كاتب السؤال: سعيد تاريخ السؤال: ١٤٣٦/٣/١٢

ما رأي السيّد المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حول المدّعين الذين يعتبرون أنفسهم في الوقت الحاضر ولد الإمام المهديّ عليه السلام ونائبه ورسوله، مستشهدين بالأحلام ومتأوّلين لبعض أخبار الآحاد؟

الاجابة على السؤال: ١ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٦/٣/١٢

ليس من المستحيل عقلًا أو شرعًا وجود نائب أو رسول أو ولد للإمام المهديّ عليه السلام، بناء على القول بوجوده في الوقت الحاضر؛ لأنّ الإمام المهديّ عليه السلام، بناء على القول بوجوده في الوقت الحاضر، هو بشر مثل سائر الناس، ويمكنه مثلهم أن يستنيب لبعض أموره، أو يبعث رجلًا في حاجته، أو يتّخذ زوجة فيولد له، ولكن بما أنّ نيابة أو رسالة أو ولديّة شخص لآخر هي شيء مخالف للأصل، يجب على مدّعيها إثباتها بالدليل المعتبر شرعًا، وليس من ذلك الأحلام ولا أخبار الآحاد؛ لأنّه لم يرد في الكتاب والسنّة ما يدلّ على جواز الأخذ بالأحلام في قبول دعاوي الناس إذا لم يكن لهم بيّنة أو كانت البيّنة عليهم، ولا يُقبل من القاضي أن يحكم بدون البيّنة أو بخلافها معتذرًا بأنّه رأى في النوم ما يقتضي ذلك، وكذلك ليس لأحد أن يعتقد أو يعمل بشيء لا حجّة له من العقل والشرع محتجًّا بأنّه رأى في النوم ما يدلّ على ذلك، وهذا ما جاء عن أهل البيت عليهم السلام بصراحة إذ قالوا: «إِنَّ دِينَ اللَّهِ أَعَزُّ مِنْ أَنْ يُرَى فِي النَّوْمِ»[١]، وإنّما يُستثنى من ذلك ما يراه معصوم؛ كما رآه إبراهيم عليه السلام إذ قال: ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ[٢]، وما يراه غير معصوم ولكن يعبّره معصوم؛ كما رآه فرعون فعبّره يوسف عليه السلام إذ قال الرسول: ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ۝ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ[٣]، وأمّا غيرهما ممّا يراه الناس أو يعبّرونه فليس بشيء وغاية ما يفيده الظنّ؛ كما أنّ أخبار الآحاد أيضًا ظنّيّة الصدور ولذلك لا يجوز الأخذ بهما فيما يتعلّق بالدين؛ لصريح قول اللّه تعالى: ﴿إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا[٤]. بناء على هذا، فإنّ المدّعين الذين يعتبرون أنفسهم في الوقت الحاضر ولد الإمام المهديّ عليه السلام ونائبه ورسوله مستشهدين بالأحلام ومتأوّلين لبعض أخبار الآحاد، يدّعون شيئًا لا يمكن تصديقه شرعًا. هذا إذا كانت سائر أقوالهم وأفعالهم لا تشتمل على شيء معلوم من العقل والشرع بطلانه، وأمّا إذا كانت سائر أقوالهم وأفعالهم تشتمل على شيء معلوم من العقل والشرع بطلانه، فلا بحث في وجوب تكذيبهم؛ لأنّه من المستحيل أن يتّخذ الإمام المهديّ عليه السلام أمثال هؤلاء الضلّال نوّابًا أو رسلًا لنفسه حتّى يضلّوا الناس بأقوالهم وأفعالهم الباطلة، ولو أنّهم كانوا أولاده -كما يزعمون- لكانوا أمثال ولد نوح عليه السلام الذي قال اللّه تعالى فيه: ﴿يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ[٥].

الحاصل أنّه لا يجوز تصديق أمثال هؤلاء المدّعين واتّباعُهم، بل يجب دفع شرّهم على كلّ مسلم متمكّن من ذلك؛ لأنّ هؤلاء المدّعين، سواء كانوا كذبة مكرة أو مرضى عقليًّا، من خلال دعاويهم الواهية وتعاليمهم الباطلة، يشوّهون شعائر الإسلام، ويوهنون معالم الدين، ويوقعون المسلمين في الشبهة والظنّ السوء، بحيث أنّهم لا يعرفون الحقّ بعد ظهوره من الباطل، ولا يميّزون المعجزة بعد مشاهدتها من السحر، ويصلون إلى مستوى من التشاؤم والحكم المسبّق يعتبرون فيه المهديّ أيضًا بعد خروجه كذّابًا آخر من الكذّابين، وهذا لن يكون إلا بسبب الفتنة التي أثارها هؤلاء الشياطين؛ لأنّهم لم يتركوا آية ولا رواية في هذا الباب إلا وطبّقوها على أنفسهم، ولم يتركوا معجزة ولا علامة إلا ونسبوها إلى أنفسهم، فملؤوا آذان المسلمين بكلّها، حتّى صاروا لا يرغبون في سماع شيء من مثلها، ويبادرون إلى إنكار أيّ شيء من نوعها دون النظر والمراجعة، وهكذا سيُمنَعون من معرفة المهديّ بعد ظهوره، وربما يقفون في وجهه بقياسهم الباطل واستقرائهم الناقص! لا شكّ أنّ هذا كان كيد إبليس، ليحول به دون معرفة المهديّ، وقد تمّ تنفيذه بواسطة أولاده المشؤومين في بعض البلدان الإسلاميّة مثل إيران والعراق.

قاتل اللّه المدّعين الكذبة الذين هم أكبر أعداء الإمام المهديّ عليه السلام وأكبر أعداء أنصاره الحقيقيّين الذين يدعون إليه بدون ادّعاء أو قول باطل؛ لأنّهم من خلال التسمّي بأسماء هؤلاء الكرام، والتلاعب بكلماتهم الرئيسيّة، وخلق التشابهات الظاهريّة معهم لأجل إغواء الجهلة، يبتذلون قولهم وينفّرون الناس من دعوتهم ويعسّرون عليهم إصلاح أمور المسلمين وإقامة الإسلام الخالص والكامل؛ كما جاء في قصّة الراعي الكذّاب الذي أكثر على الناس الإدّعاء الكاذب وكرّر عليهم النداء الباطل، حتّى فقدوا اهتمامهم بمثل هذا الإدّعاء، ولم يبق لهم أيّ ثقة بمثل هذا النداء، وصاروا لا يبالون بمن يستغيث بهم من الرّعاة وإن كان من الصادقين!

فلعن اللّه هؤلاء الدجّالين ودفع شرّهم عن دينه وخليفته المهديّ والممهّد لظهور خليفته المنصور الذي يدعو إليه بدون أيّ ادّعاء وقول باطل، ووفّق جميع المسلمين لمعرفة الحقّ من الباطل، والصّحيح من الخطأ، والصّدق من الكذب، والحكمة من السفاهة؛ فإنّه أرحم الراحمين.

↑[١] . الكافي للكليني، ج٣، ص٤٨٢؛ علل الشرائع لابن بابويه، ج٢، ص٣١٢
↑[٢] . الصّافّات/ ١٠٢
↑[٣] . يوسف/ ٤٦-٤٧
↑[٤] . يونس/ ٣٦
↑[٥] . هود/ ٤٦
رقم التعليق: ١ كاتب التعليق: السيّد تاريخ التعليق: ١٤٣٦/٤/٢٦

هل المنصور الهاشمي الخراساني يعرف أحمد الحسن؟ ما هو رأي جنابه فيه؟ هل هو على حقّ أم لا؟ لماذا؟ مع جزيل الشكر

الاجابة على التعليق: ١ تاريخ الاجابة على التعليق: ١٤٣٦/٤/٢٧

إنّ حقّانيّة المرء أو عدم حقّانيّته ليست شيئًا مكتوبًا على جبهته، لكنّها شيء يرجع إلى اعتقاده وعمله. فإن كان اعتقاده وعمله صحيحًا فهو على حقّ، ولو أطلق عليه الناس «الدّجّال»، وإن كان اعتقاده وعمله غير صحيح فهو على غير حقّ، ولو أطلق عليه الناس «ابن المهديّ»، وقد بيّن السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى الإعتقاد والعمل الصحيح في كتابه القيّم «العودة إلى الإسلام»، بالإستناد إلى الأدلّة اليقينيّة من القرآن المجيد والسنّة المتواترة والعقل السليم. فمن قرأ هذا الكتاب، ثمّ نظر في معتقدات هذا الذي سمّيته، لوجد الجهل فيها ظاهرًا والضلال فيها بيّنًا، ولا شكّ أنّ هذا الذي سمّى نفسه «ابن المهديّ»، حتّى لو سمّى نفسه «ابن اللّه»، هو من «ذرّيّة الشيطان» ما لم يكن له اعتقاد صحيح، وقد قال اللّه تعالى في ذكر الشيطان: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا[١]. فويل لهذا وأتباعه من خزي في الحياة الدّنيا وعذاب عظيم في الآخرة إلا أن يرجعوا عن معتقداتهم الباطلة، ويتوبوا إلى اللّه توبة نصوحًا، ويصلحوا ما أفسدوا على الناس من دينهم، ويلتحقوا بالممهّدين الصادقين لظهور المهديّ.

الممهّدون الصادقون لظهور المهديّ هم جماعة من أهل خراسان قد خرجوا برايات سود في طلب المهديّ، فيدعون إليه دعوة خالصة، ليس فيها شرك ولا شبهة، وقائدهم المنصور هو عالم صالح لا يقول ما ليس له بحقّ. إنّه لا يدّعي أنّه المهديّ، ولا يدّعي أنّه ابنه، ولا يدّعي أنّه نائبه، ولا يدّعي أنّه رسوله، ولكنّه يدعو إليه في الممارسة العمليّة، ويمهّد لظهوره على أرض الواقع، وكلّ من كان اللّه يريد به خيرًا فهو يسارع إليه ولو حبوًا على الثلج.

↑[١] . الكهف/ ٥٠
رقم التعليق: ٢ كاتب التعليق: أبو محمّد الكاظمي تاريخ التعليق: ١٤٤٣/٢/٧

قرأت إجابتكم لمن سأل عن حال المدّعين، وكانت في غاية الصواب، وقرأت ما علّقتم عليها ممّا يتبيّن به حال أحمد الحسن اليماني، وراجعت كتاب «العودة إلى الإسلام» للسيّد المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى، فوجدته كتابًا مليئًا بالعلم الصحيح المستند إلى الأدلّة القطعيّة العقليّة والشرعيّة، ووجدت ما فيه مناقضًا لكثير ممّا يعتقده أحمد الحسن، ولا شكّ أنّ من قرأ هذا الكتاب بعناية، ثمّ نظر في معتقدات هذا الرّجل، لوجد الجهل فيها ظاهرًا والضلال فيها بيّنًا، لكنّ الواقع أنّ أكثر أتباع هذا الرّجل لا ينظرون في هذا الكتاب ويزعمون أنّهم أغنياء عن ذلك، للجزميّة التي ترسّخت فيهم والتعصّب الشديد الذي يحملهم على رفض الإطّلاع على الأفكار والآثار المخالفة، وقد زيّن لهم شياطينهم أنّ أدلّتهم كافية ولا يرقى إليها شكّ، وأنّ جميع الشبهات والإعتراضات الواردة عليهم قد أجيب عنها، مع أنّ الأمر ليس كذلك؛ كما أنّ كتاب «العودة إلى الإسلام» قد هدم كثيرًا من معتقداتهم من أساسها وكشف عن عظيم جهلهم وضلالهم وهم عنه غافلون!

