أريد أن أقول أنّ ما قلت حتّى الآن هو الأساس المشترك بين جميع أهل الإسلام، بل جميع أهل الأديان بطريقة ما، بل عسى أن يكون الأساس المشترك بين جميع عقلاء العالم. إنّما أقول هذا لأنّه قد لا ينكر عاقل من حيث أنّه عاقل أولويّة حكومة الإنسان الكامل بخصائصها الأربعة، لكنّ المنازعات السياسيّة كلّها في أنّه إذا لم يكن تحقّقها ممكنًا فماذا يجب أن يُفعل؟ عند هذه النقطة يفترق كلّ تيّار عن الآخر ويقول كلّ صنف من الناس شيئًا. على سبيل المثال، بعضهم يقدّمون الجمهوريّة، وبعضهم الآخر لا يرونها كافية بمفردها ويقيّدونها بقيد الإسلاميّة أو غيرها. على أيّ حال، ما دفع الناس كلّهم إلى هذه المنازعة بعلم أو بغير علم كان هذا الإفتراض أنّه لا يمكن التوقّف مكتوف اليدين حتّى يولد الإنسان الكامل أو يظهر، بل لا بدّ من قبول حكومة أخرى لكي لا يقع المجتمع في الفوضى ولا ينهار. في الواقع، هذا «اضطرار». الآن ما الذي يجب فعله في هذا الإضطرار حسب رأيك؟
● الأستاذ الذي كان في هذه اللحظات ينظر إلى السماء مستمعًا، نظر إلى الطالب بعين فيها دموع فقال: لقد سمعت قولك وفهمته، لكن لا أدري هل أنت أيضًا تسمع قولي وتفهمه أم لا!
■ قال الطالب وهو متعجّب من حال الأستاذ: بالطبع أسمع يا أستاذ! لقد جئت لأجل الإستماع، ولم أجئ لأجل القول. فقد قلت كثيرًا واستمعت قليلًا حتّى الآن. لقد جئت لأكون من الذين يصفهم القرآن بأنّهم ﴿يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾[١].
