محمّد رسول اللّه

نشهد في هذه الأيام الحالكة التي خيّم فيها الفتور والغفوة على مسلمي العالم، موجة جديدة من الإهانة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وتأييدًا واسعًا وعلنيًّا لمهيني نبيّ الرحمة هذا في الدول الغربيّة وخاصّة فرنسا، ممّا يتمّ توجيهه والتشجيع عليه من قبل السلطات الرسميّة لهذا البلد.

تكشف هذه الوقاحة الفاحشة عن مظهر آخر من مظاهر الثقافة الخاوية والمنحطّة للكفّار الغربيّين، الذين على الرغم من ادّعاءاتهم الملوّنة، لم يتعلّموا بعد بديهيّات الإنسانيّة وأصولها الأولية مثل احترام عقائد الآخرين، ويعتبرون جرح مشاعر أكثر من مليار ونصف مليار إنسان في العالم وإهانة مقدّساتهم، حقّ كلّ شخص ومصداق حرّيّة التعبير! هذا هو الوجه الحقيقيّ للغرب وراء قناع الديمقراطيّة وحقوق الإنسان الذي تحدّث عنه السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى إذ قال:

من المشهود أنّ أكثر الكافرين، خاصّة في البلاد الغربيّة، بسبب بقائهم بعيدين عن مراكز الحضارة، هم من الناحية الثقافيّة في حالة قريبة من الوحشيّة، ولم ينموا من الناحية الإنسانيّة بما فيه الكفاية، ولذلك فإنّهم محتاجون إلى التعلّم والتأدّب على المسلمين... الثّقافة التي تحكم عالم الكفر اليوم، خاصّة في أوروبا وأمريكا الشماليّة، هي خير مثال على بربريّة جديدة تكوّنت على أساس الغرائز الحيوانيّة الجامحة وفي الصّراع مع القواعد الفطريّة والإنسانيّة، ويمكن مقارنتها مع الثّقافة البرّيّة لبعض القبائل البدائيّة.[١]

لا شكّ أنّ هذا التصرّف الشرير والشيطانيّ مدان ومغضوب عليه بشدّة عند اللّه وأنبيائه وأوليائه وملائكته وجميع المسلمين والأحرار وذوي الضمائر في العالم، ولا يجوز السكوت والتغافل عنه بأيّ وجه من الوجوه. لذلك، يجب على مسلمي العالم، على الأقلّ في مثل هذه البرهة، أن يضعوا خلافاتهم جانبًا، ويقفوا بنسق وانسجام ضدّ غارة الكفّار على أصل الإسلام ونبيّه العظيم، ويقوموا بردود أفعال مناسبة وفعّالة بإجراءات تطوّعيّة ومدروسة، وفي نفس الوقت يستنهضوا حكّامهم الخاملين والخانعين على اتّخاذ المواقف اللازمة.

في هذا الصدد، يمكن اقتراح عدّة حلول عمليّة:

١ . يتوقّع قبل أيّ شخص من مسلمي فرنسا، وهم ليسوا قلائل، أن يجتمعوا للتنديد بإهانة نبيّ الإسلام والقيام بمظاهرات واسعة النطاق، ويعربوا عن بغضهم وغضبهم من هذا التصرّف البشع لسلطات هذا البلد والمهينين والمدافعين عنهم، لكي لا يتجرّؤوا أكثر من هذا ولا يستمرّوا في القيام بأفعالهم الشنيعة.

٢ . من الضروريّ أيضًا أن ينظّم المسلمون الآخرون في مختلف البلدان، الإسلاميّة منها وغير الإسلاميّة، مظاهرات منسقة وواسعة النطاق، ويعربوا عن سخطهم واستنكارهم لهذا الفعل الشيطانيّ، حتّى يدرك العالمون جميعًا أنّ المسلمين ليسوا بلا غيرة، بل هم حسّاسون للغاية بالنسبة لمقدّساتهم ولا يطيقون إهانة نبيّهم بأيّ شكل من الأشكال.

٣ . من الضروريّ أيضًا أن يتمّ في الفضاء المجازيّ بموازاة الفضاء الحقيقيّ، إطلاق حملة من قبل المسلمين، بالذات الشباب الملتزمين والناشطين في هذا المجال، لإدانة هذا العمل الشنيع، من خلال إبراز العبارات الداعمة وتصدّر الهاشتاغات على مستوى العالم، حتّى يتمّ جلب انتباه الناس والحكومات، ويدرك الجميع عواقب هذه الإجراءات الرذيلة.

٤ . يجب مقاطعة منتجات فرنسا وأيّ دولة أخرى يتمّ فيها إهانة المقدّسات الإسلاميّة بحرّيّة، من قبل جميع مسلمي العالم، سواء بشكل رسميّ وحكوميّ أو من قبل الناس أنفسهم بشكل تطوعيّ؛ لأنّ الخسارة الماليّة هي أهمّ وأردع لهؤلاء الكفّار المادّيّين والدنيويّين من أيّ شيء آخر.

٥ . من الضروريّ للحكومات الإسلاميّة استدعاء سفرائها من فرنسا وأيّ دولة أخرى يتمّ فيها إهانة مقدّسات المسلمين بحرّيّة، وقطع العلاقات حتّى اعتذار رسميّ من سلطات تلك الدولة وضمان عدم تكرار هذا الفعل الشيطاني؛ لا أن يطبّعوا علاقاتهم مع إسرائيل في وقت تصاعد الإهانات لمقدّسات المسلمين، كي يظهروا نفاقهم بهذا الفعل المريب والخائن، ويهزؤوا بالإسلام والمسلمين!

يؤمل باتّخاذ هذه الإجراءات المناسبة والمدروسة أن تخمد نار الإهانة وإثارة الفتنة في الدول الغربيّة، ولا تصل الحال بعد ذلك إلى النقطة التي يجد فيها مسلم غاضب مهينًا في الشارع ويقطع رأسه، وبفعله هذا يمنح الكفّار الذريعة كي يزيدوا من إهاناتهم ويخلقوا من مهين شرّير بطلًا قوميًّا!

طبعًا لا شكّ أنّ هذه الإجراءات كلّها مؤقّتة، وما سيقضي على جولة الكفّار إلى الأبد، هو تحقيق حاكميّة اللّه تعالى على الأرض بواسطة خليفته الإمام المهدي عليه السلام، ممّا يصبح عمليًّا بإرادة المسلمين وجهودهم لدعمه الكافي، وهذا ما يعتبر تمهيدًا لظهوره الذي يتمّ الآن تحت قيادة السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى وفي إطار نهضة «العودة إلى الإسلام»، ويؤمل أن يتسارع بزيادة تعاون فكريّ وعمليّ من المسلمين الأحرار والغيارى.