كاتب السؤال: عماد الفضلي | تاريخ السؤال: ١٤٤٦/٨/٢٦ |
نرجو من سماحتكم بيان صفات الإمام المهديّ وعلاماته المعتبرة، حتّى نستطيع معرفته بالمقايسة والتطبيق عليها، ولا نغترّ بدعاوي الكذّابين والمتشبّهين.
الاجابة على السؤال: ٢٠ | تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٤٦/٨/٢٦ |
صفات الإمام المهديّ وعلاماته المعتبرة هي ما تلي:
١ . اسمه اسم النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم
والدليل على ذلك تواتر الروايات بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «الْمَهْدِيُّ اسْمُهُ اسْمِي»، أو قال: «يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي»، أي يوافق، وليس في ذلك خلاف بين المسلمين لعدم الإختلاف بين الروايات، وأمّا اسم أبيه ففيه خلاف؛ إذ قال الجمهور أنّه «عبد اللّه»، لما روي عن عبد اللّه بن مسعود أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «الْمَهْدِيُّ يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي»[١]، وقال الشيعة أنّه «الحسن»، لما بلغهم عن أهل البيت[٢]، وهو محتمل، لخلوّ أكثر الروايات من اسم أبيه، واختلاف الرواية عن عبد اللّه بن مسعود؛ فإنّه لا يوجد في كثير من طرقها[٣]، ويُحتمل أن يكون تصحيفًا؛ فقد جاء في بعض الروايات: «اسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ»، فتصحّف إلى: «اسْمُهُ اسْمُ أَبِي»[٤]، فمن المحتمل أن يكون أصل الحديث: «اسْمُهُ اسْمِي أَوِ اسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ»، كما رواه قرّة بن إياس[٥]، فتصحّف إلى: «اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي»، ويُحتمل أن يكون تحريفًا من بعض الرواة في زمن محمّد بن عبد اللّه بن الحسن (ت١٤٥هـ)؛ فإنّهم كانوا يرون أنّه المهديّ[٦]، ولمثل هذا ينبغي الإحتياط في الأخذ بأخبار الآحاد، والإكتفاء بالقدر المتيقّن، والقدر المتيقّن اسم المهديّ.
٢ . إنّه من أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من ولد فاطمة
والدليل على ذلك تواتر الروايات بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ»[٧]، وقال: «هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي»[٨]، وقال: «هُوَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي»[٩]، وقال: «هُوَ رَجُلٌ مِنِّي»[١٠]، وقد روي عن فاطمة عليها السلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال لها: «الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِكِ»[١١]، وعن أمّ سلمة[١٢]، وعبد اللّه بن مسعود[١٣] قالا: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ»، وعن عليّ قال: «الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنَّا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ»[١٤]، وعن قتادة قال: «قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: الْمَهْدِيُّ حَقٌّ هُوَ؟ قَالَ: حَقٌّ، قُلْتُ: مِمَّنْ هُوَ؟ قَالَ: مِنْ قُرَيْشٍ، قُلْتُ: مِنْ أَيِّ قُرَيْشٍ؟ قَالَ: مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، قُلْتُ: مِنْ أَيِّ بَنِي هَاشِمٍ؟ قَالَ: مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قُلْتُ: مِنْ أَيِّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ: مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ»[١٥]، وقد تسالم على ذلك المسلمون إلّا من شذّ منهم، وقد روي أنّ قومًا يستبعدون ذلك عندما يرون شدّته، فيقولون: «وَاللَّهِ مَا هَذَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ، لَوْ كَانَ مِنْ وُلْدِهَا لَرَحِمَنَا»[١٦]، وهذا جهل منهم؛ لأنّ اللّه تعالى قال لنبيّه: ﴿جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾[١٧]، ففعل ذلك وهو أبو فاطمة، والمهديّ يستنّ سنّته، والصحيح أنّه حسينيّ الأب؛ كما روي عن الحسين، قال: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَنَّهُ مِنِّي، يَعْنِي الْمَهْدِيَّ»[١٨]، وعن حذيفة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ذكر المهديّ، فقال سلمان: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيِّ وُلْدِكَ هُوَ؟» فقال: «مِنْ وَلَدِي هَذَا»، وضرب بيده على الحسين[١٩]، وقد بيّنا ذلك بالتفصيل في جواب السؤال ٣٧١، فراجع.
٣ . إنّه ابن أمة
والدليل على ذلك قول عليّ: «بِأَبِي ابْنُ خَيْرَةِ الْإِمَاءِ»[٢٠]، يعني المهديّ، وقد روي ذلك عن غير واحد من أهل البيت[٢١]، وقد أسنده بعضهم إلى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم[٢٢]، وهو مشهور عن عليّ؛ كما روي عن عبد الرّحيم القصير، قال: «قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: بِأَبِي ابْنُ خَيْرَةِ الْإِمَاءِ، أَهِيَ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ؟ فَقَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ خَيْرَةُ الْحَرَائِرِ، ذَاكَ الْمُبْدَحُ بَطْنُهُ، الْمُشْرِبُ حُمْرَةً، رَحِمَ اللَّهُ فُلَانًا»[٢٣]، يعني المهديّ، وممّا يدلّ على شهرة هذه الصفة للمهديّ ما روي عن أبي الصبّاح، قال: «دَخَلْتُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لِي: مَا وَرَاءَكَ؟ فَقُلْتُ: سُرُورٌ مِنْ عَمِّكَ زَيْدٍ، خَرَجَ يَزْعُمُ أَنَّهُ ابْنُ سَبِيَّةٍ، وَهُوَ قَائِمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأَنَّهُ ابْنُ خَيْرَةِ الْإِمَاءِ، فَقَالَ: كَذَبَ، لَيْسَ هُوَ كَمَا قَالَ، إِنْ خَرَجَ قُتِلَ»[٢٤]، ولمّا زعم الناس أنّ محمّد بن عبد اللّه بن الحسن هو المهديّ قال: «أَوَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهُ ابْنُ سَبِيَّةٍ؟!» يعني المهديّ[٢٥]، وقال المنصور في بعض دروسه: «قَدْ تَدُلُّ هَذِهِ الصِّفَةُ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمُعَمَّرِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا تُوجَدُ فِي الدُّنْيَا أَمَةٌ مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ، فَلَا جَرَمَ أَنَّهُ قَدْ وُلِدَ حِينَ كَانَ فِي الدُّنْيَا إِمَاءٌ»[٢٦].
