بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هَذَا مَا يَكْتُبُهُ عَبْدُ اللَّهِ الْمَنْصُورُ الْهَاشِمِيُّ الْخُرَاسَانِيُّ بِيَدِهِ وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَيْهِ، حِينَ يَشْهَدُ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ وَنُبُوَّةِ عَبْدِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَمَّا بَعْدُ..
فَاعْلَمُوا أَنِّي لَا أَقْصُدُ مِنْ هَذِهِ الْحَرَكَةِ كَسْبَ ثَرْوَةٍ أَوْ سُلْطَةٍ أَوْ شُهْرَةٍ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَلَا أُرِيدُ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا، وَلَا أَنْ أَبْتَدِعَ فِي الدِّينِ، أَوْ أُنْشِئَ فِرْقَةً، أَوْ أُحَرِّمَ حَلَالًا وَأُحَلِّلَ حَرَامًا، أَوْ أَدَّعِيَ لِنَفْسِي مَا لَمْ يَجْعَلْهُ اللَّهُ لِي. إِنِّي لَسْتُ مَلَكًا، وَلَا أَقُولُ يُوحَى إِلَيَّ، وَلَا أَقُولُ أَنِّي صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ[١]، وَلَا أَقُولُ أَنِّي متَّصِلٌ بِهِ. إِنَّمَا أَقْصُدُ مِنْ هَذِهِ الْحَرَكَةِ إِقَامَةَ الْإِسْلَامِ وَتَهْذِيبَهُ مِنَ الْبِدَعِ، اعْتِمَادًا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ. لَسْتُ بِجَبَّارٍ ظَالِمٍ وَلَا دَجَّالٍ فَاتِنٍ، وَلَكِنْ جِئْتُ لِأُذَكِّرَكُمْ مَا نَسِيتُمُوهُ مِنَ الْإِسْلَامِ وَأُبَيِّنَ لَكُمْ مَا كَتَمْتُمُوهُ مِنْهُ، دُونَ أَنْ أَسْأَلَكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا أَوْ أَمُنَّ بِهِ عَلَيْكُمْ. إِنَّمَا جِئْتُ لِأُصَدِّقَ خَلِيفَةَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَأُمَهِّدَ لَهُ الطَّرِيقَ، فَأَجْمَعَ لَهُ عِصَابَةً وَأُرَبِّيَهُمْ تَحْتَ جَنَاحِي، بِالْكُتُبِ وَالْحِكَمِ وَالْمَوَاعِظِ وَالْآدَابِ، كَشَمْعَةٍ تُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، حَتَّى أُقَرِّبَ مَا بَعَّدْتُمُوهُ وَأُسَهِّلَ مَا صَعَّبْتُمُوهُ، وَأَكُونَ لِلْمَظْلُومِينَ مِنْكُمْ بَشِيرًا وَلِلظَّالِمِينَ مِنْكُمْ نَذِيرًا. لَا رَيْبَ أَنَّ مَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَمَا تَنْتَظِرُونَ لَوَاقِعٌ، إِذَا قَامَ لَهُ عَدَدٌ كَافٍ مِنْكُمْ وَانْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، حَتَّى يَأْمَنَ مَنْ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَسْتَقْوِيَ مَنْ يَجِدُ نَفْسَهُ ضَعِيفًا. إِنَّمَا مَقْصُودِي مِنْ هَذِهِ الْحَرَكَةِ هُوَ التَّمْهِيدُ لِحُكُومَةِ الْمَهْدِيِّ. إِنَّمَا مَقْصُودِي هُوَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ. فَأَعِينُونِي عَلَى بُلُوغِ مَقْصُودِي، لَعَلَّ اللَّهَ يَرْضَى عَنْكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمُ الَّتِي قَدَّمَتْهَا أَيْدِيكُمْ، عِنْدَمَا تَسْتَجِيبُونَ دَعْوَتِي إِلَيْهِ وَتُسَارِعُونَ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ، لِيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لَهُ، وَتَنْزِلَ مَلَكُوتُهُ إِلَى الْأَرْضِ، وَيُقَدَّسَ اسْمُهُ إِلَى الْأَبَدِ. لَقَدْ أَعْذَرْتُ إِلَيْكُمْ وَأَوْضَحْتُ لَكُمْ سَبِيلِي. فَالْآنَ مَنْ نَصَرَنِي فَهُوَ مِنِّي، وَمَنْ خَذَلَنِي فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرِي، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ. وَالسَّلَامُ.