كاتب الشبهة: كوشا فرهنك تاريخ الشبهة: ١٤٣٦/٥/١

ورّقت كتاب «العودة إلى الإسلام» على أمل إيجاد حلّ إيجابيّ، لكن ما وجدته كان مجرّد نفي الآخرين! المؤلّف بعد كلّ هذه الكتابة وبيان الكلّيّات، لم يحدّد واجب المسلمين في غيبة المهديّ أنّه ماذا يجب عليهم فعله في النهاية. هل يجب أن يتخلّوا عن كلّ شيء ويعتصموا ويباشروا الإضراب ويعلنوا أنّهم لن يوقفوا إضرابهم واعتصامهم حتّى يظهر المهديّ وينال الحكومة؟! إذا تولّى المنصور الخراساني شؤون المسلمين الآن على سبيل الإفتراض، فما هي خطّته العمليّة لإدارة المجتمعات الإسلاميّة؟!

مشكلة أخرى هي أنّ المنصور أيضًا، مثل الآخرين، قد دعا الناس إلى نفسه فيما يبدو، بينما قد أعلن في الكتاب بوضوح عن بطلان أيّ شخص يدعو الناس إلى نفسه، وصرّح بأنّ المهديّ هو الشخص الوحيد الذي يجوز له دعوة الناس إلى نفسه، وهذا في حدّ ذاته معناه وجود طريق مسدود في أمّة آخر الزمان، وهو يناقض كمال الإسلام.

بصراحة، لا يُعقل قبل حكومة المهديّ عليه السّلام طريق لتحقيق حكومة اللّه في الأرض سوى حكومة الفقيه، كما هو موجود في إيران، بكلّ ما فيه من عيوب ونواقص.

الاجابة على الشبهة: ٢ تاريخ الاجابة على الشبهة: ١٤٣٦/٥/٢

يبدو أنّك فقطّ «ورّقت» كتاب «العودة إلى الإسلام» للمنصور الهاشميّ الخراسانيّ، ولم تقرأه بقدر كافٍ من العناية والتدبّر، ولذلك لم تدرك كثيرًا من دقائقه وأسأت الفهم. بالطبع، هذا ليس كتابًا يكفيك نظرة إجماليّة فيه، لكنّه كتاب يتطلّب دراسة تفصيليّة ومتعمّقة. بناء على هذا، يجب عليك الإنتباه إلى النكات التالية:

أولًا الرسالة الرئيسيّة والواضحة لهذا الكتاب العظيم، على عكس فهمك الناقص، ليست فقطّ «نفي الآخرين»، بل «إثبات المهديّ» و«نفي الآخرين»، وهذا هو مظهر «لا إله إلا اللّه» وتأويل «البيعة للّه» وشعار المنصور الهاشمي الخراساني وركيزة دعوته. كلّ كلام هذا العالم المصلح والمجاهد هو أنّه لا حكومة إلا للّه، ومراده بحكومة اللّه، على عكس مراد الخوارج السخيف والخاطئ، ليس عدم حكومة الإنسان، بل حكومة إنسان اختاره اللّه ونصّ عليه بواسطة كتابه وسنّة نبيّه المتواترة أو بواسطة آية بيّنة، وهو «المهديّ» الذي يعيش الآن بين الناس، لكنّه غائب أي مستتر، وسبب غيبته، خلافًا لتصوّر أكثر الناس، ليس إرادة اللّه وفعله الإبتدائيّين، بل إرادة الناس وفعلهم الإبتدائيّين، إذ أخافوه على نفسه ولم يوفّروا الظروف المناسبة لحكومته، ولذلك فهم مسؤولون عن جميع عواقب وتبعات غيبته، وإن اعُتبرت هذه العواقب والتبعات «طريقًا مسدودًا في أمّة آخر الزمان»؛ لأنّ هذا «الطريق المسدود» لا يُنسب إلى «الإسلام» حتّى يتعارض مع «كماله»، بل يُنسب إلى الناس الذين سبّبوه بسوء اختيارهم؛ ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ[١].

