الثلاثاء ٨ رمضان ١٤٤٥ هـ الموافق لـ ١٩ مارس/ آذار ٢٠٢٤ م
المنصور الهاشمي الخراساني
 جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢٠. اضغط هنا لقراءته. جديد الشبهات والردود: إنّي قرأت كتاب «العودة إلى الإسلام» للمنصور الهاشمي الخراساني، فوجدته أقرب إلى الحقّ بالنسبة لما يذهب إليه الشيعة، ولكنّ المنصور أيضًا مشرك وكافر مثلهم؛ لأنّه قد فسّر آيات القرآن برأيه؛ لأنّك إذا قرأت ما قبل كثير من الآيات التي استدلّ بها على رأيه أو ما بعدها علمت أنّها لا علاقة لها بموضوع البحث؛ منها آية التطهير، فإنّ اللّه قد خاطب فيها نساء النبيّ، ولكنّ المنصور جعلها مقصورة على عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وأثبت بها إمامتهم من عند اللّه! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الأسئلة والأجوبة: ما حكم صيام شهر رمضان بالنسبة للحامل؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد الكتب: تمّ نشر الطبعة الخامسة من الكتاب القيّم «الكلم الطّيّب؛ مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر مقالة جديدة بعنوان «عمليّة طوفان الأقصى؛ ملحمة فاخرة أم إقدام غير معقول؟!» بقلم «حسن ميرزايي». اضغط هنا لقراءتها. جديد الأقوال: قولان من جنابه في بيان وجوب العقيقة عن المولود. اضغط هنا لقراءتها. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
شبهة وردّ
 

إنّي قرأت كتاب «العودة إلى الإسلام» للمنصور الهاشمي الخراساني، فوجدته أقرب إلى الحقّ بالنسبة لما يذهب إليه الشيعة، ولكنّ المنصور أيضًا مشرك وكافر مثلهم؛ لأنّه قد فسّر آيات القرآن برأيه؛ لأنّك إذا قرأت ما قبل كثير من الآيات التي استدلّ بها على رأيه أو ما بعدها علمت أنّها لا علاقة لها بموضوع البحث؛ منها آية التطهير، فإنّ اللّه قد خاطب فيها نساء النبيّ، ولكنّ المنصور جعلها مقصورة على عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وأثبت بها إمامتهم من عند اللّه!

أنا أوصي هذا المؤلّف بأن يعرف الإله الذي يعبده أولًا؛ لأنّ ما يقوله هو والشيعة يعجّب اللّه حقًّا!

إن كنت تريد معرفة الحقّ، ولا تريد أن تخدع نفسك ككثير من الناس، فتنبّه للنكات التالية:

أولًا «الكفر» و«الشرك» في الإسلام لهما معنى معلوم وحدّ مبيّن، ومن نسبهما إلى من ليس فيه ذلك المعنى وذلك الحدّ، فقد أعظم الفرية، وسلك مسلك الخوارج، وكفى بذلك ضلالًا بعيدًا. ألم تسمع قول اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا[١]، أم زعمت أنّه أيضًا لا علاقة له بموضوع البحث؟! من الواضح أنّ كلّ من آمن باللّه ورسوله واليوم الآخر، ولم ينكر شيئًا من أركان دينه مثل الكتاب والملائكة والقبلة والصلاة والزكاة والصيام والحجّ، فهو مسلم، وإن خالفك في سائر عقائده، أو عمل عملًا لا تستحسنه، وهذا ما لا خلاف فيه بين أهل السنّة والجماعة، وقد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَكْفَرَ رَجُلًا فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا فَقَدْ بَاءَ بِالْكُفْرِ»[٢]، وقال في من يرمي جاره بالشرك، وقد سئل: «أَيُّهُمَا أَوْلَى بِالشِّرْكِ؟ الْمَرْمِيُّ أَوِ الرَّامِي؟» قال: «بَلِ الرَّامِي»[٣]، وهذا واللّه ينزلك منزلة سوء إن كنت تعلم!

