الخميس ١٨ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق لـ ١١ سبتمبر/ ايلول ٢٠٢٥ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الكتب: تمّ نشر الكتاب القيّم «مناهج الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ مجموعة أقوال السيّد العلّامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. جديد الأسئلة والأجوبة: ما هو رأيكم في الخبر الذي رواه الطوسيّ في كتاب «الغيبة» (ص٤٤٧) بإسناده عن الإمام جعفر الصادق أنّه قال: «من يضمن لي موت عبد اللّه أضمن له القائم»، يعني المهديّ، ثم قال: «إذا مات عبد اللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء اللّه». هل هذا الخبر صحيح أم غير صحيح؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر ملاحظة جديدة بعنوان «عن حال العراق اليوم» بقلم «منتظر». اضغط هنا لقراءتها. جديد الشبهات والردود: لا شكّ أنّ رايتكم راية الحقّ؛ لأنّها تدعو إلى المهديّ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولكن قد تأخّر ظهورها إلى زمان سوء. فلما لم تظهر قبل ذلك، ولما تأخّرت حتّى الآن؟! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢. اضغط هنا لقراءته. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الأقوال: ثلاثة أقوال من جنابه في حكم التأمين. اضغط هنا لقراءتها. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
رسالة
 

أخبرنا عبد اللّه بن حبيب، قال: كتب إليّ المنصور الهاشميّ الخراسانيّ في رسالة له، بعد حمد اللّه والصلاة على النّبيّ وآله:

أَمَّا بَعْدُ، فَاعْلَمْ، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَبِيبٍ، أَنَّ الْفَلَاحَ عَاقِبَةُ الْمُتَّقِينَ، وَالتَّقْوَى عُنْوَانُ عِبَادَةِ اللَّهِ، وَعِبَادَةَ اللَّهِ طَاعَتُهُ، وَطَاعَتَهُ إِتْيَانُ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكُ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي بَيَّنَهَا فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ. فَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ هُمُ الْمُتَّقُونَ، وَهُمْ أَهْلُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالْقَوْلِ الطَّيِّبِ، وَأَهْلُ الْوَرَعِ وَالتَّعَفُّفِ؛ الَّذِينَ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ، وَقَرَّتْ فِي مَكَانِهَا بِرَجَائِهِ؛ الَّذِينَ جَفَّتْ شِفَاهُهُمْ مِنَ الذِّكْرِ الْكَثِيرِ، وَخَمُصَتْ بُطُونُهُمْ مِنَ الصِّيَامِ الْمُتَتَابِعِ؛ الَّذِينَ تَخَلَّصَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْ فَخِّ الْهَوَى، وَعَلَا وُجُوهَهُمْ غُبَارُ الْخُشُوعِ؛ الَّذِينَ هَذَّبَ قُلُوبَهُمْ ذِكْرُ الْمَوْتِ، وَأَهَانَ عَلَيْهِمُ الدُّنْيَا ذِكْرُ الْآخِرَةِ؛ سَلَبَهُمُ النَّوْمَ هَمُّ التَّكَالِيفِ، وَمَنَعَهُمُ الْأَكْلَ غَمُّ الْحُقُوقِ؛ اسْتَأْنَسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ النَّاسُ، وَاسْتَوْحَشُوا مِمَّا اسْتَأْنَسَ بِهِ النَّاسُ؛ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ عَنْ قَرِيبٍ يَرْتَحِلُونَ إِلَى دِيَارٍ أُخْرَى، وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَتَزَوَّدُوا لِهَذِهِ الرِّحْلَةِ؛ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَمَامَهُمْ طَرِيقًا طَوِيلًا، وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ تَخَطِّي عَقَبَاتٍ وَعْرَةٍ؛ طَرِيقًا لَمْ يَرْجِعْ سَالِكُوهُ أَبَدًا، وَعَقَبَاتٍ كَأَنَّهَا ابْتَلَعَتْ مُسَافِرِيهَا. آهٍ، مَا أَقْرَبَ الْيَوْمَ مِنَ الْغَدِ! فَإِنَّهُمْ يَبْكُونَ مِنْ فِكْرَةِ هَذِهِ الرِّحْلَةِ، وَيَسْتَعِدُّونَ لَهَا؛ كَأَنَّهُمْ يَلْفِظُونَ أَنْفَاسَهُمُ الْأَخِيرَةَ، أَوْ كَأَنَّهُمْ مَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَمُوتُوا!

يَا عَبْدَ اللَّهِ! أُولَئِكَ الَّذِينَ عَرَفُوا الدُّنْيَا وَوَزَنُوهَا؛ فَوَجَدُوهَا سِلْعَةً تَافِهَةً وَأَعْرَضُوا عَنْهَا.