ثانيًا استراتيجيّة المنصور الهاشمي الخراساني لظهور المهديّ وحكومته هي استراتيجيّة شاملة ذات أبعاد أمنيّة وثقافيّة وسياسيّة؛ لأنّه من أجل ظهور المهديّ بمعنى إمكانيّة الوصول إليه، يرى من الضروريّ وجود عدد كافٍ من المسلمين الأقوياء والأمناء لحمايته من الأخطار المحتملة؛ نظرًا لأنّه يرى أنّ السبب الوحيد لعدم ظهوره بمعنى عدم إمكانيّة الوصول إليه، هو خوفه من القتل أو الأسر، ويعتقد أنّه إذا تمّ ضمان سلامته من قبل هذا العدد من المسلمين فإنّ ظهوره بمعنى إمكانيّة الوصول إليه أمر محتوم. بناء على هذا، فإنّه بمقتضى وجوب التمهيد لظهور المهديّ عقلًا وشرعًا، يسعى لجمع عدد كافٍ من المسلمين الأقوياء والأمناء لحمايته من الأخطار المحتملة ويطلب منهم جميعًا المساعدة لهذا الغرض؛ لأنّ في رأي هذا العالم الصدّيق، سيكون ظهور المهديّ أمرًا حتميًّا إذا كان أمنه مضمونًا، حتّى لو لم تكن حكومته ممكنة؛ إذ ليس هناك تلازم بين ظهوره وحكومته، وظهوره بدون حكومته مفيد أيضًا، بل ظهوره مقدّمة لحكومته؛ لأنّ حكومة من ليس بظاهر صعبة، وعليه فإنّ التمهيد لظهوره مقدّمة للتمهيد لحكومته.

ثمّ يرى المنصور الهاشمي الخراساني أنّ شرط حكومة المهديّ هو اجتماع عدد كافٍ من الناس على إعانته وطاعته، ويعتقد أنّ قيامه بالحكومة سيكون أمرًا محتومًا إذا تعهّد هذا العدد منهم بهذه الإعانة والطاعة؛ لأنّ الحكومة ليست حقًّا للمهديّ فحسب، بل تكليف له أيضًا، بحيث أنّه لو لم يقم بها بعد توفّر الشروط لكان من الحقّ أن يُضرب عنقه؛ كما جاء في الرواية عن عليّ عليه السلام: «وَاللَّهِ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَضُرِبَتْ عُنُقُهُ»[٢]؛ نظرًا لأنّه في هذه الحالة سيكون هو المسؤول الوحيد عن جميع المفاسد والمظالم الجارية على الأرض. لذلك، فإنّ المنصور الهاشمي الخراساني، بينما يجمع عددًا كافيًا من المسلمين لحماية المهديّ، يجمع عددًا كافيًا منهم لإعانته وطاعته، ويطلب منهم جميعًا المساعدة لهذا الغرض؛ لأنّ في رأي فريد دهره هذا، ستكون حكومة المهديّ أمرًا حتميًّا إذا كانت إعانته وطاعته مضمونة، وهذا الضمان يسمّى في الإسلام «البيعة». لذلك، فإنّ المنصور الهاشمي الخراساني يأخذ من مسلمي العالم بيعة للمهديّ؛ بمعنى أنّه يأخذ ميثاقهم أنّه مهما جاءهم المهديّ سيعينونه ويطيعونه، ولا يخذلونه ولا يعصونه كما فعلوا مع خلفاء اللّه من قبله، وبالتالي إذا بايعه عدد كافٍ من المسلمين على الإعانة والطاعة للمهديّ سيتحقّق لهم حكومته بإذن اللّه؛ كما إذا بايعه عدد كافٍ من المسلمين على حماية المهديّ سيتحقّق لهم ظهوره بإذن اللّه. هذه خطّة كاملة ودقيقة صادرة من العقل توافق كتاب اللّه وسنّة نبيّه، ولذلك كلّ من استنكف عن قبولها فهو في ضلال بعيد، ﴿لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ[٣].

