١ . أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْقَاسِمِ الطِّهْرَانِيُّ، قَالَ: سَأَلَنِي طَبِيبٌ بِإِيرَانَ أَنْ أَسْأَلَ الْمَنْصُورَ الْهَاشِمِيَّ الْخُرَاسَانِيَّ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ تَوَقُّفِ نَشَاطِ الدِّمَاغِ طُرًّا، فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ، فَقَالَ: سَكْرَةٌ مِنْ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، قُلْتُ: تُرِيدُ حَيَاةً غَيْرَ مُسْتَقِرَّةٍ؟ قَالَ: هَكَذَا يَقُولُونَ.

٢ . أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّبْزَوَارِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الطَّبِيبِ يُدْخِلُ جِهَازًا فِي جَوْفِ مَنْ مَاتَ دِمَاغُهُ، فَيُحَرِّكُ قَلْبَهُ، قَالَ: ذَلِكَ لَحْمٌ يَعْبَثُ بِهِ.

٣ . أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ عُبَيْدٍ الْخُجَنْدِيُّ، قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ الْمَنْصُورَ فَأَكْتُبُ مَا يُجِيبُنِي، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ يُدْرِكُهَا الْمَوْتُ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ يَرْكُلُ، قَالَ: يُشَقُّ بَطْنُهَا وَيُخْرَجُ الْوَلَدُ، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلَيْنِ يَخِرُّ السَّقْفُ عَلَيْهِمَا فِي زَلْزَلَةٍ أَوْ طُوفَانٍ أَوْ سَيْلٍ، فَيَهْلِكُ أَحَدُهُمَا وَيَبْقَى الْآخَرُ أَيَّامًا لَا يَعْثِرُ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَيَخَافُ أَنْ يُهْلِكَهُ الْجُوعُ، أَيَأْكُلُ مِنْ أَخِيهِ؟ قَالَ: يَأْكُلُ مِنْهُ مَا يَسُدُّ بِهِ رَمَقَهُ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِدِيَةِ مَا أَكَلَ مِنْهُ إِنْ نَجَّاهُ اللَّهُ، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يُحِيطُ بِهِ الْمَوْتُ لِمَرَضٍ لَا عِلَاجَ لَهُ أَوْ نَقْصٍ فِي عُضْوِهِ، فَلَا يَجِدُ إِلَّا عُضْوَ مَيِّتٍ، أَيَقْطَعُهُ وَيُرَقِّعُهُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، وَيُنْفِقُ دِيَةَ مَا قَطَعَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ شُكْرًا أَوْ أَرَادَ إِحْسَانًا.

٤ . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الرَّجُلِ مَاتَ دِمَاغُهُ وَقَلْبُهُ نَابِضٌ، أَهُوَ مَيِّتٌ؟ قَالَ: لَوْ كَانَ مَيِّتًا مَا سَأَلْتَنِي عَنْهُ! قُلْتُ: إِنَّهُ لَا شُعُورَ لَهُ، وَلَا تَكَلُّمَ، وَلَا تَحَرُّكَ، وَلَا تَنَفُّسَ، إِلَّا إِذَا أُجْبِرَ عَلَيْهِ بِجِهَازٍ وَلَا يُرْجَى بَقَاؤُهُ، وَإِنَّمَا يَنْبَضُ قَلْبُهُ لِمَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ مِنَ التَّنَفُّسِ، وَلَوْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لَسَكَنَ! قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ أَنْ تُجْبِرَهُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ عَبَثًا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ، دَعْهُ يَذْهَبُ إِلَى رَبِّهِ إِذَا دَعَاهُ، قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ مَرِيضٌ يُضْطَرُّ إِلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ كَقَلْبٍ أَوْ كَبِدٍ، أَيَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ الْعُضْوُ فَيُلْصَقَ بِهِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ الْمَرِيضُ مُؤْمِنًا يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْآخِذِ، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ عَلَيْهِ دِيَةُ الْمَيِّتِ تُصْرَفُ عَنْهُ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ! قَالَ: وَأَيُّ خَيْرٍ أَخْيَرُ مِنْ إِحْيَاءِ نَفْسٍ مُؤْمِنَةٍ مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَى النَّاسَ جَمِيعًا؟! ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَخْرَجَ قَلْبَ مَيِّتٍ أَوْ كَبِدَهُ ظُلْمًا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ.