ثانيًا تفسير القرآن بما لا يوافق هواك لا يعتبر تفسيرًا بالرأي، ولكنّ التفسير بالرأي هو تفسيره بما لا يوافق تفسير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وقد ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم برواية أمّ سلمة، وعائشة، وصفيّة، وعبد اللّه بن عباس، وأبي سعيد الخدريّ، وسعد بن أبي وقّاص، وأنس بن مالك، وواثلة بن الأسقع، وجعفر بن أبي طالب، وزيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وجابر بن عبد اللّه، وأبي هريرة، وأبي حمراء، وأبي برزة، وغيرهم، أنّه فسّر آية التطهير بأنّها نزلت في شأنه وشأن عليّ وفاطمة والحسن والحسين، ولم تنزل في شأن أزواجه؛ كما قال بصراحة: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي خَمْسَةٍ: فِيَّ، وَفِي عَلِيٍّ، وَحَسَنٍ، وَحُسَيْنٍ، وَفَاطِمَةَ»[٤]، فجمعهم تحت كساء، وقال: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي»[٥]، وروي أنّ بعض أزواجه قالت: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ فَقَالَ: <إِنَّكِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ>، أَوْ قَالَ: <إِنَّكِ مِنْ صَالِحِي نِسَائِي>، أَوْ قَالَ: <إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ>، وَمَا قَالَ: إِنَّكِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ»، فكانت تقول: «لَوْ قَالَ: <‌نَعَمْ> كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ»[٦]، فبيّن بذلك أنّ أزواجه لسن من أهل البيت المقصودين في آية التطهير، والظاهر من الروايات أنّ فقرة ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا[٧] نزلت مفردة كقضيّة خارجيّة، ولم تنزل مع فقرة ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ[٨]، وهذا يعني أنّهما آيتان منفصلتان، وإنّما تمّ جمعهما في الكتابة؛ نظرًا لأنّ ترتيب الكتابة لا يلازم ترتيب النزول، وكان متأخّرًا عنه؛ كما روي عن عثمان بن عفّان، قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ، فَيَقُولُ: ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ، فَيَقُولُ: ضَعُوا هَذِهِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ، فَيَقُولُ: ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا»[٩]، وعن عثمان بن أبي العاص، قال: «كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذْ شَخَصَ بِبَصَرِهِ، ثُمَّ صَوَّبَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ هَذِهِ الْآيَةَ هَذَا الْمَوْضِعَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى[١٠] إِلَى آخِرِهَا»[١١]، وعن عبّاد بن عبد اللّه بن الزبير، قال: «أَتَى الْحَارِثُ ابْنُ خُزَيْمَةَ بالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ بَرَاءَةٍ، فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ كَانَتْ ثَلَاثَ آيَاتٍ لَجَعَلْتُهَا سُورَةً عَلَى حِدَةٍ، فَانْظُرُوا سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ، فَأَلْحِقُوهَا فِي آخِرِهَا»[١٢]، ولذلك ليس بغريب أن تكون فقرة ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا آية مستقلّة أُلحقت بالآية التي نزلت في أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وممّا يؤيّد هذا اختلاف الضمير فيهما؛ فإنّ الضمير في فقرة ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ هو ضمير مخاطب لجمع المؤنّث، والضمير في فقرة ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا هو ضمير مخاطب لجمع المذكّر؛ كما نبّه على ذلك الطحاويّ (ت٣٢١ه‍) في «شرح مشكل الآثار» حيث قال بعد ذكر الروايات: «دَلَّ مَا رَوَيْنَا مِمَّا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ الْمُرَادِينَ بِمَا فِيهَا هُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ كِتَابَ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمُ الْمَقْصُودُونَ بِتِلْكَ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ[١٣] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى، ثُمَّ قَالَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ أَنَّ الَّذِي تَلَاهُ إِلَى آخِرِ مَا قَبْلَ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ خِطَابٌ لِأَزْوَاجِهِ، ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِخِطَابِهِ لِأَهْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ فَجَاءَ عَلَى خِطَابِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ: ﴿لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ، وَهَكَذَا خِطَابُ الرِّجَالِ، وَمَا قَبْلَهُ فَجَاءَ بِهِ بِالنُّونِ، وَكَذَلِكَ خِطَابُ النِّسَاءِ، فَعَقَلْنَا أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ خِطَابٌ لِمَنْ أَرَادَهُ مِنَ الرِّجَالِ بِذَلِكَ لِيُعْلِمَهُمْ تَشْرِيفَهُ لَهُمْ وَرِفْعَتَهُ لِمِقْدَارِهِمْ أَنْ جَعَلَ نِسَاءَهُمْ مَنْ قَدْ وَصَفَهُ لِمَا وَصَفَهُ بِهِ مِمَّا فِي الْآيَاتِ الْمَتْلُوَّاتِ قَبْلَ الَّذِي خَاطَبَهُمْ بِهِ تَعَالَى»[١٤]، وهذا لم يكن قول الطحاويّ فقطّ، بل نسبه ابن عطيّة (ت٥٤٢ه‍) إلى جمهور أهل السنّة والجماعة، وقال بعد الإشارة إلى الروايات: «وَمِنْ حُجَّةِ الْجُمْهُورِ قَوْلُهُ: <عَنْكُمُ وَيُطَهِّرَكُمْ> بِالْمِيمِ، وَلَوْ كَانَ النِّسَاءُ خَاصَّةً لَكَانَ عَنْكُنَّ»[١٥]، وقال أبو بكر الحضرميّ (ت١٣٤١هـ): «الَّذِي قَالَ بِهِ الْجَمَاهِيرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَقَطَعَ بِهِ أَكَابِرُ الْأَئِمَّةِ، وَقَامَتْ بِهِ الْبَرَاهِينُ، وَتَظَافَرَتْ بِهِ الْأَدِلَّةُ، أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ الْمُرَادِينَ فِي الْآيَةِ هُمْ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَابْنَاهُمَا»[١٦]. فهل تظنّ أنّ هؤلاء كلّهم كانوا كفّارًا مشركين؟! من الواضح أنّهم لم يكونوا كذلك، ولكنّك رجل لا علم لك ولا ورع، ﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ[١٧].

