الخاتمة
وفيها ذكر شواهد الحديث
المتحصّل ممّا ذكرنا أنّ حديث الرايات السّود الخراسانيّة الممهّدة لظهور المهديّ حديث متواتر؛ فقد ورد معناه من مائة وسبعة وأربعين طريقًا، عن سبعة وأربعين نفسًا من الصحابة والتابعين وأهل البيت، وغير واحد من طرقه صحيحة.
[ما يدلّ على شهرة الحديث بين المسلمين في القرون الأولى]
وقد وردت أخبار كثيرة تدلّ على شهرته بين المسلمين في القرون الأولى:
[١ و٢] منها ما ذكره أهل التواريخ من أنّ عبد الرّحمن بن محمّد بن الأشعث لمّا خرج على عبد الملك بن مروان في سنة إحدى وثمانين، رفع رايات سودًا، وسمّى نفسه: «نَاصِرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ»، يعني بذلك المهديّ المنتظر، فقيل له: «إِنَّ اسْمَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ»، فقال: «اسْمِي عَبْدٌ، وَلَيْسَ الرَّحْمَنُ مِنِ اسْمِي»! ففزع عبد الملك بن مروان فزعًا شديدًا، فبعث إلى خالد بن يزيد بن معاوية، فدعاه، وكان خالد بن يزيد علّامة بأيّام الناس عارفًا بكتب الفتن، فقال له: «وَيْحَكَ يَا أَبَا هَاشِمٍ! هَلْ تَتَخَوَّفُ الْيَوْمَ عَلَيْنَا مِنَ الرَّايَاتِ السُّودِ شَيْئًا؟! فَإِنَّنَا نَجِدُ فِي الْكُتُبِ أَنَّ ذَهَابَ مُلْكِنَا عَلَى أَيْدِيهِمْ»، فقال له خالد: «وَمَا اسْمُ بَلَدِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي خَرَجَ عَلَيْكَ؟» قال: «سِجِسْتَانُ»،