■ الطالب: قولك له عمق خاصّ. أرجو مزيد التوضيح عنه.
● الأستاذ: من الواضح أنّ كلّ فرد، إمّا يتمّ تلبية جميع احتياجاته بطريقة لا يتعارض تلبية أحد منها مع تلبية الآخر، أو لا يتمّ، وبعبارة أخرى إمّا يصبح ما يستطيع أن يكون، أو لا يصبح. فإن أصبح فقد فاز بالعدل، بحيث أنّه لم يعد من الممكن أن يطلق عليه «المحروم»، وإن لم يصبح فهو محروم، بحيث أنّه يصحّ سلب عنوان «الفائز بالعدل» عنه. لذلك، يمكن القول أنّ العدل النسبيّ ليس له وجود حقيقيّ، بل هو اعتباريّ بحت. الشيء الذي يمكن أن يكون له وجود حقيقيّ هو «العدل المطلق». أساسًا «العدل» و«النسبيّ» متضادّان، متنافيان، ينقض أحدهما الآخر؛ كما إذا قلت في عبارة وصفيّة: «الجميل القبيح»!
■ الطالب: إذن لا يمكن القول أنّ في بعض المجتمعات عدل أكثر وفي بعضها الآخر عدل أقلّ، مع أنّ الوجدان يقول ذلك!
● الأستاذ: إنّما يقول الوجدان ذلك «اعتبارًا»، لكنّ «الحقيقة» أنّه ليس في أحد من المجتمعات «العدل». العدل الحقيقيّ هو «عالميّ» أساسًا وبالضرورة؛ بمعنى أنّه لا يمكن أن يكون في جزء من العالم دون أجزائه الأخرى؛ لأنّ تجزئة العالم، من ناحية، هي اعتباريّة، والذي له حقيقة هو «النظام الواحد العالميّ»، ومن ناحية أخرى، ليس أيّ جزء ممّا يقال له أجزاء العالم منفصلًا عن أجزائه الأخرى، بل هي مترابطة ومتماسكة في نظام واحد من التأثير والتأثّر. لذلك، فإنّ العدل الحقيقيّ هو «العدل المطلق العالميّ»، وهذه حقيقة لا مجال للشّكّ فيها.
 
        
 
             
            