ثالثًا ليست الشيعة صنفًا واحدًا حتّى يمكن الحكم بأنّهم كفّار مشركون حكمًا واحدًا، بل هم أصناف ثلاثة: صنف أفرطوا في أهل البيت، حتّى اتّخذوهم آلهة أو أنبياء، فهم كفّار مشركون، ويقال لهم «الغلاة»، وصنف فرّطوا في كثير من الصحابة، حتّى كفّروهم أو سبّوهم، فهم جهّال فاسقون، ويقال لهم «الرافضة»، وصنف كفّوا عن الإفراط والتفريط، فهم مؤمنون مقتصدون، ويقال لهم «الشيعة»، وقد ذُكر في عدادهم جماعة من الصحابة والتابعين والفقهاء الذين لا خلاف بين المسلمين في إيمانهم وجلالتهم، وقد ذكرنا أسماءهم في هامش كتاب «العودة إلى الإسلام»، فراجع.

رابعًا قد عرف المنصور حفظه اللّه تعالى الإله الذي يعبده. إنّه لا يعبد إله المجسّمة والمشبّهة الذين قد تقلّدهم وتعظّمهم، ولكن يعبد إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وسائر النبيّين عليهم السلام، ويعبد إله محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ولا يشرك به في التكوين والتشريع والتحكيم؛ بمعنى أنه يؤمن بوحدانيّته في الخلق والرزق والتدبير، ولا يؤمن بشريعة غير شريعته ولا حكومة غير حكومته، ويعتقد أنّ حكومته هي حكومة من يحكم بإذنه، ولو كره الضالّون والمشركون؛ كما أخبرنا بعض أصحابه، قال:

سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ فِي الْخَلْقِ وَالرَّزْقِ وَتَدْبِيرِ الْعَالَمِ وَشَهِدَ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ فَقَدْ أَسْلَمَ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ حَتَّى يُقِرَّ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي الْحُكْمِ وَالْمُلْكِ، لَا يُصْدِرُ حُكْمًا وَلَا يَبْعَثُ مَلِكًا إِلَّا هُوَ، فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ فَهُوَ ضَالٌّ، وَإِنْ جَحَدَهُ فَهُوَ مُشْرِكٌ.[١٨]

وأخبرنا بعض أصحابه، قال:

سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُ وَرَازِقُهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ فَقَدْ أَسْلَمَ، وَلَا يُؤْمِنُ حَتَّى يُقِرَّ بِأَنَّ الْحَرَامَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ، لَا حَرَامَ غَيْرُهُ، وَأَنَّ الْإِمَامَ مَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ إِمَامًا، لَا إِمَامَ غَيْرُهُ، فَإِنْ جَهِلَهُمَا فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا، وَإِنْ دُعِيَ إِلَيْهِمَا ثُمَّ أَنْكَرَهُمَا فَقَدْ أَشْرَكَ.[١٩]

