كاتب الشبهة: بهنام تاريخ الشبهة: ١٤٣٦/٥/٥

أنا قرأت كتاب «العودة إلى الإسلام» للسيّد الخراسانيّ، فوجدته كتابًا مفيدًا للغاية، وليس لديّ شكّ في أنّ جنابه حاصل على درجات علميّة عالية؛ إذ من الواضح أنّ الإحاطة بهذه النكات العلميّة الدقيقة والعميقة التي بيّنها في كتابه ليست ممكنة إلا لمن كان من العلم بمكان، ولكن أرجو ذكر اسم الجامعة أو المدرسة الدينيّة التي تخرّج منها؛ لأنّي مهما بحثت لم أجد اسمه ولا شهرته ككاتب أو باحث أو رجل دين مشهور في أفغانستان.

الاجابة على الشبهة: ٤ تاريخ الاجابة على الشبهة: ١٤٣٦/٥/٦

السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى، بشهادة أفكاره السامية، وتعاليمه الإسلاميّة الممتازة والقيّمة، وإحاطته فوق العادة بكتاب اللّه وسنّة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والمصادر العقائديّة والتاريخيّة والحديثيّة والفقهيّة والرجاليّة والفلسفيّة المعتبرة والمنوّعة التي يمكن مشاهدتها في كتابه «العودة إلى الإسلام» وسائر أقواله ومكاتيبه، وكذلك تدريبه طلّابًا فاضلين ومتديّنين يقومون بالدعوة والتربية الإسلاميّة في موقعه الإعلاميّ، هو على أعلى المستويات العلميّة، بل يمكن القول بجرأة أنّه أعلم علماء الأمّة في العصر الحاضر، ويفيد مسلمي العالم أكبر فائدة علميّة، ولكن مع هذا لا يمكن تقديم معلومات مفصّلة عن هويّته ومكانه وسوابقه العلميّة والشخصيّة للعامّة، وذلك لسببين:

١ . بسبب نهجه الإصلاحيّ والثوريّ القائم على عدم الإنتماء إلى أيّ من المذاهب والفرق والدّول، حتّى يقف في موقف عابر للمذاهب والفرق والدّول، ويتمكّن من قيادة كلّها جميعًا إلى حاكميّة خليفة اللّه المهديّ، ويصبح رأس مال مشترك بين المسلمين أجمعين، وإن كان ذلك غير مفهوم للجاهلين السطحيّين المحاصرين في القوالب النمطيّة المصنوعة؛ لأنّ خليفة اللّه المهديّ لا ينتمي إلى أيّ من المذاهب والفرق والدّول، وليس لأيّ منها بيعة في عنقه، ولذلك ينبغي أن يكون الممهّد لحاكميّته شبيهًا به في هذه الناحية حتّى تراعى السنخيّة بين العلّة والمعلول، وليس من الخفيّ المفاسد المترتّبة عن انتمائه إلى مذهب خاصّ أو فرقة خاصّة أو دولة خاصّة مع الإلتفات إلى الإختلافات والتنافسات الشديدة القائمة بين المذاهب والفرق والدّول، ومن الصّعب جدًّا اجتماع المسلمين حول رجل ينتمي إلى مذهب خاصّ أو فرقة خاصّة أو دولة خاصّة. طبعًا هذا لا يعني أنّه ينتمي في الواقع ولكن يكتم ذلك مراعاة للمصلحة؛ لأنّه لا ينتمي في الواقع كما يظهر من أفكاره وأهدافه المستقلّة القائمة على مشتركات المسلمين، ولكنّ عامّة الناس إذا حصلوا على معلومات مفصّلة عن هويّته ومكانه وسوابقه العلميّة والشخصيّة فُتنوا بها واتّخذوا أيّ تشابه بينها وبين الهويّة والمكان والسوابق العلميّة والشخصيّة لأهل مذهب خاصّ أو فرقة خاصّة أو دولة خاصّة دليلًا على أنّه منهم، وعند ذلك هجمت عليهم التعصّبات المذهبيّة والعنصريّة والسياسيّة، ومنعتهم من النظر الصحيح المنزّه عن ظنّ السوء والحكم المسبّق في دعوته، وهذه مفسدة بيّنة. لذلك، فإنّ الذين يتجسّسون هويّته ومكانه وسوابقه العلميّة والشخصيّة إنّما يبتغون الفتنة والتفريق بين المسلمين، والواجب عليهم الكفّ عن ذلك والنظر في قوله الطيّب الموافق للعقل والشرع بغضّ النظر عن هويّته ومكانه وسوابقه العلميّة والشخصيّة، كما يقول الحكماء: «انظر إلى ما قال، ولا تنظر إلى من قال»!

٢ . بسبب ضرورة الحفاظ على أمن هذا العالم المصلح في الوقت الحاضر، وهي ضرورة عقلائيّة وشرعيّة؛ لأنّه هو الأمل الوحيد للمستضعفين في العالم من أجل وصولهم إلى المهديّ والرأسمال الثمين للأمّة الإسلاميّة، في حين أنّ الأعداء المتعطّشين للدماء من المذاهب والفرق والدّول المختلفة، يبحثون عنه بجدّيّة، ومتى يطّلعوا على هويّته ومكانه وسوابقه العلميّة والشخصيّة يصلوا إليه بسهولة ويستأصلوا نهضته المقدّسة التي هي في بداية ظهورها؛ لأنّه يوجد الآن أعداء كثيرون في المنطقة، بينما لا يوجد فيها كثير من الأصدقاء، ولذلك يكون ظهوره في الوضع الحاليّ مخالفًا للحكمة والمصلحة، بل ظلمًا للنفس والمهديّ وجميع المسلمين؛ كما يكون مخالفًا لأمر اللّه تعالى إذ قال: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ[١]، وقال حكاية عن أصحاب الكهف -وقد كانوا في وضع مشابه-: ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ۝ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا[٢]. نعم، إذا توفّر له في المنطقة ما يكفيه من الأصدقاء فإنّه سيظهر للجمهور ويخاطبهم مشافهة دون أدنى شكّ؛ لأنّه حينئذ قادر على الدفاع عن نفسه والبقاء إلى بلوغ مراده إن شاء اللّه. من هنا يعلم أنّ الذين يتجسّسون هويّته ومكانه وسوابقه العلميّة والشخصيّة في الوضع الحاليّ هم إمّا أعداؤه الظالمون الذين يبحثون عنه ليقتلوه أو يأخذوه، أو أصدقاؤه الجاهلون الذين يخدمون أعداءه بغير علم، وكلّ من الخاطئين.

↑[١] . البقرة/ ١٩٥
↑[٢] . الكهف/ ١٩-٢٠