إنّي أرسلت هذا الكتاب إلى بعض من أعرفه منهم ودعوتهم إلى قرائته بعناية ليتبيّن لهم وجه أخطائهم، ولكنّهم أجابوني على الفور بأنّهم قد قرؤوا «أمثال هذا الكتاب» ولم يجدوا فيها شيئًا مهمًّا، وكان ممّا أضحكني قول بعض دعاتهم وكبرائهم: «هذا كتاب قد ملئ بالأدلّة العقليّة، وهي غير معتبرة عندنا، فإن كنت صادقًا فأتنا بدليل نقليّ؛ لأنّ المعتبر عندنا هو الأخبار فقطّ! فدعنا من الأدلّة العقليّة، وهات خبرًا واحدًا يقول أنّ حجّة اللّه يُعرف بالمعجزة دون النصّ»! إنّي قد ناظرت هذه الطائفة كثيرًا. إنّهم يقولون هذه الأدلّة العقليّة كلّها من مخترعات الملالي في الحوزات العلميّة، والمعتبر في الإسلام هو الأخبار فقطّ، والأخبار أيضًا كلّها حجّة، ولا عبرة بعلم الرّجال وأحوال الرّواة؛ لأنّه أيضًا من مخترعات الملالي في الحوزات العلميّة! ولا تخفى عليكم علّة قولهم هذا، وهي أنّ أهمّ دليلهم على حقّانيّة صاحبهم خبر في كتاب «الغيبة» للشيخ الطوسيّ يسمّونه «حديث الوصيّة»، وهو خبر ضعيف جدًّا عند المهتمّين بعلم الرّجال وأحوال الرّواة! ولذلك لا يستقيم أمرهم إلا برفض هذا العلم!

كما يدعوهم إلى القول بكفاية النصّ وعدم الحاجة إلى المعجزة لمعرفة حجّة اللّه، علمهم بعدم ثبوت أيّ معجزة من صاحبهم، ولذلك يبذلون قصارى جهدهم في إثبات كفاية النصّ من جانب، وفي الدفاع عن حديث الوصيّة من جانب آخر؛ إذ المفروغ عنه عندهم أنّ الحديث المذكور نصّ على صاحبهم ودليل على أنّه صادق في كلّ دعاويه من أنّه حجّة اللّه، وأنّه مهديّ ووصيّ، وأنّه ابن المهديّ عليه السلام (بمعنى أنّ المهديّ عليه السلام أحد أجداده، وإلا فإنّ أباه معروف)، وأنّه اليمانيّ الموعود، وأنّه منقذ البشر، وغير ذلك ممّا يدّعيه، ووجه دلالته أنّه قد ورد فيه أنّ بعد المهديّ عليه السلام اثني عشر مهديًّا، وأنّ أوّلهم ابنه الذي له ثلاثة أساميّ: عبد اللّه وأحمد والمهديّ، واسم أحمد الحسن أيضًا أحمد، وقد ادّعى أنّه هو، وهذا دليل على أنّه هو؛ لأنّه أوّل أحمد ادّعى ذلك، وليس من الممكن أن يكون أوّل أحمد ادّعى ذلك كذّابًا؛ لأنّه يستلزم ضلال الناس بوصيّة النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، مع أنّ من اتّبع وصيّة النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لا يضلّ، ولما روي عن الصادق عليه السلام: «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَدَّعِيهِ غَيْرُ صَاحِبِهِ إِلَّا بَتَرَ اللَّهُ عُمُرَهُ»، مع أنّ أحمد الحسن ادّعاه ولم يبتر اللّه عمره، وهذا دليل على أنّه صاحبه! لا سيّما بالنظر إلى علمه الذي يفوق علم جميع العلماء في زعمهم، وللعلم عندهم دور مهمّ في معرفة حجّة اللّه، ومن ثمّ يجعلونه من الحجج الرئيسيّة على حقّانيّة صاحبهم!

هذا أهمّ ما يتمسّكون به لإثبات دعاويهم العظيمة، ولهم حجج أخرى أوهن من ذلك يذكرونها كمؤيّدات؛ كقولهم بأنّ لصاحبهم معجزات، وعلى رأس معجزاته أنّه يعرف موضع قبر فاطمة عليها السلام، وهذا ما أخبر عنه بنفسه فقال: «أوّل معجزة أظهرها للمسلمين وللناس أجمعين هو أنّي أعرف موضع قبر فاطمة (ع) بضعة محمّد (ص)، وجميع المسلمين مجمعين على أنّ قبر فاطمة (ع) مغيّب لا يعلم موضعه إلا الإمام المهديّ (ع)»، وقولهم بأنّهم قد رأوا منامات كثيرة تدلّ على حقّانيّة صاحبهم، وقولهم بأنّهم قد فتحوا المصحف مرارًا فخرج ما يدلّ على حقّانيّة صاحبهم، وقولهم بأنّهم يدعون مخالفيهم إلى المباهلة، وقولهم بأنّ دخانًا خرج من بركان آيسلندا فظهر فيه ما يشبه كلمة «أحمد»، وغير ذلك من المزخرفات التي لا داعي لذكرها بعد ذكر أهمّ مستنداتهم!

وقد بلغ من جرأة صاحبهم على اللّه تعالى وافترائه على الأنبياء والأئمّة أنّه قال: «أمرني أبي وسيّدي محمّد بن الحسن المهديّ أن أقول هذه الكلمات: <أنا حجر في يمين عليّ بن أبي طالب ألقاه في يوم ليهدي به سفينة نوح، ومرّة لينجي إبراهيم من نار نمرود، وتارة ليخلّص يونس من بطن الحوت، وكلّم به موسى على الطور، وجعله عصًا تفلق البحار، ودرعًا لداوود، وتدرّع به في أُحد وطواه بيمينه في صفّين>» ذكره في كتابه الذي سمّاه «الجواب المنير عبر الأثير» (ج١، ص١٦)، وقال في كتاب آخر سمّاه «بيان الحقّ والسداد» (ج٢-١، ص٣٨): «أنا سعد النجوم، ونجمة الصبح، ودرع داوود»، وادّعى أيضًا أنّه هو الذي صُلب مكان عيسى عليه السلام بعد أن شُبّه بصورته، ذكر ذلك في كتابه الذي سمّاه «المتشابهات» (ج٤، ص١٢٠) وفي «مجموعة أدلّة الدّعوة للمسيحيّين واليهود» (الجواب عن السؤال ١٧٩)، وادّعى أيضًا أنّ الحجر الأسود هو في الحقيقة هو (المتشابهات، ج٤، ص٧٦)، وادّعى أيضًا أنّه هو كتاب اللّه، والقرآن الكريم، والنبأ العظيم (بيان الحقّ والسداد، ج٢-١، ص١٤ و٤٤)، وادّعى أيضًا أنّه «هو الرسول المبين المذكور في سورة الدخان» (بيان الحقّ والسداد، ج٢-١، ص٤٣)، وادّعى أيضًا أنّه هو «المعزّي» الذي بشّر به المسيح عليه السلام في إنجيل، وهو أفضل من المسيح عليه السلام، يوجد ذلك في «مجموعة أدلّة الدّعوة للمسيحيّين واليهود»، وادّعى أيضًا أنّه «هو إمام مفترض الطاعة من اللّه» (المتشابهات، ج٤، ص٤٦)، وادّعى أيضًا أنّه هو قائم آل محمّد (بيان الحقّ والسداد، ج٢-١، ص٥٠)، وادّعى أيضًا أنّه هو من شروط كلمة لا إله إلا اللّه (الجواب المنير عبر الأثير، ج١، ص١٨)، وادّعى أيضًا أنّه «روضة من رياض الجنة أخبر عنها رسول اللّه» (من بيان نشره لإظهار قبر فاطمة عليها السلام بزعمه)، وادّعى أيضًا أنّ دماء الحسين سالت في كربلاء لأجله (الجواب المنير عبر الأثير، ج١، ص١٩)، وادّعى أيضًا أنّ من لم يلتحق به فهو خارج من ولاية علي بن أبي طالب، وكلّ أعماله العباديّة باطلة جملة وتفصيلًا (بيان البرائة المنشور في ١٣/٦/١٤٢٥هـ)، وغير ذلك من الدعاوي العظيمة التي تضحك الثكلى، ومن أقواله المنكرة «أنّ آل محمّد هم موسى وهامان، وهم إبراهيم ونمرود، وهم نار إبراهيم، وهم بردها وسلامها»، قاله في «إضاءات من دعوات المرسلين» (كلّ الأجزاء، ص٥٤)، و«أنّ إبراهيم عليه السلام لما كُشف له ملكوت السماوات ورأى نور القائم عليه السلام قال: هذا ربّي، فلمّا رأى نور عليّ عليه السلام قال: هذا ربّي، فلمّا رأى نور محمّد قال: هذا ربّي، ولم يستطع إبراهيم عليه السلام تمييز أنّهم عباد إلا بعد أن كشف له عن حقائقهم»، قاله في «المتشابهات» (ج١، ص٢٥)، و«أنّ يونس عليه السلام مات في بطن الحوت، وروحه نظرت الى ظلمات جهنّم، ونظر إلى طبقاتها السفليّة... ولكنّي أُبيِّن الحقيقة وهي أن يُنبذ جسده بالعراء، وروحه تلبث في طبقات جهنّم إلى يوم يبعثون»، قاله في «المتشابهات» (ج٤، ص٩٨ و٩٩)، و«أنّ الامام المهدي عليه السلام له مقام النّبوّة»، قاله في «الجواب المنير عبر الأثير» (ج٣، ص٢٢)، وغير ذلك من الأقوال المنكرة التي لا داعي لذكرها.

هذا أهمّ ما وقفت عليه من حججه ودعاويه، وإنّما ذكرتها لكم بالتفصيل على شناعتها لتبينوا لنا عن رأيكم السديد في كلّ واحدة منها وترشدونا إلى الصواب بالأدلّة الواضحة وتأتونا بجواب فصل، لعلّنا ننشره بين الناس ليحذروا من فتنة هذا الرّجل، ونبلغه الغافلين من أتباعه الذين خُدعوا بجهلهم وسذاجتهم، فيتنبّهوا ويرجعوا إلى الحقّ، وذلك لأنّي وجدت السيّد المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى أعلم علماء هذا العصر، بل أعلم علماء الأمّة بعد أئمّة أهل البيت على الإطلاق، وأنتم كبار أصحابه وتلاميذه الذين يفيضون علينا من علمه الوافر، ولا أشكّ أنّ بيانكم في هذا الموضوع سيكون خير بيان انتشر فيه، ويسبّب استبصار كثير من الناس إن شاء اللّه.

الاجابة على التعليق: ٢ تاريخ الاجابة على التعليق: ١٤٤٣/٢/١٧

أيّها الأخ المؤمن!

