كاتب السؤال: محمّد تايوردي؛ علي رضا الرضواني تاريخ السؤال: ١٤٣٦/٤/٢٩

أردنا معرفة رأي المنصور الهاشميّ الخراسانيّ في سبّ الصحابة، وفي مديري بعض القنوات الفضائيّة الشيعيّة الذين يسبّون الصحابة علانية. شكرًا

الاجابة على السؤال: ١ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٦/٥/١

لقد تبيّن رأي العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى في هذا الموضوع في مبحث «ضرورة احترام أصحاب النّبيّ» من الكتاب القيّم «العودة إلى الإسلام» استنادًا إلى المصادر اليقينيّة والمشتركة بين المسلمين. وفقًا لهذا الرأي ووفقًا لبعض دروسه، لا يجوز سبّ أحد من الصحابة، ومن سبّهم فهو آثم، وإذا أصرّ على سبّهم فهو فاسق، وإذا تجاهر به مصرًّا بطريقة تثير العداوة والبغضاء بين المسلمين فلا يبعد أن يكون من المفسدين في الأرض، وجزاء المفسدين في الأرض إذا ما رُدّوا إلى الإمام معلوم.

ثمّ كما أنّه لا يجوز سبّ أحد من الصحابة، كذلك لا يجوز لعن أحد من المهاجرين والأنصار الذين آمنوا قبل الفتح، وإن كانوا من الذين أخطؤوا بعد النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في شأن الخلافة، مثل أبي بكر وعمر وعثمان، أو أخطؤوا في الخروج على عليّ بن أبي طالب، مثل طلحة والزبير وعائشة؛ لأنّ اللّه تعالى أمر المسلمين اللاحقين بالإستغفار لهم نظرًا إلى خدماتهم للنّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ودورهم في ظهور الإسلام على الكفر، إذ قال بعد الثناء عليهم: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[١] ومن الواضح أنّ قوله تعالى عامّ ولا يجوز تخصيصه بروايات معدودة ضعيفة ينسبها الشيعة إلى أهل البيت؛ لأنّه لا يجوز تخصيص القرآن بالروايات[٢]، ومن ثمّ كانت عائشة تقول: «أُمِرُوا أَنْ يَسَتَغْفِرُوا لَهُمْ فَسَبُّوهُمْ»[٣] تعني المهاجرين والأنصار، وكان ابن عبّاس يقول: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَرَ بِالْإِسْتِغْفَارِ لَهُمْ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ سَيَقْتَتِلُونَ وَيُحْدِثُونَ»[٤]، وقد روي عن أهل البيت ما يوافق القرآن، وهو الصحيح المعتمد؛ كما روي: «أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَجَلَسُوا إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَذَكَرُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَمَسُّوا مِنْهُمَا، ثُمَّ ابْتَرَكُوا فِي عُثْمَانَ ابْتِرَاكًا، فَقَالَ لَهُمْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: أَخْبِرُونِي أَنْتُمْ مِنَ ﴿الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ[٥]؟ قَالُوا: لَسْنَا مِنْهُمْ، قَالَ: فَأَنْتُمْ مِنَ ﴿الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ[٦]؟ قَالُوا: لَسْنَا مِنْهُمْ، قَالَ: أَمَّا أَنْتُمْ فَقَدْ تَبَرَّأْتُمْ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ أَنْ تَكُونُوا مِنْهُمْ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْفِرْقَةِ الثَّالِثَةِ ﴿الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[٧]، ثُمَّ قَالَ: قُومُوا عَنِّي لَا قَرَّبَ اللَّهُ دُورَكُمْ!»[٨]

وفّق اللّه جميع مسلمي العالم للعودة إلى الإسلام الخالص والكامل، ومراعاة أحكامه وأخلاقه، وتجنّب إثارة الفتنة والتنازع بينهم، على الرغم من أنّ أكثرهم لا يرغبون في الخير.

↑[١] . الحشر/ ١٠
↑[٢] . انظر: مبحث «عدم إمكان تخصيص القرآن بسنّة النّبيّ» من كتاب «العودة إلى الإسلام» (ص٢١٤).
↑[٣] . مصنف ابن أبي شيبة، ج٦، ص٤٠٥؛ مسند إسحاق بن راهويه، ج٢، ص٣٢١؛ فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل، ج٢، ص٩١٠؛ صحيح مسلم، ج٤، ص٢٣١٧؛ السنّة لابن أبي عاصم، ج٢، ص٤٨٤؛ تفسير ابن أبي حاتم، ج١٠، ص٣٣٤٧
↑[٤] . فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل، ج٢، ص٩١٠؛ الشريعة للآجري، ج٥، ص٢٤٩١؛ شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي، ج٧، ص٣١٨
↑[٥] . الحشر/ ٨
↑[٦] . الحشر/ ٩
↑[٧] . الحشر/ ١٠
↑[٨] . تاريخ دمشق لابن عساكر، ج٤١، ص٣٩٠؛ المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي، ج٦، ص٣٢٧؛ تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزّي، ج٢٠، ص٣٩٤