قال اللّه تعالى: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾[١]. إنّ هذه الآية الكريمة لهي مفتاح الهداية وباب الخروج من الظلمات إلى النور. فما من عبد منصف يستمع القول ليعمل بأحسنه، إلا حقّ على اللّه تعالى أن ينجز وعده ويوفّق ذلك العبد للهداية ويخرجه إلى النور من عالم الظلمات، الذي لا يقبع فيه إلا من استأنس الجهل وألفه، فراح يرفض كلّ ما لا يتوافق مع أهوائه النّفسانيّة وشهواته الدّنيويّة وتصوّراتها المسبّقة عن الدّين، ويسفّه كلّ فهمٍ لا يتوافق مع فهمه الخاصّ الأعمى عن الشرع، ويستهزئ بكلّ نصيحة لا تعاضد أمانيّه المتلوّنة عن عبادة اللّه وطاعته. إنّ العبد المنصف، على النقيض تمامًا، لا يأنس إلا الحقّ وأهله؛ لأنّه قد تيقّن أنّ الحقّ لا يُعرف بالرجال، ولكنّ الرجال يُعرفون بالحقّ، على النقيض تمامًا من الجاهل الضالّ؛ فإنّه لا يرضى دون الطواغيت من رهبان وأحبار كلّ أمّة أربابًا له، وذلك لأنّ الشيطان يقوده إليهم، ويزيّن له الزخرف من أقوالهم وأعمالهم.
عباد اللّه! ها نحن إخوة لكم، ندلّكم إلى خيرٍ عظيم، ونورٍ متّقد شعّ من قلوب رحيمة تحبّ لإخوانها ما تحبّ لأنفسها، فإن عملتم بهدى هذه الآية الكريمة، والبشرى الموجودة فيها، وتمسّكتم بسنّة اللّه في الهداية، واستمعتم لقولنا بإنصاف، ستجدونه مطابقًا لكتاب اللّه والسنّة النبويّة المتواترة والعقل السّليم. فإذا وعيتموه واتّبعتموه في الممارسة العمليّة، ستهتدون إلى صراط مستقيم يخرجكم من ظلمات هذه الدنيا الغرور، ويرفع منزلتكم في الآخرة. اعلموا أنّ إخوة لكم قد قاموا يريدون نبذ الباطل عن أعناق المسلمين، ويرمون لرمي الجهل والتقليد والأهواء النفسانيّة والدنيويّة والتعصّب والتكبّر والخرافات بجمرات الإيمان والتوحيد وعلم اليقين، ويسارعون في الدّعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويبذلون أقصى جهدهم في التمهيد لظهور خليفة اللّه في الأرض، آخذين بما لا يرقى إليه شكّ من كتاب اللّه تعالى وسنّة نبيّه المتواترة والعقل السّليم؛ فعاضدوهم وساعدوهم في ذلك، وفقًا لقول اللّه تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾[٢].
عباد اللّه! إنّ من يستمع قول الحقّ ويتّبعه فقد اتّبع هدى اللّه تعالى، ومن رام وراء الحقّ شيئًا لن يجد إلا الضلال، كما قال اللّه تعالى: ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾[٣]. أمّا نحن فقد استمعنا إلى مناد يقال له المنصور الهاشميّ الخراسانيّ، فوجدنا ما يقوله حقًّا؛ لأنّه كان مطابقًا لكتاب اللّه تعالى وسنّة نبيّه محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم المتواترة والعقل السّليم، وإن كان مخالفًا لكثير من تصوّراتنا وأهوائنا الدّنيويّة، فاتّبعنا الحقّ ولم نقلّد المنادي؛ لأنّ المنادي لم يدعنا إلى نفسه، ولم يكلّمنا بدون دليل أو بدليل غير قطعيّ حتّى نكون مقلّدين في اتّباعه؛ بالنظر إلى أنّه لا يرى التقليد جائزًا كما يرى أحبار هذه الأمة، ولا يريد لنفسه جاهًا أو منصبًا أو مالًا أو كرسيًّا أو صلة سلطانٍ أو حكومة، كما يريد رهبان هذه الأمة، ولكنّه يدعو إلى اللّه وخليفته بالحكمة والموعظة الحسنة، وأنّ له أثرًا بليغًا في البيان، وبطنًا من العلم عظيمًا، قد غفل عنه المسلمون بقعودهم، وقد استوعب بعض هذا العلم كتابٌ له مسمّى بلا هزل أو جهل باسم «العودة إلى الإسلام»؛ لأنّ المسلمين بعد أن أصبحوا طوائف ومذاهب ومدارس لن يهتدوا السبيل إلا إذا عادوا إلى الإسلام من بابه الذي أغلقوه على أنفسهم؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ﴾[٤].
ها أنتم قد عرفتم سرّنا ونحن قد سلّمناكم شهد كنزنا، فما أنتم فاعلون؟ هل تسعون الى اتّباع الحقّ عبر الإطّلاع على كتاب «العودة إلى الاسلام» والتعرّف على هذه الحركة الإسلاميّة المباركة بقيادة هذا المنادي الصادق، أم تقعدون في أماكنكم التي طال قعودكم فيها ﴿فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا﴾[٥]؟!
عسى اللّه أن يهدينا وإيّاكم إلى صراطه المستقيم. ﴿وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى﴾[٦].