الثلاثاء ٦ رمضان ١٤٤٤ هـ الموافق لـ ٢٨ مارس/ آذار ٢٠٢٣ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الدروس: دروس من جنابه في وجوب سؤال العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره، وآداب ذلك؛ ما صحّ عن أهل البيت ممّا يدلّ على ذلك؛ الحديث ٦. اضغط هنا لقراءته وتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما رأي السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني في نوروز الذي يهتمّ به كثير من المسلمين في إيران وأفغانستان وطاجيكستان وتركيا وغيرها، ويتّخذونه عيدًا؟ اضغط هنا لقراءة الجواب وتحميله. جديد الأقوال: قول من جنابه في ذمّ عالم يتّبع السلطان أو يتّبع السّوق. اضغط هنا لقراءتها وتحميلها. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الشبهات والردود: لديّ سؤال بخصوص الآية ٤٤ من سورة المائدة، وهي قول اللّه تعالى: «يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ». هل تدلّ هذه الآية على أنّه يجوز لغير خلفاء اللّه أن يحكموا للناس بكتاب ربّهم؟ اضغط هنا لقراءة الرّدّ وتحميله. جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «التنبيهات الهامّة على ما في صحيحي البخاري ومسلم من الطامّة» لمكتب السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى. اضغط هنا لقراءته. جديد الرسائل: نبذة من رسالة جنابه في توبيخ الذين يرونه يدعو إلى الحقّ ولا يقومون بنصره. اضغط هنا لقراءتها وتحميلها. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «العصر المقلوب» بقلم «إلياس الحكيمي». اضغط هنا لقراءتها وتحميلها. جديد الأفلام والمدوّنات الصوتيّة: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
رسالة
 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ رَبِّي وَرَبَّ آبَائِيَ الْأَوَّلِينَ، وَرَبَّ السَّمَوَاتِ الْمَرْفُوعَةِ بِغَيْرِ عَمَدٍ مَرْئِيَّةٍ، وَرَبَّ الشَّمْسِ الْمُضِيئَةِ وَالْقَمَرِ الْمُنِيرِ وَالنُّجُومِ الْكَثِيرَةِ، وَرَبَّ الْأَرَضِينَ الْمَبْسُوطَةِ الَّتِي وُضِعَتْ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَأُوثِقَتْ بِأَوْتَادٍ، وَرَبَّ الْمُحِيطَاتِ الْعَمِيقَةِ وَالْوَاسِعَةِ وَمَا يَجْرِي عَلَيْهَا وَمَا يَسْبَحُ فِيهَا، وَرَبَّ الْبِحَارِ الْكَبِيرَةِ ذَاتِ أَمْوَاجٍ صَاخِبَةٍ وَجَزَائِرَ جَمِيلَةٍ وَسَوَاحِلَ رَمْلِيَّةٍ وَأَنْهَارٍ تَتَدَفَّقُ فِيهَا، وَرَبَّ الْجِبَالِ الشَّاهِقَةِ ذَاتِ قِمَمٍ ثَلْجِيَّةٍ وَسُفُوحٍ مُنْحَدِرَةٍ وَوُدْيَانٍ مُظْلِمَةٍ وَهَوَّاتٍ خَطِرَةٍ وَصُخُورٍ عَظِيمَةٍ مُعَلَّقَةٍ عَلَى شَفَاهَا، وَرَبَّ الْغَابَاتِ الْمُخْضَرَّةِ ذَاتِ أَشْجَارٍ كَثِيفَةٍ وَأَعْمَاقٍ مُدْهَامَّةٍ وَدَوَابَّ تَدُبُّ فِيهَا، وَرَبَّ الصَّحَارِي الْوَاسِعَةِ ذَاتِ سَاحَةٍ يَابِسَةٍ وَتُرْبَةٍ مُتَآكِلَةٍ وَشُجَيْرَاتٍ مَنْسُوفَةٍ وَرِيَاحٍ رَمْلِيَّةٍ تَهُبُّ عَلَيْهَا، وَرَبَّ السُّحُبِ الْمُمْطِرَةِ وَغَيْرِ الْمُمْطِرَةِ الَّتِي تَأْتِي مِنَ الْآفَاقِ الْبَعِيدَةِ وَتُظَلِّلُ الْأَرْضَ، وَرَبَّ الرَّبِيعِ الَّذِي هُوَ وِلَادَةُ الطَّبِيعَةِ وَالصَّيْفِ الَّذِي هُوَ بُلُوغُهَا وَالْخَرِيفِ الَّذِي هُوَ شَيْخُوخَتُهَا وَالشِّتَاءِ الَّذِي هُوَ مَوْتُهَا، وَرَبَّ مَا كَانَ وَمَا هُوَ الْآنَ وَمَا سَيَكُونُ!

