أمّا بالنسبة للمسألة الثانية فيجب أن لا تتأثّر بالدّعايات والإملاءات الشائعة؛ لأنّنا إذا قطعنا الجذر الرئيسيّ للمشاكل، ففي الواقع قد قضينا على المشاكل كلّها. لذلك، فإنّنا في الوقت الذي نتعامل فيه مع الجذر الرئيسيّ، نتعامل مع السطوح أيضًا؛ كما أنّك إذا اقتلعت الشجرة من أصلها، ففي الواقع قد دمّرت أغصانها أيضًا، لكنّك إذا قطعت الأغصان وتركت الأصل، فإنّ الشجرة لا تزال حيّة، وستنبت في العام المقبل أغصانًا جديدة!
■ الطالب فكّر قليلًا ثمّ قال: أنت على حقّ، لكنّنا نرى مع الأسف أنّ كثيرًا من الذين لديهم هموم اجتماعيّة واهتمام بإصلاح البلاد، قد ظلّوا عاكفين في السطوح، ولم يهتدوا إلى العمق والأصل، وكذلك قد أضاعوا قواهم.
● الأستاذ هزّ رأسه أسفًا وقال: إنّهم ركّاب سفينة مثقّبة تغرق، لكنّهم بدلًا من الفحص عن ثقبة السفينة وإصلاحها ومنع دخول الماء من خلالها، قد أخذوا إناء ويخرجون به الماء، غير مدركين أنّهم لا يخرجون منه شيئًا إلّا ويخلفه مائة ضعفًا! ألا يمكن القول في هذه الحالة أنّهم يحاولون عبثًا؟! لذلك ترى سفينة المجتمع تغرق تدريجيًّا، وبعد فترة تضلّ في خضمّ أمواج التدهور الرهيبة.
● مكث الأستاذ هنيهة ثمّ تابع: سبب هذه الغفلة المهلكة أنّهم لم يجدوا ثقبة السفينة. يرون الماء يدخل، ولكنّهم لا يعرفون من أين! هؤلاء الذين يدّعون اليوم إصلاح المجتمع وحلّ مشاكل الناس كنخب سياسيّة أو ناشطين وطنيّين أو قادة دينيّين أو حتّى جماعات جهاديّة، هم كذلك.