فانظر الآن لتعرف حالك؛ هل أنت ضالّ أم مشرك؟! إذ لست بمؤمن لإنكارك الإمامة من عند اللّه، وقد بيّنها لك المنصور حفظه اللّه تعالى في كتاب «العودة إلى الإسلام» بالإستناد إلى القرآن والسنّة، فاتّخذته سِخريًّا، ومن أنكر شيئًا من القرآن والسنّة من بعد ما تبيّن له فليس من الإسلام في شيء، وإن ادّعى الإسلام فهو منافق؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: إِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ هَذِهِ الْقِبْلَةَ ثَلَاثَةٌ: مَنْ سَمِعَ دَعْوَتِي إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ فِي الشَّرْعِ وَالْمُلْكِ فَأَجَابَهَا وَاجْتَنَبَ الْجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ سَمِعَهَا فَلَمْ يُجِبْهَا فَهُوَ مُنَافِقٌ، وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا وَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ فَهُوَ مُسْلِمٌ ضَالٌّ حَتَّى يَسْمَعَهَا أَوْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ.[٢٠]

فما أعجب رجلًا منافقًا يكفّر رجلًا مؤمنًا يدعوه إلى توحيد اللّه؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ أَنَّكَ مُشْرِكٌ! قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَمَا شِرْكِي؟! قُلْتُ: قَوْلُكَ أَنَّ الْمُلْكَ بِيَدِ اللَّهِ، وَلَيْسَ بِأَيْدِي النَّاسِ! فَضَحِكَ تَعَجُّبًا مِنْ قَوْلِهِمْ وَقَالَ: أَفَمَنْ يَجْعَلُ الْأَمْرَ لِلَّهِ وَحْدَهُ مُشْرِكٌ، وَمَنْ يَجْعَلُهُ لِلَّذِينَ مِنْ دُونِهِ مُوَحِّدٌ؟! ﴿سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ[٢١]! قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ أَنَّكَ رَافِضِيٌّ! قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَمَا رَفْضِي؟! قُلْتُ: تَقْدِيمُكَ أَهْلَ الْبَيْتِ! فَضَحِكَ تَعَجُّبًا مِنْ قَوْلِهِمْ وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنَ الرَّفْضِ فِي شَيْءٍ، إِنَّمَا الرَّفْضُ تَكْفِيرُ الشَّيْخَيْنِ أَوْ سَبُّهُمَا! فَدَخَلَ الْغُرْفَةَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِيَدِهِ إِنَاءٌ، فَوَضَعَهُ مَنْكُوسًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِ الْمَنْصُورُ وَقَالَ: إِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ نَكَّسَ عُقُولَهُمْ كَمَا نَكَّسَ هَذَا إِنَاءَهُ فَمَا ذَنْبِي؟![٢٢]