أَعْبُدُكَ كَمَا عَبَدَكَ الْأَنْبِيَاءُ، وَأَحْمَدُكَ كَمَا حَمِدَكَ الْمَلَائِكَةُ؛ أُسَبِّحُكَ وَأُكَبِّرُكَ وَأَشْكُرُكَ بِعَدِدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، وَمَنْ يَعْلَمُ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ إِلَّا أَنْتَ؟! وَبِعَدِدِ أَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ، وَمَنْ يَعْلَمُ عَدَدَ أَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ إِلَّا أَنْتَ؟! وَبِعَدِدِ رِمَالِ الصَّحْرَاءِ، وَمَنْ يَعْلَمُ عَدَدَ رِمَالِ الصَّحْرَاءِ إِلَّا أَنْتَ؟! وَبِعَدِدِ قَطَرَاتِ الْمَطَرِ، وَمَنْ يَعْلَمُ عَدَدَ قَطَرَاتِ الْمَطَرِ إِلَّا أَنْتَ؟! وَبِعَدِدِ أَشِعَّةِ الشَّمْسِ، وَمَنْ يَعْلَمُ عَدَدَ أَشِعَّةِ الشَّمْسِ إِلَّا أَنْتَ؟! وَبِعَدِدِ أَنْفَاسِ الْأَحْيَاءِ، وَمَنْ يَعْلَمُ عَدَدَ أَنْفَاسِ الْأَحْيَاءِ إِلَّا أَنْتَ؟! وَبِعَدِدِ رَمَشَاتِ الْعُيُونِ، وَمَنْ يَعْلَمُ عَدَدَ رَمَشَاتِ الْعُيُونِ إِلَّا أَنْتَ؟! بَلْ لِكُلِّ هَذَا عَدَدٌ مَعْدُودٌ، وَلَكِنِّي أُسَبِّحُكَ وَأُكَبِّرُكَ وَأَشْكُرُكَ بِلَا عَدَدٍ وَلَا نَفَادٍ، مِثْلَ نِعَمِكَ، كَمَا يَسْتَحِقُّهُ جَمَالُكَ وَجَلَالُكَ، وَأُوَحِّدُكَ وَلَا أَعْرِفُ لَكَ شَرِيكًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ- عَبْدُكَ وَخَاتَمُ أَنْبِيَائِكَ، أَرْسَلْتَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِتُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، وَأَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ خُلَفَاؤُكَ وَخُلَفَاءُ نَبِيِّكَ، أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ وَاصْطَفَيْتَهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ وَجَعَلْتَهُمْ لِلنَّاسِ أَئِمَّةً، لِيَعْرِفُوكَ وَيَعْبُدُوكَ، وَأَنِّي إِلَيْكَ رَاجِعٌ.

اهْدِنِي لِمَا تَرْضَى وَاصْرِفْنِي عَمَّا لَا تَرْضَى، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي فَأَعْرِضَ عَمَّا تَرْضَى وَأُقْبِلَ عَلَى مَا لَا تَرْضَى، فَأَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ. رَبِّ احْكُمْ بَيْنِي وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَكَ وَيُرِيدُونَ عُلَوًّا فِي الْأَرْضِ وَفَسَادًا، وَانْصُرْنِي عَلَيْهِمْ؛ فَإِنَّكَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَخَيْرُ النَّاصِرِينَ. لَقَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ، وَتَوَكَّلْتُ عَلَيْكَ، وَعَبَدْتُكَ مُخْلِصًا لَكَ دِينِي، وَاجْتَنَبْتُ الطَّاغُوتَ أَنْ أَعْبُدَهَا، وَاعْتَزَلْتُ أَعْدَاءَكَ وَأَعْدَاءَ أَوْلِيَائِكَ، لِتُطَهِّرَنِي، وَتُقَرِّبَنِي إِلَيْكَ، وَتُنْعِمَ عَلَيَّ، وَتَتَجَاوَزَ عَمَّا قَدَّمَتْ أَوْ أَخَّرَتْ يَدَايَ، وَتُخَلِّصَنِي مِنَ النَّارِ وَتُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ، يَوْمَ تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ؛ فَإِنَّكَ تَرْحَمُ مَنْ تَشَاءُ وَتُعَذِّبُ مَنْ تَشَاءُ، وَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

