كاتب السؤال: هادي تاريخ السؤال: ١٤٣٧/٩/١٤

ما هو رأي السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى في الزواج المؤقّت من البغايا اللاتي قد يسافحن رجلًا أو رجالًا في كلّ يوم ويأخذن على ذلك أجرًا؟ نظرًا لأنّ أكثر فقهاء الشيعة يفتون بجوازه، ويقولون بأنّه لا عدّة عليهنّ، مستندين إلى روايات عن أهل البيت.

الاجابة على السؤال: ٨ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٧/٩/١٧

نعوذ باللّه من كلّ رواية تخالف كتاب اللّه، وقد قال كتاب اللّه: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ[١]، ولا نعرف نصًّا أبين من هذا، وهو مطلق يشمل الدائم والمؤقّت على سواء، ولا يمكن تخصيصه بأخبار الآحاد كما هو مسلّم به؛ فلا يحلّ نكاح الزانية دائمًا ولا مؤقّتًا، ومن المحال أن يكون أهل البيت قد استحلّوه؛ لأنّهم لا يفارقون كتاب اللّه ولا يفارقهم حتّى يردا الحوض، كما قال النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في حديث الثقلين، وقد روي أنّهم قالوا: «مَا أَتَاكُمْ عَنَّا مِنْ حَدِيثٍ لَا يُصَدِّقُهُ كِتَابُ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ»[٢]. نعم، يمكن حمل هذه الروايات على المرأة المتّهمة التي لم يثبت زناها ببيّنة ولا إقرار؛ فإنّه لا بأس بنكاحها، وأمّا المرأة التي ثبت زناها فلا يحلّ نكاحها مطلقًا إلّا لمن زنى بها، وإنّما يحلّ له ذلك لقول اللّه تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ ولما جاء في الحديث: «إِنَّ الْحَرَامَ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ»[٣]، وقد روي عن جعفر بن محمّد عليه السلام أنّه قال: «أَيُّما رَجُلٍ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَها حَلَالًا، فَأَوَّلُهُ سِفَاحٌ وَآخِرُهُ نِكَاحٌ، وَمَثَلُهُ مَثَلُ النَّخْلَةِ، أَصَابَ الرَّجُلُ مِنْ ثَمَرِها حَرَامًا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدُ، فَكَانَتْ لَهُ حَلَالًا»[٤]، وأمّا غير الزاني فلا يحلّ له ذلك، حتّى تظهر توبتها؛ فإذا ظهرت توبتها فلا جناح عليه أن ينكحها إن شاء اللّه؛ لأنّها لا تُعتبر زانية في الحال، وقد قال تعالى في الزناة: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا[٥].

هذا بالنسبة للنكاح، وأمّا بالنسبة للعدّة، فقد اختلف أهل العلم في وجوبها على الزانية، والصحيح أنّها غير واجبة عليها؛ لأنّ اللّه كتب العدّة على المطلّقة والمتوفّى عنها زوجها، وليست الزانية هذه ولا هذه، ولا تقاس بهما، ولكن يجب عليها استبراء رحمها قبل النكاح، منعًا من اختلاط الأنساب، وأقلّ الإستبراء حيضة معلومة، ويظهر ذلك من قول السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى إذ سُئل عن عدّة المتمتّع بها، فقال: «حَيْضَةٌ تَسْتَبْرِئُ بِهَا رَحِمَهَا، وَالْأَفْضَلُ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَتَيْنِ، لِكَيْلَا تُشْبِهَ الزَّانِيَةَ»[٦].

↑[١] . النّور/ ٣
↑[٢] . المحاسن للبرقي، ج١، ص٢٢١
↑[٣] . النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري، ص٩٤؛ قرب الإسناد للحميري، ص٩٧؛ الكافي للكليني، ج٥، ص٤١٥؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٧، ص٢٨٣
↑[٤] . النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري، ص٩٨؛ الكافي للكليني، ج٥، ص٣٥٦؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٧، ص٣٢٧
↑[٥] . الفرقان/ ٧٠
↑[٦] . القول ٥٤، الفقرة ٩