كاتب السؤال: علي الراضي تاريخ السؤال: ١٤٣٧/١/٢٤

هل يجوز تعلّم السّحر من أجل إبطاله، أو الإستفادة منه لغاية شرعيّة مثل الإضرار بأعداء الإسلام؟

الاجابة على السؤال: ٥ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٧/١/٢٨

إنّ السحر لا يُبطل بالسحر، ولكن يُبطل بذكر اللّه ودعائه وتلاوة آياته؛ كما أنّ النار لا تطفئ بالنار، ولكن تطفئ بالماء، ولم يحاول موسى عليه السلام إبطال السحر بسحر مثله، ولكن استعاذ باللّه، فأبطله اللّه بآية منه؛ كما قال: ﴿مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ[١]، وروي عن جابر بن عبد اللّه، وأنس بن مالك، قالا: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ النُّشْرَةِ، فَقَالَ: هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ»[٢]، والمراد بالنشرة حلّ السحر بالسحر، ولذلك قال الحسن: «لَا يَحُلُّ السِّحْرَ إِلَّا سَاحِرٌ»[٣]، وأمّا حلّ السحر بذكر اللّه ودعائه وتلاوة آياته فجائز قطعًا، وعلى هذا يُحمل ما روي عن جعفر بن محمّد أنّه قال لعيسى بن شقفيّ: «حُلَّ، وَلَا تَعْقِدْ»[٤]، إن صحّت الرواية، ولا شكّ أنّ ما يلحق أكبر ضرر بأعداء الإسلام هو اتّباع أحكام الإسلام، وليس تركه، ولذلك لا يجوز السحر مطلقًا، خلافًا لزعم الكفّار؛ فإنّهم يجعلونه سحرين: السحر الأسود والسحر الأبيض، ويقولون أنّ السحر الأبيض حلال افتراءً على اللّه، وفيهم أناس يزعمون أنّ سليمان عليه السلام كان صاحب سحر أبيض، فردّ اللّه عليهم في كتابه، فقال: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ[٥]، فاعتبر السحر كفرًا.

نعم، لا بأس بمعرفة أنواعه وأسبابه لمنعه أو ميزه من المعجز عند الضرورة؛ لأنّ الحرام استعماله فقطّ؛ كما قال اللّه تعالى عن ملكين ببابل هاروت وماروت: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ[٦]؛ أي لا تستخدم ما تعلّمته من السّحر؛ فإنّ ذلك كفر؛ كما روي عن أهل البيت في تفسير ذلك: «إِنَّ هَارُوتَ وَمَارُوتَ كَانَا مَلَكَيْنِ عَلَّمَا النَّاسَ السِّحْرَ لِيَحْتَرِزُوا عَنْ سِحْرِ السَّحَرَةِ وَيُبْطِلُوا بِهِ كَيْدَهُمْ، وَمَا عَلَّمَا أَحَدًا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا قَالَا لَهُ: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتَنُهُ فَلَا تَكْفُرْ، فَكَفَرَ قَوْمٌ بِاسْتِعْمَالِهِمْ لِمَا أُمِرُوا بِالْإِحْتِرَازِ مِنْهُ»[٧]، وفي رواية أخرى: «كَانَ بَعْدَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ كَثُرَ السَّحَرَةُ وَالْمُمَوِّهُونَ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَلَكَيْنِ إِلَى نَبِيِّ ذَلِكَ الزَّمَانِ بِذِكْرِ مَا تَسْحَرُ بِهِ السَّحَرَةُ، وَذِكْرِ مَا يُبْطَلُ بِهِ سِحْرُهُمْ وَيُرَدُّ بِهِ كَيْدُهُمْ، فَتَلَقَّاهُ النَّبِيُّ عَنِ الْمَلَكَيْنِ، وَأَدَّاهُ إِلَى عِبَادِ اللَّهِ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقِفُوا بِهِ عَلَى السِّحْرِ، وَنَهَاهُمْ أَنْ يَسْحَرُوا بِهِ النَّاسَ، وَهَذَا كَمَا يَدُلُّ عَلَى السُّمِّ مَا هُوَ، وَعَلَى مَا يُدْفَعُ بِهِ غَائِلَةُ السُّمِّ»[٨].

لمزيد المعرفة عن السحر وطريقة إبطاله، راجع: السؤال والجواب ٤٠٠.

↑[١] . يونس/ ٨١
↑[٢] . مسند أحمد، ج٢٢، ص٤٠؛ جزء محمد بن يحيى الذهلي، ص١١١؛ سنن أبي داود، ج٤، ص٦؛ مسند البزار، ج١٣، ص٢٢٤؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٤، ص٤٦٤؛ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني، ج٧، ص١٦٥؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٩، ص٥٩٠
↑[٣] . مسند الشافعي (ترتيب السندي)، ج٢، ص٨٩؛ إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيّم، ج٤، ص٣٠١؛ الآداب الشرعية لابن مفلح، ج٣، ص٧٧؛ سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي، ج٩، ص٣٤٥
↑[٤] . قرب الإسناد للحميري، ص٥٢؛ الكافي للكليني، ج٥، ص١١٥؛ من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٣، ص١٨٠؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٦، ص٣٦٤
↑[٥] . البقرة/ ١٠٢
↑[٦] . البقرة/ ١٠٢
↑[٧] . عيون أخبار الرضا لابن بابويه، ج١، ص٢٤٥
↑[٨] . عيون أخبار الرضا لابن بابويه، ج١، ص٢٤١