قد بلغنا كتابك وفهمنا ما ذكرت فيه من فتنة هذا الرّجل البصريّ المتسمّي بـ«اليمانيّ» وما طلبت فيه من البيان المفصّل عن فساد حججه ودعاويه، فأجبناك إلى ذلك بالرغم من كثرة مشاغلنا وقلّة وقتنا وكراهتنا لذكر الدجّالين بأسمائهم، وليس هذا الرّجل عندنا جديرًا بالذكر لوضوح غيّه وظهور جهله، ولكنّ المصيبة أنّنا ابتُلينا بقوم يستكبرون حقير الرّجال ويستحسنون قبيح الأقوال، ويغرقون في أضحل المياه ويزولون بأهون الرياح، وقد وصفهم اللّه تعالى في كتابه فقال: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ[١]، ووصفهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في كلامه المشهور فقال: «هَمَجٌ رَعَاعٌ، أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ، يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ، لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ»[٢]، وعلى هذا يدلّ قول العبد الصالح المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى لمّا سئل عن هذا الرّجل، فقيل له: «إِنَّ غُلَامًا خَرَجَ يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ الْحَسَنُ، يَزْعُمُ أَنَّهُ الْيَمَانِيُّ الَّذِي جَاءَتْ فِيهِ رِوَايَةٌ، فَيَقُولُ لِنَفْسِهِ الْمَهْدِيَّ، وَيَقُولُ الْمُنْجِي، وَيَقُولُ الْوَصِيَّ، وَيَقُولُ كُلَّ شَيْءٍ»، فقال: «أَلَيْسَ هَذَا الَّذِي قَدْ خَرَجَ بِالْعِرَاقِ؟» قيل: «بَلَى»، قال: «هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ»![٣]

فنلفت انتباهك إلى النكات التالية:

١ . لقد كفر الذين قالوا أنّ العقل غير معتبر عندهم؛ لأنّ اعتبار العقل في الإسلام، لا سيّما فيما يتعلّق بالعقائد، هو ممّا يُعلم من صريح كتاب اللّه تعالى، كقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ[٤]، وقوله: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ[٥]، وقوله: ﴿وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ[٦]، والقاعدة أنّ من جحد ما يُعلم من صريح كتاب اللّه تعالى فهو كافر؛ كما قال: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ[٧]، وهذه أوّل خطوة من خطوات الشيطان اتّبعها هؤلاء الضّالّون أن رفضوا حجّيّة العقل، ولم يرفضوها إلا ليتمهّد الطريق لسائر ضلالاتهم؛ لأنّ العقل هو أوّل حاكم يحكم ببطلان عقائدهم، ولو أنّ الناس تعقّلوا لم يقعوا في فخّهم، ولذلك من الطبيعيّ أن ينكروا حجّيّة العقل ليتيسّر لهم صيد الناس، ولكنّ العجب العجاب قولهم بأنّ المعتبر عندهم الأخبار؛ لأنّ من له أدنى معرفة بالأخبار يعلم أنّها تدلّ على اعتبار العقل بكلّ صراحة وتحثّ على استخدامه لا سيّما في مجال العقائد؛ كما روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأهل بيته عليهم السلام أنّهم قالوا: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلَ اسْتَنْطَقَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَقْبِلْ، فَأَقْبَلَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَدْبِرْ، فَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ، وَلَا أَكْمَلْتُكَ إِلَّا فِيمَنْ أُحِبُّ، أَمَا إِنِّي إِيَّاكَ آمُرُ وَإِيَّاكَ أَنْهَى، وَإِيَّاكَ أُعَاقِبُ وَإِيَّاكَ أُثِيبُ»[٨]، وقالوا: «إِنَّ أَوَّلَ الْأُمُورِ وَمَبْدَأَهَا وَقُوَّتَهَا وَعِمَارَتَهَا الَّتِي لَا يُنْتَفَعُ بِشَيْءٍ إِلَّا بِهِ الْعَقْلُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ زِينَةً لِخَلْقِهِ وَنُورًا لَهُمْ، فَبِالْعَقْلِ عَرَفَ الْعِبَادُ خَالِقَهُمْ وَأَنَّهُمْ مَخْلُوقُونَ وَأَنَّهُ الْمُدَبِّرُ لَهُمْ وَأَنَّهُمُ الْمُدَبَّرُونَ وَأَنَّهُ الْبَاقِي وَهُمُ الْفَانُونَ، وَاسْتَدَلُّوا بِعُقُولِهِمْ عَلَى مَا رَأَوْا مِنْ خَلْقِهِ مِنْ سَمَائِهِ وَأَرْضِهِ وَشَمْسِهِ وَقَمَرِهِ وَلَيْلِهِ وَنَهَارِهِ وَبِأَنَّ لَهُ وَلَهُمْ خَالِقًا وَمُدَبِّرًا لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزُولُ، وَعَرَفُوا بِهِ الْحَسَنَ مِنَ الْقَبِيحِ وَأَنَّ الظُّلْمَةَ فِي الْجَهْلِ وَأَنَّ النُّورَ فِي الْعِلْمِ، فَهَذَا مَا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ الْعَقْلُ»[٩]، وقالوا: «إِنَّمَا يُدْرَكُ الْخَيْرُ كُلُّهُ بِالْعَقْلِ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ»[١٠]، وقالوا: «مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ»[١١]، وقالوا: «دِعَامَةُ الْإِنْسَانِ الْعَقْلُ»[١٢]، وقالوا: «الْعَقْلُ دَلِيلُ الْمُؤْمِنِ»[١٣]، وقالوا: «إِنَّ الثَّوَابَ عَلَى قَدْرِ الْعَقْلِ»[١٤]، وقالوا: «لَيْسَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ إِلَّا قِلَّةُ الْعَقْلِ»[١٥]، وقالوا: «لَا يُعْبَأُ بِأَهْلِ الدِّينِ مِمَّنْ لَا عَقْلَ لَهُ»[١٦]، وقالوا: «مَا قَسَمَ اللَّهُ لِلْعِبَادِ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ»[١٧]، وقد جاء في أخبارهم: «إِنَّ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حُجَّتَيْنِ: حُجَّةً ظَاهِرَةً وَحُجَّةً بَاطِنَةً، فَأَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالْأَئِمَّةُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَأَمَّا الْبَاطِنَةُ فَالْعُقُولُ»[١٨]، وجاء فيها: «حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ النَّبِيُّ، وَالْحُجَّةُ فِيمَا بَيْنَ الْعِبَادِ وَبَيْنَ اللَّهِ الْعَقْلُ»[١٩]، وجاء فيها: «مَيِّزْ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ بِعَقْلِكَ، فَإِنَّهُ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْكَ»[٢٠]، وجاء في رواية ابن السكّيت عن الرضا عليه السلام: «فَمَا الْحُجَّةُ عَلَى الْخَلْقِ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْعَقْلُ، يُعْرَفُ بِهِ الصَّادِقُ عَلَى اللَّهِ فَيُصَدِّقُهُ وَالْكَاذِبُ عَلَى اللَّهِ فَيُكَذِّبُهُ، فَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هَذَا وَاللَّهِ هُوَ الْجَوَابُ»[٢١]، وغير ذلك من الأخبار المتواترة التي يصدّقها كتاب اللّه تعالى. من هنا يعلم أنّ هؤلاء المفتونين لا يخلون من إحدى الخصلتين: إمّا لم يطّلعوا على هذه الأخبار الدالّة على حجّيّة العقل ودوره المهمّ في معرفة الحقّ والباطل بالرغم من كثرتها وشهرتها، فإنّهم إذًا لجاهلون، أو اطّلعوا عليها ولكنّهم أعرضوا عنها لعدم توافقها مع أهواءهم، فإنّهم إذًا لأهوائيّون، وليسوا بأخباريّين! وأيّ الخصلتين كانت فهي كافية في الدلالة على أنّهم في ضلال بعيد!

٢ . إنّ العقل حاكم بأنّ كلّ دعوى تحتاج إلى دليل، بمعنى أنّه لا يجوز تصديقها إلا إذا كان هناك ما يثبت صدقها؛ لأنّ الدّعوى قضيّة مخالفة للأصل والظاهر، فتصديقها بدون الدليل غير معقول وقد يؤدّي إلى تصديق الأكاذيب، وهذا حكم بديهيّ عند جميع العقلاء، ولئن سألت هؤلاء السفهاء عن ذلك ليقولنّ: «إنّه من مخترعات الملالي في الحوزات العلميّة، والمعتبر في الإسلام هو الأخبار فقطّ، فهات دليلًا نقليًّا على ذلك»! مع أنّ القرآن والسنّة يحكمان بذلك أيضًا؛ كما جاء في القرآن بصراحة: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ[٢٢]، وهذا دليل نقليّ على أنّ من ادّعى بدون برهان فهو كاذب، وجاء في السنّة أيضًا: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي»[٢٣]، وهذا أيضًا دليل نقليّ على أنّ من ادّعى بدون بيّنة فدعواه غير مسموعة، فلا ندري ما يريد هؤلاء السفهاء -أشباه المجانين- بالدّليل النقليّ! ومن ثمّ لم يأت نبيّ من عند اللّه إلا بـ«بيّنة»، وهي دليل واضح على نبوّته؛ كما أخبر اللّه تعالى عن ذلك فقال: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ[٢٤]، وقال: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ[٢٥]، وقال: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ[٢٦]، ولئن سألت هؤلاء السفهاء عن ذلك ليقولنّ: «لم يكن لبعض الرّسل بيّنات»، تكذيبًا لقول اللّه تعالى، وحجّتهم أنّه لم يُذكر لأمثال نوح وهود وشعيب عليهم السلام معجزة، مع أنّ عدم الذكر لا يدلّ على عدم الوجود، وقد ذكر اللّه تعالى أنّه كان للرّسل بيّنات، وقوله عامّ، ومن الواضح أنّ ما قال لا يخصّص بما لم يقله! فغاية الأمر أنّه تعالى لم يذكر بيّنات بعض الرّسل بالتفصيل، وإنّما ذكرها بالإجمال، وهذا يجري مجرى قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ[٢٧].

ثمّ يحتجّ هؤلاء السفهاء بحجّة أخرى، وهي قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ[٢٨]، فزعموا أنّه دليل على عدم وجود آية للنّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، مع أنّه حكاية عن الكافرين لعدم نزول ما اقترحوه من الآيات، وقد ردّ اللّه تعالى عليهم في تتمّة الآية فقال: ﴿أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى[٢٩]، وهذا تكذيب لقولهم وتصريح بوجود البيّنة للنّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وهي بيّنة وعدها اللّه تعالى في الصحف الأولى، وكان قد وعد فيها كتابًا معجزًا، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ۝ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ۝ وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ۝ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا ۝ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا ۝ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ[٣٠]، وهذا يبيّن أنّ مرادهم بالآيات التي زعموا أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لم يأت بها، هو مجرّد أمثال هذه الأمور التي اقترحوها عنادًا ومعاجزة بعد أن أتاهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بآية كافية، وهي القرآن؛ كما يدلّ على ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ ۖ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ۝ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[٣١]، فكان الكتاب آية كافية بالنظر إلى ما فيه من المعجزات البيانيّة والعلميّة والغيبيّة، ومن الواضح أنّه لا يجب إنزال آية أخرى بعد إنزال آية كافية، وإلا لزم التسلسل، ولو أنّ اللّه تعالى فعل ذلك على سبيل التفضّل، فأردف الكتاب بآيات عظيمة أخرى في السماء والأرض جحدها الكفّار ونسبوها إلى السحر؛ كما يدلّ على ذلك قوله تعالى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ۝ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ۝ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ[٣٢]، وممّا يدلّ أيضًا على وجود غير واحدة من البيّنات للنّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ[٣٣]؛ لأنّه صريح في أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ﴿جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ، وقد بلغ من سفاهة هؤلاء السفهاء أنّهم جعلوه دليلًا على عدم وجود بيّنة للنّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وكفاية ذكر اسمه «أحمد» في بشارة عيسى عليه السلام، مع أنّه دليل على خلاف ذلك كما ترى!