وَأَمَّا بَعْدُ..

يَا إِخْوَتِي وَأَخَوَاتِيَ الْمُسْلِمُونَ! اعْلَمُوا أَنَّ الدُّنْيَا قَدْ أَوْشَكَتْ عَلَى نِهَايَتِهَا، وَحَانَ آخِرُ الزَّمَانِ، وَبَزَغَ فَجْرُ الْمَوَاعِيدِ. الْآنَ نَحْنُ وَأَنْتُمْ نَعِيشُ فِي عَصْرٍ قَدْ عَمَّ فِيهِ الْفِتْنَةُ وَالْهَرْجُ جَمِيعَ الْأَرْجَاءِ، وَشَاعَ فِيهِ الظُّلْمُ وَالْفَسَادُ، وَكَثُرَتِ الشُّبْهَةُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الشُّبْهَةُ «شُبْهَةً» لِأَنَّهَا تُوقِعُ الْإِنْسَانَ فِي «الْإِشْتِبَاهِ»، وَتَجْعَلُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ «مُشْتَبِهَيْنِ». فَلَوْ كَانَ الْحَقُّ وَاضِحًا لَمْ يَخْفِ عَلَى أَحَدٍ، وَلَوْ كَانَ الْبَاطِلُ سَافِرًا لَانْفَضَحَ عِنْدَ الْجَمِيعِ، لَكِنَّ الْحَقَّ يَتَوَارَى خَلْفَ سُحُبِ الْبَاطِلِ، وَالْبَاطِلَ يَتَقَنَّعُ بِقِنَاعِ الْحَقِّ، وَهُنَالِكَ يَصْعُبُ تَمْيِيزُهُمَا.

لَقَدْ عَلِمَ الشَّيْطَانُ أَنَّهُ لَوْ دَعَاكُمْ إِلَى الْبَاطِلِ وَأَمَرَكُمْ بِالضَّلَالَةِ جِهَارًا، لَمْ تُجِيبُوا دَعْوَتَهُ وَلَمْ تُطِيعُوا أَمْرَهُ، وَلِذَلِكَ مِنْ جَانِبٍ يَدْعُوكُمْ إِلَى الْحَقِّ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْهِدَايَةِ، وَمِنْ جَانِبٍ آخَرَ يُزَيِّنُ لَكُمُ الْبَاطِلَ حَتَّى تَرَوْهُ حَقًّا، وَيُسَوِّلُ لَكُمُ الضَّلَالَةَ حَتَّى تَحْسَبُوهَا هِدَايَةً! هُنَالِكَ تُجِيبُونَ دَعْوَتَهُ وَتُطِيعُونَ أَمْرَهُ، فَتَقَعُونَ فِي الْبَاطِلِ شَوْقًا إِلَى الْحَقِّ، وَتُبْتَلُونَ بِالضَّلَالَةِ بِاسْمِ الْهِدَايَةِ، وَعَصْرُنَا طَافِحٌ بِهَذِهِ الشُّبُهَاتِ؛ الشُّبُهَاتِ الَّتِي أَغْوَتْ شَبَابَكُمْ وَأَتَاهَتْ شُيُوخَكُمْ؛ الشُّبُهَاتِ الَّتِي عَسَّرَتْ عَلَيْكُمُ الْعِيشَةَ وَأَذْهَبَتْ مِنْ مَوَائِدِكُمُ الْبَرَكَةَ؛ الشُّبُهَاتِ الَّتِي أَضْعَفَتْ عُقُولَكُمْ وَأَقْسَتْ قُلُوبَكُمْ؛ الشُّبُهَاتِ الَّتِي أَعْمَتْ أَبْصَارَكُمْ لِكَيْ لَا تَرَوْا، وَأَصَمَّتْ آذَانَكُمْ لِكَيْ لَا تَسْمَعُوا، وَأَغْلَقَتْ أَفْوَاهَكُمْ لِكَيْ لَا تَتَكَلَّمُوا!

