخْرَى؛ تَابِعُونَ وَمُتَجَانِسُونَ؛ ارْتَكَمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَخَلَقُوا كُتَلَ الْفَسَادِ، لِيَجْعَلُوا الزَّمَانَ مُنَاسِبًا لِلشَّقَاءِ، وَالْمَكَانَ مُعِدًّا لِلْهَلَاكِ.

ثمّ نظر يمينًا وشمالًا، فقال:

الْآنَ الزَّمَانُ مُنَاسِبٌ لِلشَّقَاءِ، وَالْمَكَانُ مُعِدٌّ لِلْهَلَاكِ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ شَائِعٌ، وَالْحِكْمَةَ نَادِرَةٌ. السَّفَاهَةُ تُبَاعُ مِثْلَ الذَّهَبِ، وَالْحِكْمَةُ تُسَاوِي التُّرَابَ. كَلِمَةُ اللَّغْوِ تُرْوَى، لَكِنَّ كَلِمَةَ الْحِكْمَةِ تُنْسَى. سُوقُ الْأَبَاطِيلِ سَاخِنٌ، وَلَكِنْ لَا يُوجَدُ لِلْحِكْمَةِ مُشْتَرٍ. الْهَزْلُ أَحَبُّ مِنَ الْوَعْظِ، وَالْمُهَرِّجُونَ أَكْرَمُ مِنَ الْحُكَمَاءِ. قَدِ امْتَلَأَ الْآفَاقُ فُجُورًا، وَلَكِنْ لَا أَثَرَ مِنَ الْحِجَى فِي مَكَانٍ. الْبِطَالَةُ فِي كُلِّ الْيَوْمِ قَلِيلَةٌ، وَلَكِنْ سَاعَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الْوَعْظِ تُسْتَكْثَرُ! لَا يَرْغَبُ النَّاسُ فِي الْحِكْمَةِ، وَلَا يُنْفِقُونَ لَهَا وَقْتًا. الرُّؤُوسُ ثَقِيلَةٌ، وَالصُّدُورُ ضَيِّقَةٌ. الْأَيْدِي مَغْلُولَةٌ، وَالْأَرْجُلُ عَرْجَاءُ. فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ الْمَشْؤُومِ، أَتَتَوَقَّعُونَ شَيْئًا غَيْرَ الْإِعْرَاضِ عَنِّي؟! أَوْ تَنْتَظِرُونَ شَيْئًا غَيْرَ الْعَدَاوَةِ مَعِي؟! لَا وَاللَّهِ، بَلْ لَا يُوَالُونَنِي وَلَا يُشَايِعُونَنِي أَبَدًا، إِلَّا أَنْ أَتِّبَعَ أَهْوَاءَهُمْ، أَوْ أَسْقِيَ الْأَرْضَ دَمًا وَعَرَقًا!

شرح القول:

أراد جنابه بذيل قوله أنّه لو كان متّبعًا لأهواء الناس كبعض سادتهم وكبرائهم، أو كان يسقي الأرض دمًا وعرقًا كبعضهم الآخرين، لوالوه وشايعوه، لكنّه لا يتّبع أهواءهم ولا يُكرههم بسيفه، ولذلك لا يوالونه ولا يشايعونه، وإنّما يوالون ويشايعون سادتهم وكبرائهم الذين لهم ألسنة مصانعة أو سيوف مبيرة، وهذا أمر شائع جرت عليه عادة الناس منذ كانوا، ولا ينبغي التعجّب منه.

↑[١] . ص/ ٥
↑[٢] . الكهف/ ٨٣
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
يمكنك أيضًا قراءة هذا باللغات التالية:
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الكتاب: مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الأولى
تاريخ النشر: ١٢ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ
مكان النشر: الطالقان - أفغانستان