فالحاصل أنّ من يدّعي شيئًا فعليه إقامة الدليل، وإن لم يكن له دليل فتبًّا له من متكلّف كذّاب! ومن ثمّ قال العبد الصّالح المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى في بعض حِكمه البالغة: «يُعْرَفُ الْكَذَّابُ بِسِتِّ خِصَالٍ»، وجعل الخصلة الأولى أنّه «يَدَّعِي مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إِثْبَاتِهِ»[٣٤]!

٣ . الدليل اللازم لمعرفة العقائد والأحكام الدّينيّة هو ما يفيد العلم؛ لأنّ الظنّ غير معتبر في الإسلام، والمعتبر فيه العلم فقطّ؛ كما يدلّ على ذلك قول اللّه تعالى: ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ[٣٥]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ[٣٦]. بهذا ينهدم بنيان الذين أسّسوا بنيانهم على خبر سمّوه «حديث الوصيّة»؛ لأنّه خبر واحد، لم يروه إلا جعفر بن أحمد المصريّ، عن عمّه الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد، وخبر الواحد لا يفيد العلم، وإنّما يفيد الظنّ كما هو واضح؛ لأنّه ظنّيّ الصدور، بالنظر إلى احتمال كذب راويه أو غلطه أو نسيانه، ولذلك لا تقوم به حجّة في العقائد والأحكام الدّينيّة، ولا خلاف بين أهل العلم في عدم قيام الحجّة به في العقائد الدّينيّة؛ لأنّ المطلوب في العقائد الدّينيّة هو اليقين، واليقين لا يتحصّل بخبر الواحد، وإن اختلفوا في قيام الحجّة به في الأحكام الدّينيّة إذا كان صحيح السند؛ فقد زعم أكثرهم أنّ اليقين غير مطلوب في الأحكام الدّينيّة، بخلاف العقائد الدّينيّة، والحقّ أنّه مطلوب فيهما جميعًا لعموم قول اللّه تعالى وعدم إمكان تخصيصه بالأخبار المعارضة، ولو فرضنا أنّ خبر الواحد مأخوذ به في الأحكام الدّينيّة إذا كان صحيح السند، فليس الإعتقاد بإمامة رجل من عند اللّه تعالى ووجوب طاعته على الناس من الأحكام الدّينيّة، بل هو من العقائد الدّينيّة؛ كما أنّ الخبر الذي يأخذ به هؤلاء السفهاء ليس صحيح السند، بل هو ضعيف جدًّا، بل موضوع كما سنبيّنه فيما يلي إن شاء اللّه. لذلك فإنّ فساد اعتقادهم واضح على كلّ مبدأ من المبادئ الموجودة عند أهل العلم، وهذه واللّه غاية الفساد!

٤ . ليس النظر في أحوال الرواة من حيث العدالة والفسق ممّا ابتدعه الملالي في الحوزات العلميّة، بل هو ما أخذه المسلمون من صريح كتاب اللّه تعالى منذ القرن الأوّل؛ لأنّه اعتبر العدالة في الشهود فقال: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ[٣٧]، واعتبر فيهم أن يكونوا مرضيّين عند المسلمين فقال: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ[٣٨]، ونهى عن الأخذ بخبر الفاسق فقال: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا[٣٩]، ومن الواضح أنّ الرواة هم الشهود والمخبرون بقول المعصوم وفعله، فيجب أن يكونوا عدولًا مرضيّين عند المسلمين ولا يكونوا فسّاقًا، وفقًا لصريح كتاب اللّه تعالى، بل هو أوجب لأهمّيّة ما يترتّب على شهادتهم وإخبارهم من الأمور الدّينيّة والأخرويّة، وهذا ما لا ينكره من له أدنى نصيب من العلم، بل من العقل؛ لأنّ العقلاء أيضًا بما لديهم من الملل والنحل لا ينكرون ضرورة النظر في حال المخبر إذا جاءهم بخبر مهمّ، ويستقبحون الأخذ بخبر من اشتهر بالكذب، وهذا يدلّ على مدى سفاهة أحمد الحسن البصريّ وأتباعه؛ إذ ينكرون ما لا ينكره العقلاء، فضلًا عن إمام معصوم وأتباعه! والعجب ممّن يأبه بهم وهذه حالهم حتّى يناظرهم، ﴿كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ[٤٠]!

٥ . إنّ الخبر الذي اتّخذوه دينًا هو ما رواه أبو جعفر الطوسيّ (ت٤٦٠هـ) في كتاب «الغيبة»، قال: «أخبرنا جماعة، عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ بن سفيان البزوفريّ، عن عليّ بن سنان الموصليّ العدل، عن عليّ بن الحسين، عن أحمد بن محمّد بن الخليل، عن جعفر بن أحمد المصريّ، عن عمّه الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد»[٤١]، وهذا إسناد مظلم؛ لأنّ عليّ بن سنان الموصليّ وأحمد بن محمّد بن الخليل والحسن بن عليّ وأباه كلّهم مجاهيل لا يُعرف من كانوا وكيف كانت حالهم، وجعفر بن أحمد المصريّ هو جعفر بن أحمد بن عليّ بن بيان بن زيد بن سيابة أبو الفضل الغافقيّ المصريّ المعروف بابن ماسح وابن أبي العلاء (ت٣٠٤هـ)، وهو من المشهورين بالكذب ووضع الحديث؛ كما قال الأزديّ المصريّ: «هَذَا رَجُلٌ مَشْهُورٌ بِبَلَدِنَا بِالْكِذْبِ»[٤٢]، وقال ابن عديّ: «هُوَ كَذَّابٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ»[٤٣]، وقال: «كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ»[٤٤]، وقال: «كَتَبْنَا عَنْهُ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً، وَكُنَّا نَتَّهِمُهُ بِوَضْعِهَا، بَلْ نَتَيَقَّنُ ذَلِكَ»[٤٥]، وقال: «عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مَوْضُوعَةٌ، وَكَانَ قَلِيلَ الْحَيَاءِ فِي دَعَاوِيهِ عَلَى قَوْمٍ لَمْ يَلْحَقْهُمْ وَفِي وَضْعِ مِثْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الرَّكِيكَةِ، وَفِيهَا مَا لَا يُشْبِهُ كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»[٤٦]، وقال أبو سعيد النقاش: «حَدَّثَ بِمَوْضُوعَاتٍ»[٤٧]، وسمعه ابن حبان أنّه يملي بمكّة بحديث لا أصل له، فقال له: «يَا شَيْخُ! اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَكْذِبْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ» فلم يزايله حتّى حلف أن لا يحدّث بمكة[٤٨]، وقال ابن يونس: «كَانَ رَافِضِيًّا، يَضَعُ الْحَدِيثَ»[٤٩]، ولم يعرفه الشيعة ولم يذكروه في رجالهم، ولو كان عندهم يساوي شيئًا لذكروه، وهذا تصديق قول الدارقطنيّ أنّه «لَا يُسَاوِي شَيْئًا»[٥٠]! فهل يتّخذ العاقل ما رواه مثل هذا الرّجل حجّة بينه وبين اللّه تعالى؟! والظاهر أنّه هو الذي وضع الخبر، كما وضع أخبارًا أخرى تبيّنها أهل العلم، وإنّما نسبه الخبيث إلى أبيه وعمّه المجهولَين لكي لا يُنكَر عليه تفرّده بذلك، وهذا عمل شائع بين الوضّاعين؛ لأنّ أحدهم إذا نسب ما افتعله إلى رجل معروف ليس بينه وبينه قرابة سينكر عليه الناس ويقولون: «متى وأين وكيف سمعت منه ما لم يسمعه أحد غيرك؟!» ولذلك من الأسهل عليه الإفتراء على أبيه وعمّه وخاله وسائر أهل بيته المجهولين الذين فارقوا الدّنيا، بحجّة أنّهم حدّثوه في البيت سرًّا! فلعن اللّه هؤلاء الوضّاعين الذين وضعوا أمثال هذه الأحاديث جرأة وافتراء على اللّه ورسوله، وبوضعها مهّدوا الطريق لهؤلاء الدّجّالين الذين يغتنمونها ويستغلّونها لإضلال الجهّال والمغفّلين! ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ[٥١]!

بهذا ينهدم جميع ما بنوا على الخبر المسمّى عندهم بـ«حديث الوصيّة»، كمن ﴿أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ[٥٢]، وقد بنوا عليه كلّ ما تهوى أنفسهم وبالغوا، حتّى حملوا عليه ما لا يحتمله من ادّعاء الإمامة وأمثالها، مع أنّه ظاهر في أنّ الرّجل الذي يوصي إليه المهديّ عليه السلام ليس إمامًا، وإنّما يكون رجلًا مهديًّا، بمعنى رجل من المهتدين؛ كما جاء فيه: «إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ إِمَامًا وَمِنْ بَعْدِهِمُ اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيًّا»، وقد جاء التصريح بذلك في رواية عن جعفر بن محمّد عليهما السلام حيث قال: «إِنَّمَا قَالَ: اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيًّا وَلَمْ يَقُلْ: اثْنَا عَشَرَ إِمَامًا، وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ مِنْ شِيعَتِنَا يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى مُوَالَاتِنَا وَمَعْرِفَةِ حَقِّنَا»[٥٣]. هذا يعني أنّ الخبر الموضوع الذي تعلّقوا به، حتّى لو كان صحيحًا لم يكن له دلالة على ما يدّعون، وهذه واللّه ظلمات بعضها فوق بعض! والعجب مغالطتهم الشنيعة إذ سمّوه «وصيّة النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم» ليقولوا أنّ من ضلّ به فقد ضلّ بها، مع أنّه مجرّد رواية عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ولا يقال لرواية عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّها قوله إلا إذا كانت ثابتة عنه! فمن ضلّ برواية غير ثابتة عنه افتعلها رجل مشهور بالكذب فقد ضلّ بكذب الرّجل وسفاهة نفسه، ولم يضلّ بوصيّة النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم! ﴿أَفَلَا يَعْقِلُونَ[٥٤]؟!

