كاتب الشبهة: سبحان تاريخ الشبهة: ١٤٣٦/١١/٢

كيف يمكن الإجابة عن الآية ١٢٢ من سورة التوبة فيما يتعلّق بالتقليد؟ مع الشكر

الاجابة على الشبهة: ٠ تاريخ الاجابة على الشبهة: ١٤٣٦/١١/٢

قد جاء في الآية ١٢٢ من سورة التوبة: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ. من الواضح أنّ هذه الآية ليست ذات صلة بتقليد العلماء ولكنّها تتعلّق بخبر الرواة عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ كما ذكرها عامّة أهل العلم في أدلّة حجّيّة الخبر؛ بالرغم من أنّها خلافًا لزعمهم تدلّ فقطّ على حجّيّة الخبر المتواتر عنه أو مطلق الخبر عنه لأهل زمانه؛ نظرًا إلى أنّه من ناحية، جميع النافرين إلى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لم يكونوا «مجتهدين»، بل كانوا «رواة» يروون قوله وفعله لقومهم بعد الرجوع إليهم؛ خاصّة بالنظر إلى أنّ تقليد المجتهدين المختلفين لقوم واحد غير معقول؛ لأنّ فتاواهم عادة ما تكون مختلفة ومن ناحية أخرى، إنّ «الطائفة» تطلق في اللغة على أكثر من ثلاثة نفر ورواية أكثر من ثلاثة نفر إذا كانوا عدولًا وأخبروا عن موضوع وحكم واحد، تعتبر متواترة والرواية المتواترة حجّة. هذا إذا كان المراد من «الطائفة» الذين ينفرون من كلّ فرقة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، لكن إذا كان المراد منهم الذين ينفرون من عند النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لا إليه كما قال المفسّرون، فليس هناك نقاش في دلالة الآية على حجّيّة الخبر المتواتر؛ لأنّ الذين يبقون عند النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليتفقّهوا في الدين، «فرقة» والفرقة أكثر بكثير من «الطائفة» ومن الواضح أنّ خبرهم عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم متواتر.

بغضّ النظر عن أنّا إذا افترضنا «الطائفة» أو «الفرقة» مجتهدين أيضًا لا يمكننا اعتبار تحذّر قومهم بإنذارهم بمعنى اتّباعهم من دون دليل؛ لأنّ اتّباع غير المعصوم من دون دليل هو مخالف للعقل ومخالف لآيات كثيرة من القرآن ولذلك، يجب اعتبار تحذّر قومهم بإنذارهم بمعنى اتّباعهم عن علم تفصيليّ بأدلّتهم القطعيّة والذي لا يعتبر تقليدهم؛ نظرًا إلى أنّ التقليد يعني اتّباع قول أو فعل الآخر بدون دليل[١].

الحاصل أنّ الآية ١٢٢ من سورة التوبة لا تثبت جواز تقليد العلماء، بل تثبت حجّيّة الخبر المتواتر أو مطلق الخبر عن خليفة اللّه لأهل زمانه ومن الواضح أنّ اتّباع أدلّة العلماء القطعيّة كآية القرآن أو الخبر المتواتر عن خليفة اللّه أو مطلق الخبر عنه لأهل زمانه، لا يعتبر تقليد العلماء وهو خارج عن محلّ النزاع؛ لأنّ محلّ النزاع هو جواز اتّباع فتوى العلماء من دون علم بأدلّتهم؛ كما هو اليوم معمول من خلال الرجوع إلى رسائلهم العمليّة.

وفّق اللّه جميع المسلمين للتخلّص من التقليد والإقبال على التحقيق في الدين.