أيّها الأخ الكريم!
يجب عليك قراءة كتاب «العودة إلى الإسلام» بدقّة كافية وبمنأى عن التصوّرات والإفتراضات المسبقة الشخصيّة؛ لأنّ السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى قد عرّف التقليد في الكتاب بأنّه «اتّباع قول أو فعل الآخر بدون دليل»، لا بالدليل! لذلك، إذا اتّبع أحد قول أو فعل الآخر بسبب أنّه مطابق لمعيار المعرفة فإنّه لم يقلّده، بل اتّبع معيار المعرفة. من الواضح أنّ هذا العالم العظيم أيضًا لم يسأل الناس أن يقلّدوه، بل سألهم اتّباع قوله وفعله بالنظر إلى تطابقهما مع كتاب اللّه والسنّة الثابتة عن نبيّه والقواعد العقليّة المبيّنة، وهذا لا يعتبر تقليده بأيّ وجه من الوجوه. إنّه مخالف جدًّا لعبادة الرجال ويعتبرها مثالًا على الشرك، وعبادة الرجال هي أن يتأثّر الإنسان برجل غير معصوم لدرجة أن يتّبع قوله وفعله بلا دليل، وهذه قد أصبحت شائعة جدًّا بين المسلمين في زماننا هذا.
نعم، من الواجب على المسلمين أن يرجعوا بأنفسهم إلى مصادر الإسلام ولا يكتفوا بفتوى المجتهدين، وبالطبع يجب على المجتهدين أيضًا أن يعينوهم على ذلك، بأن يسهّلوا لهم الرجوع المباشر إلى مصادر الإسلام، لا أن ينفخوا في نار تقليدهم لهم ويشغلوهم بأنفسهم عن كتاب اللّه والسنّة الثابتة عن نبيّه والقواعد العقليّة المبيّنة؛ لأنّ هذا هو صدّ عن سبيل اللّه وإعانة على الإثم والعدوان ومشابه لما فعل أحبار اليهود ورهبان النصارى في الأمم السالفة؛ کما قال السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى في بعض رسائله:
«إِنَّ قُطَّاعَ سَبِيلِ اللَّهِ صَدَّوُا النَّاسَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ وَخَلِيفَتِهِ فِي الْأَرْضِ وَشَغَلُوهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، كَمَا يُمْنَعُ الصَّبِيُّ مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ وَيُلْهَى بِاللِّهَايَةِ! ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةُ هَذَا النَّهْبِ أَنْ أَصْبَحَ النَّاسُ مُدْمِنِينَ عَلَى تَقْلِيدِهِمْ، وَلَمْ يَمْضِ وَقْتٌ طَوِيلٌ بَعْدَ سُقُوطِهِمْ فِي حُفْرَةِ التَّقْلِيدِ فِي الْفُرُوعِ حَتَّى سَقَطُوا فِي بِئْرِ التَّقْلِيدِ فِي الْأُصُولِ، وَسَلَّطُوهُمْ عَلَى آخِرَتِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَخَضَعُوا لِوِلَايَتِهِمْ عَلَيْهِمْ كَوِلَايَةِ اللَّهِ، وَاتَّخَذُوهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ؛ كَمَثَلِ الْيَهُودِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فِي فَتْرَةٍ مِنْ أَنْبِيَائِهِمْ، وَكُلَّمَا جَاءَهُمْ نَبِيٌّ كَذَّبُوهُ بِإِشَارَةٍ مِنْهُمْ أَوْ قَتَلُوهُ بِفَتْوَاهُمْ؛ إِذْ لَا يَأْتِيهِمْ نَبِيٌّ إِلَّا يَتَكَلَّمُ ضِدَّ كَهَنَتِهِمْ وَيَكْشِفُ عَنْ مُرَاءَاتِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ...».
من هنا يعلم أنّ اجتماع عدد كافٍ من المسلمين لحماية المهديّ وإعانته وطاعته، على الرغم من أنّه يتمّ بدعوة المنصور الهاشمي الخراساني، إلا أنّه لا يتمّ بتقليده، بل يتمّ اتّباعًا لكتاب اللّه والسنّة الثابتة عن نبيّه والقواعد العقليّة المبيّنة التي ذكرها وبيّنها هذا العالم العظيم في كتابه؛ لأنّه -حفظه اللّه تعالى- لأجل دعوة المسلمين إلى هذا الإجتماع الضروريّ كتب كتابًا استدلاليًّا وبرهانيًّا، واستند فيه إلى كتاب اللّه والسنّة الثابتة عن نبيّه والقواعد العقليّة المبيّنة، ولم يكتف مثل المجتهدين بالإفتاء ولا مثل الأدعياء بتعريف نفسه، في حين أنّ مرجع التقليد يعلن لعامّة الناس فتواه فقطّ ويتوقّع منهم العمل بها على أساس تقليده ودون العلم التفصيليّ بأدلّته، والدّعيّ يعلن لعامّة الناس مقامه المزعوم فقطّ مثل أنّه المهديّ أو نائبه أو ابنه، ويتوقّع منهم الإتّباع لقوله أو فعله على أساس تقليده ودون العلم التفصيليّ بأدلّته، لكنّ المنصور الهاشمي الخراساني قام بالدّعوة لا كمرجع من مراجع التقليد ولا كدعيّ من الأدعياء، بل كآمر بالمعروف وناه عن المنكر، وأسّس دعوته العقليّة والشرعيّة على الأدلّة اليقينيّة التي أظهرها مفصّلة لعامّة الناس، ليجيبوا دعوته من خلال العلم التفصيليّ بأدلّته، لا بمجرّد الإعتماد على مرجعيّته أو مقامه المزعوم، وهذه هي الخصيصة المهمّة التي تميّز هذه الشخصيّة الممتازة من مراجع التقليد والأدعياء وتضعها في موضع ممهّد عينيّ وعمليّ لظهور المهديّ. هذا يعني أنّ المنصور الهاشمي الخراساني لا يريد مثل مراجع التقليد والأدعياء أن يجعلكم مقلّديه وتابعيه، بل يريد أن يجعلكم إخوانًا له أحرارًا حكماء مثقّفين، حتّى تكونوا أنصاره إلى اللّه وخليفته في الأرض. بعبارة أخرى، إنّه يريد أن يعزّكم ويكرمكم، ويريد الأدعياء ومراجع التقليد أن يذلّوكم ويستخفّوكم، ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾.
الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني
قسم مراجعة الإنتقادات