٤ . إنّه يظهر بمكّة، ويبايَع بين الركن والمقام
والدليل على ذلك تواتر الروايات؛ كما جاء في رواية عليّ[٢٧]، وحذيفة[٢٨] أنّه «يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ»، وفي رواية أبي جعفر أنّه «يَظْهَرُ بِمَكَّةَ»[٢٩]، وفي رواية ابن الحنفيّة أنّه «يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ هَذَيْنِ الْأَخْشَبَيْنِ»[٣٠]، يعني الجبلين المحيطين بمكّة، وفي رواية عامر بن واثلة أنّه «يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى يَرَى الَّذِي يُحِبُّ، وَلَوْ صَارَ أَنْ يَأْكُلَ الْأَغْصَانَ أَغْصَانَ الشَّجَرِ»[٣١]، وفي رواية أمّ سلمة[٣٢]، وعائشة[٣٣]، وحفصة[٣٤] أنّه «يَعُوذُ بِالْبَيْتِ»، يعني قبل ظهوره، وفي رواية أمّ سلمة أنّه «يَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ هَارِبًا إِلَى مَكَّةَ، فَيَأْتِيهِ نَاسٌ، فَيُخْرِجُونَهُ وَهُوَ كَارِهٌ، فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ»[٣٥]، وفي رواية عبد اللّه بن عمرو: «يَهْرُبُ صَاحِبُهُمْ، فَيُؤْتَى بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، فَيُبَايَعُ وَهُوَ كَارِهٌ، وَيُقَالُ لَهُ: إِنْ أَبَيْتَ ضَرَبْنَا عُنُقَكَ»[٣٦]، وفي روايته الأخرى: «يَأْتُونَهُ، وَهُوَ مُلْصِقٌ وَجْهَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَبْكِي، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى دُمُوعِهِ، فَيَقُولُونَ: هَلُمَّ فَلْنُبَايِعْكَ، فَيَقُولُ: ”وَيْحَكُمْ، كَمْ مِنْ عَهْدٍ قَدْ نَقَضْتُمُوهُ، وَكَمْ مِنْ دَمٍ قَدْ سَفَكْتُمُوهُ“، فَيُبَايَعُ كَرْهًا، فَإِنْ أَدْرَكْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ، فَإِنَّهُ الْمَهْدِيُّ فِي الْأَرْضِ، وَالْمَهْدِيُّ فِي السَّمَاءِ»[٣٧]، وفي رواية عبد اللّه بن مسعود: «يَجْلِسُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، فَيَمُدُّ يَدَهُ، فَيُبَايَعُ لَهُ»[٣٨]، وفي رواية حذيفة[٣٩]، وأبي هريرة[٤٠]: «يُبَايَعُ لَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ».
٥ . إنّه يظهر بعد خروج الرايات السّود من خراسان لتمهيد ظهوره
والدليل على ذلك تواتر الروايات؛ كما جاء في رواية الحارث بن جزء: «يَخْرُجُ نَاسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ، فَيُوَطِّئُونَ لِلْمَهْدِيِّ سُلْطَانَهُ»[٤١]، وفي رواية عبد اللّه بن مسعود: «يَأْتِي قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، مَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ، فَيَسْأَلُونَ الْحَقَّ، فَلَا يُعْطَوْنَهُ، فَيُقَاتِلُونَ، فَيُنْصَرُونَ، فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا، فَلَا يَقْبَلُونَهُ، حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي -يَعْنِي الْمَهْدِيَّ- فَيَمْلَؤُهَا قِسْطًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ، فَلْيَأْتِهِمْ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ»[٤٢]، وفي رواية ذي مخمر: «يَأْتِي الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، فَاتَّبِعُوهَا وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ، ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ الْمَهْدِيُّ خَلِيفَةُ اللَّهِ»[٤٣]، وفي رواية ثوبان: «إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ قِبَلِ خُرَاسَانَ، فَائْتُوهَا وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ، فَإِنَّ فِيهَا خَلِيفَةَ اللَّهِ الْمَهْدِيَّ»[٤٤]، وفي رواية عليّ: «إِذَا هَزَمَتِ الرَّايَاتُ السُّودُ خَيْلَ السُّفْيَانِيِّ، تَمَنَّى النَّاسُ الْمَهْدِيَّ، فَيَطْلُبُونَهُ، فَيَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ»[٤٥]، وعن أبي جعفر أنّه قال: «تُقْبِلُ رَايَاتٌ مِنْ قِبَلِ خُرَاسَانَ، وَتَطْوِي الْمَنَازِلَ طَيًّا حَثِيثًا، حَتَّى تَنْزِلَ سَاحِلَ الدِّجْلَةِ، وَمَعَهُمْ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمَهْدِيِّ»[٤٦]، وقال: «تَنْزِلُ الرَّايَاتُ السُّودُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ خُرَاسَانَ الْكُوفَةَ، فَإِذَا ظَهَرَ الْمَهْدِيُّ بِمَكَّةَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِالْبَيْعَةِ»[٤٧]، وقد جمعنا ما يدلّ على ذلك في جزء، فراجع.
