فمثلًا قد قامت مشكلة الجرائم الإجتماعيّة على مشكلة الفقر، ومشكلة الفقر على مشكلة البطالة، ومشكلة البطالة على مشكلة تخلّف المجتمع، ومشكلة تخلّف المجتمع على المشاكل الأكثر داخليّة، حتى تنتهي إلى المشكلة الرئيسيّة والأساسيّة. بشكل عامّ، يجب الإنتباه إلى أنّ مشاكل المجتمع ليست مستقلّة ومنفصلة عن بعضها البعض بأيّ وجه من الوجوه، بل هي مترابطة وتتأثّر بعضها ببعض وتؤثّر بعضها على بعض كسلسلة ذات حلقات. إنّك إذا نظرت إلى كلّ مشكلة في مجتمعك دون الإنتباه إلى المشاكل الأخرى ولم تضع العلاقات في الإعتبار، لم تستطع الحصول على معرفة صحيحة بها، وإذا لم تعرف الدّاء لم تستطع العثور على دواء مناسب له.
● الأستاذ نظر إلى السّبّورة وقال: يمكن رسم هذا المخطّط البيانيّ للأفراد الذين يعيشون في المجتمع أيضًا؛ لأنّ مستوى معرفتهم وعمق رؤيتهم ذو درجات مختلفة. أكثر النّاس، وهم العامّة، يستقرّون في الدّائرة الخارجيّة، وفي الدّوائر الأكثر داخليّة يسكن الأصناف الأكثر وعيًا من النّاس. كلّما اقتربنا من الدّائرة المركزيّة للمعرفة قلّ عدد الأشخاص المتبقّين، حتّى يبقى في الدّائرة المركزيّة أشخاص معدودون. فكلّما كانت دائرة معرفة الأشخاص أكثر داخليّة، أدركوا دائرة أكثر داخليّة من مشاكل المجتمع.
● فمكث الأستاذ هُنيهة ثمّ تابع: إذا تمّ إصلاح الدّوائر الخارجيّة للمشاكل، لم يتمّ إصلاح الدّوائر الدّاخليّة؛ كما لا يتمّ إصلاح جذور الشجرة بإصلاح فروعها، بل يمكن أن يقال: ليس من الممكن أساسًا إصلاح الدّوائر الخارجيّة للمشاكل دون إصلاح الدّوائر الدّاخليّة؛ لأنّ الدّوائر الدّاخليّة هي بمثابة العلّة للدّوائر الخارجيّة.
