سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ وَرَاءِ النَّهْرِ يُقَالُ لَهُ: الْحَارِثُ، حَرَّاثٌ، عَلَى مُقَدِّمَتِهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَنْصُورٌ، يُوَطِّئُ -أَوْ يُمَكِّنُ- لِآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا مَكَّنَتْ قُرَيْشٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَجَبَ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ نَصْرُهُ»، أَوْ قَالَ: «إِجَابَتُهُ».
أقول: المراد بالنهر جيحون، وهو نهر بلخ من خراسان، وليس للحارث ذكر في غير هذا الحديث، وإنّما المذكور المهديّ والمنصور، وقد رواه ابن حيّون [ت٣٦٣هـ] من طريق عبد الرزاق، وليس فيه ذكر للحارث، وإنّما فيه: «يَقُومُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي، عَلَى مُقَدِّمَتِهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْمَنْصُورُ، يُوَطِّئُ لَهُ -أَوْ قَالَ: يُمَكِّنُ لَهُ- وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ نُصْرَتُهُ -أَوْ قَالَ:- إِجَابَتُهُ»؛ فأخشى أن يكون الحارث ما زاده أصحاب الحارث بن سريج؛ فإنّه خرج من خراسان سنة ١١٦ وزعم أنّه صاحب الرايات السّود، ولو صحّ فإنّ المراد به المهديّ، لُقّب به لقلبه الأرض، كما لُقّب بالجابر في حديث حذيفة لجبره أمّة محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ويؤيّد ذلك قوله: «إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ قَدْ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ خُرَاسَانَ فَائْتُوهَا، فَإِنَّ فِيهَا خَلِيفَةَ اللَّهِ الْمَهْدِيَّ». نعم، يحتمل أن يكون الحديث مصحّفًا؛ فقد جاء في بعض الكتب: «يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ وَرَاءِ النَّهْرِ يُقَالُ لَهُ: الْحَارِثُ، عَلَى مُقَدِّمَةِ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: مَنْصُورٌ»، وعليه فإنّ المراد بالحارث شعيب بن صالح؛ كما جاء: «تَخْرُجُ رَايَاتٌ سُودٌ، فِيهِمْ شَابٌّ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، عَلَى مُقَدِّمَتِهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ: شُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ»،