يَا عَبْدَ اللَّهِ! اعْرِفِ الدُّنْيَا كَمَا عَرَفُوهَا؛ لِأَنَّ مَنْ يَعْرِفُ الْبِئْرَ لَا يَرْمِي نَفْسَهُ فِيهِ، وَمَنْ يَعْرِفُ السَّمَّ لَا يَشْرَبُهُ.

يَا عَبْدَ اللَّهِ! إِنِّي أُعَرِّفُكَ الدُّنْيَا. الدُّنْيَا كَأَنَّهَا امْرَأَةٌ صَدَاقُهَا الْمَوْتُ، أَوْ بَغِيَّةٌ أُجْرَتُهَا الْفَضِيحَةُ. فَلَا تَتَّخِذْهَا زَوْجَةً، وَلَا تُبَاشِرْهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْغَادِرَةَ قَتَلَتْ أَزْوَاجَهَا وَنَهَبَتْ مِيرَاثَهُمْ، وَنَوَّمَتْ عُشَّاقَهَا وَسَرَقَتْ أَمْوَالَهُمْ. فَلَا تَخْلُبَنَّ قَلْبَكَ بِتَبَرُّجِهَا، وَلَا تَخْدَعَنَّكَ بِغُنْجِهَا.

يَا عَبْدَ اللَّهِ! إِنِّي أُعَرِّفُكَ الدُّنْيَا. الدُّنْيَا كَبِئْرٍ جَافٍّ أَوْ مُلَطَّخٍ بِالنَّجَاسَاتِ؛ فَلَا تُدْلِ دَلْوَكَ فِيهَا، وَلَا تَتَّخِذْهَا مَنْهَلًا.

يَا عَبْدَ اللَّهِ! إِنِّي أُعَرِّفُكَ الدُّنْيَا. الدُّنْيَا سُلَّمٌ مَنْخُورٌ لَا يُرْكَنُ إِلَيْهِ؛ أَوْ تُشْبِهُ جُحْرَ ثُعْبَانٍ لَمْ يُدْخِلْ أَحَدٌ يَدَهُ فِيهِ إِلَّا لَدَغَهُ؛ أَوْ جِيفَةً تَدْعُو الضِّبَاعَ وَتُجْمِعُ الذُّبَابَ، وَتُنَفِّرُ الْأَسَدَ وَتُقَرِّفُ الْبَشَرَ.

يَا عَبْدَ اللَّهِ! الدُّنْيَا امْرَأَةٌ لَا تَلِدُ، وَشَجَرَةٌ لَا تُثْمِرُ، وَسَحَابَةٌ لَا تُمْطِرُ، وَظِلٌّ لَا يَدُومُ. فَإِيَّاكَ وَالْإِعْتِمَادَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْإِعْتِمَادَ عَلَيْهَا هُوَ الْإِعْتِمَادُ عَلَى الرِّيحِ، وَمُصَادَقَتُهَا هِيَ مُصَادَقَةُ الذِّئْبِ، وَمَنْ يَقْوَى عَلَى مُصَادَقَةِ الذِّئْبِ؟!

يَا عَبْدَ اللَّهِ! إِيَّاكَ وَحُبَّ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا خَذَلَتْ أَشَدَّ النَّاسِ حُبًّا لَهَا. فَإِنْ كُنْتَ فِي رَيْبٍ مِنْ ذَلِكَ، فَانْظُرْ إِلَى أَسْلَافِكَ، الَّذِينَ كَانُوا فِي جِوَارِكَ حِينًا مِنَ الدَّهْرِ، وَالْيَوْمَ لَا يُوجَدُ لَهُمْ أَثَرٌ. فَانْظُرْ فِي أَحْوَالِهِمْ، وَاعْتَبِرْ بِعَاقِبَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا آدَمِيِّينَ مِثْلَكَ، فَضَغَطَ رِقَابَهُمُ الْمَوْتُ، وَبَلَعَ أَجْسَادَهُمُ الْقَبْرُ، وَمَحَى آثَارَهُمُ الزَّمَنُ. أَفَحَسِبْتَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَكَ مَا أَصَابَهُمْ؟! كَيْفَ؟! وَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَشَدَّ مِنْكَ قُوَّةً أَوْ أَكْثَرَ مَالًا، فَمَا نَفَعَتْهُمْ قُوَّتُهُمْ وَلَا أَمْوَالُهُمْ شَيْئًا، وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ سَقَطُوا فِي هُوَّةِ الْمَوْتِ. فَلَا تُغْفِلَنَّكَ مُعَاشَرَةُ الْأَحْيَاءِ عَنِ الْأَمْوَاتِ، حَتَّى تُنَافِسَهُمْ فِي كَسْبِ الْأَمْوَالِ، وَبِنَاءِ الْبُيُوتِ، وَشِرَاءِ الْآلَاتِ، وَاتِّخَاذِ الْأَزْوَاجِ، وَالْخَوْضِ فِي اللَّذَّاتِ؛ لِأَنَّ الْأَحْيَاءَ هُمْ أَمْوَاتُ الْمُسْتَقْبَلِ، كَمَا أَنَّ الْأَمْوَاتَ هُمْ أَحْيَاءُ الْمَاضِي.

