كاتب السؤال: علي الراضي تاريخ السؤال: ١٤٣٧/١/٧

ما هي أصول الدّين عند السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى؟ هل الإعتقاد بأنّ الإمامة من عند اللّه هو من أصول الدّين فيما يراه، مثل الإعتقاد بالتوحيد والنبوّة والمعاد؟

الاجابة على السؤال: ١ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٧/١/٩

أصل الدّين شهادة أن لا إله إلّا اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه وخاتم النبيّين؛ كما ثبت أنّه قال: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا شَهِدُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ»[١]، فمن شهد ذلك فهو مسلم، ما لم يجحد بشيء مبيّن في القرآن؛ كوجود البعث والجنّة والنار والملائكة والنبيّين، ووجوب طاعة الرسول، ووجوب الصلاة والزكاة والصيام والحجّ، وحرمة الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ به لغير اللّه، وحرمة الزنا واللواط وشرب الخمر وسائر الكبائر، فإن جحد بشيء من ذلك فهو كافر؛ لقول اللّه تعالى: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ[٢]، إلّا أنّه يُعتبر منافقًا ما دام يشهد الشهادتين.

نعم، معنى لا إله إلّا اللّه أنّ اللّه واحد لا شريك له في الخلق والشرع والحكم؛ فمن شهد به وهو لا يعلم معناه فهو مسلم غير مؤمن بمنزلة الأعراب؛ كما قال تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ[٣]، وهذه حال أكثر المسلمين؛ لأنّهم يشهدون أن لا إله إلّا اللّه، ثمّ يدعون غير اللّه لقضاء حوائجهم، أو يتّخذون وكلاء يشرعون لهم ما لم يأذن به اللّه، أو يبايعون حكّامًا لم يأمر اللّه بمبايعتهم، وهم لا يعلمون أنّه ناقض شهادتهم، لعدم تدبّرهم في القرآن؛ كما قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا[٤]؛ فإنّهم مسلمون ضالّون، حتّى يبيَّن لهم؛ فإذا بُيّن لهم، فمن جحد به منهم فهو كافر منافق؛ لقول اللّه تعالى: ﴿فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[٥]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ[٦]، يعني الكفر بعد الإيمان، وهذا ما بيّنه السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى بما لا يترك لمن بلغه عذرًا؛ كما أخبرنا بعض أصحابه، قال:

سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ فِي الْخَلْقِ وَالرَّزْقِ وَتَدْبِيرِ الْعَالَمِ وَشَهِدَ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ فَقَدْ أَسْلَمَ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ حَتَّى يُقِرَّ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي الْحُكْمِ وَالْمُلْكِ، لَا يُصْدِرُ حُكْمًا وَلَا يَبْعَثُ مَلِكًا إِلَّا هُوَ، فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ فَهُوَ ضَالٌّ، وَإِنْ جَحَدَهُ فَهُوَ مُشْرِكٌ.[٧]

وأخبرنا بعض أصحابه، قال:

سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُ وَرَازِقُهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ فَقَدْ أَسْلَمَ، وَلَا يُؤْمِنُ حَتَّى يُقِرَّ بِأَنَّ الْحَرَامَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ، لَا حَرَامَ غَيْرُهُ، وَأَنَّ الْإِمَامَ مَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ إِمَامًا، لَا إِمَامَ غَيْرُهُ، فَإِنْ جَهِلَهُمَا فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا، وَإِنْ دُعِيَ إِلَيْهِمَا ثُمَّ أَنْكَرَهُمَا فَقَدْ أَشْرَكَ.[٨]

وأخبرنا بعض أصحابه، قال:

قَالَ الْمَنْصُورُ: مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ وَالسَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصَّوْمَ وَالْحَجَّ وَالْجِهَادَ فَرِيضَةٌ مِنَ اللَّهِ، فَهُوَ مُسْلِمٌ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ حَتَّى يَشْهَدَ أَنْ لَا حُكْمَ إِلَّا مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ، وَلَا حَاكِمَ إِلَّا مَنِ اخْتَارَهُ اللَّهُ بِآيَةٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ وَصِيَّةٍ مِنْ رَسُولِهِ، فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ فَقَدْ ضَلَّ وَخَسِرَ، وَإِنْ أُلْقِيَ إِلَيْهِ فَأَبَى فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ، وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ.[٩]

