يَحْيَى رَأْسٌ يَعْرِفُ قَدْرَهُ، وَيَبْقَى قَلْبٌ يَفْطِنُ عَيْبَهُ. الْأَصَمُّ الْحَقِيقِيُّ مَنْ لَا يَسْمَعُ نِدَاءَ الْحَقِّ، وَالْأَعْمَى الْحَقِيقِيُّ مَنْ لَا يَرَى لُوَاحَ الْحَقِّ. لَأَرَيْتُكُمُ الْحَقَّ فَأَبَيْتُمْ رُؤْيَتَهُ، وَقَرَأْتُ عَلَيْكُمْ نَشِيدَهُ فَلَمْ تَسْتَمِعُوا لَهُ، وَمَهَّدْتُ لَكُمْ طَرِيقَهُ فَلَمْ تَسِيرُوا عَلَيْهِ. أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ؛ لَنَصَحْتُكُمْ وَدَعَوْتُكُمْ إِلَى الْخَيْرِ؛ هَذَّبْتُ لَكُمُ الْعِلْمَ، وَمَضَغْتُ لَكُمُ الْحِكْمَةَ، وَوَضَعْتُهَا فِي أَفْوَاهِكُمْ؛ بِحُجَجٍ أَشَدَّ مِنَ الْفُولَاذِ، وَبَيِّنَاتٍ أَنْقَى مِنَ الثَّلْجِ؛ كَنَجْمٍ يَلْمَعُ فِي اللَّيْلِ، وَكَمِصْبَاحٍ يُضِيءُ فِي الظُّلَامِ؛ لِيَهْتَدِيَ ضَالُّو الْجِبَالِ، وَيَبْتَهِجَ تَائِهُو الْفَلَوَاتِ؛ بِالتَّزْكِيَاتِ وَالتَّعَالِيمِ وَالْأَمْثَالِ وَالْمَوَاعِظِ؛ دُونَ أَجْرٍ يَشُقُّ عَلَيْكُمْ، أَوِ ادِّعَاءٍ يُرِيبُكُمْ، وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ فَرَرْتُمْ مِنِّي، وَعَادَيْتُمُونِي! فَوَيْلٌ لَكُمْ! أَتَنْتَظِرُونَ شَيْئًا أَحْسَنَ مِمَّا أَتَيْتُكُمْ بِهِ؟! وَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ أَحْسَنُ مِنَ الْيَقِينِ، وَلَنْ يَأْتِي شَيْءٌ يَفُوقُهُ! إِنِّي قَرَأْتُ عَلَيْكُمْ كِتَابَ اللَّهِ، وَعَلَّمْتُكُمْ سُنَّةَ نَبِيِّهِ، وَشَقَقْتُ جَنْبَ الْبَاطِلِ، فَأَخْرَجْتُ الْحَقَّ مِنْ جَوْفِهِ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ يَجْتَرِأُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرِي! فَإِنِ اتَّبَعْتُمُونِي سَأُنْقِذُكُمْ مِنَ الضَّالِّينَ، وَسَأَقُودُكُمْ إِلَى الْمَهْدِيِّ، وَذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ، وَإِنْ لَمْ تَتَّبِعُونِي فَلَسْتُ عَلَيْكُمْ بِجَبَّارٍ. حِينَئِذٍ سَأُقِيمُ بِرَأْسِ هَذَا الْجَبَلِ أَوْ بِبَطْنِ ذَلِكَ الْوَادِي، وَأَقْتَاتُ نَبَاتَ الْأَرْضِ، وَأَسْتَقِي مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ، وَأَعْبُدُ رَبِّي، حَتَّى يَذْهَبَ بِي إِلَى جِوَارِهِ، أَوْ يَحْكُمَ لِي، فَإِنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَخَيْرُ الْحَاكِمِينَ.

شرح القول:

مقصود جنابه من «حُجَجٍ أَشَدَّ مِنَ الْفُولَاذِ، وَبَيِّنَاتٍ أَنْقَى مِنَ الثَّلْجِ» ومن «التَّزْكِيَاتِ وَالتَّعَالِيمِ وَالْأَمْثَالِ وَالْمَوَاعِظِ»، هو تعاليمه الصالحة القائمة على اليقينيّات الإسلاميّة التي عصارتها كتاب «العودة إلى الإسلام» الذي قد طلع كشمس من الحكمة والمعرفة على العالم الإسلامي ويضيء وينوّر، لكنّ الذين عميت قلوبهم لا يرون شعاعه وهم في ظلماتهم يعمهون.