↑[١] . النّساء/ ٩٤
↑[٢] . موطأ مالك، ج٥، ص١٤٣٣؛ أحاديث إسماعيل بن جعفر، ص١٣٩؛ مسند الحميدي، ج١، ص٥٥٧؛ مسند ابن الجعد، ص٢٤٢؛ مسند أحمد، ج٨، ص٣١٤؛ صحيح البخاري، ج٨، ص٢٦؛ صحيح مسلم، ج١، ص٧٩؛ سنن أبي داود، ج٤، ص٢٢١؛ سنن الترمذي، ج٥، ص٢٢؛ شرح مشكل الآثار للطحاوي، ج٢، ص٣٢٢؛ معجم الصحابة لابن قانع، ج١، ص٢٩٣
↑[٣] . انظر: المعرفة والتاريخ للفسوي، ج٢، ص٣٥٨؛ السنة لابن أبي عاصم، ج١، ص٢٣؛ مسند البزار، ج٧، ص٢٢٠؛ شرح مشكل الآثار للطحاوي، ج٢، ص٣٢٤؛ صحيح ابن حبان، ج٤، ص٤٦٦؛ المعجم الكبير للطبراني، ج٣٠، ص٨٨.
↑[٤] . تفسير الطبري، ج١٩، ص١٠١؛ تفسير ابن أبي حاتم، ج٩، ص١٣٢؛ المجالسة وجواهر العلم للدينوري، ج٨، ص٢٨٦؛ حديث أبي بكر بن خلاد النصيبي، ص٦٤؛ المعجم الكبير للطبراني، ج٣، ص٥٦، ج٢٣، ص٣٢٧؛ تاريخ دمشق لابن عساكر، ج١٣، ص٢٠٦
↑[٥] . انظر: مصنف ابن أبي شيبة، ج٦، ص٣٧٠؛ فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل، ج٢، ص٥٧٧؛ سنن الترمذي، ج٥، ص٣٥١؛ التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (السفر الثاني)، ج٢، ص٧١٩؛ السنة لابن أبي عاصم، ج٢، ص٦٠٣؛ السنن الكبرى للنسائي، ج٧، ص٤١٧؛ مسند أبي يعلى، ج١٢، ص٤٥١.
↑[٦] . انظر لهذه الروايات: فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل، ج٢، ص٥٨٧ و٦٠٢؛ سنن الترمذي، ج٥، ص٣٥١ و٦٦٣؛ التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة [السفر الثاني]، ج٢، ص٧١٩؛ مسند أبي يعلى، ج١٢، ص٣١٣؛ تفسير الطبري، ج١٩، ص١٠٥ و١٠٧؛ الذرية الطاهرة للدولابي، ص١٠٧؛ معجم الصحابة للبغوي، ج٤، ص٣١٩؛ شرح مشكل الآثار للطحاوي، ج٢، ص٢٣٨، ٢٣٩ و٢٤٤؛ تفسير ابن أبي حاتم، ج٩، ص٣١٣٣؛ معاني القرآن للنحاس، ج٥، ص٣٤٨؛ المعجم الكبير للطبراني، ج٣، ص٥٤؛ الشريعة للآجري، ج٤، ص٢٠٩٥.
↑[٧] . الأحزاب/ ٣٣
↑[٨] . الأحزاب/ ٣٣
↑[٩] . مسند أحمد، ج١، ص٤٦٠؛ تاريخ المدينة لابن شبة، ج٣، ص١٠١٥؛ سنن أبي داود، ج١، ص٢٠٨؛ سنن الترمذي، ج٥، ص٢٧٢؛ مسند البزار، ج٢، ص٨؛ فضائل القرآن للنسائي، ص٨٤؛ المصاحف لابن أبي داود، ص١١٤؛ صحيح ابن حبان، ج٤، ص١٢
↑[١٠] . النّحل/ ٩٠
↑[١١] . مسند أحمد، ج٢٩، ص٤٤١
↑[١٢] . مسند أحمد، ج٣، ص٢٤٠؛ المصاحف لابن أبي داود، ص١١١؛ الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، ج١، ص٢١٤
↑[١٣] . الأحزاب/ ٢٨
↑[١٤] . شرح مشكل الآثار للطحاوي، ج٢، ص٢٤٥
↑[١٥] . تفسير ابن عطية، ج٤، ص٣٨٤
↑[١٦] . رشفة الصادي من بحر فضائل بني النبيّ الهاديّ للحضرميّ، ص٢٣
↑[١٧] . يوسف/ ١٨
↑[١٨] . القول ١٧٣، الفقرة ١
↑[١٩] . القول ١٧٣، الفقرة ٢
↑[٢٠] . القول ١٧٣، الفقرة ١١
↑[٢١] . الأنعام/ ١٣٦
↑[٢٢] . القول ٢٠٨، الفقرة ١
الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني قسم الردّ على الشبهات
المشاركة
شارك هذا مع أصدقائك، لتساعد في نشر المعرفة. إنّ من شكر العلم تعليمه للآخرين.
البريد الإلكتروني
تلجرام
فيسبوك
تويتر
يمكنك أيضًا قراءة هذا باللغات التالية:
إذا كنت معتادًا على لغة أخرى، يمكنك ترجمة هذا إليها. [استمارة الترجمة]
كتابة الشبهة
عزيزنا المستخدم! يمكنك كتابة شبهتك العلميّة لآراء السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى في النموذج أدناه وإرسالها إلينا ليتمّ إجراء البحث العلميّ عليها في هذا القسم.
ملاحظة: قد يتمّ نشر اسمك على الموقع كمؤلف للشبهة.
ملاحظة: نظرًا لأنّه سيتمّ إرسال ردّنا إلى بريدك الإلكترونيّ ولن يتمّ نشره بالضرورة على الموقع، فستحتاج إلى إدخال عنوانك بشكل صحيح.
يرجى ملاحظة ما يلي:
١ . ربما تمّت ردّ شبهتك على الموقع. لذلك، من الأفضل قراءة الشبهات والردود ذات الصلة أو استخدام ميزة البحث على الموقع قبل كتابة شبهتك.
٢ . من الأفضل تجنّب كتابة شبهات متعدّدة غير ذات صلة في كلّ مرّة؛ لأنّ هذه الشبهات تتمّ ردّها على الموقع بشكل منفصل وربما في وقت أطول من المعتاد.