٦ . من المسلّم به عند جميع المسلمين أنّ الأئمّة من خلفاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هم اثنا عشر، لتواتر الأخبار الواردة في ذلك، بعد إشعار قول اللّه تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا[٥٥]، فمن ادّعى أنّه إمام من خلفاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بعد الأئمّة الإثني عشر فقد أعظم الفرية؛ لأنّه يدّعي ما لا يمكن شرعًا، بل ظاهر الروايات أنّه كافر؛ كما روي عن أهل البيت عليهم السلام: «مَنِ ادَّعَى الْإِمَامَةَ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَهُوَ كَافِرٌ»[٥٦]، بل روي ما يدلّ على كفر من زعم أنّ له في الإسلام نصيبًا؛ كما في رواية عن أهل البيت عليهم السلام: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: مَنِ ادَّعَى إِمَامَةً مِنَ اللَّهِ لَيْسَتْ لَهُ، وَمَنْ جَحَدَ إِمَامًا مِنَ اللَّهِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبًا»[٥٧]، وذلك لأنّ من يدّعي إمامة من عند اللّه بغير حقّ ليس كمن يدّعي إمامة من عند الناس بغير حقّ حتّى يكون مجرّد إمام جائر، بل سبيله سبيل من يدّعي نبوّة من عند اللّه بغير حقّ؛ نظرًا لأنّه يدّعي أنّ اللّه قد فرض طاعته على الناس مطلقة، ومثل هذا الإدّعاء يزلزل الدّين كلّه ويؤثّر على جميع شؤون الدّنيا والآخرة، ولذلك لا يمكن اعتباره مجرّد معصية من المعاصي، بل هو بمنزلة الكفر باللّه ورسوله؛ كما أنّ من يصدّق صاحب هذا الإدّعاء الباطل، إنّما يفتري على اللّه ورسوله في عقيدة مهمّة من عقائد الدّين، فما أشبهه بمن يصدّق مدّعي النبوّة بغير حقّ! بهذا يتبيّن أنّ أحمد الحسن البصريّ الذي يدّعي بغير حقّ أنّه «إمام مفترض الطاعة من اللّه»[٥٨] هو كافر حسبما جاء في روايات أهل البيت، وقد زعم الخبيث في هُراء سمّاه «خطاب الحجّ» أنّ اللّه لم يجعله يطلب الإمامة، بل جعل الإمامة تطلبه، وقد كذب؛ لأنّ الإمامة لا تطلب أحدًا بعد الأئمّة الإثني عشر نظرًا لما قلنا، ولكنّ الدّجّالين من أمثاله يطلبونها أشدّ الطلب، والظاهر أنّ الإمامة أيضًا لا ترضيه ولا تشبع جشعه؛ لأنّ الخبيث قد جاوزها إلى الثقل الأكبر، وادّعى أنّه «هو كتاب اللّه، والقرآن الكريم»[٥٩]، وادّعى أيضًا أنّه «هو الرسول المبين المذكور في سورة الدخان»[٦٠]، ولا شكّ أنّ من صدّقه في ادّعائه هذا فهو كافر مثله حسبما جاء في روايات أهل البيت، ولو أنّ المراد بكفره فيها هو الزندقة والنفاق حسبما بيّنه السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى في كتاب «العودة إلى الإسلام»[٦١]، وليس للزنادقة والمنافقين أيضًا نصيب في الإسلام.

٧ . إنّما يصرّ هؤلاء السفهاء على عدم الحاجة إلى المعجزة لمعرفة خليفة اللّه في الأرض لعلمهم بأنّه ليس لصاحبهم معجزة ولا ما يشبه المعجزة في شيء، ولو كان له إحداهما لم يصرّوا على ذلك، بل أصرّوا أشدّ إصرار على ضرورة المعجزة بعد إعلامها وإثباتها؛ لأنّه كان أنفع لهم وأقرب إلى ما يريدون، ولا شكّ في ضرورة المعجزة لمعرفة الخليفة إذا لم يكن هناك خليفة ظاهر معروف بين الناس ينصّ عليه بعينه؛ لأنّ معرفة الخليفة لا تتحصّل إلا بمثل هذا النصّ أو بالمعجزة، فمن كان له أحدهما فهو غنيّ عن الآخر، ومن لم يكن له أحدهما فليس بالخليفة قطعًا، وإنّما لم يكن للخلفاء السابقين من بعد النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم معجزة يحتجّون بها لأنّ كلّ واحد منهم عاش في زمان خليفة ظاهر معروف بين الناس ينصّ عليه بعينه، فأغناه ذلك عن المعجزة، ولا شكّ أنّ أحمد الحسن البصريّ ليس له مثل هذا النصّ؛ لأنّه ليس هناك خليفة ظاهر معروف بين الناس ينصّ عليه بعينه، وإنّما احتجّ باسم مشترك بين كثير من الناس مذكور في رواية كلّيّة وجدها في كتاب من كتب الحديث، وقد عرفت حال الرواية. هذا يعني أنّه مضطرّ إلى معجزة لإثبات ما يدّعيه، ولكن لم يثبت عنه معجزة بالنقل المتواتر أو المحفوف بالقرائن القطعيّة، كما يشهد على ذلك قوله بعدم حاجته إلى المعجزة، ومن الواضح أنّه لا عبرة بما يدّعي بعض أتباعه المجهولين أو الكذّابين من المخاريق التي توهّموها في خلواتهم بسبب التلقين والتلبيس، أو افتعلوها نصرة لصاحبهم طغيانًا وكفرًا؛ فقد جرّبناهم، فوجدناهم فريقين: فريقًا كأمثال الصبيان والمجانين في الجهل والسفاهة والغفلة والمبالغة واتّباع الأوهام والخواطر وأضغاث الأحلام، فعسى أن يجعلوا نعيق غراب معجزة لصاحبهم، كما جعلوا دخانًا خرج من بركان آيسلندا، وفريقًا كأمثال الشياطين والعفاريت في الكذب والخدعة والوسوسة والتدليس والتلبيس وكلّ ضرب من ضروب الإضلال، فعسى أن يدّعوا شقّ القمر وإحياء الموتى من فرط الجرأة وقلّة الحياء، وذلك لعدم إيمانهم باللّه واليوم الآخر، أو لأنّهم يستبيحون الكذب والخدعة والوسوسة والتدليس والتلبيس وكلّ ضرب من ضروب الإضلال نصرة للحقّ في زعمهم، وفقًا لقاعدة أنّ «الغاية تبرّر الوسيلة»!

أمّا المعجزة التي ادّعاها صاحبهم من أنّه يعرف موضع قبر فاطمة عليها السلام، فهي دليل واضح على سفاهته؛ لأنّ هذا ما لا سبيل إلى تجربته حتّى يُعلم أنّه صادق أم كاذب! كما أنّ ما ذكر من وجه الإعجاز هو دليل واضح على جهله؛ لأنّه زعم أنّ «جميع المسلمين مجمعين(!) على أنّ قبر فاطمة (ع) مغيّب لا يعلم موضعه إلا الإمام المهديّ (ع)»، مع أنّ الأمر ليس كذلك؛ لأنّ هناك روايات كثيرة تدلّ بصراحة على موضع قبرها، فلا يختلف ادّعاؤه عن بعض هذه الروايات، وقد كشف بزعمه عن أنّ موضع قبرها بجانب قبر الحسن بن عليّ عليهما السلام، ولكنّه لم يصنع شيئًا؛ لأنّ هذا ما كشفه المحدّثون والمؤرّخون من قبله؛ كما روى ابن شبة النميريّ في «تاريخ المدينة»، عن أبي غسان، عن محمّد بن إسماعيل، عن فائد مولى عبادل، أنّ عبيد اللّه بن عليّ أخبره عمّن مضى من أهل بيته، «أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ قَالَ: ادْفِنُونِي فِي الْمَقْبَرَةِ إِلَى جَنْبِ أُمِّي، فَدُفِنَ فِي الْمَقْبَرَةِ إِلَى جَنْبِ فَاطِمَةَ، مُوَاجِهَ الْخَوْخَةِ الَّتِي فِي دَارِ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ»[٦٢]، وهذا حديث مشهور بين المحدّثين والمؤرّخين أنّ الحسن بن عليّ عليهما السلام دفن إلى جنب أمّه فاطمة عليها السلام[٦٣]، فجهل الرّجل بهذا الحديث المشهور حتّى جعل تكراره أوّل معجزاته دليل واضح على عظيم جهله، والعجب أنّه مع هذا الجهل العظيم يزعم أنّه أعلم الناس، حتّى جعل أعلميّته المزعومة أصلًا من أصول حججه! كمثل عمرو بن هشام المخزوميّ إذ سمّى نفسه «أبا الحَكَم»، وكان عند اللّه ورسوله والمؤمنين «أبا جهل»! ﴿كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[٦٤]!

بهذا يتبيّن أنّ الرّجل ليس له نصّ ولا معجزة، ومن الواضح أنّ من ادّعى الخلافة عن اللّه تعالى بغير نصّ ولا معجزة فهو كذّاب مفتر، ولو لا ذلك لادّعاها كلّ أحد ولم يُعرف الحقّ من الباطل ولا الصادق من الكاذب. ثمّ إن كان هناك رجل مفتون زيّن له الشيطان أنّه قد رأى من الرّجل معجزة، فليستعذ باللّه تعالى من الشيطان، وليعلم أنّ الرّجل إذا ادّعى ما لا يمكن عقلًا أو شرعًا ثمّ جاء على ذلك بما يشبه المعجزة فهو دجّال، وهذا رجل يدّعي ما لا يمكن شرعًا، وهو الإمامة من اللّه تعالى بعد الأئمّة الإثني عشر، بالإضافة إلى ادّعائه ما لا يمكن عقلًا، ككونه درعًا لداوود عليه السلام وحجرًا هدى به عليّ عليه السلام سفينة نوح عليه السلام وأمثال ذلك من المقالات الخرافيّة التناسخيّة، فلو كان له معجزة بعد هذه الدّعاوي المعلوم من العقل والشرع بطلانها لكان بذلك دجّالًا؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، قُلْتُ: وَمَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ؟ قَالَ: مَنْ يَدَّعِي مَا يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ، ثُمَّ يُقِيمُ عَلَيْهِ مُعْجِزَةً، فَهُوَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ، قُلْتُ: لِمَاذَا يُسَلِّطُهُ اللَّهُ عَلَى إِقَامَةِ الْمُعْجِزَاتِ؟! قَالَ: لِيَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَقَالَ الرَّسُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقَالَ: لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَقَالَ: الْأَئِمَّةُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ إِمَامًا.[٦٥]

وأخبرنا بعض أصحابنا، قال:

دَخَلْتُ عَلَى الْعَبْدِ الصَّالِحِ -يَعْنِي الْمَنْصُورَ- وَهُوَ فِي مَسْجِدٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِلنَّاسِ: أَيُّهَا النَّاسُ! إِذَا أَتَاكُمْ آتٍ بِمَا أَتَى بِهِ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِ اللَّهِ، أَوْ نَبِيٌّ مِنْ بَعْدِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، أَوْ إِمَامٌ مِنْ بَعْدِ الْمَهْدِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَا تُصَدِّقُوهُ، فَإِنَّهُ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ! أَلَا هَلْ بَيَّنْتُ؟! أَلَا هَلْ عَلَّمْتُ؟! ﴿أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ[٦٦].[٦٧]