كَمْ مِنْ بَاطِلٍ اعْتُبِرَ حَقًّا فِي عَصْرِنَا، وَكَمْ مِنْ حَقٍّ اعْتُبِرَ بَاطِلًا! كَمْ مِنْ ضَلَالَةٍ اعْتُبِرَتْ هِدَايَةً فِي عَصْرِنَا، وَكَمْ مِنْ هِدَايَةٍ اعْتُبِرَتْ ضَلَالَةً! كَمْ مِنْ كِذْبٍ اعْتُبِرَ صِدْقًا فِي عَصْرِنَا، وَكَمْ مِنْ صِدْقٍ اعْتُبِرَ كِذْبًا! كَمْ مِنْ خَطَأٍ اعْتُبِرَ صَحِيحًا فِي عَصْرِنَا، وَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ اعْتُبِرَ خَطَأً! كَمْ مِنْ سَيِّئَةٍ اعْتُبِرَتْ حَسَنَةً فِي عَصْرِنَا، وَكَمْ مِنْ حَسَنَةٍ اعْتُبِرَتْ سَيِّئَةً! فِي حِينٍ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْهَيِّنِ عَدَمُ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَالْهِدَايَةِ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَالصِّدْقِ مِنَ الْكِذْبِ، وَالصَّحِيحِ مِنَ الْخَطَأِ، وَالْحَسَنَةِ مِنَ السَّيِّئَةِ، بَلْ لَهُ عُقُوبَةٌ عَظِيمَةٌ وَعَوَاقِبُ وَخِيمَةٌ، وَقَدْ يَنْتَهِي إِلَى مُصِيبَةٍ مُنْهِكَةٍ وَشَقَاوَةٍ أَبَدِيَّةٍ!

تَفَكَّرُوا مَاذَا يُورِثُكُمْ إِذَا لَمْ تَعْرِفُوا الْعَدُوَّ مِنَ الصَّدِيقِ، أَوِ الذِّئْبَ مِنَ الضَّأْنِ، أَوِ الْمُوسَى مِنَ الْقُطْنِ، أَوِ السَّمَّ مِنَ الدَّوَاءِ؟! فَإِنَّ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ لَكُمْ بِمَثَابَةِ الصَّدِيقِ وَالْعَدُوِّ، وَالْهِدَايَةَ وَالضَّلَالَةَ لَكُمْ بِمَثَابَةِ الضَّأْنِ وَالذِّئْبِ، وَالصِّدْقَ وَالْكِذْبَ لَكُمْ بِمَثَابَةِ الْقُطْنِ وَالْمُوسَى، وَالصَّحِيحَ وَالْخَطَأَ لَكُمْ بِمَثَابَةِ الدَّوَاءِ وَالسَّمِّ، فَإِذَا لَمْ تَعْرِفُوا أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخَرَ سَتَهْلِكُونَ! هُنَالِكَ يُصْبِحُ جَهْلُ الْإِنْسَانِ أَعْدَى عَدُوِّهِ، وَتُصْبِحُ غَفْلَتُهُ آفَةَ نَفْسِهِ! لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عَدَوٌّ أَعْدَى مِنْ جَهْلِهِ، وَلَا شَيْءٌ أَضَرَّ بِالْآدَمِيِّ مِنْ غَفْلَتِهِ! لِذَلِكَ، فَاحْذَرُوا مِنْ جَهْلِكُمْ أَكْثَرَ مِنَ الْعَدُوِّ، وَاخْشَوْا مِنْ غَفْلَتِكُمْ أَكْثَرَ مِنَ الذِّئْبِ، وَتَحَرَّزُوا مِنْ غَبَاوَتِكُمْ أَكْثَرَ مِنَ الْمُوسَى، وَتَوَقَّوْا مِنْ سَهْوِكُمْ أَكْثَرَ مِنَ السَّمِّ؛ لِأَنَّ الْعَدُوَّ وَالذِّئْبَ وَالْمُوسَى وَالسَّمَّ جِسْمِيَّةٌ تُنْهِكُ أَجْسَامَكُمْ، وَلَكِنَّ الْجَهْلَ وَالْغَفْلَةَ وَالْغَبَاوَةَ وَالسَّهْوَ رُوحِيَّةٌ تُهْلِكُ أَرْوَاحَكُمْ!

