أقول: قولهم بأنّ المنصور يمانيّ لا أصل له؛ كما ردّه عبد اللّه بن عمرو، بل هو هاشميّ خراسانيّ؛ كما جاء في حديث عليّ عليه السلام، وروي عن صاحب الدّعوة الفاطميّة باليمن أنّه كان إذا سمع من يسمّيه المنصور يقول: «الْمَنْصُورُ إِمَامُ آلِ مُحَمَّدٍ، أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
إِذَا ظَهَرَ الْمَنْصُورُ مِنْ آلِ أَحْمَدَ ... فَقُلْ لِبَنِي الْعَبَّاسِ قُومُوا عَلَى رِجْلٍ؟»
٦٩
حديث محمّد بن عقبة بن أوس، عن عبد اللّه بن عمرو
رَوَى نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ [ت٢٢٨هـ] فِي «الْفِتَنِ»، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «السَّفَّاحُ، وَمَنْصُورٌ، وَجَابِرٌ، كُلُّهُمْ صَالِحٌ، لَا يُدْرَكُ مِثْلُهُمْ، كُلُّهُمْ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ».
أقول: إنّما قال: «مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ» ليُدخل بني أميّة؛ فقد كان يميل إليهم، ولعلّه اتّقاهم، وليس المنصور من بني أميّة، والمشهور أنّه من بني هاشم نسبًا، أو ولاءً؛ كما أقرّ بذلك كعب مع ميله إلى بني أميّة، فقال: «الْمَنْصُورُ مَنْصُورُ بَنِي هَاشِمٍ»، وروي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «مِنَّا الْمَنْصُورُ»، وروي أنّ الشيعة كانوا يختلفون إلى زيد بن عليّ بن الحسين، ويأمرونه بالخروج على هشام بن عبد الملك، ويقولون له: «وَاللَّهِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ تَكُونَ الْمَنْصُورَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنَّهُ قَدْ دَنَا هَلَاكُ بَنِي أُمَيَّةَ».