٨ . ثمّ من جهالات الرّجل تمسّكه بخبر محمّد بن سنان، عن يحيى أخي أديم، عن الوليد بن صبيح، قال: «سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَدَّعِيهِ غَيْرُ صَاحِبِهِ إِلَّا بَتَرَ اللَّهُ عُمُرَهُ»[٦٨]، بتقرير أنّه قد ادّعاه ولم يبتر اللّه عمره! وهذا مصداق لقولهم: «الغريق يتشبّث بكلّ حشيش»؛ لأنّ هذا الخبر ضعيف جدًّا، بالنظر إلى أنّ محمّد بن سنان متّهم عند أهل العلم، ويحيى أخو أديم مجهول لا تُعرف حاله، بل هذا خبر باطل قطعًا؛ لأنّه مخالف لكتاب اللّه، وقد ثبت عن أهل البيت عليهم السلام أنّهم قالوا: «مَا أَتَاكُمْ عَنَّا مِنْ حَدِيثٍ لَا يُصَدِّقُهُ كِتَابُ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ»[٦٩]، وذلك لأنّ كتاب اللّه قد أخبر عن إمهال الظالمين واستدراجهم وتأخير العذاب عنهم مصرّحًا بأنّ ذلك لا يدلّ على أنّهم على شيء، كما قال: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ[٧٠]، وقال: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ[٧١]، وقال: ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ۗ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ[٧٢]، وقال: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ[٧٣]، ولذلك نهى عن الإغترار بإمهالهم واستدراجهم وتأخير العذاب عنهم فقال: ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ۝ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ[٧٤]. فلا يغترنّ هذا الكذّاب بما فعل اللّه به من الإمهال والإستدراج وتأخير العذاب، فإن فعل ذلك به فقد فعله بمن هو شرّ منه، فعله بإبليس إذ قال: ﴿أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ۝ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ[٧٥]! بغضّ النظر عن أنّه لا يدري ما يفعل اللّه به فيما بعد، فلعلّه يصيبه ببعض ما كسبت يداه في الحياة الدّنيا قبل يوم القيامة، فينبغي أن لا يأمن مكر اللّه؛ كما قال: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ[٧٦]، وقال: ﴿أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ۝ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ۝ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ ۝ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ[٧٧].

وليس الخبر الذي تمسّك به مخالفًا لكتاب اللّه فقطّ، بل هو مخالف للحسّ والتجربة أيضًا! فكم من كذّاب ادّعى الإمامة من عند اللّه فلم يعاجله ولم يبتر عمره، بل أخّره حتّى قضى أجله! مثاله غلام أحمد القادياني (ت١٣٢٦هـ)، فإنّه ادّعاها داعيًا إلى نفسه لما يقرب من ٣٥ عامًا حتّى مات حتف أنفه، وكان يحتجّ باسمه «أحمد» كما يحتجّ هذا الشقيّ! ﴿كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ۘ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ[٧٨]!

٩ . ثمّ من جهالات الرّجل قوله أنّه أوّل من ادّعى باسمه، ولا يمكن أن يكون أوّل من ادّعى باسمه كذّابًا، وهذا واللّه قول سخيف لا يقوله من له أدنى نصيب من العلم؛ لأنّ كونه أوّل من ادّعى باسمه هو نفسه ادّعاء آخر يحتاج إلى دليل؛ إذ من المحتمل جدًّا أن كان هناك من ادّعى مثل ادّعائه في وقت من الماضي فلم يبلغنا خبره لخفائه أو هوانه على الناس، ومن الواضح أنّ الإدّعاء لا يُثبَت بادّعاء آخر، بل يُثبَت بدليل! هذا إذا لم يكن من المعلوم وجود من له مثل هذا الإدّعاء في وقت من الماضي، ولكنّ الحقّ أنّ وجوده معلوم؛ فإنّه قد ذُكر في كتب التاريخ والحديث غير واحد من الرّجال ادّعوا أنّهم المهديّ أو غيره ممّن جاء ذكره في الأخبار محتجّين بأسمائهم محمّد وأحمد وغيرهما، بل كان هذا أمرًا شائعًا معروفًا بين الناس منذ القرن الأوّل؛ كما روي عن يزيد بن أبي حازم، قال: «خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي: هَلْ صَاحَبَكَ أَحَدٌ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَكُنْتُمْ تَتَكَلَّمُونَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، صَحِبَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُغِيرِيَّةِ، قَالَ: فَمَا كَانَ يَقُولُ؟ قُلْتُ: كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ هُوَ الْقَائِمُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اسْمَهُ اسْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَاسْمَ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي النَّبِيِّ، فَقُلْتُ لَهُ فِي الْجَوَابِ: إِنْ كُنْتَ تَأْخُذُ بِالْأَسْمَاءِ فَهُوَ ذَا فِي وُلْدِ الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ! فَقَالَ لِي: إِنَّ هَذَا ابْنُ أَمَةٍ -يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ- وَهَذَا ابْنُ مَهِيرَةٍ -يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ! فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَمَا رَدَدْتَ عَلَيْهِ؟ فَقُلْتُ: مَا كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ أَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَوَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهُ ابْنُ سَبِيَّةٍ؟! يَعْنِي الْقَائِمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ»[٧٩]، فإن كان أوّل من ادّعى باسمه صادقًا عند هذا الرّجل، فما باله لا يصدّق أوّل من ادّعى باسمه أنّه المهديّ؟! فهل باؤه يجرّ وباؤه لا يجرّ؟!

ثمّ على فرض أنّ هذا الرّجل هو أوّل من ادّعى، ليس السبق في كلّ عمل يدلّ على أنّه صحيح، فعسى أن يكون عمل من «أَسَّسَ أَسَاسَ الظُّلْمِ»، وأصبح «أَشْقَى الْأَوَّلِينَ»، وعصى أمر اللّه تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ[٨٠]، وقد بيّن اللّه تعالى ذلك في كتابه فقال: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ۝ قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ۝ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ۝ قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى[٨١]، وهذا يعني أنّه من الممكن أن يكون أوّل من ألقى باطلًا، وقال تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ[٨٢]، وهذا يعني أنّ العمل إذا لم يكن صحيحًا في حدّ ذاته لم يصحّحه السبق فيه! ﴿انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ[٨٣]! وقد جاء في رواية عن أهل البيت عليهم السلام: «مَا خَرَجَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى خَرَجَ قَبْلَهُ خَمْسُونَ كَذَّابًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كُلُّهُمْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ»[٨٤]! وهذا يعني أنّ موسى بن عمران عليه السلام لم يكن أوّل موسى بن عمران ادّعى!

١٠ . بهذا يتبيّن لك مدى جهل هذا الرّجل بالكتاب والسنّة، وليس ذلك بعجيب؛ لأنّ مثل هذا الجاهل كثير في السوق، ولكنّ العجب العجاب أن يدّعي جاهل مثله أنّه أعلم الناس بالكتاب والسنّة، ثمّ يخوض في ادّعائه الشنيع المضحك حتّى يجعله أصلًا من أصول حججه! مع أنّ العلم بالكتاب والسنّة حتّى لو كان موجودًا مسلّمًا به لا يدلّ على حقّانيّة أحد؛ كيف؟! وقد ذمّ اللّه تعالى قومًا فرحوا بما عندهم من العلم فقال: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ[٨٥]، وذمّ علماء اليهود الذين علموا التوراة ولم يعملوا به فقال: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا[٨٦]، وذكر قصّة بلعم بن باعورا وهو عالم من العلماء السابقين كان له علم كثير فقال: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ۝ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ۚ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ۝ سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ[٨٧]. أليس في هذا عبرة لأولي الألباب كي لا يغترّوا بعلم العلماء إذا قالوا أو فعلوا ما يخالف العقل والشرع؟! وقد جاء في الروايات عن أهل البيت في باب معرفة صاحب هذا الأمر: «فَأَمَّا الْمَسَائِلُ فَلَيْسَ فِيهَا حُجَّةٌ»[٨٨]، وهذا أيضًا صريح في عدم دلالة العلم على صدق المدّعي لهذا الأمر. فليت شعرنا على أيّ مذهب أتباع هذا الكذّاب وبماذا يدينون؟! فقد بيّنّا دلالة كلّ من القرآن والسنّة والعقل على ضلالة صاحبهم، إن كانوا أهل القرآن أو كانوا أهل السنّة أو كانوا أهل العقل! نعم، ليسوا أهل واحد من الثلاثة، ولكنّهم أهل الأهواء، ولذلك لا ينتفعون بآية ولا حديث ولا عقل مهما كانت دلالته واضحة، وهم في خوضهم يلعبون! ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ۖ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ[٨٩]!

١١ . أمّا فساد ادّعاء الرّجل أنّه «حجر في يمين عليّ بن أبي طالب ألقاه في يوم ليهدي به سفينة نوح، ومرّة لينجي إبراهيم من نار نمرود، وتارة ليخلّص يونس من بطن الحوت، وكلّم به موسى على الطور، وجعله عصًا تفلق البحار، ودرعًا لداوود، وتدرّع به في أُحد وطواه بيمينه في صفّين»، وأنّه هو الذي صُلب مكان عيسى عليه السلام لشباهته به، وغير ذلك من ترّهات البسابس، فلا يحتاج إلى بيان؛ لأنّ هذه الدّعاوي الخرافيّة مبنيّة على القول بالتناسخ، وقد تبيّن فساده في كتب أهل العلم بما لا داعي لإعادته، ومن البديهيّ أنّ هذا الخبيث لم يكن في زمان نوح ولا إبراهيم ولا يونس ولا موسى ولا داوود ولا عيسى عليهم السلام، لا في صورة حجر ولا في صورة عصا ولا في صورة درع ولا في صورة شيء آخر، حتّى يكون من الممكن أن قد نجّاهم وحفظهم، بل كان في أوّل خلقه «نُطْفَةً مَشْؤُومَةً»؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ عَصَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَدِرْعَ دَاوُودَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، مَا كَانَ إِلَّا نُطْفَةً مَشْؤُومَةً! ثُمَّ قَالَ: مَنْ آمَنَ بِالتَّنَاسُخِ فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ.[٩٠]

ومن الواضح أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام أيضًا لم يكن في زمان الأنبياء السابقين لينجيهم ويحفظهم بواسطة هذا الخبيث، بل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وهو خير من عليّ بن أبي طالب عليه السلام لم يكن في زمانهم؛ كما أخبر اللّه تعالى عن ذلك بصراحة فقال: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ[٩١]، وقال: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ[٩٢]، وقال: ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ۝ وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ۚ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ[٩٣]. فما أعظم فرية هذا الدّجّال على عليّ بن أبي طالب وعلى الأنبياء! وكذلك على المهديّ؛ فإنّ الخبيث يدّعي أنّ المهديّ هو الذي أمره بأن يقول هذه الأباطيل، وحاشا للمهديّ أن يأمر بقول يكذّبه العقل والشرع، ولكنّ الشيطان أمره وسوّل له؛ كما أخبرنا عن ذلك العبد الصالح المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى لمّا سئل عن هذا الدّجّال فقال: «لَهُ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ الْمُتَكَوِّنُ، يَأْتِيهِ وَأَصْحَابَهُ فِي كُلِّ صُورَةٍ فَيُغْوِيهِمْ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَأْتِيهِمْ فِي صُورَةِ الْمَهْدِيِّ»[٩٤]!