فَيَا أَيُّهَا الَّذِينَ خَاضُوا فِي عِيشَتِهِمْ، وَاعْتَادُوا عَلَى خَوْضِهِمْ، وَتَأَصَّلُوا فِي اعْتِيَادِهِمْ، وَاسْتَغْلَظُوا فِي تَأَصُّلِهِمْ، وَلَا يَعْرِفُونَ أَيًّا مِنْ أَيٍّ! يَا إِخْوَانِي وَأَخَوَاتِيَ الرُّقُودُ! أَفِيقُوا وَاسْتَيْقِظُوا وَقُومُوا! فَوَاللَّهِ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنَ «الْمَعْرِفَةِ» وَلَا يَسْتَقِيمُ أَمْرُكُمْ إِلَّا «بِالْعِلْمِ». الْآنَ يَدْعُوكُمُ الْمَعْرِفَةُ كَمَلَكٍ وَيُنَادِيكُمُ الْعِلْمُ كَنَبِيٍّ. يَصِيحُ فِي أَسْوَاقِكُمْ وَيَهْتِفُ عَلَى سَطْحِ بُيُوتِكُمْ أَنْ «يَا أَيُّهَا الْغَافِلُونَ! قَدْ أَدْبَرَ لَيْلُ الْغَفْلَةِ، وَبَزَغَ فَجْرُ الْمَعْرِفَةِ. فَاسْتَيْقِظُوا الْآنَ، وَسَارِعُوا إِلَيَّ، وَلَا يَصُدَّنَّكُمْ عَنِّي شَيْءٌ؛ لِأَنِّي أَكْثَرُ ضَرُورَةً لَكُمْ مِنْ قُوتِ يَوْمِكُمْ، وَأَكْثَرُ نَفْعًا لَكُمْ مِنْ مَكَاسِبِكُمْ وَأَهْلِيكُمْ. أَنَا الْوَحِيدُ الَّذِي يَبْقَى مَعَكُمْ، وَلَا يُفَارِقُكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فَإِنَّ أَمْوَالَكُمْ تَفْنَى وَأَزْوَاجَكُمْ تَمُوتُ وَأَوْلَادَكُمْ تَفْتَرِقُ، وَلَكِنِّي لَا أَفْنَى وَلَا أَمُوتُ وَلَا أُفَارِقُكُمْ أَبَدًا، بَلْ أَحْفَظُكُمْ كَمَا أَحْفَظُ نَفْسِي، وَأُوصِلُكُمْ مَعِي إِلَى الْخُلُودِ. إِنْ كُنْتُ مَعَكُمْ، فَلَنْ يَضُرَّكُمْ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ مَعَكُمْ، فَلَنْ يَنْفَعَكُمْ شَيْءٌ. فَأَيُّ صَادٍّ يَصُدُّكُمْ عَنِّي، وَأَيُّ مُغْنٍ يُغْنِيكُمْ عَنِّي؟!» هَكَذَا يَدْعُوكُمُ الْمَعْرِفَةُ إِلَى نَفْسِهَا، وَيُنَادِيكُمُ الْعِلْمُ إِلَى نَفْسِهِ. فَأَجِيبُوا دَعْوَةَ الْمَعْرِفَةِ، وَاسْمَعُوا نِدَاءَ الْعِلْمِ. قُومُوا لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَاهْتَمُّوا بِتَعَلُّمِ الصَّحِيحِ مِنَ الْخَطَأِ؛ وَمَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ ذَلِكَ؟! وَمَعْرِفَةُ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ قِوَامُ إِنْسَانِيَّتِكُمْ، وَتَعَلُّمُ الصَّحِيحِ وَالْخَطَأِ أَسَاسُ شَخْصِيَّتِكُمْ. كَيْفَ يُسَمِّي نَفْسَهُ إِنْسَانًا مَنْ يُبْغِضُ الْمَعْرِفَةَ؟! وَلِمَ لَا يُسَمِّي نَفْسَهُ فَرَسًا مَنْ هُوَ غَرِيبٌ عَنِ الْعِلْمِ؟! عِلْمُ الْإِنْسَانِ عِمَادُ شَرَفِهِ وَمَعْرِفَتُهُ سَبَبُ عِزَّتِهِ. لَا أَقْصُدُ مِنَ الْمَعْرِفَةِ الرِّيَاضِيَّاتِ وَالْهَنْدَسَةَ وَمَا شَابَهَهُمَا، وَلَا أُرِيدُ بِالْعِلْمِ الْفِقْهَ وَالْأُصُولَ وَالْمَنْطِقَ وَالْفَلْسَفَةَ! هَذِهِ كُلُّهَا فَضْلٌ قَدْ أَصْبَحَ الْيَوْمَ فِتْنَةً وَلَا تَقُومُ إِنْسَانِيَّتُكُمْ عَلَيْهَا! إِنَّمَا أَقْصُدُ مِنَ الْعِلْمِ تَمْيِيزَ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَأُرِيدُ بِالْمَعْرِفَةِ تَشْخِيصَ الْهِدَايَةِ مِنَ الضَّلَالَةِ. كَمْ مِنْ فَقِيهٍ وَفَيْلَسُوفٍ أُدْخِلَ النَّارَ، وَكَمْ مِنْ طَبِيبٍ وَمُهَنْدِسٍ لَمْ يَنَالِ الْفَلَاحَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَلَمْ يَعْلَمِ الْهِدَايَةَ مِنَ الضَّلَالَةِ!