٥ . أَخْبَرَنَا وَلِيدُ بْنُ مَحْمُودٍ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْعَالِمَ عَنِ الْمَيِّتِ يُخْرَجُ قَلْبُهُ لِيُلْحَقَ بِحَيٍّ مُضْطَرٍّ إِلَيْهِ، قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، ذَلِكَ مِمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ[١]، قُلْتُ: لَا تَزَالُ تَفْتَحُ عَلَيْنَا أَبْوَابًا مِنَ الْعِلْمِ! فَهَلْ لَهُ مِنْ دِيَةٍ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ؟ قَالَ: إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ وَقَدْ سَكَنَتْ أَنْفَاسُهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ دِيَةٌ، وَإِنْ فَعَلَ وَهُوَ يَتَنَفَّسُ أَرَى أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ عُشْرَ الدِّيَةِ لِئَلَّا يَخْتَلِجَ فِي صَدْرِهِ أَنَّهُ آثِمٌ! فَأَخَذَنِي الْبُكَاءُ، فَقَالَ: وَمَا يُبْكِيكَ؟! قُلْتُ: رَأَيْتُ عَظَمَتَكَ فِي غُرْبَتِكَ فَبَكَيْتُ! قَالَ: الْعَظَمَةُ لِلَّهِ، وَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ آتَانِي مِنْ عِنْدِهِ رَحْمَةً، وَجَعَلَنِي هَادِيًا مَهْدِيًّا.

٦ . أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّالَقَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُضْطَرِّ الَّذِي قَدْ أَحَاطَ بِهِ الْمَوْتُ لِنَقْصٍ فِي عُضْوِهِ أَوْ عَيْبٍ، فَلَا يَجِدُ إِلَّا مَيِّتًا، أَلَهُ أَنْ يَقْطَعَ ذَلِكَ الْعُضْوَ مِنْهُ، فَيُلْحِقَهُ بِنَفْسِهِ، إِذَا خَافَ أَنْ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ؟ قَالَ: مَاذَا يُرِيدُ؟! أَيُرِيدُ أَنْ يَفِرَّ مِنَ الْمَوْتِ؟! ﴿قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا[٢]، ثُمَّ سَكَتَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَا يُجَوِّزُهُ، ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ جُنَاحٌ إِذَا كَانَ بَالِغًا ذَلِكَ الْمَبْلَغَ، قُلْتُ: فَهَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ لِذَلِكَ أَوْلِيَاءَ الْمَيِّتِ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمْ إِذَا كَانَ بَالِغًا ذَلِكَ الْمَبْلَغَ، وَإِنِ اسْتَأْذَنَهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ إِنْ وَجَدُوهُ مُؤْمِنًا، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ بِمَنْزِلَةِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا مِنْهُ وَجَدَ أَلَمَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ أَعْضَائِهِ، لِأَنَّ أَرْوَاحَهُمْ مِنْ رُوحٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ لَأَشَدُّ اتِّصَالًا بِرُوحِ اللَّهِ مِنِ اتِّصَالِ الشُّعَاعِ بِالشَّمْسِ.

٧ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشِّيرَازِيُّ، قَالَ: اسْتَشَارَهُ رَجُلٌ فِي تَرْقِيعِ قَلْبِ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ مَاتَ دِمَاغُهُ، وَقَالَ: يَأْتِينِي رَجُلٌ مَرِيضٌ يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، فَيَسْأَلُنِي أَنْ آذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَلَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَهُ، قَالَ: انْظُرْ، فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا يُوَالِي آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَيُوَالِينِي فَأْذَنْ لَهُ، فَإِنَّكَ لَوْ دَفَنْتَ قَلْبَ أَبِيكَ فِي صَدْرِ مُؤْمِنٍ يَذْكُرُ اللَّهَ وَيَعْمَلُ الصَّالِحَاتِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدْفَنَهُ فِي التُّرَابِ يَأْكُلَهُ الدُّودُ! ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لَهُ يُحْيِي اللَّهُ بِهِ جُزْءَ أَبِيكَ يَعْبُدَهُ وَيَكُونَ لَهُ ثَوَابُ عِبَادَتِهِ.

شرح القول:

لمزيد من المعلومات حول الدقائق والنكات الموجودة في هذه الأقوال المنيرة، التي تفتح العُقد الفقهيّة في مجال زرع أعضاء المصابين بموت الدّماغ، راجع السؤال والجواب ٧٤.

↑[١] . الرّوم/ ١٩
↑[٢] . الأحزاب/ ١٦