أقول: هذا حديث حسن؛ فإنّ عبّاد بن عبد اللّه الأسديّ وثّقه العجليّ [ت٢٦١هـ] وابن حبّان [ت٣٥٤هـ]، واحتجّ به الشافعيّ [ت٢٠٤هـ]، وسائر رجاله رجال الصحيح، وهو يدلّ على أنّ من العجم قومًا يضربون الناس للعودة إلى الإسلام بعد أن بدّلوه تبديلًا، وهم أصحاب الرايات السّود؛ كما قال ابن الفقيه [تنحو٣٤٠هـ]: «فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْحَمْرَاءُ -يَعْنِي الْعَجَمَ- فَقَالَ عَلِيٌّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ”لَيَضْرِبُنَّكُمْ بِالسُّيُوفِ عَلَى دِينِ اللَّهِ إِذَا غَيَّرْتُمْ وَبَدَّلْتُمْ، كَمَا ضَرَبْتُمُوهُمْ عَلَيْهِ“، فَإِذَا نَحْنُ طَلَبْنَا مِصْدَاقَ ذَلِكَ فِي الْعَجَمِ، وَجَدْنَاهُ فِي أَهْلِ خُرَاسَانَ»، وقد جاء التصريح بذلك في حديث زياد بن سميّة عن عليّ:
٦٢
حديث زياد بن سميّة، عن عليّ
رَوَى أَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ [ت١٣٨هـ] فِي «كِتَابٍ يَرْوِيهِ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ»، قَالَ: قَالَ سُلَيْمٌ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى زِيَادِ بْنِ سُمَيَّةَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُعَيْطٍ أَنَّكَ أَخْبَرْتَهُ: إِنَّكَ قَرَأْتَ كِتَابَ عُمَرَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِحَبْلٍ طُولُهُ خَمْسَةُ أَشْبَارٍ، وَقَالَ لَهُ: «اعْرِضْ مَنْ قِبَلَكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَمَنْ وَجَدْتَهُ مِنَ الْأَعَاجِمِ قَدْ بَلَغَ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ، فَقَدِّمْهُ، فَاضْرِبْ عُنُقَهُ»، فَشَاوَرَكَ أَبُو مُوسَى فِي ذَلِكَ، فَنَهَيْتَهُ، وَأَمَرْتَهُ أَنْ يُرَاجِعَ عُمَرَ، فَرَاجَعَهُ، وَذَهَبْتَ أَنْتَ بِالْكِتَابِ إِلَى عُمَرَ،