كاتب السؤال: رضا الراضي تاريخ السؤال: ١٤٣٧/٣/١٤

ما يقول العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حول استعمال السيجار والشيشة والأفيون وشرائها وبيعها؟

الاجابة على السؤال: ٥ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٧/٣/١٥

يرجى التنبّه للنكات التالية:

١ . لا ينبغي الشكّ في أنّ استعمال المخدّرات حرام؛ لأنّه من ناحية يُدخل على الجسد أضرارًا خطيرة ومهلكة، في حين أنّ اللّه تعالى قال: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ[١]، وقال: ﴿غَيْرَ مُضَارٍّ[٢]، واشتهر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ»، ومن ناحية أخرى يعتبر مثالًا على إضاعة المال، في حين أنّ اللّه تعالى قال: ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ۝ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا[٣]، وثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه نهى عن إضاعة المال، وأخبرنا بعض أصحابنا، قال:

سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ الْهَاشِمِيَّ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ تِرْيَاكًا[٤]، أَوْ يَتَعَلَّقُ تَمِيمَةً، أَوْ يَقُولُ الشِّعْرَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ.[٥]

بل يمكن إدراج المخدّرات تحت الخمر موضوعًا أو حكمًا؛ لأنّ كثيرها يخمّر العقل، أي يحجبه عن التعقّل بشكل عاديّ وطبيعيّ، وهذا هو معنى السّكر، وقد جاء عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَمَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»[٦]؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنِ التِّرْيَاكِ، فَقَالَ: إِنَّهُ كَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ، وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا، فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، قُلْتُ: إِنَّ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ! قَالَ: مَاذَا تُرِيدُ مِنَ الْفُقَهَاءِ؟! وَهَلِ الْفُقَهَاءُ إِلَّا رِجَالٌ مِنَ النَّاسِ؟![٧]

٢ . لا مجال للتشكيك والمناقشة في حرمة التدخين كحرمة استعمال المخدّرات؛ لأنّه أيضًا يؤدّي إلى الأمراض المهلكة، ويعتبر مثالًا على إضاعة المال؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنِ الْبَنْجِ، فَقَالَ: ذَاكَ مِنْ إِخْوَانِهَا -يَعْنِي الْخَمْرَ! ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَخَذَ سِيجَارًا فَقَدْ أَخَذَ جَمْرَةً مِنَ النَّارِ! قُلْتُ: قَبَّحَ اللَّهُ إِمَامَ قَوْمٍ قَدْ فُتِنَ بِالْأَنَابِيبِ![٨] فَتَأَمَّلَ قَلِيلًا ثُمَّ قَالَ: دَعْ عَنْكَ هَذَا.[٩]

وأخبرنا بعض أصحابنا، قال:

سَمِعْتُ خَيْرَ مَنْ رَأَيْتُهُ يَقُولُ: التَّدْخِينُ لَذَّةُ أَصْحَابِ النَّارِ، وَسَمِعْتُهُ يَنْهَى عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ يَسْتَعْمِلُ السِّيجَارَ.[١٠]

وأخبرنا بعض أصحابنا، قال:

رَأَى الْمَنْصُورُ رَجُلًا يُدَخِّنُ، فَقَالَ لَهُ: أَيُعْجِبُكَ الدُّخَانُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ۝ يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ![١١]، فَأَلْقَى الرَّجُلُ سِيجَارَهُ لَمَّا سَمِعَ هَذَا وَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.[١٢]

٣ . يُعلم ممّا تقدّم أنّ البيع والشراء للمخدّرات وما يستعمل في التدخين غير جائز؛ لأنّ القاعدة في الإسلام حرمة البيع والشراء لكلّ ما لا يجوز استعماله، نظرًا لقول اللّه تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[١٣]؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: ثَمَنُ الْكَلْبِ الَّذِي يُعْبَثُ بِهِ سُحْتٌ، وَثَمَنُ الدُّخَانِ سُحْتٌ.[١٤]

وأخبرنا بعض أصحابنا، قال:

تَحَاكَمَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إِنَّ هَذَا دَفَعَ إِلَيَّ حَشِيشًا فَشَرِبْتُهُ، ثُمَّ جَاءَنِي يَطْلُبُ أَجْرَهُ، وَغَالَى! فَقَالَ الْآخَرُ: مَا وَهَبْتُهُ لَهُ، وَإِنَّمَا بِعْتُهُ! فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَسْقِي أَخَاهُ سَمًّا لِيَقْتُلَهُ، ثُمَّ يَأْتِيهِ يَطْلُبُ أَجْرَهُ؟! لَا أَجْرَ لَهُ، وَلَا كَرَامَةَ.[١٥]

بناء على هذا، فإنّ من يبيع المخدّرات وآلات التدخين لا يستحقّ ثمنها، وإن أخذه فقد أخذ ما لا يحلّ له وأكَل أموال الناس بالباطل، في حين أنّ اللّه تعالى قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ[١٦]؛ كما أنّ إعطاء ثمنها له من قبل المشتري غير جائز؛ لأنّ اللّه تعالى قال: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا[١٧]، بل لا يبعد أن يكون كبار البائعين والمشترين لهذه الموادّ مفسدين في الأرض ومستحقّين لجزاء المحاربين؛ لأنّ العواقب المهلكة لانتشار هذه الموادّ السّامّة بين المسلمين ليست خفيّة، لدرجة أنّه يمكن اعتبار نشرها بينهم مباشرة أو تسبيبًا للقتل، ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[١٨].

↑[١] . البقرة/ ١٩٥
↑[٢] . النّساء/ ١٢
↑[٣] . الإسراء/ ٢٦-٢٧
↑[٤] . كلمة فارسيّة معناها الأفيون ومعرّبها «الترياق»، وقد تطلق على كلّ دواء يُخرج السمّ من الجسد، إلا أنّ المراد بها هنا هو الأفيون أو المخدّر كلّه.
↑[٥] . القول ٤٥، الفقرة ١
↑[٦] . انظر: موطأ عبد اللّه بن وهب، ص٣٥؛ مصنف عبد الرزاق، ج٩، ص٢٢٠؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج١، ص٣٥٩؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٥، ص٦٦؛ الأشربة لأحمد بن حنبل، ص٤٤؛ مسند الدارمي، ج٢، ص٣٣٢؛ سنن ابن ماجه، ج٢، ص١٢٤؛ سنن أبي داود، ج٣، ص٣٢٧؛ سنن الترمذي، ج٤، ص٢٩٢؛ ذمّ المسكر لابن أبي الدنيا، ج١، ص٦٠؛ مسند البزار، ج١٢، ص٢٣٥؛ سنن النسائي، ج٨، ص٣٠٠؛ شرح معاني الآثار للطحاوي، ج٤، ص٢١٧؛ معجم ابن المقرئ، ص٣٦٤؛ سنن الدارقطني، ج٥، ص٤٤٥؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٣، ص٤٦٦؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٨، ص٥١٤.
↑[٧] . القول ٤٥، الفقرة ٢
↑[٨] . إشارة إلى بعض حكّام الجور في المنطقة لما يقال من أنّه مولع بجمع أنابيب التبغ.
↑[٩] . القول ٤٥، الفقرة ٣
↑[١٠] . القول ٤٥، الفقرة ٤
↑[١١] . الدّخان/ ١٠-١١
↑[١٢] . القول ٤٥، الفقرة ٥
↑[١٣] . المائدة/ ٢
↑[١٤] . القول ٤٥، الفقرة ٦
↑[١٥] . القول ٤٥، الفقرة ٧
↑[١٦] . النّساء/ ٢٩
↑[١٧] . النّساء/ ٥
↑[١٨] . البقرة/ ٢٨٢
رقم التعليق: ١ كاتب التعليق: فاطمة تاريخ التعليق: ١٤٣٧/١٢/٢٧

