كاتب الشبهة: م. أ تاريخ الشبهة: ١٤٤٥/٧/٢٣

لقد قال السيّد المنصور في كتاب «العودة إلى الإسلام» (ص١٥٧ و١٥٩) أنّ الصحابة منعوا من تدوين الأحاديث وكتابتها بنصح وبدافع صيانة الإسلام؛ لأنّهم كانوا عالمين بأنّها ظنّيّة، وفي تدوينها وكتابتها مفاسد كثيرة. هل ورد في مصادر الشيعة عن عليّ وأبنائه النهي عن تدوين الحديث أو كتابته كما ورد لدى الصحابة؟ فالشيعة لا يقنعون بما ورد لدى السنّة، ويقولون إنّه قد يكون مؤامرة لكتم فضائل آل البيت أو غيرها من الأسباب.

الاجابة على الشبهة: ٦ تاريخ الاجابة على الشبهة: ١٤٤٥/٨/٢

كان عليّ في الصحابة إذ ينهون عن كتابة أخبار الآحاد، ولم يرد عنه أيّ مخالفة لهم في ذلك، ولو كان مخالفًا لأظهر مخالفته لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ما يقال له «التقرير» في أصول فقه الشيعة، وهو ممّا يؤخذ به لإثبات مذهب أهل البيت، ولا يقال بأنّه كان يخاف ويتّقي؛ فقد ثبت عنه المخالفة فيما هو أكبر من ذلك، ولا يُحصى ما خالف فيه عمر، وكان عمر يرجع إلى قوله في أكثر الأحيان، ويقول من دون حسد ولا تكبّر: «لَولَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ»، وماذا كان عليه لو أرشده إلى كتابة أخبار الآحاد، كما أرشده إلى تلك المسائل؟! ثمّ إنّه لمّا بويع له بالخلافة مضى على الأمر السابق، ولم يدع الناس إلى كتابة ما في أيديهم من أخبار الآحاد، ولو كانت خيرًا لدعاهم إليها لوجوب الدعوة إلى الخير، وإنّما كان يدعوهم إلى طاعته، ويحرّضهم على سؤاله، فيقول: «سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي»، وهذا دليل واضح على صحّة ما ذهب إليه السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى من أنّ الناس يجب عليهم الرجوع إلى إمام زمانهم، ولا ينبغي لهم الإشتغال بما في أيديهم من أخبار الآحاد التي تعارض بعضها بعضًا، ولا يؤمن عليها الغلط والكذب[١]. هذا من الناحية النقليّة، وأمّا من الناحية العقليّة فلا يمكن أن يكون أهل البيت قد دعوا الناس إلى الإهتمام بأخبار الآحاد فضلًا عن كتابتها؛ لأنّها لا تفيد إلّا الظنّ، ﴿وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا[٢] بنصّ كتاب اللّه، والمسلّم به عند الشيعة أنّ أهل البيت لا يفارقون كتاب اللّه في شيء حتّى يردوا على الحوض، كما يدلّ عليه حديث الثقلين، وقد صحّ عنهم القول: «مَا أَتَاكُمْ عَنَّا مِنْ حَدِيثٍ لَا يُصَدِّقُهُ كِتَابُ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ»[٣].

↑[٢] . النّجم/ ٢٨
↑[٣] . المحاسن للبرقي، ج١، ص٢٢١؛ تفسير العياشي، ج١، ص٩