١ . أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّالَقَانِيُّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي دَارِهِ فَوَجَدْتُهُ فَارِغًا، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَسْأَلُكَ؟ فَقَالَ بِرَأْسِهِ: نَعَمْ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُسَبِّحُ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَخْتَلِفُونَ فِي ذِي الْقَرْنَيْنِ، وَأَنْتَ عَالِمُهُمْ وَسَيِّدُهُمْ، فَإِنْ رَأَيْتَ -جُعِلْتُ فِدَاكَ- أَنْ تُخْرِجَهُمْ فِيهِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ فَعَلْتَ، فَمَكَثَ حَتَّى قَضَى سُبْحَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: دَعْنِي مِنْ هَؤُلَاءِ السَّفَلَةِ الْمَرَدَةِ الْقَائِلِينَ عَلَى اللَّهِ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ، أَلَا تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ هَبَطَ مِنْهَا مَعَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهُ إِلَى النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، حَتَّى يَرْجِعَ مَعَ آخِرِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ؟! أَفَتُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ مِثْلَ هَذَا الْكَنْزِ فِي أَيْدِي الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَالْمُدْمِنِينَ عَلَى الْمُخَدِّرَاتِ؟! لَا وَاللَّهِ لَيْسَ هَؤُلَاءِ بِمَأْمُونِينَ عَلَيْهِ وَلَا مِنْ أَهْلِهِ، وَإِنَّ فِيهِمْ سَارِقِينَ يَسْرُقُونَهُ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا وَيَسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى حُجَجِ اللَّهِ وَأَوْلِيَائِهِ، ﴿فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ[١]! فَنَدَمْتُ عَلَى مَسْأَلَتِي حَتَّى رَأَى ذَلِكَ فِي وَجْهِي، فَقَالَ: كَانَ الْيَهُودُ يَجِدُونَ ذَا الْقَرْنَيْنِ عِنْدَهُمْ فِي كِتَابِ دَانِيَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَسَأَلُوا عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِيَعْلَمُوا أَيُوحَى إِلَيْهِ أَمْ لَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا[٢]، قُلْتُ: وَمَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي كِتَابِ دَانِيَالَ؟ قَالَ: إِنَّ دَانِيَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأَى فِي الْمَنَامِ كَبَشًا لَهُ قَرْنَانِ طَوِيلَانِ، أَحَدُهُمَا أَطْوَلُ مِنَ الْآخَرِ، وَرَآهُ يَنْطَحُ غَرْبًا وَشَرْقًا وَشَمَالًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْدِرَ حَيَوَانٌ عَلَى دَفْعِهِ، حَتَّى عَظُمَ شَأْنُهُ، فَأَخْبَرَهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنَّ الْكَبَشَ ذَا الْقَرْنَيْنِ هُوَ مَلِكُ مَادِي وَفَارِسَ، قُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ آتَاكَ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ! أَفَأُحَدِّثَهُمْ عَنْكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ؟ قَالَ: حَدِّثْهُمْ بِهِ، أَرْغَمَ اللَّهُ أُنُوفَ قَوْمٍ مُسْتَكْبِرِينَ.

٢ . أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْجُوزَجَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ -رُوحِي فِدَاهُ- يَقُولُ: إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ قَبِيلَتَانِ مِنْ قَبَائِلِ الْمُغُولِ كَانُوا يُغِيرُونَ عَلَى قَوْمٍ فِي شَمَالِ فَارِسَ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا، فَاسْتَعَانُوا عَلَيْهِمْ بِكُورَشَ، فَبَنَى لَهُمْ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ سَدًّا، فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا، حَتَّى إِذَا فَتَحَ سَبِيلَهُمْ مَلِكُ خوارَزْمَ فِي الْقَرْنِ السَّابِعِ، فَأَقْبَلُوا كَالسَّيْلِ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ! قُلْتُ: وَاللَّهِ قُلْتَ قَوْلًا عَظِيمًا! قُلْتَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ أَتَى فَمَضَى؟! قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ يَأْتِي فَيَمْضِي، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ! قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ كَانُوا قَوْمًا مِنَ الْخَزَرِ أَوْ يَكُونُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ! قَالَ: إِنَّ قَوْمًا مِنَ الْخَزَرِ كَانُوا مُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ فَشُبِّهُوا بِيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لِإِفْسَادِهِمْ، كَمَا يُقَالُ لِرَجُلٍ شَرِيرٍ إِبْلِيسُ لِشَرَارَتِهِ، فَكُلُّ مُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَفِي كُلِّ قَرْنَيْنِ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ.

شرح القول:

لقراءة شرح لهذين القولين الطريفين، راجع السؤال والجواب ٧٥.

↑[١] . المؤمنون/ ٥٤
↑[٢] . الكهف/ ٨٣