ما رأي السيّد العلامة حول النصوار الذي هو نوع من الموادّ المخدّرة؟

الاجابة على التعليق: ١ تاريخ الاجابة على التعليق: ١٤٣٧/١٢/٢٨

«النصوار» مادّة عشبيّة مخدّرة وإدمانيّة مأخوذة من التبغ تخلط مع الجير وتوضع في الفم. استعمال هذه المادّة، الشائع في بلاد مثل أفغانستان وباكستان وطاجيكستان وإيران والهند، حرام مثل استعمال سائر الموادّ المخدّرة والإدمانيّة؛ لأنّه يسبّب أضرارًا مهمّة على الجسد، ولا يجلب له أيّ منفعة عقلائيّة، ولذلك فإنّه ظلم للنفس وإضاعة للمال، وهما غير جائزين؛ كما قال اللّه تعالى بصيغة الإطلاق: ﴿وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ[١] وقال: ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا[٢]، وقال رسوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ». ومن ثمّ حذّر السيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى من استعمال هذه المادّة الضارّة وغير النافعة؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنْ نَصْوَارَ، فَقَالَ: هَلْ هُوَ إِلَّا بَعْضُ هَذِهِ الْخَبَائِثِ؟! وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَا تُمَضْمِضُوا بِالْخَمْرِ! قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَمَنْ يُمَضْمِضُ بِالْخَمْرِ؟! قَالَ: مَنْ يَجْعَلُ نَصْوَارَ فِي فِيهِ فَكَأَنَّمَا يُمَضْمِضُ بِالْخَمْرِ! وَقَالَ: مَنْ يَمُصُّ نَصْوَارَ فَإِنَّمَا يَمُصُّ جَذْوَةً مِنَ النَّارِ.

أضف إلى ذلك أنّ استعمال هذه المادّة المخدّرة والإدمانيّة يزيد في اللعاب جدًّا، وذلك يقتضي التفل بشكل متكرّر وفي أماكن مختلفة، لدرجة أنّه في بعض البلاد مثل أفغانستان، قد اتُّخذ لذلك وعاء خاصّ باسم «المَتفل»، ليتفل فيه المستعملون للنصوار، في حين أنّ هذا يتناقض مع النظافة الواجبة في الإسلام، وقد يؤدّي إلى انتشار بعض الأمراض؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

قَالَ الْمَنْصُورُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ تَفَّالٍ قَذِرٍ، وَدَخَلَ بَيْتًا فَأُتِيَ بِمَتْفَلٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟! قَالُوا: مَتْفَلٌ! قَالَ: ادْرَءُوا عَنِّي، فَلَسْتُ مِنْ أَقْذَارِكُمْ.

وأخبرنا بعض أصحابنا، قال:

بَصَقَ عِنْدَ الْمَنْصُورِ رَجُلٌ فِي الطَّرِيقِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ بِوَجْهِهِ، فَقُلْتُ: لِمَ أَعْرَضْتَ عَنْهُ؟! قَالَ: مَا أَنَا أَعْرَضْتُ عَنْهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعْرَضَ عَنْهُ! قُلْتُ: رُبَّمَا لَا بُدَّ مِنْهُ! قَالَ: إِنَّهُ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهُ دَفْنُهُ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا يُضْطَرُّ إِلَى ذَلِكَ يَأْخُذُ خِرْقَةً فَيَبْصُقُ فِيهَا، ثُمَّ يَرُدُّ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ يَغْسِلُهَا عِنْدَ الْفَرَاغِ.

وفّق اللّه جميع المسلمين لمراعاة التقوى والنظافة، واجتناب الأشياء الضارّة والخبيثة، حتّى يتهيّأ أجسادهم وأرواحهم للدخول إلى ملكوت اللّه وتحقّق غاية الإسلام في العالم.

↑[١] . غافر/ ٣١
↑[٢] . الإسراء/ ٢٦