كاتب الشبهة: م. أ تاريخ الشبهة: ١٤٤٥/٧/٢٣

بخصوص ما ورد في القرآن من أنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئًا، هل هناك قرائن قطعيّة أنّ المراد الظنّ عمومًا بغضّ النظر عن الملّة أو الدّين؟ فقد يحتجّ من يدافع عن خبر الآحاد أنّ المقصود المشركون، ولم يكن لديهم كتاب او علوم أصلًا، أمّا نحن فلدينا قواعد وأصول وجرح وتعديل وهكذا، ليسوّغ لنفسه اتباع الآحاد وجعلها دينًا.

الاجابة على الشبهة: ٤ تاريخ الاجابة على الشبهة: ١٤٤٥/٨/٢

قول اللّه تعالى: ﴿إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا[١] نصّ صريح لا يحتاج إلى التأويل ولا يحتمله، و«الظنّ» فيه معرّف بالألف واللام للجنس، فيستغرق الظنّ كلّه بغضّ النظر عن سبب حصوله، وهذه هي القاعدة عند جميع أهل العلم[٢]، ولذلك لم يقل أحد منهم بأنّ قول اللّه تعالى غير شامل للظنّ الحاصل من أخبار الآحاد، ولكن قال من رأى منهم حجّيّة هذه الأخبار بأنّ الظنّ الحاصل منها قد خرج من شمول الآية بالدليل المخصّص لها، ولذلك أطلقوا عليه «الظنّ الخاصّ»، والدليل المخصّص لها عندهم قول اللّه تعالى: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا[٣]، وفيه أنّ وجوب التبيّن لخبر الفاسق لا يدلّ على عدم وجوب التبيّن لخبر العادل، كما يقال أنّ إثبات الشيء لا ينفي ماعداه؛ لا سيّما بالنظر إلى أنّ طروء الفسق على العادل محتمل دائمًا إذا لم يكن معصومًا، بالإضافة إلى احتمال الخطإ والنسيان، وهذا يستلزم التبيّن لخبر غير المعصوم مطلقًا، وعليه فإنّ قول اللّه تعالى يعني: «إن جاءكم من يُعلم فسقه أو يُحتمل بنبإ فتبيّنوا»، وبعبارة أخرى: «إن جاءكم فاسق بالفعل أو بالقوّة بنبإ فتبيّنوا»، ولذلك لم يستند كثير من القوم إلى هذه الآية لإثبات حجّيّة أخبار الآحاد، وإنّما استندوا إلى الأخبار التي ادّعوا تواترها، مع أنّ الأخبار مهما تواترت لا تقوى على تخصيص القرآن؛ لأنّها أضعف من القرآن، والدليل الأضعف إذا تعارض مع الدليل الأقوى سقط ولم يُسقط منه شيئًا، كما هو معروف عند أهل العلم؛ بغضّ النظر عن عدم دلالة الأخبار المتواترة على حجّيّة أخبار الآحاد؛ لأنّ غاية ما تدلّ عليه، حجّيّة أخبار الآحاد المحفوفة بالقرائن المفيدة للعلم، وهي موجودة غالبًا لأهل زمان الإمام، وليست موجودة للذين من بعده، ولذلك يقول السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى بحجّيّة ما يرويه الآحاد عن الإمام لأهل زمانه، لا سيّما إذا كان متمكّنًا من ردّه وإصلاحه في حالات الغلط والكذب[٤].

↑[١] . يونس/ ٣٦
↑[٣] . الحجرات/ ٦