ثالثًا اتّضح ممّا تقدّم أنّ المنصور الهاشمي الخراساني، على عكس توهّمك العجيب، لا يدعو إلى «نفسه»، بل يدعو إلى «المهديّ» بأوضح طريقة ممكنة؛ لأنّ دعوته إلى التضامن من أجل حماية «المهديّ» وإعانته وطاعته، لا تعتبر بأيّ تقرير دعوة منه إلى «نفسه»، وتسميتها بالدّعوة إلى نفسه تشبه تسمية النهار بالليل، وهي مجرّد تحكّم وتعسّف في التسمية. إنّما يدعون إلى أنفسهم الذين يرون لأنفسهم حقًّا في الحكومة، ويفرضون على الناس حمايتهم وإعانتهم وطاعتهم، ولا همّ لهم سوى صيانة حكومتهم، أو عبّاد أنفسهم الذين قد انغمروا في مستنقع الإدّعاءات، ولا حديث لهم إلا «أنا كذا وكذا»، ولا يهتمّون بشيء سوى إثبات مقاماتهم المزعومة؛ الذين يقرنون أنفسهم بخلفاء اللّه ويتسمّون بأسمائهم، في حين أنّهم أهون على اللّه من الخنافس!

رابعًا اتّضح ممّا تقدّم أنّ «حكومة الفقيه» لا يمكن أن تكون مصداقًا لـ«حكومة اللّه»؛ لأنّ الفقيه ليس هو اللّه ولا خليفته في الأرض، وعليه فإنّ تسمية حكومة الفقيه بحكومة اللّه هي كذب على اللّه وعلى الفقيه! المصداق الوحيد لحكومة اللّه هو حكومة خليفته في الأرض، وإن كان من الصعب تأسيس حكومة خليفته في الأرض، فلم يكن من السهل تأسيس حكومة الفقيه أيضًا؛ لأنّ تأسيس كلّ حكومة يحتاج إلى التمهيد، والتمهيد لكلّ حكومة صعب. فهل هؤلاء يطيقون التمهيد لحكومة الفقيه، ولا يطيقون التمهيد لحكومة خليفة اللّه في الأرض؟! ما هذا إلا السفالة وقصر الفكر والسفه الذي قد نفذ إلى قعر ضمائرهم؟! كلّما يُدعون إلى حكومة أحدهم ليؤسّسوها، يهرعون إليها وهم يستبقون، بل «يتخلّون عن كلّ شيء ويعتصمون ويباشرون الإضراب ويعلنون أنّهم لن يوقفوا إضرابهم واعتصامهم» حتّى ينال صاحبهم الحكومة، ولكن إذا يُدعون إلى حكومة المهديّ ليؤسّسوها يمتنعون ويعتذرون، ﴿كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ[٤]، يقولون على سبيل التعجّب والإنكار: «هل يجب أن يتخلّوا عن كلّ شيء ويعتصموا ويباشروا الإضراب ويعلنوا أنّهم لن يوقفوا إضرابهم واعتصامهم حتّى يظهر المهديّ وينال الحكومة؟!» فويل لهم! على افتراض أن الأمر كذلك، ألا يفعلون ذلك للآخرين؟! فلم يبخلون به عن المهديّ؟! هل المهديّ أهون عليهم من الآخرين؟! في حين أنّه أولى بالحكومة عليهم من الآخرين، وينبع من حكومته عليهم كلّ خير وبركة وعدل وسعادة! كما نادى بذلك العبد الصالح المنصور الهاشمي الخراساني قبل فتنة الشام والعراق بثلاث سنين، فقال:

أَلَا فَاعْلَمُوا أَنَّ أُفُقَ الْمَغْرِبِ مُظْلِمٌ بِالْغُيُومِ الدَّاكِنَةِ. عَنْ قَرِيبٍ تَهُبُّ عَلَيْكُمْ عَاصِفَةٌ حَمْرَاءُ، فَتَجْتَاحُ أَرْضَكُمْ؛ لَا تَذَرُ سَقْفًا تَلْجَؤُونَ تَحْتَهُ، وَلَا جِدَارًا تَخْتَفُونَ وَرَاءَهُ! حِينَئِذٍ تَتَمَنَّى أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَفْتَدِي بِنِصْفِ ذُرِّيَّتِهَا لِتَجِدَ الْمَهْدِيَّ فِي وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ الْحِجَازِ!