يَا عَبْدَ اللَّهِ! كَمْ مِنْ رُقُودٍ لَمْ يَسْتَيْقِظُوا، وَكَمْ مِنْ ذَاهِبِينَ لَمْ يَعُودُوا، وَكَمْ مِنْ مَرْضَى لَمْ يَبْرَؤُوا! كُلُّ مَنْ يَعِيشُ يَمُوتُ، وَكُلُّ مَنْ يَأْكُلُ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ.

يَا عَبْدَ اللَّهِ! لَا تَكُنْ غَافِلًا عَنِ الْمَوْتِ؛ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِغَافِلٍ عَنْكَ، وَخُذْ لَهُ أُهْبَتَكَ؛ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي فِي أَيِّ آنٍ يَأْتِيكَ. دَعْ عَنْكَ الْآمَالَ الطَّوِيلَةَ، وَلَا تَتَّبِعْ مَا تَهْوَاهُ نَفْسُكَ. لَا تَفْرَحْ بِإِقْبَالِ الدُّنْيَا، وَلَا تَحْزَنْ عَلَى إِدْبَارِهَا. خُذْ عِنَانَكَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَسَلِّمْهُ إِلَى خَلِيفَةِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَقُودُكَ إِلَى النَّارِ، وَخَلِيفَةَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يَدْعُوكَ إِلَى الْجَنَّةِ.

يَا عَبْدَ اللَّهِ! إِنَّ الَّذِينَ يَعْصُونَ اللَّهَ لَيْسُوا بِأَنْصَارِ الْمَهْدِيِّ؛ إِنَّما أَنْصَارُهُ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَصَغَائِرَهُ؛ يَقُومُونَ اللَّيْلَ بِالصَّلَاةِ، وَيَقْضُونَ النَّهَارَ بِطَلَبِ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمِهِ الْآخَرِينَ؛ يُؤْمِنُونَ بِمَوَاعِيدِ اللَّهِ، وَيَخَافُونَ يَوْمَ الْجَزَاءِ؛ الْيَوْمَ الَّذِي يَشْخَصُونَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِمْ، وَيَجِدُونَ مَا عَمِلُوا حَاضِرًا.

إِنَّ أَنْصَارَ الْمَهْدِيِّ مُتَخَلِّقُونَ بِأَخْلَاقِ الأَنْبِيَاءِ، وَمُتَأَدِّبُونَ بِآدَابِ الصِّدِّيقِينَ؛ يَخْضَعُونَ لِلْحَقِّ عِنْدَمَا يَتَبَيَّنُ لَهُمْ، وَيُعْرِضُونَ عَنِ الْبَاطِلِ عِنْدَمَا يَفْتَضِحُ عِنْدَهُمْ؛ لَيْسُوا بِمُتَعَصِّبِينَ وَلَا مُتَعَنِّتِينَ، وَلَا أَبْذِيَاءَ وَلَا مَهَاذِيرَ؛ لَا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ، وَيُجَانِبُونَ الْمُفْتَرِينَ؛ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِ فَضِيلَتِهَا، وَيُنْفِقُونَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى الْفُقَرَاءِ؛ يَكْظِمُونَ الْغَيْظَ، وَيَتَجَاوَزُونَ عَنْ إِسَاءَةِ النَّاسِ؛ يُحْسِنُونَ بِوَالِدَيْهِمْ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى سُوءِ خُلْقِهِمَا؛ لَا يُهِينُونَ أَصْدِقَاءَهُمْ بِذَرِيعَةِ الصَّدَاقَةِ، وَلَا يَظْلِمُونَ أَعْدَاءَهُمْ بِحُجَّةِ الْعَدَاوَةِ؛ يُدَارُونَ الْجُهَّالَ، وَلَا يُمَارُونَ السُّفَهَاءَ؛ لَيْسُوا بِثَرْثَارِينَ وَلَا ضَحَّاكِينَ وَلَا نَوَّامِينَ وَلَا أَكَّالِينَ؛ يَمْسِكُونَ عِنَانَ شَهْوَتِهِمْ، وَلَا يُهْمِلُونَ جَانِبَ الْعِفَّةِ؛ لَيْسُوا زَائِغِي أَعْيُنٍ وَلَا قَلِيلِي حَيَاءٍ وَلَا مُرآئِينَ وَلَا هَذَّائِينَ؛ لَا يُوَالُونَ الْفَاسِقِينَ، وَلَا يُجَالِسُونَ الظَّالِمِينَ؛ يَشْتَغِلُونَ بِالْأَعْمَالِ النَّافِعَةِ، وَلَا يُضِيعُونَ وَقْتَهُمْ؛ يَأْنِسُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَعْرِفُونَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ؛ لَا يُنْكِرُونَ تَعَالِيمَ الْعَالِمِ وَلَا يُعَادُونَهُ، بَلْ يُجِيبُونَ دَعْوَتَهُ وَيُسَارِعُونَ إِلَى نُصْرَتِهِ، حِينَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْمَهْدِيِّ لِيَجْمَعَهُمْ لِنُصْرَتِهِ.