٦ . إنّه يظهر بعد خروج السّفيانيّ من الشام، والخسف بجيش له في البيداء
والدليل على ذلك تواتر الروايات؛ كما جاء في رواية أبي هريرة: «يَخْرُجُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ السُّفْيَانِيُّ فِي عُمْقِ دِمَشْقَ، وَعَامَّةُ مَنْ يَتْبَعُهُ مِنْ كَلْبٍ، فَيَقْتُلُ حَتَّى يَبْقُرَ بُطُونَ النِّسَاءِ وَيَقْتُلَ الصِّبْيَانَ، وَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي -يَعْنِي الْمَهْدِيَّ- فِي الْحَرَّةِ، فَيَبْلُغُ السُّفْيَانِيَّ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِ جُنْدًا مِنْ جُنْدِهِ، حَتَّى إِذَا صَارَ بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ، خُسِفَ بِهِمْ، فَلَا يَنْجُو مِنْهُمْ إِلَّا الْمُخْبِرُ عَنْهُمْ»[٤٨]، وفي رواية حذيفة: «فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ خَرَجَ عَلَيْهِمُ السُّفْيَانِيُّ مِنَ الْوَادِي الْيَابِسِ، حَتَّى يَنْزِلَ دِمَشْقَ، فَيَبْعَثُ جَيْشَيْنِ: جَيْشًا إِلَى الْمَشْرِقِ، وَجَيْشًا إِلَى الْمَدِينَةِ، حَتَّى يَنْزِلُوا بِأَرْضِ بَابِلَ فِي الْمَدِينَةِ الْمَلْعُونَةِ، فَيَقْتُلُونَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ، وَيَبْقُرُونَ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ امْرَأَةٍ، ثُمَّ يَنْحَدِرُونَ إِلَى الْكُوفَةِ، فَيُخَرِّبُونَ مَا حَوْلَهَا، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُتَوَجِّهِينَ إِلَى الشَّامِ، وَيَحُلُّ جَيْشُهُ الثَّانِي بِالْمَدِينَةِ، فَيَنْتَهِبُونَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُتَوَجِّهِينَ إِلَى مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ، بَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ، فَيَقُولُ: ”يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ فَأَبِدْهُمْ“، فَيَضْرِبُهَا بِرِجْلِهِ ضَرْبَةً يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ، فَلَا يَنْفَلِتُ مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلَانِ: أَحَدُهُمَا بَشِيرٌ، وَالْآخَرُ نَذِيرٌ، وَهُمَا مِنْ جُهَيْنَةَ، فَلِذَلِكَ جَاءَ الْقَوْلُ: وَعِنْدَ جُهَيْنَةَ الْخَبَرُ الْيَقِينُ»[٤٩]، وفي رواية أمّ سلمة: «يَخْرُجُ السُّفْيَانِيُّ بِالشَّامِ، فَيَسِيرُ إِلَى الْكُوفَةِ، فَيَبْعَثُ جَيْشًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَيُقَاتِلُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ، حَتَّى يُقْتَلَ الْحَبَلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَيَعُوذُ عَائِذٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ -أَوْ قَالَ: مِنْ وُلْدِ عَلِيٍّ- بِالْحَرَمِ، فَيَخْرُجُونَ إِلَيْهِ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ، غَيْرَ رَجُلٍ يُنْذِرُ النَّاسَ»[٥٠]، وفي روايتها الأخرى: «جَيْشٌ مِنْ أُمَّتِي يَجِيئُونَ مِنْ قِبَلِ الشَّامِ، يَؤُمُّونَ الْبَيْتَ لِرَجُلٍ يَمْنَعُهُ اللَّهُ مِنْهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، خُسِفَ بِهِمْ»[٥١]، وفي رواية عائشة: «إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ الْبَيْتَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْتِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ»[٥٢]، وفي رواية حفصة: «لَيَؤُمَّنَّ هَذَا الْبَيْتَ جَيْشٌ يَغْزُونَهُ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ خُسِفَ بِأَوْسَطِهِمْ، فَيُنَادِي أَوَّلُهُمْ آخِرَهُمْ، فَيُخْسَفُ بِهِمْ جَمِيعًا، وَلَا يَنْجُو إِلَّا الشَّرِيدُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ»[٥٣]، وفي رواية صفيّة: «لَا يَنْتَهِي النَّاسُ عَنْ غَزْوِ هَذَا الْبَيْتِ، حَتَّى يَغْزُوَ جَيْشٌ، فَإِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ، يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَلَمْ يَنْجُ أَوْسَطُهُمْ»[٥٤]، وفي رواية أنس: «جَيْشٌ يَحْدِرُ مِنْ قِبَلِ الْعِرَاقِ فِي طَلَبِ رَجُلٍ مِنَ الْمَدِينَةِ يَمْنَعُهُ اللَّهُ مِنْهُمْ، فَإِذَا عَلَوُا الْبَيْدَاءَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ خُسِفَ بِهِمْ، فَلَا يُدْرِكُ أَعْلَاهُمْ أَسْفَلَهُمْ، وَلَا يُدْرِكُ أَسْفَلُهُمْ أَعْلَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»[٥٥]، وفي رواية عليّ: «إِذَا نَزَلَ جَيْشٌ فِي طَلَبِ الَّذِينَ خَرَجُوا إِلَى مَكَّةَ فَنَزَلُوا الْبَيْدَاءَ خُسِفَ بِهِمْ، وَيُبَادُ بِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فُزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾[٥٦] مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِهِمْ، وَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنَ الْجَيْشِ فِي طَلَبِ نَاقَةٍ لَهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ، فَلَا يَجِدُ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَلَا يُحِسُّ بِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي يُحَدِّثُ النَّاسَ بِخَبَرِهِمْ»[٥٧]، وفي رواية ابن مسعود: «يُبْعَثُ جَيْشٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَيُخْسَفُ بِهِمْ بَيْنَ الْجَمَّاوَيْنِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ”يَا بَيْدَاءُ، بِيدِي بِأَهْلِكِ“، فَتَبِيدُ بِهِمْ، إِلَّا رَجُلٌ مِنْ بَجِيلَةَ، يُحَوِّلُ اللَّهُ وَجْهَهُ إِلَى قَفَاهُ لِيُخْبِرَ النَّاسَ بِأَمْرِهِمْ»[٥٨]، وفي رواية سعدى بنت عوف: «يُخْسَفُ بِجَيْشٍ فِي الْبَيْدَاءِ، فَيَصِيحُ صَائِحٌ مِنَ السَّمَاءِ: ”يَا بَيْدَاءُ، بِيدِي بِهِمْ“»[٥٩]، وفي رواية عبد اللّه بن عمرو: «عَلَامَةُ خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ خَسْفٌ يَكُونُ بِالْبَيْدَاءِ بِجَيْشٍ، فَهُوَ عَلَامَةُ خُرُوجِهِ»[٦٠]، وفي رواية ابن عبّاس: «إِذَا خُسِفَ بِجَيْشِ السُّفْيَانِيِّ، قَالَ صَاحِبُ مَكَّةَ -يَعْنِي الْمَهْدِيَّ-: هَذِهِ الْعَلَامَةُ الَّتِي كُنْتُمْ تُخْبَرُونَ بِهَا، فَيَسِيرُونَ إِلَى الشَّامِ»[٦١]، وفي رواية محمّد بن الحنفيّة: «سَيَكُونُ عَائِذٌ بِمَكَّةَ، يُبْعَثُ إِلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفًا، عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ، حَتَّى إِذَا بَلَغُوا الثَّنِيَّةَ، دَخَلَ آخِرُهُمْ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا أَوَّلُهُمْ، نَادَى جِبْرِيلُ: ”يَا بَيْدَاءُ، يَا بَيْدَاءُ، يَا بَيْدَاءُ“، يَسْمَعُ مَشَارِقُهَا وَمَغَارِبُهَا، ”خُذِيهِمْ، فَلَا خَيْرَ فِيهِمْ“، فَلَا يَظْهَرُ عَلَى هَلَاكِهِمْ إِلَّا رَاعِي غَنَمٍ فِي الْجَبَلِ، يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ حِينَ سَاخُوا، فَيُخْبِرُهُمْ، فَإِذَا سَمِعَ الْعَائِذُ بِهِمْ خَرَجَ»[٦٢]، وقد روي عن عبد الملك بن أعين، قال: «كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَجَرَى ذِكْرُ الْقَائِمِ -يَعْنِي الْمَهْدِيِّ- عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ عَاجِلًا، وَلَا يَكُونَ سُفْيَانِيٌّ، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ، إِنَّهُ لَمِنَ الْمَحْتُومِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ»[٦٣]، وعن عليّ بن أسباط، قال: «قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ ثَعْلَبَةَ بْنَ مَيْمُونٍ حَدَّثَنِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: يَقُومُ قَائِمُنَا لِمُوَافَاةِ النَّاسِ سَنَةً، قَالَ: يَقُومُ الْقَائِمُ بِلَا سُفْيَانِيٍّ؟! إِنَّ أَمْرَ الْقَائِمِ حَتْمٌ مِنَ اللَّهِ، وَأَمْرَ السُّفْيَانِيِّ حَتْمٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَا يَكُونُ قَائِمٌ إِلَّا بِسُفْيَانِيٍّ»[٦٤]، وعن محمّد بن مسلم، قال: «سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: كَفَى بِالسُّفْيَانِيِّ نِقْمَةً لَكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، وَهُوَ مِنَ الْعَلَامَاتِ لَكُمْ، مَعَ أَنَّ الْفَاسِقَ لَوْ قَدْ خَرَجَ لَمَكَثْتُمْ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ بَعْدَ خُرُوجِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكُمْ بَأْسٌ حَتَّى يَقْتُلَ خَلْقًا كَثِيرًا دُونَكُمْ، قِيلَ: فَإِلَى أَيْنَ يَخْرُجُ الرِّجَالُ وَيَهْرُبُونَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ أَنْ يَخْرُجَ، يَخْرُجْ إِلَى الْمَدِينَةِ أَوْ إِلَى مَكَّةَ أَوْ إِلَى بَعْضِ الْبُلْدَانِ، ثُمَّ قَالَ: مَا تَصْنَعُونَ بِالْمَدِينَةِ؟! وَإِنَّمَا يَقْصِدُ جَيْشُ الْفَاسِقِ إِلَيْهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمَكَّةَ، فَإِنَّهَا مَجْمَعُكُمْ، وَإِنَّمَا فِتْنَتُهُ حَمْلُ امْرَأَةٍ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، وَلَا يَجُوزُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ»[٦٥].
٧ . إنّه يظهر بعد النداء باسمه من السّماء
والدليل على ذلك تواتر الروايات؛ كما جاء في رواية عليّ: «إِذَا نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: إِنَّ الْحَقَّ فِي آلِ مُحَمَّدٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَظْهَرُ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَفْوَاهِ النَّاسِ، وَيُشْرَبُونَ حُبَّهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ ذِكْرٌ غَيْرُهُ»[٦٦]، وفي روايته الأخرى: «بَعْدَ الْخَسْفِ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: ”إِنَّ الْحَقَّ فِي آلِ مُحَمَّدٍ“، فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ فِي آخِرِ النَّهَارِ: ”إِنَّ الْحَقَّ فِي وُلْدِ فُلَانٍ“، وَذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ»[٦٧]، وفي رواية حذيفة: «يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ مُنَادٍ: ”أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَطَعَ عَنْكُمْ مُدَّةَ الْجَبَّارِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَأَشْيَاعِهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ، وَوَلَّاكُمْ خَيْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَالْحَقُوا بِهِ بِمَكَّةَ، فَإِنَّهُ الْمَهْدِيُّ“»[٦٨]، وفي رواية عمّار: «إِذَا قُتِلَ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ وَأَخُوهُ بِمَكَّةَ ضَيْعَةً، نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: ”إِنَّ أَمِيرَكُمْ فُلَانٌ“، وَذَلِكَ الْمَهْدِيُّ الَّذِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ حَقًّا وَعَدْلًا»[٦٩]، وفي رواية طلحة: «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ، لَا يَهْدَأُ مِنْهَا جَانِبٌ إِلَّا جَاشَ مِنْهَا جَانِبٌ، حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: ”إِنَّ أَمِيرَكُمْ فُلَانٌ“»[٧٠]، يعني المهديّ، وفي رواية عبد اللّه بن عمرو: «يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ وَعَلَى رَأْسِهِ مَلَكٌ يُنَادِي: ”إِنَّ هَذَا الْمَهْدِيُّ، فَاتَّبِعُوهُ“»[٧١]، وفي رواية أبي أمامة: «لَيُنَادَيَنَّ بِاسْمِ رَجُلٍ مِنَ السَّمَاءِ، لَا يُنْكِرُهُ الذَّلِيلُ، وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا الْعَزِيزُ»[٧٢]، وفي رواية شهر بن حوشب: «يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: ”أَلَا إِنَّ صَفْوَةَ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ فُلَانٌ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا“»[٧٣]، وفي رواية سعيد بن المسيّب: «لَا يَسْتَقِيمُ أَمْرُ النَّاسِ عَلَى شَيْءٍ، وَلَا تَكُونُ لَهُمْ جَمَاعَةٌ، حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: ”عَلَيْكُمْ بِفُلَانٍ“»[٧٤]، وفي رواية أبي جعفر: «يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: ”فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ هُوَ الْإِمَامُ“ بِاسْمِهِ، وَيُنَادِي إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ مِنَ الْأَرْضِ، كَمَا نَادَى بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ»[٧٥]، وفي رواية جعفر بن محمّد: «يُنَادِي بِاسْمِ صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: ”أَلَا إِنَّ الْأَمْرَ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، فَفِيمَ الْقِتَالُ؟!“»[٧٦]، وقال زرارة بن أعين: «قُلْتُ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: النِّدَاءُ حَقٌّ؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ، حَتَّى يَسْمَعَهُ كُلُّ قَوْمٍ بِلِسَانِهِمْ»[٧٧]، قال: «قُلْتُ: فَمَنْ يُخَالِفُ الْمَهْدِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ نُودِيَ بِاسْمِهِ؟ قَالَ: لَا يَدَعُهُمْ إِبْلِيسُ حَتَّى يُنَادِيَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَيُشَكِّكَ النَّاسَ»[٧٨]، وقال ابن أبي يعفور: «قَالَ لِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَمْسِكْ بِيَدِكَ هَلَاكَ الْفُلَانِيِّ، وَخُرُوجَ السُّفْيَانِيِّ، وَقَتْلَ النَّفْسِ، وَجَيْشَ الْخَسْفِ، وَالصَّوْتَ، قُلْتُ: وَمَا الصَّوْتُ؟ هُوَ الْمُنَادِي؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَبِهِ يُعْرَفُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ»[٧٩]، ومن أجل ذلك قال المنصور: «كُلُّ مَنْ نَادَى فِي النَّاسِ بِأَنَّهُ الْمَهْدِيُّ قَبْلَ وُقُوعِ الصَّيْحَةِ وَالْخَسْفِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ»، قيل: «وَمَا الصَّيْحَةُ وَالْخَسْفُ؟» قال: «صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِهِ وَخَسْفٌ بِجَيْشٍ مِنْ أَعْدَائِهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَبِهِمَا يُعْرَفُ الْمَهْدِيُّ»[٨٠].