أَلَا يَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الْجَاهِلَةُ! مَاذَا تَطْلُبِينَ؟! وَمَنْ ذَا تَتَّبِعِينَ؟! إِمَامُكِ الْمَهْدِيُّ. رَاحَةُ لَيَالِيكِ وَبَهْجَةُ أَيَّامِكِ الْمَهْدِيُّ. فَرْحَتُكِ الدَّائِمَةُ وَحَلَاوَةُ حَيَاتِكِ الْمَهْدِيُّ. صَلَاحُ دُنْيَاكِ وَفَلَاحُ آخِرَتِكِ الْمَهْدِيُّ. فَمَا يَمْنَعُكِ مِنْهُ؟! أَمَّنْ يُغْنِيكِ عَنْهُ؟!...

أَتَحْسَبُونَ أَنَّكُمْ فِي غَيْبَتِهِ تَرَوْنَ عَدْلًا وَتَنْجَحُونَ؟! أَمْ تَحْسَبُونَ أَنَّكُمْ فِي غَيْبَتِهِ تَجِدُونَ أَمْنًا وَتَسْعَدُونَ؟! لَا وَاللَّهِ، ثُمَّ لَا وَاللَّهِ، بَلْ تَدْخُلُونَ الْقُبُورَ خَائِبِينَ، كَمَا دَخَلَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ فِي غَيْبَةِ خَلِيفَتِهِ خَيْرًا، وَلَمْ يَخْلُقْ فِي دَوْلَةِ غَيْرِهِ بَرَكَةً!

أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: فِي غَيْبَتِهِ، سَتَلْصَقُ بُطُونُكُمْ بِظُهُورِكُمْ، وَتَفْتَرِشُونَ الشُّوكَ! تَسْتَشِيطُونَ غَضَبًا، وَتَتَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ غُدُوًّا وَعَشِيًّا! سَوْفَ تُهْجَرُ مَسَاكِنُكُمْ، وَتُعَطَّلُ أَسْوَاقُكُمْ! تَحْسَكُ الْمَزَارِعُ، وَتَيْبَسُ أَشْجَارُ الْفَوَاكِهِ! تَفَرَّقُ قُطْعَانُ الْأَنْعَامُ، وَلَنْ يُوجَدَ مَنْ يَجْمَعُهَا! يَقْمَلُ رُؤُوسُكُمْ، وَتَتْرَبُ أَيْدِيكُمْ! تُصْبِحُ مُدُنُكُمْ مُدَمَّرَةً، وَقُرَاكُمْ مَتْرُوكَةً! لَنْ يَعْبَرَ أَحَدٌ أَزِقَّتَكُمْ، وَلَنْ يَطْرَقَ أَحَدٌ أَبْوَابَكُمْ! لَنْ يَكُونَ فِي قَنَوَاتِكُمْ مَاءٌ، وَتُعَشِّشُ فِي آبَارِكُمْ الثَّعَابِينُ! يَتَجَوَّلُ فِي مَيَادِينِكُمُ الذِّئَابُ، وَيَنْعَقُ عَلَى أَبْرَاجِكُمُ الْأَبْوَامُ! تَنْسَجُ عَلَى نَوَافِذِكُمُ الْعَنَاكِبُ، وَتَنِقُّ فِي حِيَاضِكُمُ الضَّفَادِعُ! تَسْكُنُونَ الْأَوْدِيَةَ الْمُظْلِمَةَ، وَتَأْوُونَ إِلَى قِمَمِ الْجِبَالِ! تَخْتَبِئُونَ فِي شُقُوقِ الصُّخُورِ، وَتُجَالِسُونَ أَوْزَاغَ الصَّحْرَاءِ! يَتَصَاعَدُ مِنْ بُلْدَانِكُمُ الدُّخَانُ، وَلَنْ تُطْفَأَ نَارُهَا! يَتَسَلَّطُ عَلَيْكُمُ الْأَعْدَاءُ، وَيَأْكُلُكُمْ شَيَاطِينُ الْمَغْرِبِ وَالْمَشْرِقِ! لَنْ يَسْمَعُوا إِلَى رُغَاءِ أَطْفَالِكُمْ، وَلَنْ يَرْحَمُوا أَشْيَاخَكُمُ الْمُقْعَدِينَ! يَقْتَسِمُونَ أَمْوَالَكُمْ، وَيَقْتَرِعُونَ عَلَى نِسَائِكُمْ! لَنْ يَدْفَنُوا قَتْلَاكُمْ، بَلْ يَتْرُكُونَهَا لِلْكِلَابِ!

أَلَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ! لَا تَسْتَعْجِلُوا مَا هُوَ مَرْهُونٌ بِاللَّحَظَاتِ! قَدِ اقْتَرَبَ الْعَالَمُ مِنْ نِهَايَتِهِ، وَآنَ أَوَانُ الْمَوَاعِيدِ. سَرْعَانَ مَا يَثُورُ عَصْرُ الْغَيْبَةِ الَّذِي تَحْسَبُونَهُ ذَلُولًا كَالْجَمَلِ الْهَائِجِ فِي الرَّبِيعِ، وَيَغْرِزُ أَنْيَابَهُ الْحَادَّةَ فِي أَعْيُنِكُمْ. فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيْسَ مَا أَقُولُهُ شِعْرًا، وَلَا إِغْرَاقًا فِي الْقَوْلِ. عَنْ قَرِيبٍ يَغْلِي مِرْجَلُ الْعَالَمِ، وَيَطْغَى نَهْرُ الزَّمَانِ، فَيُحَرِّكُ طَاحُونَةَ الْفِتْنَةِ، وَيُدِيرُ رَحَى الْفَوْضَى! الْخَطَرَ! الْخَطَرَ! اعْلَمُوا أَنَّهُمْ لَنْ يَرْحَمُوا مِنْكُمْ أَحَدًا! سَيَأْتُونَ حَتَّى بِأَكْثَرِكُمُ اعْتِزَالًا، فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ لَبَنَهُ وَزَبَدَهُ! حِينَمَا يَهْوِي مِنْجَلُ الْفِتْنَةِ، يُحْصَدُ الْقَائِمُ وَيُحْطَمُ الْقَاعِدُ! الْخَطَرَ! الْخَطَرَ! فَخُذُوا دِينَكُمْ وَفِرُّوا مَا دَامَتِ الْفُرْصَةُ سَانِحَةً لَكُمْ! إِنْ وَجَدْتُمُ الْحَقَّ مَعِي فَأْتُونِي وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ؛ فَإِنِّي سَأَقُودُكُمْ إِلَى الْمَهْدِيِّ، وَإِنْ كَرِهْتُمُونِي وَأَبَيْتُمْ أَنْ تَأْتُونِي، فَاذْهَبُوا وَابْتَعِدُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا؛ لِأَنَّهُمْ وَاللَّهِ، حَتَّى لَوْ تَوَارَيْتُمْ خَلْفَ نُجُومِ السَّمَاءِ، سَيَعْثِرُونَ عَلَيْكُمْ، وَيَأْتُونَ بِكُمْ، وَيُخْزُونَكُمْ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ بِالْيَسِيرِ كَمَا زَعَمْتُمْ، لَكِنَّهُ بَلِيَّةٌ عَظِيمَةٌ، تُجْزِعُ الْكَبِيرَ، وَتُسْهِرُ الصَّغِيرَ.[٥]

هذا نداء عالم كبير ناصح يدعو بصوت عالٍ إلى المهديّ، ويحذّر ببلاغة رائعة من العواقب الوخيمة المترتّبة على طول غيبته، ولكن ﴿لَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ[٦].

↑[١] . الحشر/ ٢
↑[٢] . الغيبة للنعماني، ص٢٢٣؛ الغيبة للطوسي، ص١٩٠
↑[٣] . البقرة/ ١١٤
↑[٤] . الأنفال/ ٦
↑[٥] . القول ١ من أقوال المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى.
↑[٦] . الأنبياء/ ٤٥