وأخبرنا بعض أصحابه، قال:

سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَمَّنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي هَذَا الْأَمْرِ، فَقَالَ: مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْحُكْمِ وَالْمُلْكِ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَتَاهُ الْبَيَانُ جَاحِدًا أَوْ شَاكًّا أُدْخِلَ النَّارَ خَالِدًا فِيهَا، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهُ شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ، قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ! وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمَا؟ قَالَ: أَنْزَلَ أَنَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَأَنَّهُ يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ، مَا كَانَ لِلنَّاسِ الْخِيَرَةُ فِي حُكْمٍ وَلَا مُلْكٍ، ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[١٠].[١١]

وأخبرنا بعض أصحابه، قال:

قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: إِنِّي لَأَرَى فِي النَّاسِ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ وَيَرْغَبُ فِي كُلِّ خَيْرٍ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ خَلِيفَةَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، أَوْ يَعْرِفُهُ وَلَا يَرَى مَا نَرَى مِنَ التَّمْهِيدِ لِحُكْمِهِ، فَاسْتَوَى الْمَنْصُورُ جَالِسًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ: اعْلَمْ يَا فُلَانُ! لَوْ أَنَّ عَبْدًا عَمَرَ مَا عَمَرَ نُوحٌ فِي قَوْمِهِ، يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ، ثُمَّ ذُبِحَ مَظْلُومًا كَمَا يُذْبَحُ الْكَبَشُ، وَلَمْ يُحَكِّمْ خَلِيفَةَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ لِخَلِيفَتِهِ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ[١٢]، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَهُوَ كَافِرٌ؟ قَالَ: لَيْسَ بِكَافِرٍ حَتَّى يَجْحَدَ، قُلْتُ: فَمَا الْجُحُودُ؟ قَالَ: هُوَ أَنْ يُنْكِرَ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُ، قُلْتُ: فَإِنْ جَحَدَ فَهُوَ كَافِرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَافِرٌ مُشْرِكٌ.[١٣]

وأخبرنا بعض أصحابه، قال:

سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: إِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ هَذِهِ الْقِبْلَةَ ثَلَاثَةٌ: مَنْ سَمِعَ دَعْوَتِي إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ فِي الشَّرْعِ وَالْمُلْكِ فَأَجَابَهَا وَاجْتَنَبَ الْجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ سَمِعَهَا فَلَمْ يُجِبْهَا فَهُوَ مُنَافِقٌ، وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا وَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ فَهُوَ مُسْلِمٌ ضَالٌّ حَتَّى يَسْمَعَهَا أَوْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَلَيْسَ هَذَا مُسْتَضْعَفًا؟ قَالَ: إِنْ أَخْلَدَ فِي الْجِبَالِ وَالْأَوْدِيَةِ فَهُوَ مُسْتَضْعَفٌ، وَإِنْ دَخَلَ السُّوقَ وَجَالَسَ النَّاسَ وَأَحَسَّ الْإِخْتِلَافَ فَلَيْسَ بِمُسْتَضْعَفٍ، ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ فَنَادَى: أَلَا إِنَّ دَعْوَتِي هَذِهِ لَبَيَانٌ، فَلَا تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَبَّنَا لَمْ يَأْتِنَا بَيَانٌ.[١٤]

من هنا يعلم أنّ معرفة أنّ الخلافة من عند اللّه هي من أصول الإيمان، والذين يشهدون الشهادتين يتصنّفون بها إلى أربعة أصناف:

١ . صنف لم يتبيّن لهم أنّ للّه في الأرض خليفة يجب عليهم طاعته؛ فإنّهم مسلمون، لكنّهم في ضلال بعيد.

