«الإجارة» و«الحوالة» معاملتان شرعيّتان، ولا بأس بشرط معاملة شرعيّة في ضمن معاملة شرعيّة أخرى؛ لأصالة الصحّة، ولقول اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا﴾، وقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا»، ولا شكّ أنّ شرط المباح ليس «شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» ولذلك يجب الوفاء به، والقرض مباح أيضًا إذا لم يكن مشروطًا بفائدة، ولذلك يجوز الإجارة والحوالة بشرط القرض المجرّد عن الفائدة، بل الحقّ أنّ القرض بشرط الإجارة والحوالة والقرض هو أيضًا جائز؛ لأنّه لا يعتبر شيء من هذه المعاملات فائدة في حدّ ذاته، إلا أن يكون مفاد الشرط في ضمن القرض الإجارة والحوالة والقرض بزيادة تعتبر فائدة؛ كأن يقول المقرض للمقترض: أقرضك مائة دينار على أن تأجرني دارك بأجرة أقلّ من أجرة مثلها، أو تؤدّي إلى غريمي بعد حلول ديني مائة وعشرة دنانير، أو تقرضني بعد شهر مائة وعشرين دينارًا؛ لأنّ هذه الزيادة فائدة مشروطة في القرض وهي ربا، ولكن إذا قال المقرض للمقترض: أقرضك مائة دينار على أن تأجرني دارك بأجرة مثلها، أو تؤدّي إلى غريمي بعد حلول ديني مائة دينار، أو تقرضني بعد شهر مائة دينار، فالظاهر أنّه جائز؛ لأنّه لا يعتبر فائدة، وليس قصد القربة شرطًا في صحّة القرض كسائر المعاملات، ولذلك كان النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأصحابه يستقرضون الكفّار، إلا أنّ هذه الشروط مكروهة؛ لأنّ المندوب في القرض قصد القربة، وهو قد لا يجتمع مع هذه الشروط، وهذا ما يظهر من قول السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى؛ كما أخبرنا بعض أصحابه، قال:
«سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنِ الْمُقْرِضِ يَشْتَرِطُ بَيْعًا أَوْ إِجَارَةً بِالْعَدْلِ، فَكَرِهَهُ وَقَالَ: مَنْ أَقْرَضَ قَرْضًا فَلَا يَشْتَرِطْ إِلَّا أَدَاءَهُ، قُلْتُ: أَهُوَ رِبًا إِذَا لَمْ يَظْلِمْ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْأُجْرَةِ وَكَانَ الْمُقْتَرِضُ رَاضِيًا بِالْبَيْعِ أَوْ بِالْإِجَارَةِ؟ قَالَ: هُوَ إِلَى الصُّلْحِ أَقْرَبُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَقْرَضَ قَرْضًا أَرَادَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ».
وأخبرنا بعض أصحابه، قال:
«سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنِ الرَّجُلِ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: أَقْرِضْنِي، فَيَقُولُ: أُقْرِضُكَ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَكَ بِثَمَنِ مِثْلِهَا، أَيَصْلُحُ ذَلِكَ؟ قَالَ: إِذَا كَانَ بِثَمَنِ مِثْلِهَا وَتَرَاضَيَا فَلَا بَأْسَ، وَإِنَّمَا أَكْرَهُهُ لِنُقْصَانِ الْأَجْرِ».
بناء على هذا، ينبغي للمؤمن أن يجتنب هذه الشروط في ضمن الإقراض ليكون له أجر عند اللّه؛ فـ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾، بل وعد فقال: ﴿وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾، ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾.
الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني
قسم الإجابة على الأسئلة