٨ . عنده سلاح النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ومواريثه
والدليل على ذلك تواتر الروايات عن أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ كما قالوا: «يَخَرُجُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ -يَعْنِي الْمَهْدِيَّ- مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ بِتُرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ سَيْفُهُ، وَدِرْعُهُ، وَعِمَامَتُهُ، وَبُرْدُهُ، وَقَضِيبُهُ، وَرَايَتُهُ، وَلَأْمَتُهُ، وَسَرْجُهُ، حَتَّى يَنْزِلَ مَكَّةَ، فَيُخْرِجُ السَّيْفَ مِنْ غِمْدِهِ، وَيَلْبَسُ الدِّرْعَ، وَيَنْشُرُ الرَّايَةَ وَالْبُرْدَةَ وَالْعِمَامَةَ، وَيَتَنَاوَلُ الْقَضِيبَ بِيَدِهِ، وَيَسْتَأْذِنُ اللَّهَ فِي ظُهُورِهِ»[٨١]، وقالوا: «يَظْهَرُ الْمَهْدِيُّ بِمَكَّةَ عِنْدَ الْعِشَاءِ، وَمَعَهُ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَمِيصُهُ، وَسَيْفُهُ»[٨٢]، وقد روى الحسن بن أبي سارّة عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «السِّلَاحُ فِينَا بِمَنْزِلَةِ التَّابُوتِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِذَا وُضِعَ التَّابُوتُ عَلَى بَابِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلِمَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ قَدْ أُوْتِيَ الْمُلْكَ، فَكَذَلِكَ السِّلَاحُ حَيْثُ مَا دَارَتْ دَارَتِ الْإِمَامَةُ»[٨٣]، وروى عبد اللّه بن سليمان، قال: «سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: إِنَّ السِّلَاحَ فِينَا كَمَثَلِ التَّابُوتِ فِي بِنَى إِسْرَائِيلَ، كَانَ حَيْثُ مَا دَارَ التَّابُوتُ فَثَمَّ الْمُلْكُ، وَحَيْثُ مَا دَارَ السِّلَاحُ فَثَمَّ الْعِلْمُ»[٨٤]، وروى حمران، قال: «ذَكَرْتُ الْكَيْسَانِيَّةَ وَمَا يَقُولُونَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَلَا يَقُولُونَ عِنْدَ مَنْ كَانَ سِلَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَمَا كَانَ فِي سَيْفِهِ مِنْ عَلَامَةٍ كَانَتْ فِي جَانِبَيْهِ إِنْ كَانُوا يَعْلَمُونَ؟ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى بَعْضِ الْوَصِيَّةِ أَوْ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا فِي وَصِيَّةٍ، فَيَبْعَثُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَيَنْسَخُهُ لَهُ»[٨٥]، وروى سليمان بن خالد، قال: «قُلْتُ لِجَعْفَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ الْعِجْلِيَّهَ يَزْعُمُونَ أَنَّ سِلَاحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ وُلْدِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَذَبُوا وَاللَّهِ، قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ سَيْفَانِ، وَفِي أَحَدِهِمَا عَلَامَةٌ فِي مَيْمَنَتِهِ، فَلْيُخْبِرُوا بِعَلَامَتِهَا وَأَسْمَائِهِمَا إِنْ كَانُوا صَادِقَيْنِ، وَلَكِنْ لَا أُزْرِي ابْنَ عَمِّي، قُلْتُ: وَمَا اسْمُهُمَا؟ فَقَالَ: اسْمُ أَحَدِهِمَا الرَّسُومُ، وَالْآخَرُ مِخْذَمٌ»[٨٦]، وروى محمّد بن سالم، قال: «قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: صَلَّيْتُ وَخَرَجْتُ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ قَرِيبًا مِنَ الْبَابِ اسْتَقْبَلَنِي مَوْلًى لِبَنِي الْحَسَنِ، فَقَالَ: كَيْفَ أَمْسَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ فَهُوَ بِخَيْرٍ، قَالَ: إِنِّي خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ بَنِي الْحَسَنِ آنِفًا، فَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ شِيعَتَكَ بِالْكُوفَةِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ نَبِيٌّ، وَأَنَّ عِنْدَكَ سِلَاحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ! قُلْتُ: يَا أَبَا فُلَانٍ، لَقَدْ اسْتَقْبَلْتَنِي بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، قَالَ: وَفَعَلْتُ؟! قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ أَرَدْتُ! قُلْتُ: هَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي كَمَا بَلَّغْتَنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: قُلْ لِبَنِي الْحَسَنِ: مَا تَصْنَعُونَ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ؟! فَمِنْهُمْ مَنْ يَصْدُقُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْذِبُ، هَذَا أَنَا عِنْدَكُمْ، أَزْعُمُ أَنَّ عِنْدِي سِلَاحَ رَسُولِ اللَّهِ، وَرَايَتَهُ، وَدِرْعَهُ، وَإِنَّ أَبِي قَدْ لَبِسَهَا، فَخُطَّتْ عَلَيْهِ، فَلْيَأْتِ بَنُو الْحَسَنِ، فَلْيَقُولُوا مِثْلَ مَا أَقُولُ»[٨٧]، وروى سعيد السمّان، قال: «كُنْتُ عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ، فَقَالَ لِي: أَتَعْرِفُ هَذَيْنِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، هُمَا مِنْ أَهْلِ سُوقِنَا مِنَ الزَّيْدِيَّةِ، وَهُمَا يَزْعُمَانِ أَنَّ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، فَقَالَ: كَذَبَا، لَا وَاللَّهِ مَا رَآهُ عَبْدُ اللَّهِ بِعَيْنَيْهِ، وَلَا بِوَاحِدَةٍ مِنْ عَيْنَيْهِ، وَلَا رَآهُ أَبُوهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَآهُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَإِنْ كَانَا صَادِقَيْنِ فَمَا عَلَامَةٌ فِي مِقْبَضِهِ، وَمَاذَا تُرَى فِي مَوْضِعِ مَضْرِبِهِ؟ وَإِنَّ عِنْدِي لَسَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَدِرْعَهُ، وَلَأْمَتَهُ، وَمِغْفَرَهُ، فَإِنْ كَانَا صَادِقَيْنِ فَمَا عَلَامَةٌ فِي دِرْعِهِ؟ وَإِنَّ عِنْدِي لَرَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْمُغَلِّبَةَ، وَمَثَلُ السِّلَاحِ فِينَا مَثَلُ التَّابُوتِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَيُّ أَهْلِ بَيْتٍ وَقَفَ التَّابُوتُ عَلَى بَابِ دَارِهِمْ أُوتُوا النُّبُوَّةَ، كَذَلِكَ وَمَنْ صَارَ إِلَيْهِ السِّلَاحُ مِنَّا أُوتِيَ الْإِمَامَةَ، وَلَقَدْ لَبِسَ أَبِي دِرْعَ رَسُولِ اللَّهِ، فَخُطَّتُ عَلَى الْأَرْضِ خَطِيطًا، وَلَبِسْتُهَا أَنَا، فَكَانَتْ، وَقَائِمُنَا مَنْ إِذَا لَبِسَهَا مَلَأَهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ»[٨٨]، وقد أخبرنا بعض أصحابنا، قال:
سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنِ الرَّجُلِ يَدَّعِي أَنَّهُ إِمَامٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ فَأَجَابَ فِيهَا، قَالَ: كَانَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: دُورُوا مَعَ السِّلَاحِ حَيْثُمَا دَارَ، فَأَمَّا الْمَسَائِلُ فَلَيْسَ فِيهَا حُجَّةٌ، قُلْتُ: وَمَا السِّلَاحُ؟ قَالَ: سِلَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ بِمَنْزِلَةِ التَّابُوتِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، كُلُّ مَنْ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ كَانَ إِمَامًا، قُلْتُ: كَيْفَ نَعْلَمُ أَنَّهُ هُوَ؟ قَالَ: يَتَبَيَّنُ لَكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا تَبَيَّنَ لَهُمُ التَّابُوتُ، وَإِنِ اشْتَبَهَ عَلَيْكُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَبْيَنَ مِنْ ذَلِكَ.[٨٩]
٩ . إنّه يملأ الأرض عدلًا وقسطًا، ويعطي المال صحاحًا
والدليل على ذلك تواتر الروايات؛ كما جاء في رواية أبي سعيد الخدريّ: «أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ، يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاسِ وَزَلَازِلَ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ، يَقْسِمُ الْمَالَ صَحَاحًا، بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَمْلَأُ اللَّهُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ غِنًى، وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ، حَتَّى يَأْمُرَ مُنَادِيًا فَيُنَادِي، فَيَقُولُ: ”مَنْ لَهُ فِي مَالٍ حَاجَةٌ؟“ فَمَا يَقُومُ مِنَ النَّاسِ إِلَّا رَجُلٌ، فَيَقُولُ: ”أَنَا“، فَيَقُولُ: ”ايتِ السَّدَّانَ، يَعْنِي الْخَازِنَ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ الْمَهْدِيَّ يَأْمُرُكَ أَنْ تُعْطِيَنِي مَالًا“، فَيَقُولُ لَهُ: ”احْثِ“، حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ وَأَبْرَزَهُ نَدِمَ، فَيَقُولُ: ”كُنْتُ أَجْشَعَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ نَفْسًا، أَوَعَجَزَ عَنِّي مَا وَسِعَهُمْ؟!“ فَيَرُدُّهُ، فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ: ”إِنَّا لَا نَأْخُذُ شَيْئًا أَعْطَيْنَاهُ“»[٩٠]، وفي روايته الأخرى: «تَأْوِي إِلَيْهِ الْأُمَّةُ كَمَا تَأْوِي النَّحْلَةُ إِلَى يَعْسُوبِهَا، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، حَتَّى يَكُونَ النَّاسُ عَلَى مِثْلِ أَمْرِهِمُ الْأَوَّلِ»[٩١]، وفي روايته الأخرى: «يَكُونُ عَطَاؤُهُ حَثْيًا»[٩٢]، وفي رواية أبي سعيد[٩٣]، وأبي هريرة[٩٤]: «تَنْعَمُ أُمَّتِي فِي زَمَانِهِ نِعْمَةً لَمْ يَنْعَمُوا مِثَلَهَا، يُرْسِلُ اللَّهُ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا، وَلَا تَدَّخِرُ الْأَرْضُ بِشَيْءٍ مِنَ النَّبَاتِ، وَالْمَالُ كُدُوسٌ، يَقُومُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: ”يَا مَهْدِيُّ، أَعْطِنِي“، فَيَقُولُ: ”خُذْهُ“»، وفي رواية قرّة بن إياس: «يَمْلَؤُهَا قِسْطًا وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، فَلَا تَمْنَعُ السَّمَاءُ شَيْئًا مِنْ قَطْرِهَا، وَلَا الْأَرْضُ شَيْئًا مِنْ نَبَاتِهَا»[٩٥]، وفي رواية ابن عبّاس: «يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، وَتَأْمَنَ الْبَهَائِمُ وَالسِّبَاعُ، وَتُلْقِي الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا، وَهِيَ أَمْثَالُ الْأُسْطُوَانَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ»[٩٦]، وفي رواية عبد الرّحمن بن عوف: «يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جُورًا، يَفِيضُ الْمَالُ فَيْضًا»[٩٧]، وفي رواية جابر بن عبد اللّه: «يَحْثِي الْمَالَ حَثْيًا، وَلَا يَعُدُّهُ عَدًّا»[٩٨].
١٠ . ينزل عيسى بن مريم عليه السلام في زمانه، ويصلّي خلفه
والدليل على ذلك تواتر الروايات؛ كما جاء في رواية جابر بن عبد اللّه: «يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، يَنْزِلُ عَلَى الْمَهْدِيِّ، فَيُقَالُ لَهُ: ”تَقَدَّمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَصَلِّ لَنَا“، فَيَقُولُ: ”إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَمِيرٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، لِكَرَامَتِهِمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ“»[٩٩]، وفي رواية حذيفة: «يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ بِإِيلِيَاءَ، وَفِيهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَخَلِيفَتُهُمْ بَعْدَمَا يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَيَسْمَعُ الْمُؤَذِّنُ لِلنَّاسِ عَصْعَصَةً، فَإِذَا هُوَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، فَيَهْبِطُ عِيسَى، فَيُرَحِّبُ بِهِ النَّاسُ، وَيَفْرَحُونَ بِنُزُولِهِ، وَلِتَصْدِيقِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَقُولُ لِلْمُؤَذِّنِ: ”أَقِمِ الصَّلَاةَ“، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ النَّاسُ: ”صَلِّ لَنَا“، فَيَقُولُ: ”انْطَلِقُوا إِلَى إِمَامِكُمْ، فَيُصَلِّي لَكُمْ، فَإِنَّهُ نِعْمَ الْإِمَامُ“، فَيُصَلِّي بِهِمْ إِمَامُهُمْ، وَيُصَلِّي عِيسَى مَعَهُمْ»[١٠٠]، وفي رواية عبد اللّه بن عمرو: «فَبَيْنَا هُمْ تَحْتَ ضَبَابَةٍ مِنْ غَمَامٍ، إِذْ تُكْشَفُ عَنْهُمُ الضَّبَابَةُ مَعَ الصُّبْحِ، فَإِذَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَيَتَنَكَّبُ إِمَامُهُمْ عَنْهُ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ، فَيَأْتِي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ حَتَّى يُصَلِّيَ إِمَامُهُمْ، تَكْرِمَةً لِتِلْكَ الْعِصَابَةِ»[١٠١]، وفي رواية أبي أمامة: «فَبَيْنَمَا إِمَامُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ يُصَلِّي بِهِمُ الصُّبْحَ، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، فَرَجَعَ ذَلِكَ الْإِمَامُ يَنْكُصُ، يَمْشِي الْقَهْقَرَى، لِيَتَقَدَّمَ عِيسَى يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَيَضَعُ عِيسَى يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: ”تَقَدَّمْ فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ أُقِيمَتْ“، فَيُصَلِّي بِهِمْ إِمَامُهُمْ»[١٠٢]، وفي رواية أبي سعيد الخدريّ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ مَهْدِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِي يُصَلِّي خَلْفَهُ عِيسَى مِنَّا»[١٠٣]، وفي رواية ابن عبّاس: «الْمَهْدِيُّ مِنَّا، يَدْفَعُهَا إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ»[١٠٤]، وفي رواية أبي هريرة: «كَيْفَ بِكُمْ إِذَا نَزَلَ فِيكُمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟»[١٠٥].
هذه صفات الإمام المهديّ وعلاماته الثابتة التي لا بدّ منها، وقد وردت له صفات جسديّة أيضًا، وهي ما تلي:
١ . صفة رأسه
في رواية عليّ أنّه «حَسَنُ الشَّعْرِ، يَسِيلُ شَعْرُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ»[١٠٦]، وفي رواية عليّ[١٠٧]، وأبي سعيد الخدريّ[١٠٨]، وعبد الرّحمن بن عوف[١٠٩] أنّه «أَجْلَى الْجَبْهَةِ»، أي واسعها لانحسار شعر مقدّم رأسه، وقال أبو عبيد: «إِذَا انْحَسَرَ الشَّعْرُ عَنْ جَانِبَيِ جَبْهَتِهِ فَهُوَ أَنْزَعُ، فَإِذَا زَادَ قَلِيلًا فَهُوَ أَجْلَحُ، فَإِذَا بَلَغَ النِّصْفَ أَوْ نَحْوَهُ فَهُوَ أَجْلَى»[١١٠]، ولعلّ المراد هنا الأعمّ من ذلك، وفي رواية أبي جعفر: «بِرَأْسِهِ حَزَازٌ»[١١١]، وهو الهبريّة التي تكون في الرأس، وفي رواية أبي جعفر أو جعفر بن محمّد: «بِهِ شَامَةٌ فِي رَأْسَهِ، وَدَاءُ الْحَزَازِ بِرَأْسِهِ»[١١٢]، والشامة علامة.
٢ . صفة وجهه
في رواية أبي سعيد الخدريّ أنّه «حَسَنُ الْوَجْهِ»[١١٣]، وفي رواية عليّ أنّه «حَسَنُ الْوَجْهِ، وَنُورُ وَجْهِهِ يَعْلُو سَوَادَ لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ»[١١٤]، وفي رواية حذيفة[١١٥]، وأبي أمامة[١١٦]: «كَأَنَّ وَجْهَهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ»، وفي رواية عليّ بن موسى الرضا: «عَلَيْهِ جُيُوبُ النُّورِ، يَتَوَقَّدُ مِنْ شُعَاعِ ضِيَاءِ الْقُدْسِ»[١١٧]، وفي رواية عليّ: «فِي وَجْهِهِ خَالٌ»[١١٨]، وفي روايته الأخرى: «بِخَدِّهِ خَالٌ»[١١٩]، وفي رواية حذيفة: «عَلَى خَدِّهِ الْأَيْمَنِ خَالٌ»[١٢٠]، وفي رواية أبي أمامة: «فِي خَدِّهِ الْأَيْمَنِ خَالٌ أَسْوَدُ»[١٢١]، وهذه صفة مشهورة له؛ كما قال عبد اللّه بن بشّار في وصفه: «عَلَى شَقِّهِ شَقِّ الْيَمِينِ عَلَامَةٌ ... لَدَى الْخَدِّ عِنْدَ الصُّدْغِ خَالٌ مُنَوَّرٌ»[١٢٢].
٣ . صفة عينيه وحاجبيه
في رواية عليّ أنّه «أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ»[١٢٣]، أي اسودّت أجفان عينيه خلقةً، وأنّه «أَقْبَلُ»[١٢٤]، أي ذو القَبَل، وهو إقبال سواد العين على الأنف، والقَبَل عند العامّة الحَوَل الخفيّ، وليس كذلك عند العرب، إنّما الحول ضدّ القبل، وذلك أنّ الحول عندهم أن تميل إحدى الحدقتين إلى مؤخّر العين والأخرى إلى مؤقها[١٢٥]، وفي رواية أبي جعفر أنّه «الْغَائِرُ الْعَيْنَيْنِ»[١٢٦]، أي دخلت عيناه في رأسه، وأنّه «الْمُشْرِفُ الْحَاجِبَيْنِ»[١٢٧]، أي في حاجبيه ارتفاع، وفي رواية موسى بن جعفر أنّه «الْمَقْرُونُ الْحَاجِبَيْنِ»[١٢٨]، أي متّصلهما بالشعر، وفي رواية بعض الناس أنّه «أَبْلَجُ»[١٢٩]، والبَلَج أن ينقطع الحاجبان، فيكون ما بينهما نقيًّا من الشعر، والرواية الأولى أقوى، وقيل أنّ الأبلج من الرجال هو الحسن الأبيض الواسع الوجه[١٣٠]، وعليه فلا تعارض بين الروايتين.
٤ . صفة أنفه
في رواية عليّ[١٣١]، وأبي سعيد الخدريّ[١٣٢] أنّه «أَقْنَى الْأَنْفِ»، أي في وسط أنفه احديداب، مع دقّة أرنبته، وفي رواية أبي سعيد الخدريّ أنّه «أَشَمُّ الْأَنْفِ»[١٣٣]، أي طويله.
