كاتب السؤال: آدم ابراهيم تاريخ السؤال: ١٤٤٦/٥/٣

في نصوص أهل العلم أنّ المرأة يجوز لها الزنا في حال خافت على نفسها هلاكًا، أو فقرًا يؤدّي إلى هلاكها أو أولادها. السؤال هل هذه الفتوى صحيحة؟ وإن كانت صحيحة فهل هي تعمّ الرجال الذين لا يقدرون على العمل ولا يجدون ما ينفقون على أهلهم وأولادهم في حال خافوا على أنفسهم الهلاك؟

الاجابة على السؤال: ٢ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٤٦/٥/٨

الإضطرار إلى الزنا غير ثابت؛ لإمكان المسألة إذا لم يكن غيرها ممكنًا، والمسألة خير من الزنا قطعًا، وقد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «إِنَّ الْمَسْأَلَةَ تَحِلُّ لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةَ قَوْمٍ، فَيَسْأَلُ فِيهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَيَسْأَلُ فِيهَا حَتَّى يُصِيبَ قَوَامًا أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ، ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ، فَيَسْأَلُ حَتَّى يُصِيبَ قَوَامًا أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ، ثُمَّ يُمْسِكُ»[١]، وقد قال اللّه تعالى: ﴿مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ[٢].

نعم، قد يثبت الإضطرار إلى الزنا في حالة نادرة جدًّا، وهي أن تكون المرأة في مكان قفر لا يمكنها فيه المسألة؛ كما روي: «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَتْ: إِنِّي زَنَيْتُ، فَرَدَّدَهَا حَتَّى أَقَرَّتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِرَجْمِهَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: سَلْهَا مَا زِنَاهَا فَلَعَلَّ لَهَا عُذْرًا! فَسَأَلَهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي خَرَجْتُ فِي إِبِلِ أَهْلِي، وَلَنَا خَلِيطٌ، فَخَرَجَ فِي إِبِلِهِ، فَحَمَلْتُ مَعِي مَاءً، وَلَمْ يَكُنْ فِي إِبِلِي لَبَنٌ، وَحَمَلَ خَلِيطِي مَاءً، وَمَعَهُ فِي إِبِلِهِ لَبَنٌ، فَنَفِدَ مَائِي فَاسْتَسْقَيْتُهُ، فَأَبَى أَنْ يَسْقِيَنِي حَتَّى أُمْكِنَهُ مِنْ نَفْسِي، فَأَبَيْتُ، فَلَمَّا كَادَتْ نَفْسِي تَخْرُجُ أَمْكَنْتُهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أَرَى لَهَا عُذْرًا، ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ[٣]، فَخَلَّى سَبِيلَهَا»[٤]، وفي رواية أخرى أنّ عليًّا قال: «تَزْوِيجٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ»[٥]، فألحق ذلك بالتزويج على سبيل المتعة، وفي هذه الرواية إشعار بأنّ الإضطرار لا يثبت في الزنا مع إمكان التزويج، ولو متعةً، ولا شكّ أنّ المتعة خير من الزنا[٦]، وهي ممكنة لكلّ من ليس لها زوج، ولذلك كان ابن عبّاس يقول: «يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ، مَا كَانَتِ الْمُتْعَةُ إِلَّا رُخْصَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَحِمَ بِهَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْلَا نَهْيُهُ عَنْهَا مَا احْتَاجَ إِلَى الزِّنَا إِلَّا شَقِيٌّ»[٧]، وكان عليّ أيضًا يقول: «لَوْ لَا مَا سَبَقَنِي بِهِ ابْنُ الْخَطَّابِ مَا زَنَى إِلَّا شَقِيٌّ»[٨].

↑[١] . الجامع لمعمر بن راشد، ج١١، ص٩٠؛ الأم للشافعي، ج٢، ص٧٨؛ مسند أبي داود الطيالسي، ج٢، ص٦٦٤؛ مسند الحميدي، ج٢، ص٦٤؛ الأموال لأبي عبيد، ص٢٩٢؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٢، ص٤٢٦؛ مسند أحمد، ج٣٤، ص٢٠٦؛ الأموال لابن زنجويه، ج٢، ص٥١٤؛ مسند الدارمي، ج٢، ص١٠٤٤؛ صحيح مسلم، ج٣، ص٩٧؛ سنن أبي داود، ج٢، ص١٢٠؛ سنن النسائي، ج٥، ص٨٩
↑[٢] . الطّلاق/ ٢-٣
↑[٣] . البقرة/ ١٧٣
↑[٤] . سنن سعيد بن منصور (الفرائض إلى الجهاد)، ج٢، ص٩٦
↑[٥] . الكافي للكليني، ج٥، ص٤٦٧
↑[٦] . لمعرفة ذلك راجع: السؤال والجواب ٨٥.
↑[٧] . مصنف عبد الرزاق، ج٧، ص٤٩٧؛ الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد، ج١، ص٨٠؛ تفسير ابن المنذر، ج٢، ص٦٤٢؛ شرح معاني الآثار للطحاوي، ج٣، ص٢٦؛ ناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين، ص٣٦٤
↑[٨] . مصنف عبد الرزاق، ج٧، ص٥٠٠؛ تفسير الطبري، ج٨، ص١٧٨؛ الكافي للكليني، ج٥، ص٤٤٨؛ تفسير الثعلبي، ج١٠، ص٢١٤؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٧، ص٢٥٠؛ الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي، ج٢، ص٤٨٦