أخبرنا بعض أصحابنا، قال: كتبت إلى المنصور الهاشمي الخراساني أيّده اللّه تعالى، فسألته أن يكتب لي كلّ عمل عليّ القيام به بعد معرفة الحقّ ونصرته حتّى أكون من المفلحين. فكتب إليّ:
«وَأَمَّا بَعْدُ...
[١] أَقِمِ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا.
[٢] لَا تَتْرُكْ نَافِلَةَ اللَّيْلِ، وَاجْتَهِدْ بِالْأَسْحَارِ فِي الْإِسْتِغْفَارِ.
[٣] إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَغْفَلَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ لَحْظَةً وَاحِدَةً فَلَا تَغْفَلْ؛ فَإِنَّ الْغَفْلَةَ عَنْ ذِكْرِهِ أَصْلُ كُلِّ مَعْصِيَةٍ.
[٤] اذْكُرِ الْمَوْتَ كَثِيرًا، وَاذْهَبْ لِزِيَارَةِ الْقُبُورِ؛ فَإِنَّكَ لَا تَلْبَثُ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا.
[٥] صُمِ الْخَمِيسَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَآخِرِهِ وَالْأَرْبَعَاءَ مِنْ وَسَطِهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ.
[٦] تَصَدَّقْ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُكَفِّرُ عَنْكَ سَيِّئَاتِكَ.
[٧] أَحْسِنْ بِوَالِدَيْكَ، وَإِنْ أَسَاءَا إِلَيْكَ؛ فَقَدْ أَحْسَنَا بِكَ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ.
[٨] لَا تَقْطَعْ رَحِمَكَ، وَإِنْ كَانَتْ مُعَلَّقَةً بِمِثْلِ شَعْرَةٍ.
[٩] لَا تَكْذِبْ، إِلَّا أَنْ تَخَافَ أَنْ تُقْتَلَ أَوْ يُقْتَلَ أَحَدٌ بِسَبَبِكَ.
[١٠] لَا تَغْتَبْ، إِلَّا مَنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا. فَإِذَا نَقَمْتَ مِنَ الْغَائِبِينَ شَيْئًا فَقُلْ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَفْعَلُونَ كَذَا أَوْ يَقُولُونَ كَذَا، وَلَا تَأْتِ بِأَسْمَائِهِمْ.
[١١] إِيَّاكَ وَالْجِدَالَ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى حَقٍّ، بَلْ هَاتِ بُرْهَانَكَ وَاسْكُتْ، وَإِنِ اتُّهِمْتَ بِأَنَّكَ غُلِبْتَ.
[١٢] أَقِرَّ بِخَطَأِكَ، وَإِنْ رَغَمَ أَنْفُكَ.
[١٣] انْهَ عَنْ كُلِّ مُنْكَرٍ تَجِدُهُ وَأْمُرْ بِكُلِّ مَعْرُوفٍ تَفْقِدُهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِفْتَاحٌ لِإِصْلَاحِ الْعَالَمِ.
[١٤] لَا تُكْثِرْ مِنَ الْكَلَامِ تَسْلَمْ؛ فَإِنَّ كَثِيرَ الْكَلَامِ لَا يَخْلُو مِنْ عَيْبٍ.
[١٥] لَا تَمْزَحْ، إِلَّا أَنْ تَقُولَ حَقًّا.
[١٦] لَا تَسُبَّ أَحَدًا وَلَا تَبْهَتْهُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَكَ مُسْتَحِقًّا لِلْقَتْلِ.
[١٧] أَنْجِزْ وَعْدَكَ، وَإِنْ كَانَ لِصَبِيٍّ.
[١٨] لَا تَنَلْ مِنْ عِرْضِ مُؤْمِنٍ، فَسَيُنَالُ مِنْ عِرْضِكَ.
[١٩] لَا تَغْضِبْ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ كَاظِمًا؛ فَإِنَّ الْغَضَبَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ.
[٢٠] لَا تُحَرِّجْ عَلَى النَّاسِ حَتَّى لَا يُحَرِّجُوا عَلَيْكَ؛ أَيْ لَا تَبْحَثْ عَنِ الْعَثْرَةِ، وَلَا تَأْخُذْ بِالدِّقَّةِ، وَلَا تَقَعْ فِي الشَّمَاتَةِ، وَلَا تُبَادِرْ لِلْمُعَاقَبَةِ.
[٢١] لَا تُوكِلْ عَمَلَكَ لِغَيْرِكَ، إِلَّا إِذَا عَجَزْتَ.
[٢٢] لَا تَمْلَأْ بَطْنَكَ، وَلَا تَأْكُلْ مَا لَا يُلَائِمُ طَبْعَكَ.
[٢٣] غَرِيزَتُكَ الْجِنْسِيَّةُ غُولٌ جَائِعٌ نَائِمٌ. إِيَّاكَ أَنْ تُوقِظَهَا فَتَأْكُلُكَ.
[٢٤] لَا تُبْدِ رَأْيًا فِيمَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ، فَتَأْتِي بِسَخِيفِ الْقَوْلِ.
[٢٥] لَا تَنَمْ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ سَاعَاتٍ وَلَا أَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِيَ سَاعَاتٍ، فَتُضِرُّ بِنَفْسِكَ.
[٢٦] لَا تُخْبِرْ بِكُلِّ خَبَرٍ تَسْمَعُهُ، فَقَدْ يَكُونُ كِذْبًا.
[٢٧] وَقْتُكَ أَنْفَسُ مِنَ الْمَاسِ؛ فَلَا تَصْرِفْهُ فِي اللَّعْبِ، وَلَا فِي عَمَلٍ لَا يَنْفَعُ.
[٢٨] عَلَيْكَ بِالدِّرَاسَةِ، فَلَا يَزَالُ هُنَاكَ شَيْءٌ كَثِيرٌ لَا تَعْلَمُهُ.
[٢٩] عَلَيْكَ بِالرِّيَاضَةِ؛ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ الْقَوِيَّ خَيْرٌ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ.
[٣٠] كُنْ نَظِيفًا وَمُتَجَمِّلًا، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْكَ صَحِيفَةٌ.
أَسْأَلُ اللَّهَ لِي وَلَكَ التَّوْفِيقَ وَالْمَغْفِرَةَ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَعَلَى كُلِّ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى».
شرح الرسالة:
ينبغي للمؤمنين والمؤمنات أن يعرفوا قيمة هذه الرسالة القيّمة، ويتّخذوها برنامجًا لتزكية أنفسهم، حتّى يتقرّبوا إلى اللّه تعالى، ويتأهّبوا لنصرة خليفته في الأرض الإمام المهديّ عليه السلام.