لقد أشرتم في الموقع عدّة مرّات إلى الغرب الكافر والأمريكا الكذائية والإسلام الحقيقي، وهذه عبارات معروفة في إيران قد سمعها الناس من رجال الدّين منذ عقود، ولم يكن لها أثر مفيد قدر حبّة من الدّخن. أكبر خطأ في العالم الحاليّ هو تسليم حكومة البلاد إلى رجال الدّين ممّا قد ترك بشكل لا لبس فيه آثاره غير المرغوب فيها على الإدارة السياسيّة والإقتصاديّة والعسكريّة والاجتماعيّة للبلاد؛ كما تشاهدون أنّ الناس في إيران عالقون في مستنقع تحت حكم حكومة دينيّة. لن يتمكّن رجال الدّين وحاشيتهم في عصر الفضاء والإنترنت أبدًا من قيادة أمّة إلى تقدّم شامل. لقد سمعنا منذ القديم أنّ شرف المكان بالمكين، أي شرف كلّ مكان يعتمد على الشخص الذي يجلس في ذلك المكان. لا يمكن للدّين في موضع الكذب والتمييز والإستئثار ومئات من العيوب الأخرى أن يقود البشر إلى الصدق والصلاح. حتّى الآن، لم يظهر تاريخ البشريّة مثل هذا الشيء.
أيّها الأخ العزيز!
الحديث عن عدم كفاءة رجال الدّين للحكومة أصبح قديمًا ومبتذلًا مثل الحديث عن كفاءتهم لها؛ لأنّ هاتين النظريّتين قد تمّ طرحهما معًا دائمًا، ولم يكن لأيّ منهما «أثر مفيد قدر حبّة من الدّخن»! إن كان رجال الدّين قد حكموا منذ عقود، فإنّ العلمانيّين قد حكموا لقرون، لكنّ نتيجة حكمهم لم تكن سوى الجهل والفقر والتمييز والفساد والحرب وانعدام الأمن والوحشيّة للعالم! يبدو أنّ عبارة «شرف المكان بالمكين» هي الشيء الوحيد الذي سمعته «منذ القديم»؛ لأنّك لم تسمع حتّى أنّ أعظم الحروب العوان والمدمّرة في التاريخ لم يشنّها «رجال الدّين»، ولكن هؤلاء العلمانيّين الذين نالوا الثروة والسلطة من خلال نهب موارد البلدان المستضعفة والمضطهدة واستغلال الطبقة العاملة والمحرومة، وبنوا حكمهم على عظام السود المكسورة ودماء الهنود المسفوكة. نعم، لم يجلب رجال الدّين في الكنيسة الكاثوليكيّة أيضًا، خلال حكمهم على أوروبا، سوى الرعب والبؤس لشعوب تلك الأرض، وربّوا «ضدّ المسيح» -ابن الشيطان هذا- في بطنهم كعاهرة، ولكن مع ذلك كان العلمانيّون هم الذين أخرجوا هذا الطفل المشؤوم إلى الدّنيا في القرن الثامن عشر كقابلة، وبعد قرنين من التدريب، سلّطوه على الأرض كلّها.
من هذا يعلم أنّ حكومة رجال الدّين وحكومة رجال غير الدّين وجهان لعملة واحدة، ولم يكن لأيّ منهما على حدّ تعبيرك «أثر مفيد قدر حبّة من الدّخن»! لذلك، يعتقد المنصور الهاشمي الخراساني أنّ «أكبر خطأ في العالم الحاليّ» ليس «تسليم حكومة البلاد إلى رجال الدّين» فحسب، ولكن تسليم حكومة البلاد إلى جميع الذين لم يعتبرهم خالق العالم أهلًا للحكومة، ومنهم رجال الدّين؛ بالنظر إلى أنّ خالق العالم هو الشخص الأكثر استحقاقًا لإدارته، وهو يفعل ذلك بتقديم «الإنسان الكامل» كخليفة له.
نعم، بالطبع إن كنت لا تؤمن بوجود اللّه، فعليك أن تؤمن بوجوده نظرًا إلى آياته في السماء والأرض والنظام الذي وسع كلّ شيء والحركات الإيقاعيّة التي تحكم الطبيعة، ولكن إن كنت تؤمن بوجوده فعليك أن تذعن بهذه الحقيقة المحقّقة أنّ حكم العالم له وحده، وأنّ الإنسان لا يستحقّ أن يحكم الإنسان. إنّ تحقيق العدالة في العالم هو مرهون بتحقيق حاكميّة اللّه عليه، وتتحقّق حاكميّة اللّه عليه عندما يستولي خليفته فيها على الحكم، ويستولي خليفته فيها على الحكم عندما يترك أمثالك رجال الدّين ورجال غير الدّين، ويكفّون عن التردّد بينهما -بين الجبت والطاغوت-، ويحوّلون وجوههم منهما إلى «الإنسان الكامل» -خليفة اللّه في الأرض-، ويمدّون يد الحاجة إلى عتبة بابه، ويخضعون له معترفين بعجزهم، ويطلبون منه أن يمنّ عليهم بالعفو عن تقصيرهم الذي أصرّوا عليه لأكثر من ألف عام، ويقبل الحكم عليهم ليخلّصهم من الذلّة والمسكنة، ويقودهم إلى العزّة والسعادة.
هذا هو السبيل الوحيد لنجاتكم، وأيّ سبيل آخر هو سبيل الهلاك، سواء كنتم تسمّونه دينًا أو كفرًا؛ لأنّه بدون اللّه وخليفته في الأرض، لا يوجد فرق ملحوظ بين الدّين والكفر، ومن لا يبايع اللّه وخليفته في الأرض، فليبايع إن شاء رجال الدّين وإن شاء رجال غير الدّين، بل إن شاء فحجرًا وإن شاء فخشبًا؛ لأنّ ذلك سواء بالنسبة له!