١ . أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّالَقَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ الْهَاشِمِيَّ الْخُرَاسَانِيَّ عَنِ الْوِلَايَةِ فَقَالَ: هِيَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، لَا يَكُونَانِ إِلَّا لِلَّهِ، فَمَنْ يَأْمُرْ مِنْ دُونِهِ وَيَنْهَ فَلَيْسَ لَهُ طَاعَةٌ، وَمَنْ يُطِعْهُ فَإِنَّمَا عَبَدَ الطَّاغُوتَ، أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ! ثُمَّ قَرَأَ: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ![١] ثُمَّ قَالَ: مَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا فَهُوَ كَافِرٌ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ!

٢ . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْعَالِمَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ[٢] مَا كَانَتِ الشَّجَرَةُ؟ قَالَ: كَانَتِ الْأَمَانَةَ، فَرَءآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا[٣]؟! قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهَا كَانَتِ التُّفَّاحَ! قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! إِنَّ ثِمَارَ الْجَنَّةِ لَيْسَتْ كَثِمَارِ الدُّنْيَا، إِنَّهَا الْعِلْمُ، وَإِنْ كَانَتِ التُّفَّاحَ! قُلْتُ: وَمَا الْأَمَانَةُ؟! قَالَ: الْوِلَايَةُ، فَلَا تَقْرَبُوا الْوِلَايَةَ فَتَكُونُوا مِنَ الظَّالِمِينَ!

شرح القول:

مقصود جنابه من أنّ الولاية للّه وحده، كما بيّنه في مبحث «حاكميّة غير اللّه» من كتاب «العودة إلى الإسلام»، هو أنّ حقّ الأمر والنهي للّه فقطّ، ولا حقّ لأحد أن يأمر وينهى إلا أن يكون اللّه قد جعل له ذلك، وبالتالي فإنّ الأمر والنهي ممّن جعل اللّه له حقّ الأمر والنهي، هو ولاية اللّه وقبولها يعتبر إيمانًا، والأمر والنهي ممّن لم يجعل اللّه له حقّ الأمر والنهي، هو ولاية غير اللّه وقبولها يعتبر شركًا ومصداقًا لعبادة الطاغوت، والفساد كلّه ينشأ منه؛ لدرجة أنّه جاء في حكمة أخرى من جنابه:

٣ . أَخْبَرَنَا ذَاكِرُ بْنُ مَعْرُوفٍ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: لَوْ خَرَّتِ السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَلِيَ النَّاسَ مَنْ لَمْ يُوَلِّهِ اللَّهُ!

↑[١] . البقرة/ ٢٥٧
↑[٢] . البقرة/ ٣٥
↑[٣] . الأحزاب/ ٧٢