وينبغي التنبيه على أنّ هذه الدّعاوي التناسخيّة لم تزل شائعة بين الغلاة والدّجّالين لعنهم اللّه؛ كما كان الحلّاج (ت٣٠٩هـ) يقول: «أَنَا مُغْرِقُ قَوْمِ نُوحٍ وَمُهْلِكُ عَادٍ وَثَمُودَ»[٩٥]! ولهذا الكذّاب دأب آخر هو أيضًا شائع بينهم، وهو تسمية أنصاره بأسماء الأنبياء، فيقول لأحدهم: «نوح الأنصار»، ولأحدهم: «هود الأنصار»، ولأحدهم: «شعيب الأنصار»، على هذا السياق، وقد حكي مثل ذلك عن الحلّاج؛ كان يقول لأحد أصحابه: أنت نوح، ولآخر: أنت موسى، ولآخر: أنت محمّد[٩٦]! كما روى بعض غلاة الشيعة في فضائل شيطانهم أبي الخطاب الأسديّ لعنه اللّه أنّه «أَدْخَلَنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَنَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَجَعَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُسَلِّمُ عَلَى رَجُلٍ رَجُلٍ مِنَّا وَيُسَمِّي كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا بِاسْمِ نَبِيٍّ، وَقَالَ لِبَعْضِنَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نُوحُ! وَقَالَ لِبَعْضِنَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمَ! وَكَانَ آخِرُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا يُونُسُ»[٩٧]! هذا مصداق لقول اللّه تعالى: ﴿كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ۘ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ[٩٨]، وقوله تعالى: ﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ[٩٩]! والعجب أنّ أنصار هذا الغالي أيضًا يسمّونه «شبيه عيسى عليه السلام» أي في صورته، فيكشفون بذلك عن عظيم سفاهتهم؛ لأنّهم لم يروا عيسى عليه السلام ولم يروا صاحبهم حتّى يمكنهم العلم بالتشابه، وإنّما يقولون ذلك بغير علم تقليدًا لصاحبهم؛ لأنّ الخبيث ادّعى أنّه كذلك، لدرجة أنّ اليهود صلبوه مكان عيسى عليه السلام لشباهته به! ﴿انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا[١٠٠]!

١٢ . أمّا المنكر من أقوال هذا الرّجل فأكثر من أن يحصى، وعامّة كتبه تفاسير باطنيّة لآيات القرآن، أو تأويلات عشوائيّة لأخبار ضعيفة، وهي التي يحسبها أتباعه السفهاء علمًا فائقًا لغرابتها وشذوذها، مع أنّها عند أهل العلم مجرّد هذيان لا معنى له، وقد ذكرتَ بعض ما فيها، كقوله «أنّه حقيقة الحجر الأسود»، وقوله «أنّ آل محمّد هم موسى وهامان، وهم إبراهيم ونمرود، وهم نار إبراهيم»، وقوله «أنّ إبراهيم عليه السلام لما كُشف له ملكوت السماوات ورأى نور القائم عليه السلام قال: هذا ربّي، فلمّا رأى نور عليّ عليه السلام قال: هذا ربّي، فلمّا رأى نور محمّد قال: هذا ربّي»، وقوله أنّ يونس عليه السلام في الحقيقة «يُنبذ جسده بالعراء، وروحه تلبث في طبقات جهنّم إلى يوم يبعثون»، وغير ذلك ممّا يكذّبه العقل والشرع بالضرورة، فلا حاجة إلى إضافة بيان.

بما قلنا تبيّن لك مدى جهل هذا الرّجل وضلالته في دعاويه وحججه وأقواله، ومدى سفاهة الذين يتّبعونه بغير علم ولا هدًى ولا كتاب منير، ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ[١٠١]! وليست فتنة هؤلاء ممّا يخيفنا ويقلقنا وإن اشتعلت نارها في السنوات الأخيرة بسبب بعض أعمال الشيطنة من حكومة إيران وأذنابها بعد تزايد الجهل والإثم وأكل السّحت بين الناس؛ لأنّ بطلانهم سبب كافٍ لزهوقهم في العاجل أم الآجل وإن مكروا مكرهم و﴿كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ[١٠٢]، حسبما وعد اللّه تعالى في كتابه إذ قال: ﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا[١٠٣]، ولكن يحزننا ويسخطنا قيام بعض من له نصيب من العلم بذكر هؤلاء وتقريبهم ومناظرتهم وإعطائهم المنابر من دون أن يردّ عليهم ردًّا صحيحًا أو كافيًا؛ لأنّ ذلك قد غرّهم ولبّس عليهم الأمر، حتّى زعموا أنّهم على شيء، ومكّنهم من نشر مفترياتهم؛ كما أوحى إلى بعض من لا بصيرة له في الدّين أو لا خبر له بمعتقداتهم الباطلة أنّ لهم نصيبًا من الحقّ، فأعانهم ذلك على الإثم والعدوان، وقد نهى اللّه تعالى عن ذلك فقال: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[١٠٤]؛ كما نهى عن إشاعة الفاحشة بين المؤمنين فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ[١٠٥]، ولا شكّ أنّ «الفاحشة» تعمّ القبائح الإعتقاديّة كما تعمّ القبائح العمليّة، فلا يجوز الخوض في الإعتقادات المخالفة لليقينيّات الإسلاميّة ومشتركات المسلمين وفسح المجال لأهل الأوهام والخرافات تحت ذريعة الحوار العلميّ أو حرّيّة التعبير أو غير ذلك؛ لأنّه إشاعة للفاحشة وإعانة على الإثم والعدوان؛ بالإضافة إلى أنّه خلاف ما أمر اللّه تعالى به من الإعراض عن أهل الجهل والسفسطة؛ كما قال: ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ[١٠٦]، وقال: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ[١٠٧]، وروي عن عليّ عليه السلام أنّه قال: «دَعِ الْمُمَارَاةَ وَمُجَارَاةَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا عِلْمَ»[١٠٨]، وذلك مثل ما جرى للبهائيّة، فإنّها كانت جنون رجل في بيته، لا يتأذّى بها غير من يصاحبه، فأشهرها إكثار ذكرها من قبل أهل السلطة والعلم، حتّى أصبحت ديانة معروفة في العالم يدعمها الكفّار والمنافقون!

إنّ هذه لمصيبة أصابت بعض من لا بصيرة له في العلم، ولكنّ المصيبة العظمى أنّ بعض من تصدّى للرّدّ على هذا الدّجّال هو نفسه متّبع لدجّال آخر يدّعي ولاية مطلقة من عند اللّه تعالى أو غيرها من الدّعاوي الواهية؛ كالذين قال اللّه تعالى لهم: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ[١٠٩]؟! ولذلك تراهم يذكرون هذا الدّجّال قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، ولكن لا يذكرون العبد الصالح المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى إلا قليلًا، بل يجدّون في كتمان ذكره وإطفاء نوره؛ لا لشيء إلا لأنّه مخالف لدجّالهم أيضًا! والغريب أنّهم أحيانًا يذكرون هذا العبد الصالح مقرونًا بهذا الدّجّال ليلبسوا على الناس أمره ويلقوا إليهم أنّهما سواء، وهم يعلمون أنّه عالم جليل لا يقول إلا الحقّ، ولا يخالف العقل والشرع في شيء، ولا يدّعي لنفسه قليلًا ولا كثيرًا ممّا يدّعي هذا الدّجّال وأمثاله، وإنّما يدعو إلى الإمام المهديّ عليه السلام ويمهّد لظهوره دون أيّ خرافة أو قول منكر، ويبيّن الدّين الخالص مستندًا إلى الحجج الواضحة والأدلّة العلميّة من ظاهر القرآن ومتواتر السنّة وسليم العقل، ويهتمّ بإصلاح الناس وتزكيتهم من خلال النصائح الطيّبة والمواعظ الشافية، دون أن يتعصّب لمذهب من المذاهب، أو يميل إلى دولة من الدّول، وليس فيه ما ينكرون عليه إلا قوله بعدم حجّيّة خبر الواحد، وعدم جواز تقليد غير المعصوم، وعدم إمكان الولاية المطلقة للفقيه، وعدم علم أهل البيت بالغيب، وأمثال ذلك ممّا قال به بعض علمائهم الكبار أيضًا، ولذلك لا يمكن مقارنته مع هذا الدّجّال أو غيره من المفترين الملعونين إلا بجهل جسيم أو ظلم عظيم؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ[١١٠]، وقال: ﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ[١١١]، وقال: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ[١١٢]، وقال: ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ۚ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ[١١٣]، وقال: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ۝ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ ۝ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ۝ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ[١١٤]، وقال: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ ۚ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ[١١٥]، ولا شكّ أنّ مقارنة الماس بالزجاج لا تنقص من قيمة الماس ولا تزيد في قيمة الزجاج، وإنّما تكشف عن سفاهة المقارن؛ كما دفنوا عليّ بن موسى الرضا عليه السلام -ذلك الإمام التقيّ- إلى جنب هارون الرشيد -ذلك الجبّار العنيد-، فقال الشاعر:

قَبْرَانِ فِي طُوسَ خَيْرُ النَّاسِ كُلِّهِمْ ... وَقَبْرُ شَرِّهِمْ، هَذَا مِنَ الْعِبَرِ

مَا يُنْفَعُ الرِّجْسُ مِنْ قُرْبِ الزَّكِيِّ وَلَا ... عَلَى الزَّكِيِّ بِقُرْبِ الرِّجْسِ مِنْ ضَرَرٍ

هَيْهَاتَ كُلُّ امْرِئٍ رَهْنٌ بِمَا كَسَبَتْ ... لَهُ يَدَاهُ فَخُذْ مَا شِئْتَ أَوْ فَذَرْ[١١٦]

فيما قلنا كفاية لكلّ من كان له عقل وهو يخشى اللّه واليوم الآخر، ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ[١١٧].

لمزيد المعرفة في هذا الباب، راجع:

- القول ١٨

- القول ١٩

- القول ٢٢

- القول ٥٧

- القول ١١٧

- السؤال والجواب ٤٥

- السؤال والجواب ٥٢

- السؤال والجواب ٦٩

- السؤال والجواب ٧٠

- السؤال والجواب ٤٢٦

↑[١] . الأعراف/ ١٧٩
↑[٢] . لمعرفة طرق الحديث ومصادره، راجع: الدروس، الباب ١، الدرس ١٣١.
↑[٣] . انظر: الفقرة الرابعة من القول ١٩ من أقواله الطيّبة.
↑[٤] . الرّعد/ ٤
↑[٥] . الأنفال/ ٢٢
↑[٦] . يونس/ ١٠٠
↑[٧] . العنكبوت/ ٤٧
↑[٨] . فتوح الشام للواقدي، ج١، ص١٧٧؛ نسخة أبي مسهر، ص٥٣؛ الزهد لأحمد بن حنبل، ص٢٥٩؛ المحاسن للبرقي، ج١، ص١٩٢؛ العقل وفضله لابن أبي الدنيا، ص٣١؛ الكافي للكليني، ج١، ص١٠؛ المعجم الأوسط للطبراني، ج٢، ص٢٣٥، ج٧، ص١٩٠؛ الأمالي لابن بابويه، ص٥٠٤؛ من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٤، ص٣٦٩؛ تحف العقول عن آل الرسول لابن شعبة الحراني، ص١٥؛ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني، ج٧، ص٣١٨؛ شعب الإيمان للبيهقي، ج٤، ص١٥٤؛ الأمالي للطوسي، ص٥٤٢؛ مستطرفات السرائر لابن إدريس، ص٢١٨
↑[٩] . الكافي للكليني، ج١، ص٢٩
↑[١٠] . حديث لوين المصيصي، ص١٦؛ مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا، ص٤٤؛ تحف العقول عن آل الرسول لابن شعبة الحراني، ص٥٤؛ الأمثال والحكم للماوردي، ص١٢٨؛ الفردوس بمأثور الخطاب للديلمي، ج٢، ص١٥١
↑[١١] . الكافي للكليني، ج١، ص١٨؛ الخصال لابن بابويه، ص٤٣٣؛ تحف العقول عن آل الرسول لابن شعبة الحراني، ص٣٨٨
↑[١٢] . الكافي للكليني، ج١، ص٢٥؛ علل الشرائع لابن بابويه، ج١، ص١٠٣
↑[١٣] . الكافي للكليني، ج١، ص٢٥
↑[١٤] . الكافي للكليني، ج١، ص١٢؛ الأمالي لابن بابويه، ص٥٠٤
↑[١٥] . المحاسن للبرقي، ج١، ص٢٥٤؛ الكافي للكليني، ج١، ص٢٨
↑[١٦] . المحاسن للبرقي، ج١، ص١٩٤؛ الكافي للكليني، ج١، ص٢٧
↑[١٧] . المحاسن للبرقي، ج١، ص١٩٣؛ الكافي للكليني، ج١، ص١٢؛ تحف العقول عن آل الرسول لابن شعبة الحراني، ص٣٩٧
↑[١٨] . الكافي للكليني، ج١، ص١٦؛ تحف العقول عن آل الرسول لابن شعبة الحراني، ص٣٨٦
↑[١٩] . الكافي للكليني، ج١، ص٢٥
↑[٢٠] . الفردوس بمأثور الخطاب للديلمي، ج٥، ص٣١٨
↑[٢١] . الكافي للكليني، ج١، ص٢٥؛ عيون أخبار الرضا لابن بابويه، ج٢، ص٨٦؛ تحف العقول عن آل الرسول لابن شعبة الحراني، ص٤٥٠
↑[٢٢] . البقرة/ ١١١
↑[٢٣] . مسند زيد بن علي، ص٢٩٣؛ مسند الشافعي، ص١٩١؛ سنن ابن ماجه، ج٢، ص٧٧٨؛ سنن الترمذي، ج٣، ص٦١٧؛ تفسير عليّ بن إبراهيم القميّ، ج٢، ص١٥٧؛ الكافي للكليني، ج٧، ص٤١٥؛ معجم ابن المقرئ، ص١٩٨؛ من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٣، ص٣٢؛ سنن الدارقطني، ج٥، ص٢٧٦ و٣٩٠؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج١٠، ص٤٢٦؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٦، ص٢٢٩
↑[٢٤] . الحديد/ ٢٥
↑[٢٥] . المائدة/ ٣٢
↑[٢٦] . الأعراف/ ١٠١
↑[٢٧] . غافر/ ٧٨
↑[٢٨] . طه/ ١٣٣
↑[٢٩] . طه/ ١٣٣
↑[٣٠] . الإسراء/ ٨٨-٩٣
↑[٣١] . العنكبوت/ ٥٠-٥١
↑[٣٢] . القمر/ ١-٣
↑[٣٣] . الصّفّ/ ٦
↑[٣٤] . انظر: الفقرة الأولى من القول ٥٧ من أقواله الطيّبة.
↑[٣٥] . الأنعام/ ١٤٨
↑[٣٦] . يونس/ ٣٦
↑[٣٧] . الطّلاق/ ٢
↑[٣٨] . البقرة/ ٢٨٢
↑[٣٩] . الحجرات/ ٦
↑[٤٠] . البقرة/ ١٧١
↑[٤١] . الغيبة للطوسي، ص١٥٠
↑[٤٢] . الأوهام التي في مدخل الحاكم للأزدي، ص٥٠
↑[٤٣] . سؤالات حمزة للدارقطني، ص١٩٠
↑[٤٤] . تاريخ دمشق لابن عساكر، ج٧٢، ص١٠٤
↑[٤٥] . الكامل لابن عدي، ج٢، ص٤٠٠
↑[٤٦] . الكامل لابن عدي، ج٢، ص٤٠٥؛ لسان الميزان لابن حجر، ج٢، ص١٠٩
↑[٤٧] . لسان الميزان لابن حجر، ج٢، ص١٠٩
↑[٤٨] . انظر: المجروحين لابن حبان، ج١، ص٢١٦.
↑[٤٩] . تاريخ ابن يونس المصري، ج١، ص٩٠
↑[٥٠] . سؤالات حمزة للدارقطني، ص١٩٠
↑[٥١] . الأنعام/ ١٣٧
↑[٥٢] . التّوبة/ ١٠٩
↑[٥٣] . كمال الدين وتمام النعمة لابن بابويه، ص٣٥٨
↑[٥٤] . يس/ ٦٨
↑[٥٥] . المائدة/ ١٢
↑[٥٦] . الكافي للكليني، ج١، ص٣٧٢؛ الغيبة للنعماني، ص١١٦؛ ثواب الأعمال وعقاب الأعمال لابن بابويه، ص٢١٤
↑[٥٧] . الكافي للكليني، ج١، ص٣٧٣؛ الغيبة للنعماني، ص١١٢؛ الخصال لابن بابويه، ص١٠٦
↑[٥٨] . المتشابهات، ج٤، ص٤٦
↑[٥٩] . بيان الحقّ والسداد، ج٢-١، ص١٤ و٤٤
↑[٦٠] . نفس المصدر، ج٢-١، ص٤٣
↑[٦٢] . تاريخ المدينة لابن شبة، ج١، ص١٠٦
↑[٦٣] . راجع: تاريخ المدينة لابن شبة، ج١، ص١١١؛ مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصبهاني، ص٨٢؛ الإستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر، ج١، ص٣٩٢؛ ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى لمحبّ الدين الطبري، ص٥٤؛ نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري، ج٢٠، ص٣٢٢؛ مرآة الزمان في تواريخ الأعيان لسبط بن الجوزي، ج٧، ص١٢٩؛ الدرة الثمينة في أخبار المدينة لابن النجار، ص١٦٦؛ الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة لمحمّد البرّي، ج٢، ص٢٠٩؛ تاريخ دمشق لابن عساكر، ج١٣، ص٢٨٩؛ شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام للفاسي، ج٢، ص٤٦٦؛ وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى للسمهودي، ج٣، ص٩٤.
↑[٦٤] . يونس/ ١٢
↑[٦٥] . القول ١١٧، الفقرة ١٢
↑[٦٦] . الأعراف/ ١٧٢
↑[٦٧] . القول ١١٧، الفقرة ١٣
↑[٦٨] . الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه، ص١٣٦؛ الكافي للكليني، ج١، ص٣٧٣
↑[٦٩] . المحاسن للبرقي، ج١، ص٢٢١. انظر أيضًا: الأمّ للشافعي، ج٧، ص٣٥٨؛ البيان والتبيين للجاحظ، ج٢، ص٢٠؛ المحاسن للبرقي، ج١، ص٢٢١ و٢٢٦؛ مسند الروياني، ج٢، ص٣٥٥؛ تفسير الطبري، ج٢٢، ص١٥؛ الكافي للكليني، ج١، ص٦٩؛ المعجم الكبير للطبراني، ج١٢، ص٣١٦؛ معجم ابن المقرئ، ص٣٥٦؛ الأمالي لابن بابويه، ص٤٤٩؛ سنن الدارقطني، ج٥، ص٣٧٢؛ فضائل القرآن للمستغفري، ج١، ص٣١٥؛ المدخل إلى علم السنن للبيهقي، ج١، ص١٣٦.
↑[٧٠] . آل عمران/ ١٧٨
↑[٧١] . إبراهيم/ ٤٢
↑[٧٢] . هود/ ٨
↑[٧٣] . النّحل/ ٦١
↑[٧٤] . آل عمران/ ١٩٦-١٩٧
↑[٧٥] . الأعراف/ ١٤-١٥
↑[٧٦] . الأعراف/ ٩٩
↑[٧٧] . الشّعراء/ ٢٠٤-٢٠٧
↑[٧٨] . البقرة/ ١١٨
↑[٧٩] . الغيبة للنعماني، ص٢٣٥
↑[٨٠] . البقرة/ ٤١
↑[٨١] . طه/ ٦٥-٦٨
↑[٨٢] . العنكبوت/ ٢٨
↑[٨٣] . المائدة/ ٧٥
↑[٨٤] . كمال الدين وتمام النعمة لابن بابويه، ص١٤٧
↑[٨٥] . غافر/ ٨٣
↑[٨٦] . الجمعة/ ٥
↑[٨٧] . الأعراف/ ١٧٥-١٧٧
↑[٨٨] . الكافي للكليني، ج١، ص٢٨٥
↑[٨٩] . النّحل/ ١٠٨
↑[٩٠] . القول ١٢٩، الفقرة ١
↑[٩١] . آل عمران/ ٤٤
↑[٩٢] . يوسف/ ١٠٢
↑[٩٣] . القصص/ ٤٤-٤٥
↑[٩٤] . انظر: الفقرة السابعة من القول ١٩ من أقواله الطيّبة.
↑[٩٥] . تاريخ الطبري، ج١١، ص٨٥؛ الفهرست لابن النديم، ص٢٣٧؛ المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي، ج١٣، ص٢٠٤؛ مرآة الزمان في تواريخ الأعيان لسبط بن الجوزي، ج١٦، ص٤٧٦؛ العبر في خبر من غبر للذهبي، ج١، ص٤٥٧؛ شذرات الذهب لابن العماد، ج٤، ص٤٤
↑[٩٦] . انظر: تاريخ الطبري، ج١١، ص٨٥؛ سير أعلام النبلاء للذهبي، ج١٤، ص٣٢٧.
↑[٩٧] . رجال الكشي، ج٢، ص٦١٥
↑[٩٨] . البقرة/ ١١٨
↑[٩٩] . الذّاريات/ ٥٣
↑[١٠٠] . النّساء/ ٥٠
↑[١٠١] . البقرة/ ١٨
↑[١٠٢] . إبراهيم/ ٤٦
↑[١٠٣] . الإسراء/ ٨١
↑[١٠٤] . المائدة/ ٢
↑[١٠٥] . النّور/ ١٩
↑[١٠٦] . الأعراف/ ١٩٩
↑[١٠٧] . الأنعام/ ٦٨
↑[١٠٨] . الأمالي للمفيد، ص٢٢٢؛ الأمالي للطوسي، ص٨
↑[١٠٩] . البقرة/ ٤٤
↑[١١٠] . آل عمران/ ١٦٢
↑[١١١] . محمّد/ ١٤
↑[١١٢] . الزّمر/ ٩
↑[١١٣] . هود/ ٢٤
↑[١١٤] . فاطر/ ١٩-٢٢
↑[١١٥] . غافر/ ٥٨
↑[١١٦] . عيون أخبار الرضا لابن بابويه، ج٢، ص٢٨١؛ تاريخ دمشق لابن عساكر، ج١٧، ص٢٦٠؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب، ج٣، ص٤٦٨؛ معجم البلدان للحموي، ج٤، ص٥٠
↑[١١٧] . يونس/ ١٠١