أَلَا يَا طُلَّابَ الْجَامِعَاتِ وَالْمَدَارِسِ الدِّينِيَّةِ! أَرَاكُمْ قَدْ خُضْتُمْ فِي دَرْسِكُمْ وَبَحْثِكُمْ وَلَا عِلْمَ لَكُمْ بِالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ! الْيَوْمَ هَذَا الدَّرْسُ وَهَذَا الْبَحْثُ فِتْنَةٌ لَكُمْ!

أَلَا يَا أَيُّهَا الْمُجْتَهِدُونَ وَالْمُقَلِّدُونَ! أَرَاكُمْ قَدْ خُضْتُمْ فِي اجْتِهَادِكُمْ وَتَقْلِيدِكُمْ وَلَا عِلْمَ لَكُمْ بِالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ! الْيَوْمَ هَذَا الْإِجْتِهَادُ وَهَذَا التَّقْلِيدُ فِتْنَةٌ لَكُمْ!

أَلَا يَا أَيُّهَا الْخُطَبَاءُ وَأَصْحَابُ الْمَنَابِرِ! أَرَاكُمْ قَدْ خُضْتُمْ فِي خُطَبِكُمْ وَمَنَابِرِكُمْ وَلَا عِلْمَ لَكُمْ بِالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ! الْيَوْمَ هَذِهِ الْخُطَبُ وَهَذِهِ الْمَنَابِرُ فِتْنَةٌ لَكُمْ!

أَلَا يَا أَهْلَ الْمَسَاجِدِ وَالتَّكَايَا! أَرَاكُمْ قَدْ خُضْتُمْ فِي مَسَاجِدِكُمْ وَتَكَايَاكُمْ وَلَا عِلْمَ لَكُمْ بِالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ! الْيَوْمَ هَذِهِ الْمَسَاجِدُ وَهَذِهِ التَّكَايَا فِتْنَةٌ لَكُمْ!

أَلَا يَا أَيُّهَا الْمُوَظَّفُونَ وَالْكَسَبَةُ! أَرَاكُمْ قَدْ خُضْتُمْ فِي وَظِيفَتِكُمْ وَكَسْبِكُمْ وَلَا عِلْمَ لَكُمْ بِالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ! الْيَوْمَ هَذِهِ الْوَظِيفَةُ وَهَذَا الْكَسْبُ فِتْنَةٌ لَكُمْ!