٥ . صفة أسنانه
في رواية عليّ[١٣٤]، وعبد الرّحمن بن عوف[١٣٥] أنّه «أَفْلَجُ الثَّنَايَا»، أي منفرجها، وفي رواية عليّ أنّه «بَرَّاقُ الثَّنَايَا»[١٣٦]، أي أبيضها، فهي تلمع عند التبسّم.
٦ . صفة لحيته
في رواية عليّ أنّه «كَثُّ اللِّحْيَةِ»[١٣٧]، أي اجتمع شعر لحيته وكثفت في غير طول.
٧ . صفة بطنه وظهره
في رواية عليّ[١٣٨]، وأبي جعفر[١٣٩]، وموسى بن جعفر[١٤٠] أنّه «ضَخْمُ الْبَطْنِ»، و«مُبْدَحُ الْبَطْنِ»، أي واسعه، وفي رواية عليّ أنّه «عَظِيمُ مُشَاشِ الْمَنْكِبَيْنِ»[١٤١]، والمُشاش رأس العظم، وفي رواية أبي جعفر أنّه «وَاسِعُ الصَّدْرِ، مُسْتَرْسِلُ الْمَنْكِبَيْنِ»[١٤٢]، أي مستقيمهما، وفي روايته الأخرى أنّه «الْعَرِيضُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ»[١٤٣]، وفي رواية موسى بن جعفر أنّه «بَعِيدٌ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ»[١٤٤]، وكلاهما واحد، وفي رواية أبي جعفر أو جعفر بن محمّد: «بِهِ شَامَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ، تَحْتَ كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ وَرَقَةٌ مِثْلُ وَرَقِ الْآسِ»[١٤٥]، وفي رواية عليّ: «بِظَهْرِهِ شَامَتَانِ: شَامَةٌ عَلَى لَوْنِ جِلْدِهِ، وَشَامَةٌ عَلَى شِبْهِ شَامَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»[١٤٦]، وفي روايته الأخرى: «فِي كَتِفِهِ عَلَامَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»[١٤٧]، وكانت علامة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بضعة ناشزة[١٤٨]، حولها خِيلان كأنّها الثآليل[١٤٩].
٨ . صفة يديه ورجليه
في رواية عليّ أنّه «عَرِيضُ الْفَخِذَيْنِ»[١٥٠]، وفي روايته الأخرى أنّه «أَزْيَلُ الْفَخِذَيْنِ»[١٥١]، أي منفرجهما ومتباعدهما، و«بِفَخِذِهِ الْيُمْنَى شَامَةٌ»[١٥٢]، وفي رواية موسى بن جعفر أنّه «أَحْمَشُ السَّاقَيْنِ»[١٥٣]، أي دقيقهما، وفي رواية بعض الناس أنّه «أَزَجُّ»[١٥٤]، أي طويل الساقين[١٥٥] بعيد الخطو[١٥٦]، وفي رواية أنس بن مالك: «مَكْتُوبٌ عَلَى رَاحَتِهِ: بَايِعُوهُ»[١٥٧]، والراحة الكفّ، وذلك من آيات اللّه إن صحّت الرواية.
٩. صفة جسمه
في رواية حذيفة: «جِسْمُهُ جِسْمٌ إِسْرَائِيلِيٌّ»[١٥٨]، يعني في شدّة الأسر، وفي رواية حذيفة[١٥٩]، وأبي أمامة[١٦٠]، وعبد اللّه بن الحارث[١٦١]: «كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ»، وفي رواية عليّ أنّه «ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ»[١٦٢]، أي خفيف اللحم، وفي روايته الأخرى أنّه «جَعْدٌ»[١٦٣]، والجعد أيضًا خفيف اللحم في قول الرستميّ[١٦٤]، وقال الأزهريّ: «الْجَعْدُ إِذَا ذُهِبَ بِهِ مَذْهَبَ الْمَدْحِ فَلَهُ مَعْنَيَانِ مُسْتَحَبَّانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعْصُوبَ الْجَوَارِحِ شَدِيدَ الْأَسْرِ غَيْرَ مُسْتُرْخٍ وَلَا مُضْطَرِبٍ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ شَعْرُهُ جَعْدًا غَيْرَ سَبِطٍ»[١٦٥]، وفي رواية عليّ بن موسى الرضا أنّه «قَوِيٌّ فِي بَدَنِهِ، حَتَّى لَوْ مَدَّ يَدَهُ إِلَى أَعْظَمِ شَجَرَةٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَقَلَعَهَا»[١٦٦].
١٠ . صفة لونه
في رواية حذيفة: «لَوْنُهُ لَوْنٌ عَرَبِيٌّ»[١٦٧]، وفي رواية عليّ[١٦٨]، وأبي جعفر[١٦٩] أنّه «آدِمٌ»، أي أسمر، وفي رواية موسى بن جعفر أنّه «أَسْمَرُ اللَّوْنِ، يَعْتَادُهُ مَعَ سُمْرَتِهِ صُفْرَةٌ مِنْ سَهَرِ اللَّيْلِ»[١٧٠]، والسّمرة لون بين السّواد والبياض، وفي رواية عليّ الأخرى أنّه «أَبْيَضُ اللَّوْنِ»[١٧١]، فلعلّ المراد أنّه إلى البياض أقرب منه إلى السّواد، وفي رواية عليّ[١٧٢]، وابن عبّاس[١٧٣]، وأبي جعفر[١٧٤] أنّه «مُشْرَبٌ حُمْرَةً»، أي يميل إلى الحمرة.
١١ . صفة قامته
في رواية عليّ[١٧٥]، وابن عبّاس[١٧٦] أنّه «مَرْبُوعٌ»، أي وسيط القامة، ليس بطويل ولا قصير.
١٢ . صفة لسانه
في رواية أبي هريرة: «فِي لِسَانِهِ رُتَّةٌ»[١٧٧]، وهي اللُّثغة والتردّد في النطق، وفي رواية أبي الطفيل: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَصَفَهُ، فَذَكَرَ ثِقَلًا فِي لِسَانِهِ، وَضَرَبَ بِفَخِذِهِ الْيُسْرَى بِيَدِهِ الْيُمْنَى إِذَا أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ»[١٧٨]، مع أنّ الظاهر من رواية عليّ بن موسى الرضا أنّه جهوريّ؛ فقد جاء فيها أنّه «لَوْ صَاحَ بَيْنَ الْجِبَالِ لَتَدَكْدَكَتْ صُخُورُهَا»[١٧٩].
هذه هي الصفات الجسديّة الواردة للمهديّ، ولكنّ أكثرها غير ثابتة، وإنّما تُعتبر من الشواهد والمؤيّدات إذا وافقت الحجّة، ﴿وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾[١٨٠].