يَا عَبْدَ اللَّهِ! أَتَحْسَبُ أَنَّ الَّذِينَ يُجِيبُونَ دَعْوَتِي وَيُسَارِعُونَ إِلَى نُصْرَتِي، يَرْجُونَ نَصِيبًا مِنَ الدُّنْيَا؟! كَلَّا؛ إِنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنِّي لَا أَمْلِكُ مِنَ الدُّنْيَا شَيْئًا لِأُعْطِيَهُمْ مِنْهُ، وَلَنْ يَكُونَ لَهُمْ مَعِي سِوَى سَهَرِ اللَّيْلِ وَسَعْيِ النَّهَارِ، لَكِنَّهُمْ يَبْتَغُونَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، وَيَفِرُّونَ مِنْ نَارٍ وَقُودُهَا النَّاسُ وَحِجَارَةُ الْكِبْرِيتِ؛ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ الَّذِينَ يُعَادُونَنِي وَيُعِينُونَ أَعْدَائِي، يَرْجُونَ نَصِيبًا مِنَ الْآخِرَةِ؟! كَلَّا؛ إِنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يَتَحَيَّزُونَ لِأَرْبَابِ الدُّنْيَا، وَيَخْدِمُونَ الْأَقْوِيَاءَ وَالْأَثْرِيَاءَ، وَلَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ إِلَّا النَّارَ. فَذَرِ النَّاسَ يَخْتَارُوا طَرِيقَتَهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ مَجْبُورُونَ عَلَى الْإِخْتِيَارِ.

يَا عَبْدَ اللَّهِ! إِنَّا قَدِ انْطَلَقْنَا الْيَوْمَ لِنُؤَدِّيَ حَقَّ آلِ مُحَمَّدٍ، وَتَاللَّهِ لَنَمْضِيَنَّ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ، وَلَا نَخَافُ لَوْمَةَ لَائِمٍ. بُغْيَتُنَا مِنْ هَذِهِ الْحَرَكَةِ هِيَ التَّمْهِيدُ لِظُهُورِ الْمَهْدِيِّ؛ بُغْيَتُنَا هِيَ أَنْ نُمَكِّنَهُ مِنَ الْمُلْكِ. فَمَنْ رَافَقَنَا الْيَوْمَ كَانَ مَعَنَا غَدًا، وَنَحْنُ غَدًا نَكُونُ مَعَ مَنْ نَتَحَرَّكُ الْيَوْمَ إِلَيْهِ‌. فَاسْتَبِقُوا -يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ-؛ فَإِنَّكُمْ عِبَادُ اللَّهِ الصَّالِحُونَ؛ الَّذِينَ يُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ، وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ وَيَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ. اسْتَبِقُوا إِلَى نُصْرَةِ رَجُلٍ يَهْدِيكُمْ إِلَى خَيْرِ السُّبُلِ، وَيَدُلُّكُمْ عَلَى خَيْرِ الْمَنَاهِجِ، وَيَدْعُوكُمْ إِلَى خَيْرِ الْغَايَاتِ، مِنْ دُونِ أَنْ يَسْأَلَكُمْ أَجْرًا، أَوْ يَدَّعِيَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا.

أَسْأَلُ اللَّهَ لِي وَلَكُمُ الْعَفْوَ وَالْمَغْفِرَةَ، وَأَنْ يَجْعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَنْصَارِهِ وَأَنْصَارِ خَلِيفَتِهِ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَيَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيُجِيبُ الدُّعَاءَ.

وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ.

المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساهم في نشر العلم؛ فإنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
يمكنك أيضًا قراءة هذا باللغات التالية:
إذا كنت تجيد لغة أخرى، قم بترجمة هذا إليها، وأرسل لنا ترجمتك لنشرها على الموقع. [استمارة الترجمة]
تحميل مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الكتاب: الكلم الطّيّب؛ مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
الناشر: مكتب المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى
رقم الطبعة: الخامسة
تاريخ النشر: غرّة شعبان ١٤٤٥ هـ
مكان النشر: طالقان؛ أفغانستان