٢ . صنف تبيّن لهم أنّ للّه في الأرض خليفة يجب عليهم طاعته، لكنّهم جحدوا به؛ فإنّهم منافقون، وليسوا من الإسلام في شيء؛ كالذين بلغتهم دعوة السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى، فلم يستجيبوا لها.

٣ . صنف تبيّن لهم أنّ للّه في الأرض خليفة يجب عليهم طاعته، فأقرّوا به، لكنّهم لم يعرفوا من هو؛ فإنّهم ثلاثة أصناف:

١-٣. صنف لم يتبيّن لهم أنّه الأكبر العادل من ذرّيّة إبراهيم عليه السلام وأهل بيت محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ فإنّهم مسلمون، لكنّهم في ضلال بعيد دون ضلال الصنف الأوّل.

٢-٣. صنف تبيّن لهم ذلك، لكنّهم جحدوا به؛ فإنّهم منافقون، وليسوا من الإسلام في شيء؛ كالذين بلغتهم دعوة السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى، فلم يستجيبوا لها.

٣-٣. صنف تبيّن لهم ذلك، فأقرّوا به؛ فإنّهم مسلمون، لكنّهم في ضلال غير بعيد؛ لأنّ القرآن لم يصرّح باسم الخليفة، وإنّما دلّ على أنّه الأكبر العادل من ذرّيّة إبراهيم عليه السلام وأهل بيت محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.

٤ . صنف تبيّن لهم أنّ للّه في الأرض خليفة يجب عليهم طاعته، فأقرّوا به، وعرفوه؛ فإنّهم ﴿هُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ[١٥]؛ كالذين بلغتهم دعوة السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى، فاستجابوا لها، ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ[١٦].

لمزيد المعرفة عن هذا، راجع: «ثلاثة أقوال من جنابه في بيان أنّ الولاية للّه وحده، ولا يجوز الإقتراب منها إلا لمن أذن اللّه له»، و«اثني عشر قولًا مهمًّا من جنابه في تبيين الشرك والتوحيد والإسلام والإيمان»، و«عشرة أقوال من جنابه في تقديم أهل البيت، وبيان أنّ تقديمهم ليس من الرّفض في شيء، ولكنّ الرّفض تكفير الصحابة أو سبّهم»، و«ثمانية أقوال من جنابه في بيان أنّ الولاية للمهديّ وحده ولا يجوز اتّخاذ أولياء من دونه، بل يُعتبر ذلك شركًا»، و«ثلاثة أقوال من جنابه في من ينكر المهديّ قبل ظهوره وبعده».

↑[١] . مسند أبي داود الطيالسي، ج٢، ص٤٣٤؛ سنن سعيد بن منصور (الفرائض إلى الجهاد)، ج٢، ص٢١٥؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٢، ص١٠٤؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٥، ص٥٥٨؛ مسند أحمد، ج١٤، ص٥٤١؛ صحيح البخاري، ج١، ص١٤؛ صحيح مسلم، ج١، ص٣٩؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٢٧؛ أنساب الأشراف للبلاذري، ج٢، ص٩٣؛ مسند البزار، ج١٥، ص٧٢؛ سنن النسائي، ج٧، ص٨٠؛ سنن الدارقطني، ج٢، ص٤٦٧
↑[٢] . العنكبوت/ ٤٧
↑[٣] . الحجرات/ ١٤
↑[٤] . محمّد/ ٢٤
↑[٥] . البقرة/ ٢٠٩
↑[٦] . التّوبة/ ١١٥
↑[٧] . القول ١٧٣، الفقرة ١
↑[٨] . القول ١٧٣، الفقرة ٢
↑[٩] . القول ١٧٣، الفقرة ٣
↑[١٠] . القصص/ ٦٨
↑[١١] . القول ١٧٣، الفقرة ٩
↑[١٢] . النّساء/ ٦٥
↑[١٣] . القول ١٧٣، الفقرة ١٠
↑[١٤] . القول ١٧٣، الفقرة ١١
↑[١٥] . الحجّ/ ٢٤
↑[١٦] . البقرة/ ١٧٧