منذ ألف عام على الأقلّ، كان علماء المسلمين فريقين: فريق كانوا مصرّين على أنّ المهديّ لم يولد بعد، وليس من المعلوم لنا ولا راجعًا إلينا أنّه متى يولد، وفريق آخر كانوا معتقدين أنّه قد ولد، لكنّه غائب ولا يمكن تحقيق حكومته حتّى يشاء اللّه وتقتضي المصلحة. إذن عند الفريقين جميعًا لا بدّ من طلب حكومة أخرى؛ لأنّه «من الممكن أن تمضي مائة ألف سنة أخرى ولا تقتضي المصلحة أن يأتي المهديّ. في هذه الفترة الطويلة، يجب أن تبقى أحكام الإسلام معطّلة ولا تنفّذ؟ ... يكون فوضى؟»[١] هل أنت الآن تشكّك في مبدأ كلا الفريقين الذي قد ترسّخ خلال أكثر من ألف عام؟!
● الأستاذ: نعم، هو كذلك. إنّ الذي أزال حكومة الإنسان الكامل من قائمة النظامات السياسيّة الواقعيّة هو هذا الوهم الواهي أنّ حكومته ليست في متناول الناس، أو بعبارة أخرى ليست تحقيقها في اختيار الناس! لكن حقًّا لماذا؟! لأيّ سبب؟! بأيّ دليل علميّ اعتُبر تحقيق حكومته غير ممكن للناس، وفي أيّ مصدر دينيّ تمّ إخلاؤهم من المسؤوليّة عن ذلك؟! هل هذا إلا وهم مشؤوم وخطأ كبير من قبيل آلاف الأوهام والأخطاء الأخرى التي قد شاعت وتأصّلت في الناس؟!
● الأستاذ مكث هنيهة ثمّ تابع: إنّ الذين يصرّون على أنّ المهديّ لم يولد ولا يعتبرون لأنفسهم أيّ دور في وجوده وينتظرون أن يحدث بطريق الصدفة، لا يلتفتون إلى أنّ وجود المهديّ ليس أمرًا عرضيًّا وتابعًا لقانون الإحتمالات، بل هو تدبير إلهيّ تابع لسنن اللّه التي لا تتبدّل، وسوف يتحقّق في وقت مناسب، والوقت المناسب لذلك هو الوقت الذي يكون الناس فيه مستعدّين ومستأهلين لحاكميّته وتحقّق العدل المطلق العالميّ، وإلا سيكون وجود المهديّ وعدمه سواء عليهم.
 
        
 
             
            