أَلَا يَا مَعْشَرَ النَّاسِ! أَيْنَمَا أَنْظُرُ، أَرَاكُمْ غَارِقِينَ فِي مَعَايِشِكُمْ، وَمُخْتَفِينَ فِي بُيُوتِكُمْ! لَقَدِ انْشَغَلْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ وَبِبَعْضِكُمُ الْبَعْضِ وَلَا عِلْمَ لَكُمْ بِالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ! أَدْمَنْتُمْ عَلَى نَمَطِ حَيَاتِكُمْ، وَعَلِقْتُمْ فِي مُسْتَنْقَعِ تَعَلُّقَاتِكُمْ! لَمْ تَعُودُوا تَفَكَّرُونَ فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَلَمْ تَعُودُوا تَسْأَلُونَ عَنْ تَعَلُّمِ الصَّحِيحِ وَالْخَطَأِ! لَقَدْ تَسَاوَى عِنْدَكُمُ الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَكُمْ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْخَطَأِ! خَلَّصْتُمْ أَنْفُسَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْقَضَايَا، وَتَلَهَّى بَالُكُمْ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ! عَمَلُ الْخَارِجِ أَلْهَاكُمْ عَنْ عَمَلِ الدَّاخِلِ، وَطَلَبُ الْمَالِ وَالدَّرَجَةِ شَغَلَكُمْ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ. تَقُولُونَ: «إِنَّ مَشَاكِلَ الْحَيَاةِ بِحَيْثُ تَصُدُّنَا عَنِ الْمَعْرِفَةِ، وَنَوَائِبَ الدُّنْيَا بِحَيْثُ تَمْنَعُنَا مِنَ الْعِلْمِ»! فِي حِينٍ أَنَّ تِلْكَ الْمَشَاكِلَ هِيَ بِسَبَبِ أَنَّكُمْ لَا تَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ، وَتِلْكَ النَّوَائِبَ هِيَ بِسَبَبِ أَنَّكُمْ لَا تَعْلَمُونَ الصَّحِيحَ وَالْخَطَأَ! مَا مِنْ مُشْكِلَةٍ إِلَّا وَهِيَ نَابِعَةٌ مِنْ جَهْلِكُمْ، وَلَا تُوجَدُ نَائِبَةٌ إِلَّا وَقَدْ وَلَدَتْهَا غَفْلَتُكُمْ!

الْمَعْرِفَةُ تَنْصُرُ صَاحِبَهَا، وَالْعِلْمُ يُنْجِي صَدِيقَهُ. هَذَانِ لَكُمْ كَالْمَاءِ لِلْعَطْشَانِ، وَالطَّعَامِ لِلْجَائِعِ، وَالدَّلِيلِ لِلتَّائِهِ، وَالْأَنِيسِ لِلْمُتَوَحِّدِ. هَذَانِ ظَهِيرٌ لَكُمْ، وَعَصَا فِي أَيْدِيكُمْ. هَذَانِ دَوَاءٌ لِأَدْوَائِكُمْ، وَبَلْسَمٌ لِجُرُوحِكُمْ. هَذَانِ مِفْتَاحٌ لِأَبْوَابِكُمُ الْمُغْلَقَةِ، وَبَوَّابَةٌ إِلَى سَعَادَتِكُمْ. هَذَانِ مَالُكُمُ الْمُدَّخَرُ فِي يَوْمِ مَسْكَنَتِكُمْ، وَمُغِيثُكُمْ فِي يَوْمِ ذِلَّتِكُمْ. هَذَانِ لَكُمْ قَادَةٌ لَا يُضِلُّونَ، وَحُكَّامٌ لَا يَظْلِمُونَ. هَذَانِ لَكُمْ بُيُوتٌ لَا تَنْهَارُ، وَأَرَاضٍ دَائِمَةُ الْخَضَارِ. هَذَانِ لَكُمْ أَمْوَالٌ لَا تُسْرَقُ، وَعُمَّالٌ لَا تَنِي. هَذَانِ لَكُمْ أَزْوَاجٌ لَا تُفَارِقُ، وَأَوْلَادٌ لَا تَجْفِي. هَذَانِ لَكُمْ أَصْدِقَاءٌ لَنْ يُعَادُوا، وَرُفَقَاءُ لَنْ يَخْذُلُوا. فَأَقْبِلُوا عَلَيْهِمَا، وَلَا يَصُدَّنَّكُمْ عَنْهُمَا شَيْءٌ. اعْرِفُوا الصِّدْقَ مِنَ الْكِذْبِ، وَالصَّحِيحَ مِنَ الْخَطَأِ؛ فَإِنَّ عَدَمَ الْمَعْرِفَةِ سَارِقُ دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ، وَعَدَمَ التَّمْيِيزِ سَبَبُ نَدَامَتِكُمْ.

أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: الْجَهْلُ فِي هَذَا الزَّمَانِ ذَنْبٌ لَا يُغْتَفَرُ وَخَطَأٌ عَظِيمٌ لِلْغَايَةِ. فِي هَذَا الزَّمَانِ إِنْ لَمْ تَعْرِفُوا الْحَقِيقَةَ سَتُخْدَعُونَ، وَإِنْ لَمْ تُشَخِّصُوا الْهِدَايَةَ فِيهِ سَيُحْتَالُ عَلَيْكُمْ. إِنَّ شَيَاطِينَ الْجِنِّ يُعْطُونَكُمُ الْبَاطِلَ بَدَلًا مِنَ الْحَقِّ، وَشَيَاطِينَ الْإِنْسِ يُلْقِمُونَكُمُ الضَّلَالَةَ بِاسْمِ الْهِدَايَةِ. لَا يَزَالُ يُوجَدُ انْتِهَازِيُّونَ يَنْتَهِزُونَ جَهْلَكُمْ وَيَسْتَغِلُّونَ غَفْلَتَكُمْ، حَتَّى يَصِلُوا مِنْ قِبَلِكُمْ إِلَى السُّلْطَةِ وَالثَّرْوَةِ، فَيَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ وَأَنْفُسَكُمْ. فَلَوْ كُنْتُمْ وَاعِينَ لَمَا تَسَلَّطَ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُمْ، وَلَوْ كُنْتُمْ عَالِمِينَ لَمَا تَغَلَّبُوا عَلَيْكُمْ. أَلَيْسَ يَقْصُدُ السَّارِقُ الْبَيْتَ فِي ظُلَامِ اللَّيْلِ، وَتَقَعُ السَّمَكَةُ فِي الشَّبَكَةِ فِي الْمَاءِ الْعَكِرِ؟! انْتَبِهُوا وَلَا تَمْكُثُوا فِي الْجَهْلِ وَالْغَفْلَةِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا. قُومُوا لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَاسْعَوْا لِتَشْخِيصِ الْهِدَايَةِ مِنَ الضَّلَالَةِ، مُسْرِعِينَ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَكُمُ الْأَوَانُ...

أَلَيْسَ فِيكُمْ رَجُلٌ عَاقِلٌ يَتَلَقَّى حِكْمَتِي، وَامْرَأَةٌ فَاهِمَةٌ تَقْبَلُ نَصِيحَتِي؟! أَيْنَ فُطَنَاؤُكُمْ لِيَفْهَمُوا كَلَامِي، وَمَنْ هُمْ وُعَاتُكُمْ حَتَّى يُجِيبُوا دَعْوَتِي؟! طُوبَى لِلَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْمَعْرِفَةَ؛ لِأَنَّهُمْ سَيُفْلِحُونَ، وَتَعْسًا لِلَّذِينَ يَبْقَوْنَ فِي الْجَهَالَةِ؛ لِأَنَّهُمْ سَيَشْقَوْنَ...

المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساعد في نشر المعرفة. إنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
يمكنك أيضًا قراءة هذا باللغات التالية:
إذا كنت معتادًا على لغة أخرى، يمكنك ترجمة هذا إليها. [استمارة الترجمة]
حمل مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الكتاب: الكلم الطّيّب؛ مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الرابعة
تاريخ النشر: ربيع الآخر ١٤٤٤ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان