الخميس ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ الموافق لـ ٢٥ أبريل/ نيسان ٢٠٢٤ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الأسئلة والأجوبة: ما حكم التأمين في الإسلام؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٦. اضغط هنا لقراءته. جديد الشبهات والردود: إنّي قرأت كتاب «العودة إلى الإسلام» للمنصور الهاشمي الخراساني، فوجدته أقرب إلى الحقّ بالنسبة لما يذهب إليه الشيعة، ولكنّ المنصور أيضًا مشرك وكافر مثلهم؛ لأنّه قد فسّر آيات القرآن برأيه؛ لأنّك إذا قرأت ما قبل كثير من الآيات التي استدلّ بها على رأيه أو ما بعدها علمت أنّها لا علاقة لها بموضوع البحث؛ منها آية التطهير، فإنّ اللّه قد خاطب فيها نساء النبيّ، ولكنّ المنصور جعلها مقصورة على عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وأثبت بها إمامتهم من عند اللّه! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الكتب: تمّ نشر الطبعة الخامسة من الكتاب القيّم «الكلم الطّيّب؛ مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر مقالة جديدة بعنوان «عمليّة طوفان الأقصى؛ ملحمة فاخرة كما يقال أم إقدام غير معقول؟!» بقلم «حسن ميرزايي». اضغط هنا لقراءتها. جديد الأقوال: قولان من جنابه في بيان وجوب العقيقة عن المولود. اضغط هنا لقراءتهما. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
سؤال وجواب
 

أودّ تقديم سؤال إلى جنابكم. أنا متأكّد من أنّكم مطّلعون على رواية رواها النعمانيّ في كتاب الغيبة (ص٢٦٤) عن الباقر عليه السلام يقول فيها: «خروج السفيانيّ واليمانيّ والخراسانيّ في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضًا فيكون البأس من كلّ وجه، ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني، هي راية هدى، لأنّه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليمانيّ حرم بيع السلاح على الناس وكلّ مسلم، وإذا خرج اليمانيّ فانهض إليه فإنّ رايته راية هدى، ولا يحلّ لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، لأنّه يدعو إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم». السؤال بما أنّ اليمانيّ خروجه سابق على الإمام المهدي عليه السلام، فهل أنتم محجوجون في دعوتكم إلى الإمام المهديّ عليه السلام؟ ومن هو اليمانيّ؟ وكيف يعرف؟ لأنّ عدم معرفته وتكذيبه مقتضاها النار بموجب هذه الرواية، وإن صام المسلم وصلّى. أتمنّى الإجابة على السؤال.

للإجابة على سؤالك، يجب أن نلفت انتباهك أولًا إلى قاعدة مهمّة جدًّا وهي أنّه ليس كلّ ما يُنسب إلى النّبيّ وأهل بيته عليه وعليهم السلام في شيء من كتب الرواية صحيحًا؛ لأنّنا نعلم علمًا يقينًا أنّه كان هناك رجال يكذبون عليهم متعمّدين بوضع الحديث وقلبه وتحريفه وغير ذلك؛ لدرجة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ الْكِذَّابَةُ، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»[١] وروي عن جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه قال: «مَنْ كَذَبَ عَلَيْنَا فِي شَيْءٍ فَقَدْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ عَذَّبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»[٢]، بصرف النظر عن الذين كانوا يغلطون في رواياتهم عنهم سهوًا ونسيانًا، ومن الواضح أنّ تصديق هؤلاء الرجال في أكاذيبهم وأغاليطهم مفسدة عظيمة تؤدّي إلى الضلال البعيد والخسران المبين، ولذلك لا بدّ لنا من الإحتياط في ديننا وهو ممكن من خلال طريقتين:

١ . طريقة العلامة المنصور الهاشميّ الخراساني حفظه اللّه تعالى الذي يقول بعدم حجّيّة أخبار الآحاد وضرورة الإكتفاء بما ثبت صدوره عن النّبيّ وأهل بيته عليه وعليهم السلام برواية جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب أو اجتماعهم على الخطأ يعني الخبر المتواتر.

٢ . طريقة المجتهدين الذين يقولون بعدم حجّيّة أخبار المتّهمين بالكذب والمشهورين بالضعف والمجهولين الذين لا يعرف من هم أو كيف حالهم.

ولا شكّ أنّ من يأبى اتّباع كلتا الطريقتين ويأخذ بكلّ ما يجده منسوبًا إلى النّبيّ وأهل بيته عليه وعليهم السلام في عقائده وأعماله الدّينيّة، فهو سفيه متهوّر ولا ينجو من الضلالة والخسران.

الآن بعد أن عرفت هذا، عليك أن تعرف عدم حجّيّة الرواية التي أشرت إليها، سواء أخذت بطريقة العلامة المنصور الهاشميّ الخراساني حفظه اللّه تعالى أو بطريقة المجتهدين. أمّا على طريقة العلامة فواضح؛ لأنّ الرواية التي أشرت إليها خبر واحد، وخبر الواحد لا يفيد العلم، لكنّه في أحسن الأحوال يفيد الظنّ، ﴿وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا[٣] بناءً على صريح قول اللّه تعالى في كتابه، وبالتالي فإنّ الأخذ به في الدين يعتبر قولًا على اللّه بغير علم، وهو ذنب عظيم يأمر به الشيطان؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ[٤]، وأمّا على طريقة المجتهدين فلأنّ الرواية التي أشرت إليها هي رواية ضعيفة، رواها رجل مشهور بالكذب اسمه «الحسن بن عليّ بن أبي حمزة البطائنيّ»، وهو الذي كان عليّ بن الحسن بن فضّال[٥] يقول فيه: «كَذَّابٌ مَلْعُونٌ» ويقول: «إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أَرْوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ» ويقول: «إِنِّي لَا أَسْتَحِلُّ أَنْ أَرْوِيَ عَنْهُ حَدِيثًا وَاحِدًا». نعم، روى الطوسيّ -وهو متأخّر عن النعمانيّ- جزءًا من روايته عن الفضل بن شاذان عن سيف بن عميرة[٦]، لكنّ المحتمل أنّه غلط في ذلك ودخل عليه إسناد في إسناد؛ لأنّ الفضل بن شاذان لا يروي عن سيف بن عميرة وبينهما واسطة، وإن صحّت الرواية عن الفضل فقد أسقط الفضل الواسطة بينه وبين سيف، وظنّ من لا علم له ولا ورع أنّ الواسطة هو محمّد بن أبي عمير الثقة الجليل عندهم، لكثرة رواية الفضل عنه ولاحتمال رجوع الضمير إليه في كتابه إثبات الرجعة، ولكنّه ليس بشيء؛ لأنّ الفضل لا يروي فقطّ عن محمّد بن أبي عمير، ولا يوجد كتابه إثبات الرجعة، وإنّما الموجود عشرون رواية منسوبة إليه يقال أنّها منتخبة من كتابه إثبات الرجعة، وفيها مناكير كثيرة، ولا يُعلم من انتخبها، إلا أنّ الطهرانيّ قال: «انْتَخَبَهَا بَعْضُ فُضَلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ»[٧] ونسبها في موضع آخر[٨] إلى السيّد بهاء الدين علي النيليّ النجفيّ، وهو -على ثبوت النسبة إليه- رجل توفّي بعد ثمانمائة من الهجرة، ولا يُعلم كيف انتخبها ومن أيّ نسخة، نسخة معتبرة أم مدسوسة، وهل كانت هذه الروايات التي انتخبها متوالية في أصل الكتاب أم كانت بينهنّ روايات كثيرة! ثمّ إنّ الرواية المنسوبة إلى محمّد بن أبي عمير -التي انتخبها هذا الرجل قبل هذه الرواية واستشهد بذلك بعض الجهّال على وحدة راويهما- منكرة جدًّا، بل موضوعة بلا شكّ؛ كما جاء فيها أنّ السفيانيّ يملك عشرين سنة (!) ثمّ يذهب إلى الروم لدفع الخراسانيّ الذي خرج من خراسان مع الرايات السود (!) ويكون أوّل من يقاتله القحطانيّ، ولكنّه ينهزم ويرجع إلى اليمن، فيقتله اليمانيّ الذي خرج من اليمن مع الرايات البيض (!) ثمّ ينهض اليمانيّ لدفع شرّ السفيانيّ، فيجده مع ابنه في الأسارى، فيقطعهما إربًا إربًا (!) ثمّ يعيش اليمانيّ في سلطنته فارغًا من الأعداء ثلاثين سنة (!) ثم يفوّض الملك بابنه السعيد ويتوفّى (!) فيبقى ابنه بعد وفاة أبيه في ملكه وسلطانه قريبًا من أربعين سنة (!) ثمّ يتوفّى، لكنّه يرجع هو وأبوه إلى الدّنيا بدعاء المهديّ بعد ظهوره (!)، وعلى هذا فإنّ الرواية تزعم أنّ بين خروج السفيانيّ والخراسانيّ واليمانيّ وبين ظهور المهديّ أكثر من تسعين سنة! وأنّ السفيانيّ والخراسانيّ يقتتلان في الروم! وأنّ اليمانيّ الذي رايته هي أهدى الرايات -فيما يزعمون- يقتل أوّل من يقاتل السفيانيّ، فيريح عدوّ اللّه من عدوّه! ثمّ يجد السفيانيّ أسيرًا، فيقطعه وابنه إربًا إربًا، على خلاف القرآن والسنّة! ثمّ يأخذ المُلك لنفسه، فيقضي منه حاجته ثلاثين سنة! ثمّ لا يؤدّيه إلى المهديّ بعد هذه المدّة الطويلة، ولكن يؤدّيه إلى ابنه! بل لا يمهّد حتّى لظهور المهديّ على الرغم من الملك لهذه المدّة الطويلة فارغًا من الأعداء، فيموت أكثر من أربعين سنة قبل ظهور المهديّ! مع ذلك كلّه، يرجع هو وابنه إلى الدنيا بعد ظهور المهديّ لكي لا تفوتهما الغنائم الحاصلة من جهود الممهّدين لظهوره، فيأكلان الدّنيا مرّتين! فهل هذا إلا ملفّق من المزاعم والأراجيف التي تخالف العقل السليم والنقل الصحيح؟! فحاشا أن يكون محمّد بن أبي عمير -مع وثاقته وجلالته- راويًا لمثل هذه القصّة المكذوبة التي تشبه الهذيان! وإذا لم يكن من الثابت روايته لها وهي منسوبة إليه باسمه، فكيف يكون من الثابت روايته لما لم ينسب إليه باسمه اعتبارًا لضمير مبهم في منتخب من كتاب دسّوا فيه أمثال هذه الأباطيل؟! ثمّ لا شكّ أنّ الضمير يرجع إلى مؤلّف الكتاب وهو الفضل بن شاذان؛ لأنّ الطوسيّ قال بعد أن روى عنه أربع روايات: «وعنه، عن سيف بن عميرة»، وليس في طريق أيّ من هذه الروايات محمّد بن أبي عمير حتّى يحتمل رجوع الضمير إليه، ولو جوّزنا مثل هذا الإحتمال البعيد المخالف للأصل والظاهر، لسقطت أسانيد الروايات كلّها، ولأصبح كلّ من أراد نصر مذهبه يتشبّث برواية ضعيفة أو مرسلة مستندًا إلى احتمال مشابه؛ لأنّها لا تخلو من احتمال حذف أو إضافة أو تصحيف أو تبديل أو غير ذلك! على هذا، فلا ينبغي الشكّ في أنّ الطوسيّ روى هذه الرواية عن الفضل بن شاذان عن سيف بن عميرة، وهذا -كما قلنا- إسناد منقطع، سقط منه واسطة بين الفضل وسيف، والظاهر أنّ الواسطة هو الحسن بن عليّ بن أبي حمزة؛ لأنّه المعروف بهذه الرواية في هذه الطبقة، وهو صاحب الكتاب في هذا الباب[٩]، وهو ممّن يروي عن سيف، وقد روى عنه في هذا الباب؛ كما روى النعمانيّ، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه يحيى بن زكريا بن شيبان، قال: حدّثنا أبو سليمان يوسف بن كليب، قال: حدّثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرميّ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه سمعه يقول: «لَا بُدَّ أَنْ يَمْلِكَ بَنُو الْعَبَّاسِ، فَإِذَا مَلَكُوا وَاخْتَلَفُوا وَتَشَتَّتَ أَمْرُهُمْ خَرَجَ عَلَيْهِمُ الْخُرَاسَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُّ، هَذَا مِنَ الْمَشْرِقِ، وَهَذَا مِنَ الْمَغْرِبِ، يَسْتَبِقَانِ إِلَى الْكُوفَةِ كَفَرْسَيْ رِهَانٍ، هَذَا مِنْ هَاهُنَا، وَهَذَا مِنْ هَاهُنَا، حَتَّى يَكُونَ هَلَاكُهُمْ عَلَى أَيْدِيهِمَا، أَمَا إِنَّهُمَا لَا يُبْقُونَ مِنْهُمْ أَحَدًا أَبَدًا»[١٠]، بل هذا الذي رواه الحسن بن علي بن أبي حمزة عن سيف بن عميرة هو جزء من روايته في أهدى الرايات؛ لأنّ النعمانيّ قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثني أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفيّ من كتابه، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه ووهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، فساق الحديث إلى أن قال: «لَا بُدَّ لِبَنِي فُلَانٍ مِنْ أَنْ يَمْلِكُوا، فَإِذَا مَلَكُوا ثُمَّ اخْتَلَفُوا تَفَرَّقَ مُلْكُهُمْ، وَتَشَتَّتَ أَمْرُهُمْ، حَتَّى يَخْرُجَ عَلَيْهِمُ الْخُرَاسَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُّ، هَذَا مِنَ الْمَشْرِقِ، وَهَذَا مِنَ الْمَغْرِبِ، يَسْتَبِقَانِ إِلَى الْكُوفَةِ كَفَرْسَيْ رِهَانٍ، هَذَا مِنْ هُنَا، وَهَذَا مِنْ هُنَا، حَتَّى يَكُونَ هَلَاكُ بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَيْدِيهِمَا، أَمَا إِنَّهُمْ لَا يُبْقُونَ مِنْهُمْ أَحَدًا. ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: خُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ وَالْيَمَانِيِّ وَالْخُرَاسَانِيِّ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ، فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، نِظَامٌ كَنِظَامِ الْخَرَزِ، يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَيَكُونُ الْبَأْسُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَيْلٌ لِمَنْ نَاوَاهُمْ، وَلَيْسَ فِي الرَّايَاتِ رَايَةٌ أَهْدَى مِنْ رَايَةِ الْيَمَانِيِّ، هِيَ رَايَةُ هُدًى -إلى آخر الرواية»[١١]، وبهذا يظهر أنّ الحسن بن علي بن أبي حمزة روى هذه الرواية عن أبيه ووهيب بن حفص وسيف بن عميرة، فأخذ الفضل بن شاذان جزءًا منها من كتابه وأسنده إلى سيف بن عميرة؛ لأنّه كان أقواهم عنده، وأسقط الحسن بن علي بن أبي حمزة لشهرته بالكذب، وهذا تدليس شائع بين المحدّثين، وقد تلوّث به كثير من الثقات[١٢]، وممّا يقوّي ذلك هذه العنعنة المريبة؛ فإنّ الإسناد افتتح بلفظة «عنه، عن سيف بن عميرة»، وهذه لفظة كثر ورودها في الأسانيد المدلّسة، واستعملها المدلّسون في أسانيدهم غير المتّصلة؛ كما قال ابن الصلاح في كلامه عن المدلّس: «وَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يَقُولَ فِي ذَلِكَ: <أَخْبَرَنَا فُلَانٌ> وَلَا <حَدَّثَنَا> وَمَا أَشْبَهَهُمَا، وَإِنَّمَا يَقُولُ: <عَنْ فُلَانٍ> وَنَحْوَ ذَلِكَ»[١٣]، ولذلك قال شعبة بن الحجّاج: «فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، مِثْلُهُ لَا يُجْزِئُ»[١٤]، إلا أنّ الفضل ليس هو المتّهم الرئيسيّ بذلك؛ لأنّ الرواية لم تصحّ عنه؛ نظرًا لأنّ طريق الطوسيّ إليه ضعيف، فيه محمّد بن سفيان البزوفريّ وعليّ بن محمّد بن قتيبة النيسابوريّ وهما مجهولان وأحمد بن علي أبو العباس الرازيّ وهو ضعيف متّهم بالغلوّ، فلا يبعد أن يكون بعضهم تصرّف في كتابه بالزيادة والنقصان ودسّ فيه بعض هذه الأباطيل وهذه نقطة قد يتغافل عنها المتسامحون في تصحيح الروايات؛ كما أشار إليها الخوئيّ في معجم رجال الحديث إذ قال: «إِنَّ الْمُرَاجِعَ قَدْ يُرَاجِعُ الرِّوَايَةَ فَيَرَى أَنَّ جَمِيعَ رُواتِهَا ثِقَاتٌ، فَيَحْكُمُ بِصِحَّتِهَا، وَلَكِنَّهُ يَغْفُلُ عَنْ أَنَّ طَرِيقَ الشَّيْخِ -يَعْنِي الطُّوسِيَّ- إِلَيْهِ ضَعِيفٌ، وَالرِّوَايَةُ ضَعِيفَةٌ»[١٥]، ثمّ قال في ترجمة الفضل بن شاذان: «إِنَّ كِلَا طَرِيقَيِ الشَّيْخِ إِلَيْهِ ضَعِيفٌ، الْأَوَّلُ بِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالثَّانِي بِحَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمَنْ بَعْدَهُ»[١٦]، وعلى هذا فإنّ الرواية ساقطة سندًا، كما هي ساقطة متنًا؛ لأنّها في تعارض صارخ مع الروايات المتواترة والمشهورة التي رواها الفريقان في كتبهم المعتبرة مصرّحة بأنّ راية الهدى هي الرايات السود التي يقودها الخراسانيّ حتّى يؤدّيها إلى المهديّ وهي التي يجب على كلّ مسلم -يمانيّ أو عراقيّ أو شاميّ أو غير ذلك- إتيانها ولو حبوًا على الثّلج[١٧]، ولا شكّ أنّه إذا تعارضت روايتان، يجب ترجيح أصحّهما سندًا وأشهرهما متنًا عند الفريقين.

الحاصل أنّ الرواية التي أشرت إليها، هي خبر واحد ضعيف، بل مكذوب على الباقر عليه السلام ولا قيمة لها عند العقلاء، وأمّا السفهاء فيأخذون بها ويرتكبون بذلك ذنبين عظيمين: أحدهما الإفتراء على الباقر عليه السلام والآخر الإمتناع عن المسارعة إلى الخراسانيّ الذي أمر النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالمسارعة إليه ولو حبوًا على الثلج، وكفى بذلك خسرانًا مبينًا.

↑[١] . ذيل الحديث متواتر، وقد جمع طرقه الطبرانيّ في «طرق حديث من كذب عليّ»، ورواه بهذا اللفظ الكليني في الكافي (ج١، ص٦٢) وابن بابويه في الخصال (ص٢٥٥) والنعماني في الغيبة (ص٨١) والطبريّ الإماميّ في المسترشد (ص٢٣٢) وغيرهم.
↑[٢] . الكافي للكليني، ج٤، ص١٨٧
↑[٣] . النّجم/ ٢٨
↑[٤] . البقرة/ ١٦٩
↑[٥] . قال النجاشي في رجاله (ص٢٥٧): «عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال بن عمر بن أيمن مولى عكرمة بن ربعيّ الفياض أبو الحسن، كان فقيه أصحابنا بالكوفة، ووجههم، وثقتهم، وعارفهم بالحديث، والمسموع قوله فيه، سمع منه شيئًا كثيرًا، ولم يعثر له على زلّة فيه ولا ما يشينه».
↑[٦] . انظر: الغيبة للطوسي، ص٤٤٦.
↑[٧] . الذريعة إلى تصانيف الشيعة للطهراني، ج٢٢، ص٣٦٧
↑[٨] . الذريعة إلى تصانيف الشيعة للطهراني، ج٢٠، ص٢٠١
↑[٩] . قال النجاشي في ترجمته: «له كتب، منها كتاب الفتن، وهو كتاب الملاحم ... وكتاب القائم الصغير» (رجال النجاشي، ص٣٧).
↑[١٠] . الغيبة للنعماني، ص٢٦٧
↑[١١] . الغيبة للنعماني، ص٢٦٤
↑[١٢] . انظر: التبيين لأسماء المدلّسين لابن العجمي؛ طبقات المدلّسين لابن حجر.
↑[١٣] . مقدّمة ابن الصلاح، ج١، ص٧٣
↑[١٤] . مسند ابن الجعد، ص٢٢؛ العلل ومعرفة الرجال لأحمد، ج٢، ص٤٥٥؛ حكايات شعبة بن الحجاج للبغوي، ص١
↑[١٥] . معجم رجال الحديث للخوئي، ج١، ص١٤
↑[١٦] . نفس المصدر، ج١٤، ص٣١٨
↑[١٧] . لهذه الروايات في أهمّ مصادر أهل السنّة، انظر: الفتن لابن حماد، ص١٨٨؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٨، ص٦٩٧؛ مسند أحمد، ج٥، ص٢٧٧؛ سنن ابن ماجه، ج٢، ص١٣٦٦؛ سنن أبي داود، ج٢، ص٣١١؛ مسند البزار، ج٤، ص٣١٠؛ المسند للشاشي، ج١، ص٣٤٧؛ المعجم الأوسط للطبراني، ج٦، ص٢٩؛ الكامل لابن عدي، ج٤، ص٢٢٧؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٤، ص٤٦٤؛ دلائل النبوة للبيهقي، ج٦، ص٥١٦ وفي أهمّ مصادر الشيعة، انظر: مناقب أمير المؤمنين لمحمّد بن سليمان الكوفي، ج٢، ص١١٠؛ دلائل الإمامة للطبري الإمامي، ص٤٤٢ و٤٤٦؛ الغيبة للنعماني، ص٢٨١؛ شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار لابن حيّون، ج٣، ص٤٠١؛ الملاحم والفتن للسيّد بن طاووس، ص١١٩؛ الدر النظيم لابن أبي حاتم، ص٧٩٨، ٧٩٩ و٨٠٠.
الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني قسم الإجابة على الأسئلة
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساعد في نشر المعرفة. إنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
إذا كنت معتادًا على لغة أخرى، يمكنك ترجمة هذا إليها. [استمارة الترجمة]
كتابة السؤال
عزيزنا المستخدم! يمكنك كتابة سؤالك حول آراء السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى في النموذج أدناه وإرساله إلينا لتتمّ الإجابة عليه في هذا القسم.
ملاحظة: قد يتمّ نشر اسمك على الموقع كمؤلف للسؤال.
ملاحظة: نظرًا لأنّه سيتمّ إرسال ردّنا إلى بريدك الإلكترونيّ ولن يتمّ نشره بالضرورة على الموقع، فستحتاج إلى إدخال عنوانك بشكل صحيح.
يرجى ملاحظة ما يلي:
١ . ربما تمّت الإجابة على سؤالك على الموقع. لذلك، من الأفضل قراءة الأسئلة والأجوبة ذات الصلة أو استخدام ميزة البحث على الموقع قبل كتابة سؤالك.
٢ . تجنّب تسجيل وإرسال سؤال جديد قبل تلقّي الجواب على سؤالك السابق.
٣ . تجنّب تسجيل وإرسال أكثر من سؤال واحد في كلّ مرّة.
٤ . أولويّتنا هي الإجابة على الأسئلة ذات الصلة بالإمام المهديّ عليه السلام والتمهيد لظهوره؛ لأنّه الآن أكثر أهمّيّة من أيّ شيء.