كاتب السؤال: عين الأفشانة رحمت رفيق | تاريخ السؤال: ١٤٤٢/١٠/٤ |
هل يجوز الجمع بين قضاء رمضان وصيام ستّ من شوال على مذهب الشافعي؟
الاجابة على السؤال: ٥ | تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٤٢/١٠/١٢ |
قد روى أبو أيّوب الأنصاريّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»[١]، وللرواية شواهد عن عليّ وجابر وثوبان وأبي هريرة، ولذلك قال الشافعيّ وأحمد باستحباب صيام ستّة أيّام من شوال، ولم يقل بذلك أبو حنيفة، وقال مالك: «إِنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا، وَلَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ، وَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ، وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ، وَأَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ لَوْ رَأَوْا فِي ذَلِكَ رُخْصَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ»[٢]، ولعلّه أراد تتابعها واتّصالها بيوم الفطر، ويعضد ذلك ما روي عن أهل البيت أنّهم قالوا: «إِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا تَصُومَنَّ بَعْدَ الْفِطْرِ تَطَوُّعًا إِلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ يَمْضِينَ»[٣]، وقالوا: «لَا صِيَامَ بَعْدَ الأَضْحَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ولَا بَعْدَ الْفِطْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وشُرْبٍ»[٤]، وعليه فيستحبّ صيام ستّة أيّام من شوال بعد مضيّ ثلاثة أيّام منه، جمعًا بين الروايات.
هذا بالنسبة لصيام ستّة أيّام من شوال، وأمّا بالنسبة للجمع بينه وبين قضاء رمضان بنيّة واحدة فقولان في مذهب الشافعيّة: أحدهما الجواز؛ لأنّ المقصود في الرواية هو التلبّس بالصيام في هذه الأيّام بأيّ نيّة كان، كما يجوز تحيّة المسجد بأيّ صلاة عند الدخول إلى المسجد، ويجزئ الغسل الواجب عن غسل الجمعة، والقول الآخر عدم الجواز، وهو الصحيح؛ لأنّ كلًّا من القضاء وصيام ستّة أيّام من شوال عبادة مقصودة بذاتها، فلا يجوز التداخل بينهما في النيّة؛ لا سيّما بالنظر إلى تباين حكمهما؛ فإنّ القضاء فرض وصيام الستّة مستحبّ، والقياس غير معتبر في العبادات؛ لأنّها توقيفيّة تحتاج إلى بيان من الشارع[٥]، وعليه فالواجب الإبتداء بقضاء رمضان؛ لأنّه فرض، والفرض مقدّم على المستحبّ، بل يمكن القول أنّ الرواية منصرفة عمّن عليه قضاء رمضان؛ لأنّ الموضوع فيها «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ»، ومن عليه قضاء رمضان ليس ممّن صام رمضان، ولذلك لا بدّ له من قضاء رمضان أوّلًا، ثمّ صيام ستّة أيّام من شوال، حتّى يكون ممّن صام رمضان، ثمّ أتبعه ستًّا من شوال.
هذا، وممّا ينبغي التنبيه عليه عدم جواز تقليد مذهب الشافعيّة وغيره من المذاهب، بمعنى العمل على آرائه دون النظر في أدلّته؛ لأنّ أئمّة هذه المذاهب لم يكونوا أنبياء معصومين، وإنّما كانوا علماء يجوز عليهم الخطأ والنسيان، والعاقل لا يقلّد من كان هذه حاله إذا كان ممّن يخاف اللّه واليوم الآخر، ولكن يستمع القول فيتّبع أحسنه كما أمره اللّه في كتابه[٦].